من الناحية العلمية يقال إن «توابع المؤتمر» أخطر من «المؤتمر» ذاته، لذلك دعنا نختم الأسبوع بعيداً عن السياسة بهذه الحكاية القديمة، فقد أصبت بخلع فى الكتف وقطع فى أوتار أصابعى عندما شاهدت نعشاً يحمله أربعة رجال ولا يسير وراءه إلا صبى صغير وامرأة عجوز، فدفعتنى الإنسانية لأن أقول لأحد الحاملين «أجرنى» أى اسمح لى بأن أحمل النعش بدلاً منك لأنال الأجر، فوضع الرجل يد النعش مسروراً على كتفى - وقد عرفت فيما بعد سبب سروره - وقال لى «أجارك الله».. وفعلاً أجارك الله، إذ هرب الرجل واختفى ومشيت أكثر من خمس محطات أتوبيس دون أن أجد من يقول لى «أجرنى» وكأن مصر خلت من الكفاءات التى تحل محلى.. كان يبدو لى من الثقل أننى أحمل مقبرة جماعية ثم صادفنا «مطلعاً» مرتفعاً فى أحد الشوارع أصعب من مطلع أغنية «أيها الراقدون تحت التراب».. تذكرت وأنا أصعده رواية «ستيفان زفايج» «حذار من الشفقة» والتى تخيل فيها، من خلال قصة حب، أن رجلاً أشفق على مريض ملقى فى الشارع فحمله على كتفه، ثم اتضح أن المريض عفريت ظل على كتف الرجل إلى الأبد.. كنت ألهث عندما لاح الفرج واقتربنا من المقابر، لكن المرأة العجوز صرخت فينا: «أبداً ابنى مايدخلش المقابر دلوقتى لازم نعشه يفوت الأول على القهوة اللى كان بيقعد فيها فى سيدى بشر ويشوف أصحابه».. قال الرجل الذى يحمل خلفى: «حاضر يا خالتى أوامرك»، ثم صرخ فى وجهى «ارجع يا جدع تانى لف بسرعة»، وبدأت ألف وتلف بى الدنيا واتجهنا إلى المقهى فى سيدى بشر، وهناك سمعت الرجل يسأل خالته: «عايزة يا خالتى توديه حتة تانية ولاّ خلاص كده؟»، فردت خالته: «أيوه نعدى النعش من قدام الورشة بتاعته فى العجمى».. واتضح لى من تجربتى أننا نفتقد العمل الجماعى والتعاونى ونعتمد على الفرد وإذا كان خلع الزوج يؤدى إلى المحكمة فإن خلع الكتف يؤدى إلى المستشفى ويبدو أن كتف الحكومة قد انخلع من الدعم وإنها سوف تمر به بعد المؤتمر من أمام المقهى ليراه أصحابه من محدودى الدخل، وبعد ذلك سوف تدفنه.. ربنا يستر. [email protected]