رئيس وزراء بيلاروسيا: نسعى لتوطين عدة صناعات بالسوق لإعادة تصديرها لإفريقيا    رضا حجازي يفتتح المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم الفني    أسعار الذهب تتجه للهبوط لمستويات 3 آلاف جنيه لعيار 21    محافظ قنا يجرى جولة ميدانية لمتابعة حالة الطرق    طلاب هندسة الفضاء بجامعة المنصورة الجديدة في زيارة لأكاديمية مصر للطيران    عاجل| رئيس الوزراء ونظيره البيلاروسي يشهدان منتدى الأعمال المشترك    كيف انتهت مواجهات ريال مدريد وبايرن ميونخ في نصف نهائي دوري الأبطال؟    ضبط 5 أطنان من الأسماك المملحة والمجمدة منتهية الصلاحية بالشرقية    سعد: تشكيل غرف عمليات بالوحدات المحلية بمناسبة عيد القيامة وشم النسيم    إحالة حرامي الهواتف بالموسكي للمحاكمة    تفاصيل إلقاء طالبة بنفسها من الطابق الخامس داخل أكاديمية تعليمية بالمنصورة    مدرس بكلية الحاسبات: البرمجة تدخل في كل مجالات الحياة    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    قيادي بمستقبل وطن: عمّال مصر هم عمود الدولة    بلينكن يتوجه للأردن لبحث سبل زيادة المساعدات إلى غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني: لا دولة بدون قطاع غزة    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    فالفيردي: جاهز لمواجهة بايرن ميونيخ    اتحاد جدة يستعيد كانتي قبل مواجهة الكلاسيكو أمام الهلال    القيعي: يجب تعديل نظام المسابقات.. وعبارة "مصلحة المنتخب" حق يراد به أمور أخرى    عضو إدارة الأهلي: دوري الأبطال ليس هدفنا الوحيد.. ونفقد الكثير من قوتنا بدون جمهورنا    أسعار السمك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    مدير طب بيطري الأقصر يكشف استعدادات استقبال عيد الأضحى (صور)    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    رئيس جامعة المنيا يفتتح معرض سوق الفن بكلية الفنون    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    خطوات ل فحص السيارة المستعملة قبل شراءها ؟    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    «الثقافة» تطلق النسخة السابعة من مسابقة «أنا المصري» للأغنية الوطنية    وزير الإسكان: نعمل على الاستثمار في العامل البشري والكوادر الشبابية    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    اليوم.. "الصحفيين" تفتتح مركز التدريب بعد تطويره    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجليات حول العذراء فى صفحات روزاليوسف


لماذا تتكلم فى الغرب ولا تتكلم بمصر
ظهرت.. لم تظهر ..إثبات ونفى ..رؤية وجحود.. مفردات ارتبطت بشكل كبير بالعذراء مريم منذ تداول الحكايات عن ظهورهاسواء فى لورد بفرنسا أو إدفو بأسوان وهكذا دائما هناك بيانات ومعجزات ، وعلى النقيض معارضات وتعددت التفسيرات.. كل هذا قادنا للبحث عن حكايات ظهور العذراء حول العالم وفى مصر، حيث اكتشفنا أن الظهورات المعتد بها فى العالم الكاثوليكى تصل إلى 4 ظهورات كبيرة.
أما فى مصر وبدءا من الزيتون 1968 وحتى الوراق 2009 فهناك 7 ظهورات.. ومن هذه إلى تلك تعددت الأسئلة واختلفت الإجابات حتى أصبح الوصول إلى اليقين شبه مستحيل.. ولنبدأ الرحلة. حول ظهور العذراء بالعالم كما تعتقد الكنيسة الكاثوليكية قالت الباحثة الكاثوليكية مارى السمين:
تظهر العذراء بين الحين والآخر صامتة أو حاملة رسالة لتعزية الشعوب ومن أشهر هذه الظهورات فى الغرب:
ظهور لورد
ظهرت العذراء للقديسة برناديت سوبيرو فى الفترة من 1844 إلي 1879 وكانت فتاة تنتمى إلى أسرة فقيرة ذهبت فى الرابعة عشرة من عمرها، مع صديقة لها يوم الخميس فبراير عام 1858 لجمع الحطب على ضفاف ساقية. فتأخرت برناديت عن رفيقتها وسمعت ضجة بالقرب من مغارة مجاورة تدعى مغارة مسابيل قرب مصب نهر الكاف بفرنسا، هى روت ما حدث لها قائلة: ما أن بدأت بنزع جوربى حتى سمعت ضجة أشبه بدوى العاصفة. فتلفت يمنة ويسرة، فكان السكون شاملا، وظننت أنى واهمة، وإذ بى أسمع ضجة أخرى تشبه الأولى، وما أن أدرت رأسى إلى المغارة حتى رأيت سحابة ذهبية خرجت من المغارة، ثم ظهرت سيدة لم أر مثل جمالها قط. وكانت تحمل فى يدها مسبحة. فنظرت إلى السيدة وابتسمت، ثم أشارت إلى بالدنو منها. فأخذت مسبحتى، وركعت على الأرض أصلى. وإذا بالسيدة تأخذ مسبحتها وتقلب برفقتى حبات المسبحة بين أصابعها، وتردد معى قائلة:
المجد للأب والابن والروح القدس
وما أن انتهت من تلاوة المسبحة حتى رأيت السيدة تعود إلى داخل المغارة وتختفى، وتوالت ظهورات العذراء لبرناديت 18 مرة.. وكانت العذراء قد طلبت من برناديت فى ظهورها الثالث أن تجىء 15 مرة إلى هذا المكان. وفى ظهورها فى 25 مارس عيد البشارة أعلنت العذراء عصمتها من الخطيئة الأصلية (أنا الحمل بلا دنس) وكان البابا بيوس التاسع قد حدد هذه العقيدة من قبل 4 سنوات.
وقد دخلت برناديت دير الراهبات المحبة والتربية المسيحية فى عام 1865 وتوفيت عام 1879 وأعلنت طوباوية عام 1925 وقديسة عام .1933
وهذا الظهور أدى إلى عقيدة راسخة بأن العذراء حبل بها بلا دنس وهو أمر مرفوض فى الكنيسة الأرثوذكسية - وقد أكد لنا الأب رفيق جريش مدير المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية أن الفاتيكان أعلن هذا الظهور رسميا بعد 17 سنة كاملة من البحث والدراسة والتحقيق!!
ظهور فاتيما
فى 13 مايو عام 1917 ظهرت العذراء مريم لثلاثة أولاد يرعون أغنامهم فى سهل كوفادا إيريا من بينهم ابنتان اسماهما لوسيا واياسنت وصبي اسمه فرنسيسكو.
وأكبر الأولاد الثلاثة سنا لايتعدى عشر سنوات آنذاك. أبرقت السماء على دفعتين متتاليتين فظهرت العذراء بقباء كالثلج بياضا وفوقه معطف لايقل عنه بياضا تتدلى منه خيوط ذهبية يداها كانتا مضمومتين تتدلى من ساعدها مسبحة. وكانت على وجهها المشرق ابتسامة علوية يمازجها شىء من الحزن البليغ. ورافق ظهوراتها الستة خوارق عديدة، وطلبت العذراء من الرعاة الثلاثة المجىء إلى قرب السنديانة الخضراء فى الثالث عشر من كل شهر من الأشهر التالية فتجمعت جماهير غفيرة بعد أن انتشر الخبر فى مكان ظهورها، وفى أثناء ظهورها طلبت العذراء من الحاضرين أن يتلوا المسبحة من أجل ارتداد الخطاة ومن أجل السلام فى العالم.
هذا وكانت الحرب الكونية الأولى (1914 -1918) فى أعنف تطوراتها وقالت العذراء: أنا السيدة الوردية أريد أن تبنوا كنيسة فى هذا المكان، ستنتهى الحرب قريبا وسيعود الجنود إلى منازلهم.
وبعد ذلك تبددت الغيوم وأخذت الشمس ترقص وترتجف وتدور على ذاتها 3 مرات وانتفض شطر الأرض بسرعة مرعبة وذلك أمام 170 ألف شاهد!! واستمر هذا المشهد 12 دقيقة، مما حمل الجماهير على الظن أنها نهاية العالم وقالت العذراء للرعاة:
إن عملتم بما قلته لكم فسيحصل الناس على الخلاص ويستتب السلام فى العالم. توفى فرنسيسكو عام 1919 وإياسنت عام 1920 بمرض الأنفلونزا ودخلت لوسيا دير الدوروتى فى توى (إسبانيا) ثم دير الكرمليات فى كوبنيرا. وفى عام 2000 أعلن السر الأخير للسيدة فاتيما والتى أعلنت فيه أن أحد الباباوات سيكون له أثر فى انهيار الشيوعية وسيتعرض لعملية اغتيال وهو ما حدث للبابا يوحنا بولس الثانى.
أقوى الظهورات
وعن ظهور العذراء مريم فى ميدجورجيا - يوغوسلافيا تقول مارى فى ميدجورجيا: حدثت أقوى ظهورات للعذراء مريم فى نهايات القرن العشرين.. البداية كانت يوم 24 يونيو ,1981 عندما شاهدها 6 من الشباب الكرواتى.. كانوا يشاهدونها وسط حالات من الانبهار يفقدون فيها الإحساس بالزمان والمكان، وقد أثبتت الأبحاث العلمية والطبية التى أجريت عليهم فى ميلان وجامعة مونبيليه الفرنسية يوم 28 ديسمبر 1984 أن هذه الحالة من الانبهار يتركون فيها أى إحساس بالزمان والمكان! أثناء مشاهدتهم لظهور العذراء مريم ورسائلها التى تبعثها لهم.. وقد طلبت منهم العذراء مريم أن يصلوا يومياً من أجل هداية الخطاة.. وقالت العذراء مريم فى إحدي رسائلها: أبنائى الأعزاء لقد نسى العالم قيمة الصلاة والصيام، فعن طريق الصلاة والصيام تتوقف الحروب وخير طريقة للصيام هى الاكتفاء بالخبز والماء.. لقد أتى الناس من جميع أنحاء الأرض لمشاهدة هذه الظهورات فى ميدجورجيا.. ورسائل العذراء مريم مستمرة حتى اليوم.
مزار سيدة الرحمة
- عذراء جوادالوب: يعتبر مزار سيدة الرحمة فى مدينة سانتو ثرو فى الدومنيكان بأمريكا الوسطى أول مزار أقيم فى العالم القديم. فقد وضع كريستوفر كولمبوس فى هذا المكان أيقونة للعذراء أهدتها له الملكة ومع ازدياد الهجرات من أوروبا إلى العالم الحديث أخذت كل جماعة مهاجرة تقيم مزارها الخاص المكرس لأيقونتها المحلية فى موطنها الأصلى، وربما كان أشهر مزار فى العالم الجديد يقصده الكاثوليك هو مزار بازيليكا عذراء جوادالوب فى ضواحى مكسيكو سيتى، حيث ظهرت فى هذا الموضع السيدة العذراء عام 1531 لهندى يدعى خوان دييجو وانطبعت صورة العذراء فى شكل فتاة هندية شابة على عباءة دييجو كمعجزة تثبت دعواه.
وقد صارت عذراء جوادالوب المكسيكية هى حامية المكسيك وكل الأمريكتين، وصار مزارها أهم المزارات الكاثوليكية فى العالم الجديد.
وتضيف مارى السمين إن هناك العديد من ظهورات العذراء مريم الفردية والتى قامت فيها بتأسيس رهبانيات مثل ظهورها للمطوبة مارى ألفونس والتى طلبت منها أن تؤسس رهبنة الوردية وغيرها.
وفى مصر هناك ظهورات فردية تسجلها كتب التاريخ الكنسى أقدمها على الإطلاق ظهورها للأم العاقر أوفيميه عام 286 ميلادية من خلال صورتها والتى أعلنت فيها استجابتها لصلوات أوفيميه بكونها ستحبل وتلد طفلا هو الشهيد مارمينا العجايبى.
وظهورها للقديس يحنس كاما الراهب بوادى النطرون - القرن الرابع الميلادى - وأعطته - ثلاثة دنانير ذهبية لكى يبنى كنيسة!!
وتذكر الكتب الكنسية أنها ظهرت للخليفة العباسى هارون الرشيد وجعلته يكتب رسالة إلى والى مصر لكى لايهدم كنيستها بمدينة أتريب بجوار بنها.
ويقال إن العذراء ظهرت للبطريرك إبرام بن زرعه البطريرك رقم 62 وأرشدته إلى القديس سمعان الخراز الذى نقل جبل المقطم فى عهد الخليفة المعزلدين الله الفاطمى عام 975 ميلادية، أما الظهورات الجماهيرية فهذه هى حكاياتها:
ظهور الزيتون
فى مساء يوم الثلاثاء من شهر أبريل سنة 1968 فى عهد البابا كيرلس السادس المائة والسادس عشر من باباوات الإسكندرية، بدأت مريم العذراء تتجلى فى مناظر روحانية نورانية وعلى قباب كنيستها بحدائق الزيتون ويقال إن أول من لاحظ هذا التجلى هم عمال مؤسسة النقل العام بشارع طومان باى الذى تطل عليه الكنيسة وكان الوقت مساء، فرأى الخفير عبدالعزيز على، المكلف بحراسة الجراج ليلا، جسما نورانيا متألقا فوق القبة فأخذ يصيح بصوت عال نور فوق القبة ونادى على عمال الجراج، فأقبلوا جميعا وشهدوا أنهم أبصروا نورا وهاجا فوق القبة الكبرى للكنيسة وحدقوا النظر فرأوا فتاة متشحة بثياب بيضاء جاثية فوق القبة وبجوار الصليب الذى يعلوها. ولما كان جدار القبة مستديرا وشديد الانحدار فقد تسمرت أقدامهم وهم يرقبون مصير الفتاة. مضت لحظات شاهدوا بعدها الفتاة الجاثية وقد وقفت فوق القبة فارتفعت صيحاتهم إليها مخافة أن تسقط، وظنها بعضهم يائسة تعتزم الانتحار فصرخوا لنجدتها وأبلغ بعضهم شرطة النجدة، فجاء رجالها على عجل وتجمع المارة من الرجال والنساء، وأخذ منظر الفتاة يزداد وضوحا ويشتد ضياء.
وظهرت الصورة واضحة لفتاة جميلة فى غلالة من النور الأبيض السماوى تتشح برداء أبيض وتمسك فى يدها بعضا من أغصان شجر الزيتون، وفجأة طار سرب الحمام الأبيض الناصع البياض فوق رأسها وحينئذ أدركوا أن هذا المنظر روحانى سماوى. ولكى يقطعوا الشك باليقين سلطوا أضواء كاشفة علي الصورة النورانية فازدادت تألقا ووضوحا، ثم عمدوا إلى تحطيم المصابيح الكهربائية القائمة بالشارع والقريبة من الكنيسة فلم تختف الصورة النورانية فأطفأوا المنطقة كلها فبدت الفتاة فى ضيائها السماوى وثوبها النورانى أكثر وضوحا، وأخذت تتحرك فى داخل دائرة من النور يشع من جسمها إلى جميع الجهات المحيطة بها، عندئذ أيقن الجميع أن الفتاة التى أمامهم هى دون شك مريم العذراء، فعلا التصفيق والصياح والتهليل حتى شق عنان السماء هى العذراء.. هى أم النور..
ثم انطلقت الجموع تنشد وترتل وتصلى طوال الليل حتى صباح اليوم التالى.. ومنذ هذه الليلة والعذراء الطاهرة تتجلى فى مناظر روحانية مختلفة أمام الألوف وعشرات الألوف من الناس مصريين وأجانب، مسيحيين وغير مسيحيين، رجالا وسيدات وأطفالا، ويسبق ظهورها ويصحبه تحركات لأجسام روحانية تشق سماء الكنيسة وبصورة مثيرة جميلة ترفع الإنسان الطبيعى فوق مستوى المادة وتحلق به عاليا فى جو من الصفاء الروحى. وقد شكل البابا كيرلس لجنة لفحص الظهور ثم أعلنه رسميا فى مؤتمر صحفى عالمى.
ظهور إدفو
فى يوم السبت 21 أغسطس 1982 والموافق عيد صعود جسد السيدة العذراء، فى تمام الساعة الثامنة وعشر دقائق مساء بدأت الدورة بأيقونة السيدة العذراء حول الكنيسة بإدفو التابعة لإيباريشية أسوان أثناء بدء الاحتفال ودورة أيقونة العذراء مريم فى الصورة المقابلة رسم لتجلى أم النور فوق حجاب الهيكل بكنيسة العذراء فى إدفو.
وهنا بدأت الجموع الغفيرة بداخل الكنيسة تشاهد ومضات سريعة وشاهقة البياض من النور داخل الهيكل الرئيسى الأوسط، ثم شاهد البعض ومضة سريعة لصورة السيدة العذراء مريم، ثم طارت حمامة فى مساء السبت، وشاهد المسيحيون الموجودون فى الكنيسة ومضات سريعة لصورة العذراء بعدها طارت حمامة من الجنوب إلى الشمال ورشت مياها على الكثيرين من الحاضرين وهذا كان شيئا عجيبا لم يحدث من قبل فى جميع ظهوراتها.. هذا ما كان يحدث فى الكنيسة. أما فى الخارج فبينما كان الكهنة والشمامسة والشعب بالخارج تمر بهم صورة الأيقونة التى يحملها الشمامسة كانوا يرونها وكأن العذراء تتجلى منها.
وفى الساعة الثامنة والنصف بعد الانتهاء من الدورة وقف القس جوارجيوس يصلى أوشية الإنجيل وكان يقف فى الهيكل القمص صليب الياس متجها للهيكل القبلى، وكانت تقف بنات الكورال رآها بنات الكورال ثم رآها أيضا خادمات الكنيسة وبعدها رآها الشمامسة ورأوها بعد ذلك فى قبة الهيكل، وقد ظهرت العذراء مريم فى شكل مريم الحزينة.
ووسط صراخ بنات الكورال وفرحتهن تكرر الأمر مرات عديدة وفى لحظة من الزمن امتلأت الهياكل الثلاثة للكنيسة والخورس المامى من الشعب المشتاق لرؤيتها وكان شكلها فى المنظر الحزين فى القبة أمام الجموع.
ظهور بابادبليو بشبرا
فى مساء الثلاثاء 25 مارس 1986م تجلت العذراء مريم بين قباب كنيسة القديسة دميانة بأرض بابادبليو، وقد سطع نورها على المنازل المجاورة وشاهدها سكان المنازل الخلفية وهى تتجلى بحجمها الطبيعى الكامل محاطة بهالة نورانية على القبة الشمالية (الغربية) وتكرر الظهور أكثر من مرة واستمر فى إحداها عشرين دقيقة وفى كل مرة يرتفع تهليل الجموع، ولم تمض إلا ساعات قليلة حتى انتشر الخبر بسرعة البرق فى هذه المنطقة التى يسكنها أغلبية من المسيحيين فازدحمت الشوارع المحيطة بالكنيسة وظلوا حتى الصباح وسط أصوات الترانيم والتسابيح.
ويقال أن ظهور العذراء مريم فى بابا دبليو كان غريبا لأنه لم يقتصر الظهور على الليل وإنما كان فى وضح النهار وأن نورها كان مختلفا عن نور الشمس، كما أنه لم يقتصر الظهور على منارات الكنيسة، بل وفى داخلها أيضا، كان يصاحب ظهور العذراء مريم ظهورات أخرى للقديسة دميانة، كما ظهر السيد المسيح له المجد صغيرا وتحمله القديسة العذراء مريم.
ظهورالجبل الغربى بأسيوط
اعتاد الآلاف من الأقباط الذهاب إلى جبل أسيوط فى صوم العذراء ليعيدوا عيد العذراء فى نهايته من كل سنة ويقولون أن طيف العذراء النورانى ظهر لمرات عديدة ولأعداد كثيرة من الناس وعبر سنين مختلفة كان أهمها ظهورها سنة 1988م بهيئة نورانية وبالشكل المعروف بها كطيف يتهادى على قمة الجبل لمدة ساعتين مع أول خيط من ظلام الليل وقد شاهد طيفها أكثر من ألف زائر، وصاحبها ظواهر روحية فى هذا المكان مثل ظهور حمام أبيض يطير فى ظلمة الليل فوق الدير.
ظهور المنوفية
فى 6 أغسطس 1997م رأى بعض الناس نورا فائقا للطبيعة فهرع آلاف من الناس إلى قرية شنتنا الحجر التابعة لبركة السبع محافظة المنوفية، أدلى قداسة البابا فى محاضرته الأسبوعية يوم الأربعاء 10 من أغسطس 1997م بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بتصريح وصف فيه النور بأنه نور غير طبيعى وإذا كان قد جاء وصف قداسته لذلك النور بأنه غير طبيعى أى لم يأت من مصدر كهربى أى صناعى لأنه نابع من مصدر علوى طبيعى، وقد أصدر المقر الباباوى بيانا نشر بمجلة الكرازة العدد الصادر فى 12 سبتمبر 1997م بعنوان ظهورات شنتنا الحجر جاء فيه حسبما وصل إلينا من تقارير صاحبى النيافة الأنبا بيشوى والأنبا بنيامين تعلن البطريركية الآتى:
ظهر نور غير طبيعى فى الكنيسة بشنتنا الحجر منوفية، وبخاصة أواخر أغسطس وجذب إليه الآلاف من الناس مهللين ومرتلين لهذه الظاهرة الروحية التى استمرت لعدة أيام فى فترات متفرقة.
كنيسة مار مرقس بأسيوط
البداية كانت يوم 17 أغسطس ,2000 عندما شاهدتها سيدة مسلمة محجبة كانت تسير، فرأت العذراء تقف فوق سطح الكنيسة.. تتمشى بين المنارتين.. تصورت أنها سيدة عادية تحاول الانتحار.. أو خلع الصليب المثبت فوق المنارة.. فأسرعت لإبلاغ المسئولين فورا.. وكانت البداية لأفراح أسيوط ثم مصر كلها بهذا الظهور العجيب الذى لم يحدث فى أى بلد فى العالم بهذا الشكل والاستمرار.
لقد شاهدتها هناك
عندما سمعت بهذه الظهورات النورانية لأم النور، قررت الذهاب للتأكد بنفسى، وبالفعل قطعت الطريق مسافراً لأسيوط وهناك تعرفت على أحد الإخوة المسيحيين الذى وافق على أن أنزل ضيفا على سطح منزله لكى أرصد هذه الظهورات بأم عينى، وبالفعل.. أخذت مقعدى على سطح المنزل وكان المكان مزدحما بشكل خيالى، فلا يوجد حارة أو شارع بجوار الكنيسة تستطيع السير فيه، ولا يوجد بيت واحد فى أسيوط بجوار الكنيسة قد خلا من الزوار والحشود المتجمعة على الأسطح!
كان الوقت حوالى التاسعة ليلاً عندما بدأ النور يضرب السماء فوق الكنيسة فى سرعة خاطفة، نور يختلف عن أى نور قد شاهدته، إنه أبيض يميل للزرقة وأحياناً كان بنفسجيا، وهناك فى منارة الكنيسة كان يسطع نور أخضر جميل.. يلف السلالم الصاعدة إلى صليب المنارة.. وهناك.. فى داخل المنارة كانت تظهر أم النور، العديد استطاع تحديدها بالعين المجردة، حيث كانت الهتافات تتصاعد والصلاة الحارة تلف الجموع الحاضرة، كل هذه الظهورات كانت بكنيسة مار مرقس بأسيوط.
وأثناء هذه الظهورات النورانية، وجدت الصلبان فوق الكنائس بتنور بنور أخضر جميل . وقفنا فى مواجهة منارتى الكنيسة وقبابها.. فى الواحدة والنصف صباحاً بالتمام سمعت صوت الرعد يهز سماء أسيوط.. لحظة.. ورأيت ضوءاً كالبرق فى سرعة ظهوره واختفائه.. ضوءاً نقياً صافياً هادئاً ينبثق من منارتى الكنيسة.. يتسع فى هبوطه السريع.. يضىء الحوائط الأسمنتية.. ويزداد الاندفاع والاتساع يكسو النور ويغمر أجساد وقلوب جموع الشعب المزروع فى كل شبر حول الكنيسة.. فوق الأسطح المتلاحمة.. وبطول وعمق الحارات الممتدة والشوارع.. فى كل نافذة قريبة وبعيدة من الموقع!!
ينطلق النور مرات متتالية خاطفة مثل فلاش الكاميرا.. كالحلم.. ثم يستكن فيشق الصمت، وتصدح القلوب بصوت أقوى من الرعد.. صوت الفرح.. تهليل وتصفيق وزغاريد.. والأعناق كلها معلقة بالمنارتين فى انتظار المزيد.. حالة من الوجد والتوحد والعشق الإلهى والخشوع.. الوجوه ملامحها واحدة ما بين الذهول والترقب والتذلل لله والأمل والرجاء.
أما بيان البطريركية فأكد على ظهور النور فقط دون التجلى.. وأرجع البعض عدم إعلان البابا للتجلى بأسيوط إلى خلاف البابا مع الأنبا ميخائيل مطران أسيوط!!
ظهورات الوراق
وخلال الأسبوعين الماضيين تردد أن العذراء مريم ظهرت بكنيسة العذراء والملاك بالوراق من خلال تجلى ونور وحمام وبخور وقد أصدر الأنبا ثيئود سيوست الأسقف المساعد بالجيزة بياناً أكد فيه الظهور وجاء فيه:
تعلن مطرانية الجيزة أنه حدث ظهور وتجل للسيدة العذراء فى كنيستها بوراق الحضر التابعة للمطرانية وذلك فجر يوم الجمعة الموافق 11/12/2009 الساعة الواحدة صباحاً، وهو ظهور كامل للسيدة العذراء وهى بملابسها النورانية فوق القبة الوسطى بالثوب الأبيض الناصع وتشد وسطها بحزام لونه أزرق ملوكى وعلى رأسها تاج وفوق التاج صليب القبة، وصلبان الكنيسة يصدر منها أضواء باهرة، وقد رآها كل أهل المنطقة وهى تنتقل وتظهر على البوابة بين المنارتين، وظل هذا الظهور من الساعة الواحدة صباحاً حتى الساعة الرابعة فجر يوم الجمعة، كما رصدتها كل عدسات التصوير والموبايلات.
جدل شائك
وبعد هذا الاستعراض لقصص ظهورات العذراء مريم فى مصر والعالم، نجد أن هناك إشكالية تثيرها هذه الظهورات التى تحدث فى الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، جدلا شائكا يجسده المذهب الإنجيلى من منطلق لاهوتى عقيدى لخصه لنا القس يوسف سمير الراعى الشريك بالكنيسة الإنجيلية بالفجالة والذى يقول:
هناك حقيقة يركز عليها الموقف الإنجيلى المشيخى هى أن تأثير مثل هذه الظواهر لا يستمر، لكنه يتلاشى ويخبو بعد تلاشى الظاهرة، وذلك لأن مجال هذا التأثير ينحصر أساساً فى الجانب الشعورى/ الانفعالى لدى من يشاهدونها، فهى لا تتعدى حواس الإنسان الخارجية وانفعالاته المتغيرة، ولا تؤثر على مبادئه وأخلاقياته ونظرته للأمور وعلاقته مع الله وسلوكه مع الآخرين، لقد كانت سمة الشعب اليهودى آنذاك هى أن يطلب رؤية المعجزات، لا لكى يتغير داخلياً، بل لكى ينتشى انفعالياً، وهذا اتجاه لا يشجعه الفكر الكتابى المتزن الذى يرى أن الله عندما يتدخل فى حياة البشر فهو يفعل ذلك ليدفع الإنسان خطوة حقيقية إلى الأمام، ولكى يطور حياته ويجدد أفكاره ويحرره من شروره وأفكاره البالية ويطلقه إلى آفاق أكثر رحابة وتأثيراً.
وأشار القس سمير إلى أن صفحات الكتاب المقدس تمتلئ بأكبر الإسهامات التى حققها عصر الإصلاح وهى الابتعاد بالذهن المسيحى عن ظاهرة التشفع بالقديسين، وهى الظاهرة التى سادت الممارسات الكنسية خلال الشطر الأكبر من العصور الوسطى، وأتى الإصلاح ليعود بالكنيسة إلى الفكر الكتابى الأصيل الذى يؤكد خلو الكتاب المقدس من أية إشارة لإمكانية لجوء الأحياء لشفاعة القديسين الذين رقدوا، فالعهد الجديد يعلمنا أن توجهنا نحو السماء يكون بالاعتماد القلبى على عمل شفاعة الروح القدس الذى يعيننا فى صلواتنا (رو 8: 27 ,26) والاتكال الواثق على اسم المسيح الذى يرافق صلواتنا وتضرعاتنا (يو 16: 23)، أما شفاعة القديسين فهى لا تبنى على الكتاب المقدس بل على التقليد الكنسى.
ولا ينبغى بأى حال من الأحوال أن يرى البعض أن هذا الرأى المشيخى الملتزم يحمل فى طياته عدم تقدير أو احترام العذراء مريم، فلا سبيل للمزايدة على احترام وتبجيل الكنيسة الإنجيلية المشيخية للعذراء مريم.
الأنبياء الكذبة
يتساءل القس نصر الله زكريا- مدير المكتب الإعلامى للكنيسة الإنجيلية- قائلاً: كيف يمكننا الجزم بأن هذه التجليات إنما هى تجليات وظهورات القديسة العذراء مريم؟! تلك التى لم تسع يوماً فى حياتها أن تخطف الأضواء من ابنها، أو تسعى لتمجيد ذاتها، بل كان جلُّ اهتمامها هو مجد المسيح، فهل بعد هذه القرون غيَّرت رأيها، وعادت لتكتسب مجداً هو من حق ابنها يسوع المسيح؟ وفى بعض الظهورات كما يتردد على ألسنة البعض، أنها تحمل طفلاً بين يديها، ويعتقدون أن هذا الطفل إنما هو المسيح، أليس جميعنا يعرف أن المسيح نما وكبر وبلغ الثالثة والثلاثين من عمره، وبعد موته وقيامته، صعد إلى الأعالى بجسد ممجد، وليس كطفل صغير؟! أليس هذا دليلاً آخر على خطأ ما يتصوره ويردده البعض على أنه تجل للسيدة العذراء مريم؟!
ويضيف القس نصرالله قائلاً: نحن نرفض الظهور لثلاثة أسباب كتابية وعلمية واجتماعية، فالأسباب الكتابية أى التى ترجع للكتاب المقدس تؤكد أن كل الظهورات التى جاءت بالكتاب المقدس، فإن الظاهر يعرف نفسه ويتكلم ويوصل رسالة واضحة للرائى، وغالباً الرسالة تحمل معاناة لا تشجيعاً.. مثل ظهور ملاك الرب لهاجر عندما هربت من سارة.. طلب منه الرجوع إلى سارة.. تشجيع من مقابل معاناة، فالظهور النورانى لا نعرف من صاحبه، لكن فى الكتاب المقدس: فالظاهر يعرف نفسه والرائى يعرفه والرسالة تحمل معاناة، وهذا ما لا يحدث فيما يقال عن ظهور العذراء.
أما السبب الثانى فإن الكتاب المقدس يحذرنا من أن الشيطان يستطيع أن يغير شكله لشبه ملاك نور، وأخبرنا فى أكثر من مرة أن الشيطان يستطيع أن يدخل إلى محضر الله، فمن هنا يستطيع الشيطان أن يدخل إلى مقادس الله ويصير مثل ملاك من نور ويخدع ويضل الكثيرين من البشر، لهذا حذرنا المسيح قائلاً: إنه فى نهاية الأيام سوف يكون هناك أنبياء كذبة ومسحاء كذبة ويعطون آيات وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين، وحذرنا المسيح أيضاً قائلاً: إن قال لكم أحد إن المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا، وأنا قد سبقت وأخبرتكم (متى 24: 24)، فمن كلام المسيح أننا لا نصدق كل ما نسمع، ومن كلام الكتاب المقدس أن الشيطان يستطيع أن يغير شكله لملاك من نور، فهذه كلها أمور كتابية تجعلنا نرفض الظهور.. ويضيف القس نصر الله:
وهناك أسباب علمية، فمن الممكن استخدام أنواع مختلفة من الليزر بتقنية معينة وتضلل من يراها، وكل الأشكال التى تظهر إذا أخضعت للتصوير، فلا يمكن أن نكتشف ملامح واضحة للشخص الظاهر، أيًّا كان من هو، وبالرغم من وجود التقنيات الحديثة ووسائل الإعلام وتصوير تلك المناظر بأعلى التقنيات لم نسمع عن كاميرا يعتمد عليها أو محطة فضائية، أو أرضية تصور أى مشهد.. اللهم إلا كاميرات الموبايلات الأقل جودة.
وأشار القس نصر الله زكريا إلى أن هناك أيضاً أسباباً اجتماعية، حيث ارتبطت الظواهر والتجليات بالأماكن الفقيرة بل الأكثر فقراً، فلم نسمع عن ظهورات أو تجليات كالمرعشلى أو الزمالك أو مدينة نصر أو مصر الجديدة، وارتبطت الأماكن الفقيرة بتدنى التعليم والثقافة وإشاعة التفكير الغيبى والخرافى مما يشكل تربة غنية لانتشار مثل هذه الأحداث.
ملامح ملكة
ورداً على هذه الأسئلة الشائكة التى طرحها القس نصر الله زكريا استطلعنا آراء عدد من الآباء الكهنة والمهتمين من الكاثوليك والأرثوذكس.
كيف نعرف أنها العذراء؟
يقول الأب رفيق جريش المتحدث الإعلامى للكنيسة الكاثوليكية:
إن العذراء تأخذ الشكل المألوف لنا، وهى تعرف من خلال الخبرة الإنسانية الروحية مع شعبها والظهورات والصور التى تشع زيتا، والمعجزات التى تتم على يديها تجعل الإنسان يعرف أنها العذراء، كما أن قلب الابن يميل إلى أمه.
ويقول القمص عبدالمسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء بمسطرد وأستاذ اللاهوتى الرفاعى بالكلية الإكليريكية:
وعن القول: كيف نعرف أن التى ظهرت هى العذراء وليس قديساً آخر أو قديسة أخرى، على الرغم من أن الصور المرسومة لها أغلبها رسمها فنانون أوربيون بملامح أوروبية وليس بملامح شامية شرق أوسطية فلسطينية لأن العذراء من فلسطين، بل بملامح ملكة وليست فتاة فلسطينية فقيرة؟ ونقول لهؤلاء: تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله، فالعذراء رحلت عن هذا العالم بانفصال روحها عن جسدها وصعدت روحها إلى السماء، وهى الآن فى السماء روح، كائن روحانى، ولا تحتفظ لا بهيئتها الفلسطينية، ولا بملابس وشكل الفتاة الفلسطينية البسيطة، ومن ثم تظهر على قباب الكنائس كروح نورانية، مثل ملائكة، وفى كتلة من النور، فهى أم النور. كما أنها تختلف عن أى قديس أو قديسة أخرى لأن الله أنعم عليها بنعمة لم تنلها ولم ينلها أى قديس من القديسين، لأن الروح القدس حل عليها وقوة العلى ظللتها .
كما أن الظهور دائماً يعلن ذاته بشكل تلقائى روحانى.. فعندما ظهر موسى وإيليا مع الرب يسوع المسيح على جبل التجلى يقول الكتاب: وتغيّرت هيئته قدامهم وصارت ثيابه تلمع بيضاء جداً كالثلج لا يقدر قصّار على الأرض أن يبيض مثل ذلك، وظهر لهم إيليا مع موسى، وكانا يتكلمان مع يسوع، عن خروجه الذى كان عتيداً أن يكمله فى أورشليم (لو 9: 30)، فجعل بطرس يقول ليسوع يا سيدى جيد أن نكون ههنا، فلنصنع ثلاث مظال. لك واحدة ولموسى واحدة ولإيليا واحدة، لأنه لم يكن يعلم ما يتكلم به إذ كانوا مرتعبين (مر 9: 4- 6)، وهنا عرف التلاميذ بدون مقدمات وبدون معرفة سابقة أن اللذين ظهرا مع الرب يسوع المسيح هما موسى وإيليا فقد صارا فى حالة غيبوبة روحية بسبب التجلى لذا يعلق القديس مرقس على الحالة التى كان فيها التلاميذ وخاصة القديس بطرس بقوله: لأنه لم يكن يعلم ما يتكلم به إذ كانوا مرتعبين، وهذا ما يحدث لمشاهدى ظهورات العذراء، وقد عشت هذه الحالة بنفسى عندما شاهدت ظهور العذراء فى الزيتون سنة 1986 وبعض التجليات الروحية فى أسيوط، حيث يكونون متأكدين بإيحاء من الظهور نفسه أن العذراء هى التى تظهر أمامهم.
ظهورات فردية
ويقول الكاتب نبيل عدلى الذى وثق ظهور العذراء بأسيوط فى كتاب: إن العذراء مريم ظهرت بامتداد سنين طويلة خلال العقود الأخيرة فى بلاد الشرق وفى الغرب أيضاً، وإن كان ظهورها فى الغرب انحصر فى شكل ظهورات فردية سواء لشخص واحد، كما فى فاتيما حين ظهرت لفتاة صغيرة أو فى فرنسا وغيرهما، وبطبيعة الحال يصف من يتمتعون بظهور العذراء ملامح القديسة.
وهنا يأتى دور الفنانين الذين يبدعون فيرسمون أدق الملامح، حدث هذا أيضاً فى كنيسة العذراء بالزيتون، حين ظهرت أم النور فى الثانى من أبريل 1968 واستمر ظهورها لأربعة شهور بما عاينه أكثر من أربعين مليون إنسان من كل الأجناس والمذاهب والأصقاع. ولا شك أن الظهور الجماعى يعطى مصداقية للحدث الروحانى الفريد كما يعطى للناس مظهراً معروفاً للقديسة العذراء مريم.
ولا يجب أن ننسى أن القديس لوقا الطبيب والرسام وهو من تلاميذ السيد المسيح رسم صورة للقديسة العذراء مريم، ومن ثم فإن صورتها معروفة كتقليد كنسى. وحتى لو كان منظر العذراء فى الظهور غير منظرها بالصورة الأثرية، فلا خلاف فى ذلك لأن المؤمنين يلبسون أجساداً نورانية من السماء غير تلك التى كانوا عليها وهم برداء الجسد.
هل هو الشيطان؟
وحول السؤال الشائك الذى يطرحه الإنجيليون بأن الشيطان يستطيع أن يأخذ شكل ملاك نورانى.
يقول الأب شريف ناشف الكاهن المساعد بكنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك بالكوربة: أولاً الشيطان لا يستطيع الاقتراب من الكنيسة ولا الوقوف بالقرب منها، أو على منارتها التى يترأسها الصليب.. ثم إن هذه الظهورات تجعل الناس تقترب أكثر من الكنيسة، وهناك أناس لا علاقة بهم بالكنيسة تنام فى الشارع أمامها لرؤية العذراء بأى شكل وبأى وسيلة، والشيطان هدفه الأساسى إبعاد الناس عن الكنيسة وليس العكس، أيضاً الظهورات تنعش الإيمان والشيطان يريد قتل الإيمان.
ويقول الدكتور مكارى أرمانيوس أستاذ التاريخ الكنسى بمعهد الدراسات القبطية سابقاً: لا يمكن أن يكون شيطانا لأنه ينتقل بين صلبان الكنائس.. والشيطان لا يمكن أن يظهر فى وجود الصليب.
آيات كتابية
أما القمص عبدالمسيح بسيط فيقول: الذين يقولون إن الذى ظهر يمكن أن يكون هو الشيطان، لأن الكتاب المقدس يقول: إن الشيطان يستطيع أن يظهر على شكل ملاك أو نور؟! ويستدلون بقوله: ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور (2 كو 11: 14)، أى يزعمون أنه يظهر فى شكل ملاك أو نور؟! هؤلاء الناس للأسف الشديد بسبب فكرهم يحرفون معانى الآيات الكتابية ويضيفون لها ما ليس فيها! فلم يقل الكتاب أبداً إن الشيطان يظهر أو إنه ظهر لأحد من الناس بأى شكل من الأشكال أو هيئة من الهيئات، وإلا فليثبتوا لنا ذلك بآية كتابية واحدة! ولا تعنى عبارة يغير شكله أنه يظهر، فمن رأى شكل الشيطان أصلاً؟! وهل ظهر بأى صورة من الصور وهو روح شرير؟! إنه شيطان وكلمة شيطان تعنى مقاوم، فهو دائماً وأبداً مقاوم لكل عمل الله وعندما يقول الكتاب أنه يغير شكله يقصد أنه يحاول أن يوحى للناس بعكس حقيقته، حيث تقول الآية كاملة: لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح، ولا عجب، لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور، فليس عظيماً إن كان خدامه أيضاً يغيّرون شكلهم كخدام للبر، الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم (2 كو 11: 13- 16)، فكما يتظاهر الرسل الكذبة بأنهم رسل المسيح يحاول الشيطان أن يبدو للناس من خلال ما يضعه فى أذهانهم وكأنه ملاك نور.
كما نسأل الذين يقولون بذلك: هل يمكن أن يتصور أحد أن الشيطان هو الذى ظهر على قباب الكنيسة وجعل ملايين الناس تعود إلى الإيمان وتمجد الله وتسبحه فى كنيسته؟! وأنه هو الذى صنع عشرات المعجزات التى أثبت الفحص الطبى إعجازها؟! فبدل أن يضللهم ويبعدهم عن الله يجعلهم يمجدون الله؟! كما نقول للذين يدعون أن ظهور العذراء يجعلها إلهة تُعبد! هل ترون أن تكريم العذراء التى قالت متنبأة بالروح القدس: هو ذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى، هو نوع من عبادة غير الله؟! ونسيتم جميعاً أن الله يتمجد فى قديسيه لكى يتمجد اسم ربنا يسوع المسيح فيكم وأنتم فيه بنعمة إلهنا والرب يسوع المسيح (2 تس1: 12)، والغريب بل العجيب هو أسلوب عرض هؤلاء لآيات الكتاب المقدس حيث يغيرون كلمات الكتاب ويحرفون معناها ويستبدلونها بغيرها لخداع البسطاء، فيقولون: ومكتوب أن الشيطان يستطيع أن يظهر فى صورة ملاك نور وغيرها من الأشكال! من أين جئت بعبارة يظهر فى صورة؟! فى حين أن نص الآية هو ولا عجب، لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور، فليس عظيماً إن كان خدامه أيضاً يغيرون شكلهم كخدام للبر (2 كو 11 ,15: 14)، وهو يعنى خداع الشيطان ومكر أتباعه ولا يقصد أبداً الظهور فى أى صورة مرئية يراها الناس!
أما عن سبب الظهور فهناك أسباب عديدة، فهل ظهرت بكثرة فى منتصف القرن العشرين وبداية الواحد والعشرين لتقود الكثيرين إلى الإيمان؟ وهل كان ظهورها فى مصر، فى الزيتون، من سنة 1968م إلى 1970م، فى الفترة بين الهزيمة والنصر، هو تعزية ورجاء، وخاصة أنها كانت تمسك فى يدها، غصن الزيتون؟ وهل كان ظهورها فى شبرا سنة 1986م، والذى جاء سابقاً لفترة من فترات الآلام بسبب الإرهاب هو أيضاً تعزية ورجاء؟ وهل كانت ظهوراتها للعالم المجروح والمنكوب هي تعزية أيضاً مع أمل ورجاء، وهل كان ظهورها فى أسيوط وظل ظروف مشابهة لنفس الأسباب وكذلك فى الوراق فى ظروف أكثر صعوبة أو تحذير نهائى للعالم كله قبل فوات الأوان؟ أم كان ظهورها إعلانا متجددا من الله عن حقيقة وجوده وحقيقة وجود الروح والعالم الآخر والحياة الأبدية وصحة الكتاب المقدس والإيمان المسيحى؟ هل هو تحذير للعالم المتردى قبل السقوط فى الحفرة التى حفرها لنفسه، لكى يعود إلى رشده؟ أغلب الظن أنها ظهرت لكل هذه الأسباب وغيرها أيضاً.
لماذا تظهر بالمناطق الفقيرة؟
رمز لكل الأديان
السيناريست عاطف بشاى أكد أن تصديق الظهور يرجع إلى الإيمان غير المشروط قال إن العذراء رمز تجله كل الأديان ويستنجد به كل المحتاجين والمعوزين، وكل من ضاقت بهم سبل الحياة الصعبة على تلك الأرض التى تنوء بأثقال ومعاناة فقرائها لذلك فقد طافت عذراء الفقراء بالأحياء الشعبية أتت على الفقراء والمهمشين والعشوائيين ملح الأرض لتطييب خاطرهم ومسح دموعهم وتخفيف آلامهم وتعينهم على احتمال الشقاء الإنسانى فى مجتمع طبقى قاس يلفظهم ويعاديهم ويكرهم ويكاد يجبرهم على تقديم اعتذار على وجودهم، كما أن العذراء واحدة من هؤلاء الفقراء فقد ولدت المسيح فى مذود بقر.
ويقول القمص عبدالمسيح بسيط: العذراء لم تميز فى ظهوراتها بين كنائس فقيرة أو غنية، فقد ظهرت فى الزيتون وهو حى أقرب للغنى منه للفقر، كما ظهرت فى شبرا الحى الشعبى الذى تقطنه الطبقة الوسطى من الشعب وفى أسيوط عاصمة الصعيد أى لكل الفئات.
ويقول الأب رفيق جريش: البسطاء هم القريبون من الإيمان.. وقد اختار يسوع البسطاء ليغزو العالم، وعلى الكنائس أن تحافظ دائماً على روحانية هذه الظهورات وتظل فى البساطة ولا يستغل الأمر فى جمع التبرعات للمبانى والرخام بل من أجل الفقراء. ويضيف الدكتور مكارى أرمانيوس أنه لا توجد كنيسة غنية وكنيسة فقيرة، فالكنيسة دائماً غنية بإيمانها ولا أقدر أن أقول لماذا تختار العذراء هذه الأحياء، وبالمناسبة كنيسة العذراء والملاك بالوراق كنيسة لا تحتاج إلى تبرعات، وقد أقامت كنيسة العذراء بالزيتون مستشفى يخدم الجميع، كما اشترت الجراج المقابل وشيدت فيه كنيسة كبرى.
أما الكاتب نبيل عدلى فقال: عندما يذاع خبر عن الظهورات يتدافع الآلاف، وبالتالى تزداد العشور والتبرعات.. والكنيسة تنفق بدورها على المحتاجين وتسد نفقاتها من عمارة وعمال. ؟ لماذا تتكلم فى الغرب ولا تتكلم عندنا؟
؟ يقول القمص عبدالمسيح بسيط: بحسب التقارير الواردة من الغرب والكنيسة الكاثوليكية، فقد ظهرت العذراء لأفراد عددهم قليل مثل برناديت فى لورد بفرنسا وأطفال سانت فاتيما، وشباب ميديجورجى بيوغوسلافيا و أعطتهم رسائل تحذير للعالم من البعد عن الله، وتحذر من الارتداد، أما ظهورها فى مصر فهو ظهور علنى لمئات الآلاف بل لملايين من البشر، لتؤكد على حقيقة وجود الله والعالم الروحى عالم الملائكة والقديسيين ولتعزى الشعب وتشدده وتقويه.. إنها رسالة شاملة لكل الناس.
؟ ويقول الدكتور مكارى أرمانيوس: فى الظهور للأفراد تتكلم، فالظهورات الفردية تحمل رسالة، لكن الظهور الجماعى يكفى المنظر النورانى وما يصاحبه من دلال روحية. ؟ ويقول الأب رفيق جريش: حضورها هو رسالة تعضيد للشعب بدون كلام.
ويقول الكاتب نبيل عدلى الظهورات الفردية تحمل رسالة وفى الجماعية تحمل بركة.
؟ الأب شريف ناشف: أنا لا أريد أن أؤكد أو أنفى الظهور ولكن هناك فعلاً ظواهر غير طبيعية تستحق الدراسة، أهم شىء اهتمامنا يجب أن ينصب على الله ورجائنا به، وهذا هو المحرك الرئيسى لنا والقوة الدافعة لروحانياتنا، ولا يجب أن تكون الظهورات فقط هى ما ننتظره لتعضيد إيماننا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.