قرأت تقريراً فى صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» عن «صدع ناشئ» فى جماعة الإخوان. قرأت فى نفس اليوم تقريراً فى جريدة الدستور عن خلافات بين الرئيس محمد مرسى ونائب مرشد جماعة الإخوان خيرت الشاطر. الصحيفة الأمريكية أرضت الفضول بشأن المعلومات. الصحيفة المصرية حاولت دون دليل يمكن الإمساك به. خلافات الإخوان أصبحت موضوعاً متداولاً. الأسرار لا تبقى حبيسة الاجتماعات غير المعلنة!! الصحافة الأمريكية تبدو فريدة تماماً فى هذا السياق. كل جريدة لها توجه. كل منبر يدافع عن وجهة نظر يؤيدها. إذا نشبت معركة أو جدل فإن ناراً حامية تنشب بكل موضوعية بين المختلفين. الأهم هو أنك يمكن أن تعثر على خبر دقيق. الأكثر أهمية تجد خدمة تدقيقية ممتازة. القصص الإخبارية الموثقة حول وقائع بعينها. الصحفيون يبذلون جهداً فى السعى وراء معلومات صحيحة. من الصحيفة الأمريكية عرفت بخلافات الإخوان. بناء على ما قرأت تبين لى وجود شقاق بين إخوان قيادة الجماعة وجيل الشباب. شقاق بين الإخوان رجال الأعمال الذين يلهثون وراء الاستثمارات والإخوان السياسيين الذين يبحثون عن أصوات الناخبين. اتضح أن الأزمة فى العلاقة بين مصر والولايات المتحدة تسببت فى جدل كبير داخل الجماعة. تسببت كذلك فى انتقادات إخوانية للدكتور محمد مرسى. فى مصر قصص كثيرة تحتاج تدقيقاً. تنتظر اهتماماً من الصحافة. القارئ ينتظر معلومات. نريد أن نعرف كيف أزيح المشير طنطاوى من موقعه. أين يقضى وقته. ماذا يدور من مفاوضات بين مفاوضين من الرئاسة وجماعات العنف المتطرف فى سيناء. كيف هرب الدكتور محمد مرسى من السجن فى نهاية شهر يناير 2011. محاضر اجتماعات المسؤولين الأمريكيين مع المهندس خيرت الشاطر. وقائع اليوم الأخير لمبارك فى حكم مصر. تفاصيل اجتماعات المجلس العسكرى واتجاهاته. المعرفة إضاءة. الصحافة الأمريكية تقدم المعلومة للقارئ قبل أن تقدم له الموقف. كل صغيرة وكبيرة فى المجتمع يتم فحصها. مهمة عظيمة تعين الناخب فى أن يعرف. الصحافة بهذا تجلى الغموض. تكشف المؤامرات، تواجه الفساد. السلطات لا يمكنها أن تتجاهل تأثير الصحافة. قدرة الصحافة أقوى من الأحزاب. الصحفيون مسلحون بتعليم وتأهيل. قبل كل شىء لا تخضع الصحافة لابتزاز يقيد حريتها. لا يتهدد الصحفيون بالسجن. لو نشر التقرير الذى قرأته فى ال«لوس أنجلوس تايمز» فى صحيفة مصرية لخرجت جماعة الإخوان وكذبته على الفور. قد يتطوع محام إخوانى ويبلغ النائب العام ضد الصحيفة. قرأت تصريحاً للدكتور عصام العريان فى الغراء «المصرى اليوم». قال فيه إن أغلبية الإعلاميين والصحفيين يعادون «الفكرة الإسلامية». لم يشرح ماذا يقصد بها. لو صدر هذا التصريح فى المجتمع الأمريكى لانتفضت الصحافة الأمريكية كلها ضده. ما قاله اتهام لعقيدة الصحفيين. محاولة هروب من مساءلات غير حادة توجهها الصحافة المصرية لجماعة الإخوان. حتى الآن لا أرى نقداً حقيقياً لقرارات الإخوان فى الحكم فى الصحافة المصرية. ما يقال هو مجرد آراء لا تقف خلفها وقائع مدققة. باستثناء ما أقرأه يومياً فى مقالات الكاتب إبراهيم عيسى، ومقال قرأته منذ أيام للكاتب وحيد حامد. يندر أن تجد آراء تغوص فى العمق. أستثنى أيضاً مقالات الأستاذين عمار على حسن وعبدالحليم قنديل. صحيفة الدستور كتبت عن خلاف الرئيس والشاطر. مسألة لافتة فالرئيس كان أقل مرتبة فى الجماعة من المهندس الشاطر. الآن الرئيس أهم من الجميع بالنسبة للشاطر وغيره. تناقض إنسانى طبيعى. قد يؤدى إلى صراع. بعض برامج التليفزيون انتقدت أن خيرت الشاطر هو من تطوع بالحديث فى أزمة الفيلم المسىء. كان الرئيس وقتها صامتاً. قال الدكتور ضياء رشوان، فى تعليق نشرته الجريدة، إنه يسمو بمقام الرئيس عن أن يقارن بموقع الشاطر، فكيف ينشأ بينهما خلاف. هذه مسألة مسلية لو عرفنا عنها معلومات. لكننا ننتظر من الصحافة أن تكشف للقراء ميزانية دقيقة لجماعة الإخوان. ما هى مواردها وما هى نفقاتها؟ [email protected]
