فتح مقتل الصحفية ميادة أشرف محررة جريدة الدستور ملف استهداف الصحفيين في مصر، وفرض العديد من علامات الاستفهام حول مسئولية الدولة في حماية الصحفيين والإعلاميين، وتأمين عملهم في ظل الواقع السياسي والأمني في البلاد، وما يتعلق منه بعمليات الجماعات الإرهابية التغطية على نشاطها المتطرف، عبر تكميم الأفواه الصحفية التي تنقل للرأى العام ما يجري في الشارع. وتتعلق تلك الإشكالية بوضعية الصحفي غير المقيد بجدول نقابة الصحفيين، وسبل تأمينه حال قيامه بأداء عمله، وعراقيل العلاقة بين الصحفي الشاب والمؤسسة التي ينتمي إليها من جهة، وعلاقة الصحفي ذاته بنقابة الصحفيين من جهة أخرى، لا سيما أن الحصول على "تصريح الدفن" الصحفي القتيل غدرًا أصبح أيسر بكثير من الحصول على "كارنيه نقابة الصحفيين" الذي يُعد الهدف الأوحد لرحلة يبدأها أصحابها بمرتب قد لا يزيد عن ال 200 جنيه، وقد يقل في بعض الأحيان. وتعليقًا على ذلك، أكد صفوت عبد الحميد، نقيب محامي بورسعيد، أن سلامة الصحفيين وبنص الدستور المصري، عهدة على كل من "رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ووزير الداخلية" بصفتهم وليس شخصهم. وأضاف: "إذا تعرض الصحفي لأي نوع من أنواع الاعتداء، هنا تُلقى المسئولية على عاتق رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ووزير الداخلية بصفتهم، باعتبار أن الدولة ضامنة لتحقيق الأمن والاستقرار بحسب نصوص الدستور المصري، التي أفادت بأن مسئولية حماية الأرواح والممتلكات متمثلة في صفة الرئيس ووزيري الدفاع والداخلية". وفيما يتعلق بحالة الصحفية ميادة أشرف، أوضح عبد الحميد: "في مثل تلك الحالات التي يكون فيها الصحفي غير مقيد بنقابة الصحفيين، يتم اللجوء إلى إثبات عمل الصحفي المذكور لدى المؤسسة الصحفية عبر كارنيه خاص بالمكان، وخطاب من الجريدة للنيابة العامة، لإثبات واقعة الاعتداء، وخطاب نعي من النقابة للصحفي لإثبات الانتماء للمهنة، يُحرر به محضرًا بحالة الوفاة، كما هو الحال بالنسبة لميادة، تُرفع به دعوى ضد الرئيس ووزيري الدفاع والداخلية، لتقصيرهم في حماية الأرواح، وتطالب بالتعويض الذي قد يصل إلى 100 ألف جنيه". من جانبه، أكد المستشار، الخبير القانوني أنور الرفاعى، أن القانون المصري بمواده كفل كل الحقوق للصحفيين، ولا يضعه موضع الإدانة في أي حال من الأحوال، لأنه لا يتعامل بشخصه بل بصفته كصحفي. وقال الرفاعي ل "البوابة": "القانون كفل كل الحقوق للصحفيين، لكن المشكلة في عدم إدانة أي طرف في حوادث مهنة الصحافة، التي وصلت مؤخرا إلى حد القتل، وتكمن في مرحلة الاستدلال، وهى المرحلة التي تسبق تطبيق القانون عند جمع الأدلة". وأوضح: "مرحلة الاستدلال يقوم فيها ضابط المباحث بجمع كل الأدلة الخاصة بالقضية، المرحلة التي يمكن فيها وبجملة واحدة – لم نتوصل للحقيقة الدافعة لارتكاب الحادث - تأييد القضية ضد مجهول، الأمر الذي يقرره وكيل النيابة لتضيع به كل حقوق الصحفي المعتدي عليه، والتي ينص عليها القانون المصري وبكل وضوح". واختتم الخبير القانوني، قائلا: "مشكلتنا الكبيرة تكمن في جهاز الدولة المنوط به جمع الأدلة، ألا وهو جهاز الشرطة". مسلسل الاعتداء على الصحفيين بدأ بمقتل أحمد محمود المصور الصحفي "بأسبوعية التعاون" إحدى منشورات مؤسسة الأهرام الإعلامية. وتوفي بخيت الذي يبلغ من العمر 39 عامًا وله طفلة وحيدة تبلغ من العمر العاشرة، يوم الجمعة الموافق 5 فبراير 2011 بأحد مستشفيات القاهرة متأثرا بطلقات قناص أصابته أثناء التقاطه صور الاضطرابات من على شرفة بيته بأحد أحياء القاهرة بالقرب من ميدان التحرير يوم 29 يناير 2011، فيما يعد أول صحفي يُقتل منذ اندلاع المظاهرات المطالبة بتنحية الرئيس حسني مبارك. قررت نقابة الصحفيين تخليد اسم أحمد محمود في لوحة تذكارية رخامية، تعلق في مكان بارز داخل نقابة الصحفيين، تشمل صورته وظروف استشهاده، كما تقرر منح اسم المرحوم جائزة الرواد ضمن احتفالات الصحافة وقتها، قيمة الجائزة عشرة آلاف جنيه، كما تقرر منح أسرته معاشا استثنائيا كاملا. وفي يوم 12-12-2012، رَحَلَ الحسيني أبو ضيف، المصور الصحفي بجريدة الفجر، برصاصة في الرأس، ذلك بعد أن ظل لخمسة أيام فاقدًا للوعي، في الاحداث المعروفة إعلاميا باشتباكات "قصر الاتحادية"، التي دارت بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المعزول محمد مرسي بسبب الإعلان الدستوري الذي أصدره الأخير في 21 نوفمبر من عام 2012 ويتضمن تحصينًا لبعض قراراته. لقي أبو ضيف مصرعه في شارع الخليفة المأمون بالجزيرة الوسطى المواجهة لبنزينة on the run بمنطقة مصر الجديدة بالقرب من قصر الاتحادية، بعد منتصف ليل يوم 5 ديسمبر 2012. كان يقف أبو ضيف الذي لم يتخط عامه ال 33 وبجواره صديقه الفنان التشكيلي محمود عبد القادر، حيث كان الأول يعرض للثاني بإعجاب منقطع النظير بعض اللقطات الحصرية التي اقتنصتها كاميرته التي دفع فيها الحسيني كل ما كان يملك تقريبًا. بعد برهة من الوقت، يسمع محمود صديق الحسيني صوتًا غريبًا أشبه بفرقعة مكتومة، يلاحظ توقف الحسيني عن الكلام، الكاميرا تسقط من يده، ويتهاوى على الأرض غارقًا في دمائه، يرتمي عليه محمود صارخًا وطالبًا المساعدة، تختفي الكاميرا التي قتلته. إلى يوم الجمعة الموافق 28 يونيو 2013، الذي شهد وفاة صلاح الدين حسن الذي لقي مصرعه وهو يقوم بتغطيه أحداث بورسعيد عندما حدث انفجار مدوى في مكان الأحداث وانتشر دخان كثيف لم يستمر أكثر من ثوانى معدودة مع حالات كر وفر. الصحفي صلاح الدين حسن كان أول من اصطدم به الجسم الغريب الذي انفجر في وجهه ففصل رأسه عن جسده. لنصل إلى أحمد سمير عاصم، مصور مصري كان يعمل في جريدة الحرية العدالة، قُتل أثناء أحداث الحرس الجمهوري عن عمر 26 عامًا. قُتل عاصم برصاصة في جبهته أثناء تأدية واجبة بتغطية أحداث الحرس الجمهوري، ليكون بذلك رابع شهيد للصحافة منذ ثورة 25 يناير. وبعده بأيام قتل 5 صحفيين ومصورين أثناء تغطيتهم لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ومظاهرات مسجد الفتح التي تلت عملية الفض بثلاثة أيام، وكان من بينهم حبيبة عبد العزيز الصحفية بمجلة "جلف نيوز" والتي كانت تقضي اجازة عيد الفطر في بلدها مصر متواجدة بميدان رابعة العدوية أثناء عمليات الفض. وأحمد عبد الجواد الصحفي بجريدة "الأخبار" مراسل قناة "مصر 25، الذي قتل بميدان رابعة ليلية الفض، وتامر عبد الرؤوف مراسل جريدة الأهرام بالبحيرة، بجانب مقتل مايكل دين وهو مصور شبكة "سكاي نيوز"، والصحفي والمصور بشبكة رصد مصعب الشامي. ليطل عام 2013 لتحتل مصر المركز الثالث عالميا في عدد قتلي الصحفيين بعد سوريا والعراق البلاد الأشد فتكًا بالصحفيين، ذلك مع استشهاد 7 صحفيين في أقل من شهرين من 27 يونيو حتى 20 أغسطس 2013. ونصل اليوم إلى مقتل الصحفية ميادة أشرف ليسجل الحالة العاشرة في قائمة الموتى من الصحفيين منذ 25 يناير حتى الآن.مصدر الخبر : البوابة نيوز