محتمل إصداره أوامر باعتقال نتنياهو.. من هو كريم خان المدعي العام للمحكمة الدولية؟    لليوم الثاني على التوالي.. طلاب النقل بالقاهرة يؤدون امتحانات المواد غير المضافة للمجموع    أسترازينيكا: لقاح كورونا يسبب أثارا جانبية مميتة| فما مصير من تلقي اللقاح؟    "صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024    أسعار اللحوم فى الأسواق اليوم الثلاثاء 30 ابريل 2024    وزير المالية: مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة يؤكد قدرة الاقتصاد المصرى على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية    وزير الري يؤكد أهمية دور البحث العلمي في التعامل مع تحديات المياه    وزير الإسكان: 131 ألف حجز ل1747 قطعة أرض بالطرح الرابع لبرنامج «مسكن»    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    الصحف الكويتية: زيارة أمير الكويت للقاهرة تتويجا للعلاقات الأخوية والتاريخية    مصادر: من المتوقع أن ترد حماس على مقترح صفقة التبادل مساء الغد    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    بسبب ثوران بركان جبل روانج.. إجلاء آلاف الأشخاص وإغلاق مطار دولى بإندونيسيا    أمير الكويت يزور مصر على رأس وفد رسمي رفيع المستوى اليوم    مواعيد مباريات الثلاثاء 30 إبريل - ريال مدريد ضد بايرن.. وكلاسيكو السعودية    موعد مباراة الزمالك القادمة ضد البنك الأهلى فى الدورى والقناة الناقلة    نجم الزمالك: الأهلي سيتوج بدوري أبطال إفريقيا    افتتاح المعرض السنوي لطلاب مدارس التعليم الفني بالقاهرة تحت شعار "ابدع واصنع"    تأجيل محاكمة المتهمين بخطف شاب وإجباره على توقيع وصلات أمانة    الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    مؤسسة ساويرس تقدم منحة مجانية لتدريب بحارة اليخوت في دمياط    "أسترازينيكا" تعترف: آثار جانبية قد تكون مميتة للقاح فيروس كورونا    حسام موافي في ضيافة "مساء dmc" الليلة على قناة dmc    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب شرق تايوان    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    «مصر للصرافة» تجمع حصيلة من العملات تعادل 8 مليارات جنيه    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    بين تقديم بلاغ للنائب العام ودفاعٌ عبر الفيسبوك.. إلي أين تتجه أزمة ميار الببلاوي والشيح محمَّد أبو بكر؟    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاني شادي يكتب من موسكو: ديمقراطية موجهة تترنح وإرهاصات "ربيع روسي" تتجلى
نشر في المشهد يوم 09 - 12 - 2011

منذ أن ظهرت النتائح الأولية للانتخابات البرلمانية في روسيا التي جرت الأحد 4 ديسمبر الجاري والشارع الروسي يموج بتظاهرات ضمت الآلاف احتجاجا على تزوير تلك الانتخابات لصالح الحزب الحاكم (حزب روسيا الموحدة) الذي يتزعمه فلاديمير بوتين.
ففي يومي الاثنين والثلاثاء (5 و6 ديسمبر 2011) شهدت موسكو وبطرسبورج ورستوف ومدن روسية أخرى مظاهرات حاشدة حيث خرج الآلاف يهتفون بسقوط فلاديمير بوتين ويطالبون بإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية.
وتجدر الإشارة أن حزب روسيا الموحدة حصل بصعوبة بالغة على حوالي 50% من أصوات الناخبين بعد عمليات تزوير كبيرة رصدتها الكاميرات وتقارير المراقبين الدوليين من منظمة الأمن والتعاون الأوروبي . وكان هذا الحزب قد حصل في الانتخابات البرلمانية لعام 2007 على 64.3% من أصوات الناخبين وتمتع آنذاك بالأغلبية الدستورية في مجلس الدوما بحصوله على 315 مقعدا من أصل 450 مقعدا هي عدد مقاعد الدوما، غير أن الحزب الحاكم سيُمثل (بعد التزوير) في مجلس الدوما الجديد بحوالي 238 مقعدا فقط، أي سيتمتع بالأغلبية البسيطة وليست الدستورية. وسيصل عدد مقاعد الحزب الشيوعي الروسي الذي جاء في المركز الثاني إلى 92 مقعدا (مقابل 57 مقعدا في 2007) وسيكون لحزب روسيا العادلة (أسسه الكرملين في 2007 لمنافسة الحزب الشيوعي) حوالي 64 مقعدا (مقابل 38 في 2007) وللحزب الليبرالي الديمقراطي (وهو من الموالين للكرملين أيضا) 56 مقعدا (40 مقعدا في انتخابات 2007) .
وتتراوح نسبة التزوير في انتخابات الرابع من ديسمبر بين 15% و25% حسب الكثير من المراقبين. وبدلا من التحقيق في حالات التزوير الفادحة والفاضحة لصالح الحزب الحاكم، هاجم فلاديمير بوتين الولايات المتحدة وحملها مسؤولية اشعال الاحتجاجات في روسيا، واتهم المتظاهرين بالحصول على تمويل خارجي، كما اعتقلت قوات الأمن أكثر من ألف متظاهر.
وبدلا من امتصاص غضب المحتجين أخرج بوتين أنصاره إلى قلب العاصمة الروسية بشعارات تهتف بحياته وبحياة الحزب الحاكم . ويُذكر أن هؤلاء المناصرين لبوتين هم من الشباب الذي تتراوح أعماره بين 14 و20 سنة وينتمي إلى حركتي "ناشي" و "الحرس الفتي". وتقول مصادر المعارضة الروسية إن أنصار بوتين هؤلاء من الطلاب الذين يتمتعون بامتيازات منها الدراسة على حساب الدولة ويحصلون على مرتبات شهرية.
وتستعد موسكو ومدن روسية أخرى لمظاهرات احتجاجية جديدة وكبيرة يوم السبت 10 ديسمبر. وتعكس تلك المظاهرات بشكل واضح أن الاستقرار السياسي الذي حرص على تحقيقه فلاديمير بوتين منذ عام 2000 بدأ يتآكل بسبب احتكار قلة قليلة من النخبة الحاكمة للسلطة السياسية ولمقدرات البلاد الاقتصادية وعوائد النفط والغاز على مدار السنوات العشر الأخيرة. ولذلك ليس من باب الصدفة أن يطالب المحتجون برحيل بوتين وعدم عودته إلى عرش الكرملين من خلال الانتخابات الرئاسية التي ستجري في مارس 2012.
وليس من باب الصدفة أيضا أن يرفع المحتجون شعارات سياسية واضحة المغزى منها "روسيا بدون بوتين" و"بوتين زعيم حزب اللصوص" و"لن نتسامح بعد اليوم". وتكمن مشكلة النظام الذي شكله بوتين منذ ورثه الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين الحكم نهاية التسعينيات من القرن الماضي في ترسيخة لنموذج من الديمقراطية الموجهة يعتمد بدرجة كبيرة على مفهوم "الزعيم الأوحد" الذي يتحكم في كل شيء عبر حاشية تعاونه في بلوغ درجة عالية من السيطرة والتحكم في السياسة والاقتصاد والمجتمع ككل.
ونجح بوتين في بلوغ مثل هذه السيطرة خلال ولايتين رئاسيتين ( 2000 2008) وخلال فترة توليه رئاسة الوزراء منذ 2008 وذلك بفضل الأسعار المرتفعة لتصدير النفط والغاز، وبفضل تقوية السلطة المركزية واخضاع طواغيت المال ووسائل الإعلام وتحويل البرلمان إلى هيئة فنية خاضعة للكرملين عبر سيطرة حزب السلطة عليه (حزب روسيا الموحدة).
ديمقراطية بوتين الموجهة تترنح
إن نظام " الديمقراطية الموجهة " يتضمن بعض الحريات والحقوق التي تُستخدم في الأساس للاستهلاك الخارجي أمام الرأي العام الدولي، وللاستهلاك الداخلي أيضا أمام قوى المعارضة التي يعمل نظام الديمقراطية الموجهة على إضعافها باستمرار. وتختلف الديمقراطية الموجهة عن النظام التسلطي الصريح بأنها مغلفة ببعض مظاهر الديمقراطية الدستورية الحديثة ( الديمقراطية السياسية الليبرالية) حيث تُوجد انتخابات برلمانية ورئاسية ودستور وحرية مُقيدة للتعبير عن الرأي. ففي روسيا، على سبيل المثال، نلاحظ وجود ملامح لحرية التعبير عن الرأي حيث يمكن للجميع الكلام، ولكن في الغرف والقاعات المغلقة. وهذه الحرية غير موجودة عمليا في التلفزيون الرسمي، لكنها موجودة في بعض الصحف وفي الأحاديث الشفهية وبعض الإذاعات. وهذا يرجع إلى أن السلطة تدرك أن مثل هذه الحرية المقيدة للتعبير عن الرأي لن تؤثر كثيرا على الوضع في روسيا ولذلك تسمح بها ( أي حرية التعبير وليس التغيير). وهذا ما يميز روسيا عن أوزبكستان وتركمانيا في الفضاء السوفيتي السابق.
ولكن هذه الحريات المقيدة -في رأي بعض الباحثين الروس- ربما تتشابه مع الوضع الذي كان قائما في مصر نهاية عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. إن نظام "الديمقراطية الموجهة" في روسيا وضع أساسه الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين عندما قصف البرلمان في 1993 بالدبابات وأقر دستورا جديدا يمنحه صلاحيات قصوى في مواجهة السلطة التشريعية، وعندما شاب التزوير الانتخابات الرئاسية لعام 1996 التي فاز بها يلتسين ليستمر لولاية ثانية بمساعدة المال السياسي الملتحم مع السلطة، وأخيرا عندما ورث الحكم لفلاديمير بوتين في نهاية عام 1999. وجاء بوتين ليرسخ الديمقراطية الموجهة في روسيا على مدار السنوات العشر الأخيرة.
وتتنوع التقييمات والآراء حول طبيعة " الديمقراطية الموجهة " في روسيا، فالباحثان الروسيان الكسندر تسيبكو وسيرجي ماركوف ( المؤيدان لبوتين) يعتقدان بأن نظام الديمقراطية الموجهة يتسم بطابع انتقالي ويعتبر حلقة وسطى أو مرحلة وسطى على الطريق من النموذج السوفييتي إلى المجتمع المدني . غير أن الباحث الكسندر ربتسوف يرى أن الديمقراطية الموجهة تعني أساسا الانتقال من الليبرالية إلى نظام شمولي جديد. ويرى الباحث الروسي في معهد علم السياسة المقارن التابع لأكاديمية العلوم الروسية بوريس كاجارليتسكي في مقال بعنوان "الديمقراطية الموجهة" أن النظام الذي تشكل في عهد يلتسين كان يعمل للحفاظ بدرجة كبيرة على "واجهة ديمقراطية" ( إعلام حر نسبيا ونظام تعددية حزبية وانتخابات) بهدف إرضاء الغرب وفي الوقت نفسه عمل هذا النظام للحفاظ على الرقابة والسيطرة الصارمة للكرملين على الوضع السياسي في البلاد.
ويقول كاجارليتسكي: " إذا كان النظام في عهد يلتسين اتسم بالعفوية والفوضى، فإنه على العكس من ذلك كانت لبوتين مصلحة كبيرة في تحقيق درجة قصوى من التحكم في المجتمع من أجل أن تُدار وتُوجه الديمقراطية بشكل دقيق ومحسوب كما هو الحال في النظم الشمولية ".
ويعتقد بعض الباحثين الروس أنه لا يمكن مطابقة النظام السياسي الروسي الحالي بالكامل مع نموذج الديمقراطية الموجهة، إذا فهمنا هذا المصطلح كآلية لتزوير إرادة الناخبين وتوزيع أصواتهم على مرشحي السلطة في الانتخابات. ويعتقد هؤلاء أيضا بوجود انتخابات حقيقية في روسيا ويقولون بأنه لا يمكن تزوير أكثر من 10% من أصوات الناخبين. ولا يتفق مع هذا الرأي فيتالي تريتياكوف الذي يرى أن الديمقراطية الموجهة هي واقع موضوعي وفعلي في روسيا، وأن السلطة تزور الانتخابات وتستخدم الموارد الإدارية والمالية للدولة من أجل ذلك، ويُرجع هذه الحالة في أحد جوانبها إلى سلبية السكان.
عودة بوتين إلى الكرملين والسيناريوهات المحتملة في روسيا
في الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي وأثناء المؤتمر الثاني عشر لحزب "روسيا الموحدة" (حزب السلطة) قرر الرئيس دميتري ميدفيديف عدم الترشح لولاية ثانية واقترح ترشيح بوتين للرئاسة في مارس 2012. وقال ميدفيديف بهذا الشأن: "إن اقتراحي هو قرار مدروس وجرت مناقشته في الفترة التي تشكل فيها تحالفي الرفاقي مع فلاديمير بوتين". وهذا يعني أن الرجلين اتفقا في نهاية عام 2007 عندما ورث بوتين الحكم لميدفيديف على أن يُعيد الثاني السلطة إلى الأول بعد مرور فترة رئاسية واحدة. لقد كان بوتين هو الحاكم الفعلي لروسيا حتى عندما تولى رئاسة الوزراء في مايو 2008 ، ولم يُقدم ميدفيديف على مدار ولايته الرئاسية سوى تعديل الدستور لتمديد فترة حكم رئيس الدولة من أربع إلى ست سنوات تمهيدا لعودة بوتين إلى عرش الكرملين والذي يتكهن الكثيرون بأنه سيستمر في حكم روسيا حتى عام 2024.
إن تبادل الأدوار من جديد بين بوتين وميدفيديف في 2012 اعتبره العديد من الخبراء الروس صدمة كبيرة للمجتمع الروسي لأنه يتجاهل دور الشعب في الاختيار الحر والنزيه أثناء عملية الانتخابات. ووصفت الباحثة الروسية ليليا شيفتسوفا الاتفاق بين ميدفيديف وبوتين على عودة الأخير إلى الكرملين بأنه "سادية" من قبل السلطة في حق الشعب . وقالت: "إن ما حدث يُفقد السلطة الحاكمة شرعيتها لدى الشعب لأن الفريق الحاكم أوضح أنه لا ينوي تداول السلطة مع احد وينوي البقاء في السلطة حتى الموت". وأضافت "أن السلطة في روسيا بتصرفها هذا قد تفتح الطريق لحلول الربيع العربي في روسيا".
أما المنتديات والمدونات الروسية في الانترنت وهي معظمها للشباب ومتوسطي العمر، فسادها الغضب. ولعل أبرز ما قرأته على صفحات هذه المدونات والمنتديات عبارة "من العار علينا أن نعيش في بلد مثل روسيا يتم فيها تبادل السلطة على طريقة بوتين وكأن الشعب مجموعة من الخراف". بجانب ذلك ظهرت في بعض المدن الروسية بعد الإعلان عن عودة بوتين إلى الكرملين في 2012 كتابات على العملة الوطنية الروسية من فئة المئة روبل تقول "إن بوتين زعيم حزب اللصوص والسارقين"، مما اضطر البنك المركزي الروسي للتنبيه على أصحاب المحلات بعدم قبول هذه العملة.
وفي استطلاع للرأي جرى بعد الإعلان عن عودة بوتين إلى عرش الكرملين عبر 22% من الروس عن تفضيلهم الهجرة إلى الغرب -وهذه هي النسبة الأعلى منذ انهيار الاتحاد السوفيتي-، ويبين الاستطلاع أن دوافع الهجرة لدى هؤلاء تتلخص في استشراء الفساد وهيمنة أصحاب الخلفيات والميول الأمنية على الاقتصاد والسياسة والتضييق على حرية الرأي والصحافة وانسداد الأفق في تحقيق الذات. ويعتقد هؤلاء أن روسيا باتت وطنا طاردا للمواهب وللناس ولا يساعد على البقاء فيه أو على العمل والزواج وتنشئة الأطفال.
إن الحالة التي تم بلوغها في عهد بوتين من التأمين شبه الكامل للسلطة من أي مخاطر أو تهديدات فعلية أو محتمله سواء في السياسة أو الاقتصاد يُقيمها بعض الباحثين الروس بأنها أصبحت خطيرة وزائدة عن الحاجة حيث باتت السلطة منفصلة عمليًا عن الشعب والمجتمع في جميع قراراتها . ويرى البعض أن سلطة بوتين يمكن لها من الناحية النظرية أن تواصل السير في نفس الطريق، ولكن هذا لن يضمن لها مواصلة التحكم في المجتمع لأن هذا التحكم سيصل في يوم من الأيام إلى نهايته ويصبح غير فعال في إدارة البلاد.
فهذا التحكم الكبير بدأ يُزعج الشعب بدرجة ما حيث أظهر استطلاع للرأي أن 61% من المستطلعين طالبوا بعودة الانتخابات المباشرة لحكام المناطق المكونة للاتحاد الروسي التي ألغاها بوتين في عام 2004. ويقول البعض في روسيا بأن " الواجهة الديمقراطية الشكلية " بدأت في التصدع وخاصة مع عودة بوتين إلى الكرملين في عام 2012، وبات إصراره هو وفريقه على وصف روسيا بأنها دولة ديمقراطية صعبا.
إن تخفيف هيمنة السلطة على المجتمع في روسيا بدرجة أو بأخرى حاول القيام بها دميتري ميدفيديف خلال رئاسته (2008 2012). ففي بداية عهده حاول ميدفيديف لعب دور " الرئيس صاحب الميول الليبرالية والديمقراطية "، فرفض في تصريحاته المتعددة مصطلح " الديمقراطية السيادية " الذي طرحه فلاديسلاف سوركوف نائب رئيس ديوان الكرملين والمقرب من بوتين، ورفض أيضا مقايضة تحسين مستوى المعيشة بالتخلي عن الديمقراطية. وبات ميدفيديف يستخدم العبارات الليبرالية مثل "الحرية أفضل من غيابها" وينتقد في مقالاته وخطاباته عيوب النظام الروسي الذي تشكل في عهد بوتين، ويتكلم عن الديمقراطية وتداول السلطة. ولكن خطوات ميدفيديف "الديمقراطية" كانت قليلة للغاية حسب الكثير من المراقبين الروس. ونتيجة "للنغمة الليبرالية" في تصريحات ميدفيديف، وضع الغرب والقوى الديمقراطية في روسيا آمالا عريضة عليه، ووصفوا رئاسته "بعهد إذابة الجليد" على غرار فترة حكم الزعيم السوفييتي السابق نيكيتا خرشوف.
ولكن كل هذا ذهب أدراج الرياح أثناء المؤتمر الثاني عشر لحزب السلطة "روسيا الموحدة" في الرابع والعشرين من سبتمبر 2011 عندما أعلن ميدفيديف بنفسه ترشيح بوتين للرئاسة في 2012 . موقف ميدفيديف هذا أفقده المصداقية لدى قطاعات مهمة في المجتمع الروسي وبدأ الشباب على وجه الخصوص في الانترنت يصفه بالضعيف والمستسلم . وفي أثناء لقاء لميدفيديف مع طلبة كلية الصحافة بجامعة موسكو في 20/10/2011 ألقت الشرطة القبض على عدد من طلاب هذه الكلية رفعوا لافتات كُتب عليها "هل أخذت يا ميدفيديف الإذن من بوتين قبل أن تأتي إلينا".
ويرى العديد من الباحثين الروس أن أزمة نظام الديمقراطية الموجهة الذي رسخه بوتين في روسيا حتمية، ويعتبرون أن السيناريو "المرجو" هو إحداث "ثورة من أعلى" عن طريق التفكيك الواعي والمنظم للنظام القائم والانتقال إلى الديمقراطية الحقيقية. وبشكل عام يرى البعض أن السيناريو الأول المحتمل هو الانتقال الناجح إلى ديمقراطية تداول السلطة بشكل حقيقي، وهو ما يتطلب تفكيك النظام القائم. أما السيناريو الثاني فيتعلق بمرور روسيا بدورة جديدة من حكم بوتين المتأزم. عندما سيعود بوتين إلى الكرملين في 2012 ستكون روسيا غير روسيا التي ورثها لدميتري ميدفيديف في عام 2008. فالوضع الاقتصادي سيكون أكثر تعقيدًا وخاصة إذا تراجعت أسعار النفط والغاز وتواصل هروب رؤوس الأموال. فقد فقدت روسيا في عام 2011 وحده حوالي 50 مليار دولار خرجت منها بسبب الخوف وعدم اليقين والأزمة الاقتصادية العالمية. وفي حال تراجع أسعار النفط العالمية سيتواصل عجز ميزانية الدولة في روسيا والذي عاد إلى الظهور مع الأزمة العالمية بعد أن كانت ميزانية الدولة تحقق فائضا خلال السنوات السابقة.
بجانب ذلك لم يتمكن بوتين أو ميدفيديف من تخفيف حدة استشراء الفساد في البلاد والذي يؤثر سلبا على مزاج المواطنين الذين باتوا يشعرون بالانزعاج الشديد من المحسوبية. ففي نهاية عام 2010 وحسب تصنيف منظمة الشفافية العالمية كانت روسيا في مركز متقدم بين دول العالم التي يستشري فيها الفساد حيث احتلت المركز 154 من أصل 178 دولة بجوار الكونغو. فتزاوج السلطة والمال (وهو أحد مصادر الفساد) لا يتجلى في سيطرة رجال بوتين على القطاعات الأساسية للاقتصاد الروسي وحسب، وإنما يتجلى أيضا في احتلال أبناء الوزراء والمسؤولين الكبار مناصب مهمة في الشركات والمؤسسات المالية الكبرى في روسيا.
في نفس الوقت بات المواطن الروسي يضيق ذرعا من التضييق على حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى. وفي هذا الشأن يقول بافيل جوسيف رئيس لجنة المجلس الاجتماعي الروسي لشئون السياسة الإعلامية وحرية التعبير: "إن أكثر من 150 صحفيا روسيا تعرضوا للمضايقات والتهديدات والضرب خلال الأشهر العشرة الأخيرة من عام 2011 بسبب مقالات كتبوها عن استشراء الفساد في البلاد". ومن جانبها تؤكد اللجنة الدولية لحماية الصحفيين أن روسيا شغلت المرتبة الخامسة من حيث مقتل الصحفيين بسبب نشاطهم المهني في عام 2010. وبالرغم من أن البرلمان الروسي أقر مؤخرا تعديلات قانونية تشدد العقوبات على مرتكبي الاعتداءات على الصحفيين في روسيا ، إلا أن حرية التعبير لا تزال في خطر حيث تُفرض على الصحافة في روسيا الكثير من الخطوط الحمراء.
علاوة على ذلك فإن المجتمع الروسي خلال السنوات الأربع الأخيرة بدأ في استخدام الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي على نطاق ملحوظ حيث بلغ عدد المستخدمين للشبكة العنكبوتية في 2010 حوالي 40 مليون مواطن روسي، وربما سيتزايد هذا التوجه في السنوات القادمة. ويبدو أن استعداد قسم كبير من المواطنين الروس للتضحية بحرياتهم المدنية والديمقراطية مقابل تحسين مستوى معيشتهم على وشك الانتهاء.
في ضوء ما سبق يُطرح سؤال هام بشأن ماذا يمكن أن يقدم بوتين للمجتمع الروسي بعد عودته إلى عرش الكرملين من جديد؟ يرى البعض أنه قد يقوم بإصلاحات جديدة من "أعلى"، كالعادة ، ويُطلق أصحاب هذا الرأي على هذا الاحتمال "سيناريو ستوليبين" رئيس الحكومة الروسية بين عامي 1906 و191. ففي يوليو 2011 تذكر بوتين رئيس الحكومة الروسية القيصرية بيوتر ستوليبين بمناسبة الاحتفال بمرور 150 سنة على مولده . ووصف بوتين أثناء هذه الاحتفالية ستوليبين بالسياسي الوطني الحكيم الذي خدم روسيا في ظل ظروف صعبة للغاية حيث بادر بإجراء الإصلاح الزراعي وطور شبكة السكك الحديدية وعمل على تنمية سيبيريا. ومن المعروف أن القيصر نيكولاي الثاني عين ستوليبين رئيسا للحكومة الروسية في وضع سياسي صعب في روسيا بعد ثورة 1905 وكان عليه أن يتصدى لأي ثورة أو هزات اجتماعية جديدة. وتقول بعض المصادر الروسية إن ستوليبين كان يتسم بالقسوة الشديدة مع الثوريين والحركات الثورية التي كانت قائمة وقتذاك. ولكن هل يمكن لبوتين أن يقوم بإصلاحات جديدة في الاقتصاد وفي نفس الوقت يُبقي سيطرته الصارمة على النظام السياسي؟ يرى البعض أن هذا سيتوقف بدرجة كبيرة على ما إذا كانت هذه الإصلاحات ستؤدي إلى تحسين فعلي لمستوى معيشة قطاعات واسعة من السكان. ومع الأخذ في الحسبان أن بوتين والمقربين منه يسيطرون على المفاتيح الرئيسية للاقتصاد، فان أي إصلاحات مستقبلية ستكون مقيدة. وهذا يعني أن بوتين بدرجة أو بأخرى هو أسير النظام الذي أسسه بنفسه، أي أنه لا يستطيع تغيير النظام.
وتجدر الإشارة أن ستوليبين انتهى بشكل مفجع حيث قُتل في سبتمبر 1911 قبل ست سنوات تقريبا من ثورة 1917 والحرب الأهلية في روسيا . بجانب ذلك يتصور البعض أن بوتين بعد عودته إلى الكرملين قد يقتفي من جديد نموذج يوري أندروبوف الذي تولى رئاسة ال "كي جي بي" لفترة طويلة وتولى قيادة الاتحاد السوفييتي في مطلع الثمانينات لمدة 15 شهرا. ولا يخفي بوتين إعجابه بيوري أندروبوف، فبعد أن أصبح رئيسا رسميا في مارس 2000، أعطى تعليمات للاحتفاء بذكرى اندروبوف بشكل سنوي. ومن المعروف أن أندروبوف بعد وفاة بريجنيف شرع في تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الإدارية والاقتصادية من " أعلى " دون المساس بالنظام السياسي . وتركزت إصلاحات أندروبوف في الأساس على محاربة الفساد . وكان يرى ضرورة السيطرة بقوة على النظام السياسي وقيادة الدولة للاقتصاد عبر دور أساسي لجهاز ال "كي جي بي". ويعتبر بوتين والمقربون منه أن الفترة القصيرة التي تولى فيها أندروبوف زعامة الدولة السوفييتية كانت فترة عظيمة . ويعتقدون بأنه إذا ظل أندروبوف لفترة أطول على قيد الحياة، لقام بتحديث الاتحاد السوفيتي باستخدام نموذج من آليات السوق يشبه النموذج الصيني.
وتقول الباحثة الروسية أولجا كريشتانوفسكايا: "إن بوتين وحاشيته يعتقدون بأن أندروبوف كان عبقريا وكان يمكن أن ينجز إصلاحات هامة". وتضيف أن رجال الاستخبارات في روسيا ومنهم بوتين يعتبرون النموذج الصيني الذي اكتفى بالإصلاحات الاقتصادية دون الإصلاحات السياسية مثالا يُحتذى به. ويعتبر باحثون روس أن الفترة الأولى لبوتين في الكرملين (2000 2008) كانت محاولة لإعادة إحياء نموذج أندروبوف في ظل ظروف مغايرة تعيشها روسيا.
بعد الإعلان عن عودة بوتين إلى الكرملين والاحتمال الكبير لاستمراره في رئاسة روسيا حتى عام 2024، ظهرت في الانترنت عبر المدونات والمنتديات الروسية وفي صفوف بعض الباحثين الروس تكهنات باحتمال إصابة روسيا بنوع من الركود على غرار فترة حكم ليونيد بريجنيف للاتحاد السوفيتي. وبعبارة أخرى يفترض البعض أن عودة بوتين إلى الكرملين من جديد ستجعل روسيا تتحول إلى ما يسمى ب"سيناريو بريجنيف". وتستند هذه التكهنات إلى أن استمرار بوتين في الحكم لفترة جديدة طويلة قد يزيد من ميل النخبة الحاكمة نحو النزعة المحافظة بسبب إيمانها بأنها لن تُزاح عن السلطة لأن زعيمها موجود وسيستمر على الدوام. وإذا استمر بوتين في الحكم حتى عام 2024 سيكون بذلك قد حكم روسيا كرئيس لمدة 20 عاما، وإذا أضفنا الأعوام الأربعة التي تولى فيها رئاسة الوزراء ( 2008 2012 ) سيكون قد حكم روسيا لمدة 24 عاما. وهي مدة اقل قليلا من مدة حكم ستالين (30 سنة) وأطول من مدة حكم بريجنيف ( 18 سنة ).
من السيناريوهات الأخرى المطروحة على الساحة الروسية حاليا سيناريو " الربيع الروسي " على غرار الربيع العربي. فمنذ ثورة الورود في جورجيا (2003) والثورة البرتقالية في أوكرانيا (2004) والسلطة في روسيا يُطاردها شبح الخوف من تكرار نفس المصير عبر الاحتجاجات الشعبية . وزادت هذه المخاوف أكثر بسبب ثورات الربيع العربي . ولذلك جربت السلطة في روسيا الكثير من الأساليب لتجنب مثل هذه النهاية عبر شن حملة إعلامية على الثورات الملونة وثورات الربيع العربي من خلال التركيز على أن هذه الثورات ممولة من الخارج وقامت بفعل الغرب وأجهزة المخابرات الغربية . ولكن البعض لا يستبعد أن تتزايد الاحتجاجات الشعبية في روسيا مستقبلا إذا أخذنا في الحسبان أن إيرادات الدولة من بيع النفط والغاز باتت أقل من المستوى الضروري لتوازن الميزانية التي تعاني من العجز منذ 2008، وهذا بالطبع سيؤدي إلى تراجع شعبية بوتين في المستقبل ووضعه أمام خيارات صعبة . وتبدو الأوضاع في روسيا مرشحة للمزيد من التوتر حيث يرفض المتظاهرون ومعظمهم من الشباب عودة بوتين إلى الحكم من جديد في مارس 2012. ويتكهن مراقبون باستمرار المظاهرات في روسيا خلال الشهور القادمة وحتى موعد الانتخابات الرئاسية ( مارس 2012) للمطالبة بانتخابات شفافة ونزيهة وللانتقال إلى ديمقراطية حقيقية لتداول السلطة ونظام عادل لتوزيع الدخول والثروات بدلا من نظام تصل فيه الفجوة بين الأغنياء والفقراء إلى أكثر من عشرين مرة ويستشري فيه الفساد وتتحكم فيه السلطة في العملية الانتخابية.
إن ما جرى في روسيا خلال العشرين سنة الأخيرة من تأسيس وترسيخ لنظام "الديمقراطية الموجهة" واحتكار السلطة وخاصة السلطة الرئاسية لصالح قلة قليلة من مجموعات المصالح وتبادل هذه السلطة في حدود ضيقة عن طريق "توريث" الحكم من يلتسين إلى بوتين وبعد ذلك إلى ميدفيديف ثم عودة بوتين من جديد إلى الكرملين يمكن أن يتكرر في دول أخرى ومنها مصر بعد ثورة 25 يناير التي لم تُكتمل، ولذلك يصفها البعض بأنها أكثر من انتفاضة وأقل من ثورة. فبناء الدولة المدنية الديمقراطية في مصر يمكن أن يُصبح معرضا للانتقال إلى نموذج الديمقراطية الموجهة الذي يميل بطبيعته نحو تقييد الحريات والانفراد بالسلطة وتحويل المواطنين إلى مجرد ناخبين يذهبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار ما ترغب فيه السلطة الحاكمة. ويمكن أن يتم ذلك تحت حجج كثيرة منها الحاجة إلى الاستقرار ووقف الفوضى والتصدي إلى ما يسمى بالمؤامرات الخارجية والمندسين. ونود هنا التشديد على أن عملية التحول الديمقراطي في حد ذاتها لا تعني بأي حال من الأحوال الانتقال الفعلي إلى الديمقراطية . ولذلك نرى ضرورة ملحة لاستمرار المد الثوري الذي خلقته ثورة 25 يناير لتطوير منظومة "رباعية الأبعاد" تتضمن الديمقراطية المباشرة عبر الشارع والديمقراطية الاجتماعية والديمقراطية الاقتصادية والديمقراطية الدستورية الحديثة خاصة في ظل الأزمة التي تشهدها الدول الرأسمالية المتقدمة ومظاهرات "وول ستريت" وكثير من الدول الأوروبية.
وإذا كانت تلك المظاهرات تحتج في الأساس على غياب العدالة الاجتماعية والوضع الاقتصادي المتردي والفساد المتمثل في تحالف السلطة العليا والاحتكارات الكبيرة، إلا أنها، في رأينا، تعكس أيضا مدى عجز الديمقراطية السياسية الليبرالية في التعبير عن مصالح قطاعات واسعة من الناخبين حيث اتضح أن نواب البرلمانات في الدول الرأسمالية المتقدمة لا يعبرون عن طموحات الناخبين الذين منحوهم أصواتهم.
ويبدو أن المنظومة الرباعية الأبعاد التي أشرنا إليها أعلاه لا تحتاجها مصر وثورات الربيع العربي وحدها بل والعالم أجمع بدوله المتقدمة وغير المتقدمة بشرط عدم الانزلاق إلى نموذج الديمقراطية الموجهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.