محمد صلاح: مدافعو الزمالك هم من جاملوا نهضة بركان وليس الحكم    برشلونة يعزز موقعه في وصافة الدوري الإسباني بثنائية أمام ألميريا    فاروق جعفر: واثق في قدرة لاعبي الزمالك على التتويج بالكونفدرالية.. والمباراة لن تكون سهلة    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    بعد ارتفاع عيار 21.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالصاغة (تحديث الآن)    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    مدارس النصيرات بغزة في مرمى نيران الاحتلال ووقوع شهداء    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو في محافظات مصر    سيد عبد الحفيظ ل أحمد سليمان: عايزين زيزو وفتوح في الأهلي (فيديو)    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا.. ويجب تدخل وزرارة الرياضة والرابطة    لمدة خمس أيام احذر من هذه الموجة شديدة الحرارة    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    محافظ جنوب سيناء ووزيرة البيئة يوقعان بروتوكول أعمال تطوير مدخل منطقة أبو جالوم بنويبع    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    حسين الشحات : نحترم تاريخ الترجي ولكننا نلعب على الفوز دائما    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    بعد ساعات من انتشار الفيديو، ضبط بلطجي الإسماعيلية والأمن يكشف ملابسات الواقعة    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    فتحي عبد الوهاب وهاني خليفة أبرز المكرمين.. صور    للرجال على طريقة «البيت بيتي».. أفضل طرق للتعامل مع الزوجة المادية    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    انقسام إسرائيلي حول غزة يعقد سيناريوهات إنهاء الحرب    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوتين وميدفيديف يتفقان علي تبادل المناصب تحقيقا لما يطلق عليه «الديمقراطية علي الطريقة الروسية»
نشر في القاهرة يوم 04 - 10 - 2011

استمرارا للعبة الكراسي السياسية الدائرة بين الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين، كشف الرئيس عن "اتفاق" تم بينهما، يعود بمقتضاه بوتين لتولي منصب رئيس البلاد عبر انتخابات الرئاسة المقبلة في مارس 2012، علي أن يطرح اسم ميدفيديف لصدارة قائمة مرشحي حزب الوحدة الروسية، أي الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية المرتقبة في الرابع من ديسمبر المقبل، تمهيدا للاضطلاع بمسئولية تشكيل الحكومة المقبلة. وفي الإطار، كشف ميدفيديف أن تبادل المناصب المزمع تنفيذه بينه وبين رئيس الحكومة فلاديمير بوتين، جري الاتفاق عليه منذ عام 2007، حينما تشكل "التحالف الرفاقي" بين الرجلين ومنذ أن طلب بوتين منه أن يحل محله في منصب الرئاسة، علي أن يشغل هو منصب رئاسة الحكومة، مما يعني عزم بوتين التمهيد لعودته مجددا إلي الكرملين، لمواصلة تنفيذ ما بدأه من مشروعات تحديث الدولة، ودعم "الديمقراطية" في روسيا، وبما يخدم أهداف هذا الاتفاق، فقد تم تغيير الدستور ورفع مدة الرئاسة من أربع إلي ست سنوات، وهو ما يتيح لبوتين الاستمرار علي قمة السلطة حتي عام 2024. كان بوتين قد أعلن في مايو الماضي البدء في تشكيل "الجبهة الشعبية لعموم روسيا" كإطار عام يضم أعضاء الحزب الحاكم وكل القوي السياسية والحركات والأحزاب والمنظمات النقابية والطلابية وقدامي المحاربين، بينما اتجه الكرملين للإعلان عن تشكيل الحزب اليميني تحت اسم " القضية العادلة " بإيعاذ من ميدفيديف، ليكون بمثابة معارضة مستأنسة في صيغة الحكم القائم في روسيا. عودة بوتين بعد الإعلان عن عودة بوتين مجددا إلي عرش الكرملين فإن المشهد الروسي يثير التساؤلات حول ردود الفعل الداخلية والشعبية في هذا الصدد. والحقيقة أن تطورا مهما علي هذا النحو يتعلق بمستقبل الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية ومستقبل روسيا عموما، لم يثر أي اهتمام حقيقي علي صعيد الداخل الروسي، اللهم إلا مظاهرة محدودة شارك فيها نحو 300 شخص سارت في وسط موسكو، ورفع البعض لافتات منها من طالب برحيل بوتين، ومنها من وصف الانتخابات المقبلة بأنها ليست أكثر من " مهزلة ". وبالرغم من أن بعض التكهنات ذهبت إلي وجود معارضة مكتومة غير راضية عن قرار عودة بوتين، إلا أن مصادر روسية أكدت أن هذا الإعلان في حقيقته لا يعني أي تغيير في المشهد الروسي عموما لأن بوتين، حتي وهو رئيس الوزراء، ظل هو مركز النظام السياسي ومحوره الرئيسي، وكان ميدفيديف مجرد واجهة لتنفيذ سياسات بوتين وتوجيهاته. ومع ذلك، فلم يخل المشهد الروسي الداخلي من تعبيرات صريحة تستنكر خطوة عودة بوتين إلي السلطة، حيث انتقد وزير المالية الكسي كودرين السيناريو المرتقب بين بوتين وميدفيدف، مؤكدا أنه لا يستطيع العمل تحت رئاسة ميدفيديف ووفق توجيهاته الاقتصادية التي من شأنها الإضرار بالاقتصاد الروسي وزيادة الاعتماد علي النفط والغاز وهما المصدر الرئيسي لموارد روسيا، ثم تصاعد الموقف وطلب منه الرئيس الروسي تقديم استقالته، وقد كان. وجاء ذلك وسط انقسام في الرأي بين مؤيدي عودة بوتين ومعارضيه. فمن ناحية، رأي مساعد الإدارة الرئاسية ومنظر النظام الروسي فلاديسلاف سوركوف أن روسيا لن تشهد أي تغييرجذري خلال السنوات المقبلة خلال رئاسة بوتين، لكن مستشار ميدفيديف للشئون الاقتصادية اركادي دفوركوفيتش أعرب عن "خيبة أمله" إزاء خطوة عودة بوتين إلي سدة الرئاسة، وقال آخر رئيس للاتحاد السوفييتي السابق ميخائيل جورباتشوف )80 سنة (ان سنوات الرئاسة الست، ستكون وقتا ضائعا بالنسبة لروسيا لأن اهتمام الرئيس المقبل يتركز فقط علي مصلحته الشخصية والاستئثار بالسلطة، بينما صرح المتحدث باسم بوتين بكلمات حاسمة وصريحة بأنه "إذا كان هناك من لا يرضيه الخيارات الاستراتيجية للثنائي، فليس عليه سوي الرحيل وترك الساحة ". وأيا كان الأمر، فإن الإعلان عن عودة بوتين للكرملين أثارت جدلا داخليا وخارجيا، واعتبر البعض أن تجربة السنوات الأخيرة أظهرت أن بوتين وميدفيديف اتبعا سياسات منسقة ومتوافقة، ولم تحدث خلافات حقيقية بينهما سياسيا أو اقتصاديا، بغض النظر عن الفاعل الحقيقي وراء هذه السياسات. ومما يذكر أنه في عام 2007، اختارت مجلة تايم الأمريكية بوتين ليكون شخصية العام، بالرغم مما أثاره هذا الاختيار من انتقادات في الأوساط الغربية. بوتين.. والنظام منذ عام 2008، وتولي ميدفيديف (46 سنة) منصب الرئاسة، فإن الرئيس الروسي يظهر كنموذج لرجل الحداثة والمشجع للتكنولوجيا الحديثة، بينما لم يستطع بوتين الخروج من صورة رجل المخابرات والضابط السابق في ال«كي جي بي» وتختلف الآراء حول فلاديمير بوتين )58 سنة )، غير أن دوائر وجهات عديدة تعتبره منقذ روسيا الحديثة، ومنتشلها من الرمال المتحركة التي كادت تغوص فيها في أعقاب الحقبة السوفييتية علي مدار سنوات، حيث تمكن بوتين من إحكام سيطرته علي السلطة بغض النظر عن المنصب الذي يتولاه، بدءا من أروقة الجهاز الاستخباراتي «كي جي بي»، ثم اختياره لرئاسة المؤسسة الاستخباراتية الجديدة «إف إس بي» ثم رئاسة الوزراء، ثم تولي رئاسة الدولة بعد استقالة الرئيس المنتخب بوريس يلتسين في عام 2000، ليستمر بوتين مهيمنا علي الشأن الروسي عبر فترتين رئاسيتين، إلي أن توصل لاتفاقه مع ديمتري ميدفيديف في 2008 ليبدأ الطرفان لعبة تبادل منصبي رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء بالتناوب، مما يعني ضرب مبدأ المنافسة الديمقراطية في الصميم. وفي متابعة تطورات النظام السياسي الروسي وما تنطوي عليه سياسات كل من بوتين ومدفيديف يلاحظ التطابق في سياسات الطرفين، وهو ما تبدي خلال المؤتمر السنوي لحزب "روسيا المتحدة" الحاكم والذي يرأسه بوتين، والذي شهد عقده مؤخرا أعلي درجة من التوافق بين الرجلين، خاصة أن الحزب يهيمن علي مجمل مفاصل الحياة السياسية في روسيا، مما دفع الكثيرين لتوقع سهولة عودة بوتين للكريملين، خاصة أنه حتي المعارضة الليبرالية الصغيرة نسبيا أبدت ترحيبها لمقترح ترشيح بوتين لمنصب الرئاسة خلال انتخابات مارس 2012. وفيما يدلل علي "التوافق السياسي" المتفق عليه في أروقة السلطة في روسيا خلال المرحلة القادمة، فإن الرئيس ميدفيديف يعتزم رعاية الحزب الذي يمثل مصالح اليمين الليبرالي في روسيا، لذلك أبدي رغبته في تخفيض عتبة الفوز في الانتخابات البرلمانية القادمة من 7 % حاليا إلي 5 % أو حتي 3 %، حتي يتمكن مرشحو حزب "القضية اليمينية" من دخول مجلس النواب )الدوما (الجديد. وبينما يتردد أن رئيس الدولة ميدفيديف ينحاز لمن يشغل موقع يمين الوسط علي الطيف السياسي، فإن رئيس الحكومة فلاديمير بوتين يفضل من يشغل موقع يسار الوسط، ولكن دون أن يعني ذلك بحال من الأحوال وجود فوارق عميقة بين الاثنين، مما دفع الكثيرين للتأكيد علي أن النظام السياسي في روسيا حاليا يتمتع بدرجة عالية من "الاستقرار السياسي". وكان المؤتمر العام لحزب اليمين الروسي "القضية اليمينية" قد وافق مؤخرا علي تعيين رجل الأعمال ميخائيل بروخوروف رئيسا للحزب، وفي أعقاب ذلك، أكد بروخوروف أن حزبه لم يعد معارضا، بل أصبح حزبا يمثل مصالح السلطة ويدافع عنها، ويمثل الحزب مصالح الليبراليين الذين كانوا قد نسبوا أنفسهم للمعارضة سابقا، بعد أن فشلوا في إدخال مرشحيهم إلي مجلس الدوما في الانتخابات التي أجريت قبل أربعة أعوام، وهاهم يؤكدون حاليا أنهم حزب السلطة. في الوقت نفسه، أعلن النائب الأول لرئيس الحكومة الروسية فيكتور زوبكوف أن 38 مليون شخص من القطاع الزراعي وهم يمثلون حوالي ربع مجموع السكان في روسيا قد انضموا إلي " الجبهة الشعبية " التي يقودها رئيس الحكومة فلاديمير بوتين، وذلك وسط توقعات بأن ذلك سيمكن السلطة من فوز مرشحيها في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في ديسمبر القادم. وهنا لابد من أن نتفهم أهمية التصريح الذي أدلي به زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي الروسي فلاديمير جيرونوفسكي بأن حزبه قادر علي الحصول علي نسبة 30 % من الأصوات في الانتخابات القادمة، علما بأن الحزب كان واحدا من أربعة أحزاب دخلت مجلس الدوما وهي : حزب روسيا الموحدة، والحزب الشيوعي الروسي، والحزب الليبرالي الديمقراطي، وحزب روسيا العادلة. وتشير التوقعات إلي احتمال فوز حزب السلطة روسيا الموحدة بنحو 42 % من الأصوات، والحزب الليبرالي الديمقراطي بحوالي 9 % من الأصوات، بينما تتراوح نسب حزبي روسيا العادلة و الشيوعي بين 5 10 %، ومع ذلك يؤكد زعيم الحزب الشيوعي الروسي جينادي زيوجانوف أنه يثق في الفوز علي حزب روسيا الموحدة، مشيرا إلي علامات الهبوط في شعبية حزب السلطة، وشعبية بوتين نفسه والتي لا تزيد علي 43 % لأنه كما يري زيوجانوف لايري سوي مصالحه الشخصية، ويغلبها علي مصالحة الدولة والشعب، ولذلك فإنه لن يستطيع إخراج روسيا من وضعها الحالي. كما يدخل في إطار التوقعات احتمال دخول مرشح ثالث في انتخابات الرئاسة القادمة، ويعتقد أنه سيكون النائب الأول لرئيس الحكومة إيجور شوفالوف، وبالرغم من السيناريو المحكم الذي رسمه ثعلب روسيا «بوتين» فإن بعض القوة المحتملة لدي المرشح الجديد قد تقلب الصورة في روسيا لاحقا رأسا علي عقب. روسيا.. القوة الكامنة كثيرة هي الآراء التي تثمن "الانجازات" التي حققها بوتين لروسيا، خاصة في السنوات الأولي لتوليه منصب رئيس الدولة 2000 2004، وفي مقدمة هذه الانجازات تعزيز السلطة المركزية، وتحقيق درجة عالية من النمو الاقتصادي، فبلغ النمو في الناتج المحلي الإجمالي 7 % سنويا، وانخفض معدل التضخم والبطالة، وارتفع الدخل الحقيقي للمواطنين بحوالي 50 % وتمكنت الحكومة من تسديد ديون خارجية بلغت 50 ملياراً، كما وصل الاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي إلي رقم قياسي وهو 84 مليار دولار، وانتعش الاقتصاد الروسي، مما أثار طموحات وآمال بعودة روسيا إلي مركز القوي العظمي والمؤثرة علي الساحة العالمية. وأيا كان الأمر، فروسيا تعتبر من قبيل القوي العظمي من حيث ما تتمتع به من موارد ومصادر القوة، ففي مجال الطاقة تعتبر روسيا من الدول الغنية، وبها الاحتياطيات الأكبر من الغاز الطبيعي، وثامن أكبر احتياطي من النفط في العالم، وثاني أكبر احتياطي من الفحم، كما أن روسيا هي ثالث أكبر منتج للكهرباء، وخامس أكبر منتج للكهرباء المتجددة لتطور انتاجها من الطاقة الكهرومائية ومحطاتها في الجزء الآسيوي في سيبيريا، هذا، فضلا عن انتاجها من الطاقة النووية المدنية، وهي رابع أكبر منتج للطاقة النووية عالميا، وينتظر زيادتها إلي 23 % مع حلول عام 2020. هذا، فضلا عن الموارد الأخري مثل الحديد والنيكل والألماس والفوسفات والفضة والرصاص والذهب والأخشاب، وتساهم الصادرات من الموارد الطبيعية بحوالي 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المعروف أن روسيا تمتلك قدرات تصنيعية مميزة في مجالات صناعات الفضاء والهندسة النووية والعلوم. وتعتبر روسيا أحد أكبر عشر اقتصادات في العالم، ووصل معدل النمو بين عامي 2000 2008 إلي 7 %، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد 840. 19 في عام 2010، وارتفع متوسط الراتب السنوي من 80 دولاراً في عام 2000 إلي 640 دولاراً في 2008، وبلغت نسبة البطالة في روسيا 12 % في 1999 انخفضت إلي 6 % في 2007، وزاد حجم الطبقة المتوسطة في روسيا إلي 55 مليون نسمة من أصل عدد السكان البالغ حوالي 145 مليون نسمة، لذلك تحتل روسيا المرتبة السابعة عالميا من حيث عدد السكان، ويعيش في موسكو 12 مليون نسمة، وقد قامت الحكومة برعاية برنامج لزيادة عدد السكان وتشجيع الأسر علي الإنجاب بتقديم إغراءات مالية واجتماعية. ولا يخفي هنا أهمية مخزون الأسلحة النووية في روسيا، وما تمتلكه من مصانع السلاح، وأقمار التجسس، وأسطول غواصات الصواريخ الباليستسة، وقاذفات القنابل الاستراتيجية الحديثة، وسلاح للدبابات يعتبر من أقوي أسلحة الدبابات عالميا، وقد بلغ قوام الجيش الروسي في 2006 مليون و 37 ألف فرد في الخدمة العسكرية الفعلية. روسيا.. والعالم في العاصمة الأمريكية واشنطن يدور التساؤل حاليا عن احتمالات تغير العلاقات الأمريكية الروسية بعد خروج ميدفيديف من منصب الرئاسة وعودة بوتين مجددا إلي قصر الكرملين. ويثير البعض في واشنطن مشاعر استياء وترقب عن مستقبل هذه العلاقات بعد أن تمكن كل من الرئيس الأمريكي
أوباما والرئيس الروسي ميدفيديف من بناء علاقات وثيقة، علي مدي سنوات رئاسة ميدفيديف، وهي العلاقات التي تجاوزت الرسميات إلي مستوي ممتاز من الثقة والدفء، مكنتهما من التسلل من البيت الأبيض لتناول الهامبورجر سرا في أحد المطاعم. ويعلق باحث أمريكي بأن أوباما وميدفيديف، استندت علاقتهما علي ميزة أنهما شابان، وتعود خلفيتهما إلي العمل بالمحاماة، كما أنهما من جيل التكنوقراط، والتكنولوجيا والتويتر والفيس بوك، بينما تغلب علي بوتين، من وجهة نظر الأمريكيين، أنه من جيل سابق، ومن قدامي السوفييت، ورجل ال (كي جي بي) في عصر تنافس القوتين العظميين : الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في سياق سنوات الحرب الباردة. من هنا يعرب تومي فيتر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي عن قلقه مشيرا إلي أنه خلال السنوات السابقة، تمكنت أمريكا من تعميق العلاقات مع المؤسسات الروسية والشعب الروسي ورئيسه. وكانت الدولتان قد وقعا في إبريل 2010 معاهدة ستارت 2 لخفض الأسلحة الاستراتيجية في ترسانتيهما، واعتبرت المعاهدة دليل جديد علي الثقة المتبادلة بين الجانبين. كذلك شهدت الفترة السابقة استعدادا روسيا للتعاون ظهر جليا في السماح بمرور ما يصل إلي 50% من امدادات الحرب الأمريكية في أفغانستان، فضلا عن عدم تعويق فرض العقوبات الدولية علي إيران في مجلس الأمن، وتسهيل التحالف الدولي أثناء حرب الناتو علي ليبيا. غير أن اتجاها آخر يظهر في مجال التحليل الأمريكي لمستقبل العلاقات الأمريكية الروسية علي أساس أن جوهر هذه العلاقات يستند أساسا علي عنصر المصلحة الوطنية العليا لكل دولة أكثر مما يعود إلي عنصر العلاقات الرئاسية الشخصية، مهما كانت أهمية هذه الأخيرة. فضلا عن ذلك، فإنه من غير الممكن القول بأن بوتين كان بعيدا عن السياسة الخارجية لروسيا في الأعوام الماضية، حيث لم يغب الرجل عن دائرة صنع القرارت العليا، حتي وهو يتولي منصب رئيس الحكومة، ما يدل علي أن بوتين ربما كان راعيا لنوعية العلاقات الوثيقة بين واشنطن وموسكو خلال هذه الفترة. ولكن علي الجانب الآخر، وبالرجوع إلي نظرة الجمهوريين الأمريكيين إلي بوتين علي أنه في النهاية رجل مخابرات روسي، وانتقاداتهم لسجل حقوق الإنسان وانتهاكات حريات التعبير في روسيا، وانتشار الفساد السياسي والمالي هناك، وعلي خلفية المتاعب التي تنتظر أوباما بسبب تصاعد الأزمة الاقتصادية وعدم تحقيق نتائج مجدية لحل الأزمة، وانخفاض شعبية أوباما لهذا السبب، فإنه لذلك كله لا تتوقع دوائر أمريكية سنوات أخري من العلاقات الوثيقة بين الرئيسين أوباما وبوتين، أو علي الأقل فإنها ستكون علاقات رسمية باردة. وتعتبر العلاقات الأمريكية الروسية عموما معقدة للغاية منذ سنوات الحرب الباردة عندما كانت الدولتان تتعاملان من موقع القوة العظمي علي قدم المساواة. ولكن بعد تفكك الاتحاد السوفييتي منذ تسعينات القرن الماضي، أصبحت الولايات المتحدة هي القطب الأعظم الوحيد علي الساحة الدولية، ما قلل من مركز الدولة الأخري التي أصبحت تعامل علي أنها دولة قوية. وعندما تولي بوتين السلطة في روسيا انتقد هيمنة الولايات المتحدة علي العالم بصورة منفردة، ورد عليه وزير الدفاع الأمريكي بأن اتهامه مجرد كلام فظ من جاسوس سابق، ولكن علاقات الطرفين عموما استمرت شبه عادية. وبالرغم من أن بوتين صرح في بداية توليه السلطة أنه لن يتبع المسار الأوروبي أو الأمريكي وأنه سيسعي لبعث " الروح الروسية " فإنه قام بزيارة للولايات المتحدة في 2001 وصدر بيان مشترك عن مباحثاته مع بوش، حيث أكدا علي تجاوز مخلفات الحرب الباردة نهائيا، وفي زيارة بوش لموسكو في 2002 وقع الجانبان بيانا مشتركا حول تخفيض قوات الهجوم الاستراتيجي للدولتين. وعبر هذه العلاقات، لم تتوقف الانتقادات الأمريكية لسياسة بوتين غير الإيجابية في مجال التطور الديمقراطي، واتهامه بمحاولة العودة بروسيا إلي عصر الاتحاد السوفييتي الشمولي وتطبيق الحكم الفردي، وبينما كانت الولايات المتحدة تحاول اقناع روسيا بتبني القيم الأمريكية، كان بوتين يحاول النهوض بالدولة الروسية وإقالتها من عثرتها عبر تأمين الوحدة الوطنية، ودعم النمو الاقتصادي، وكسب الأصدقاء، وتقليل الأعداء. ومع أن السنوات الأخيرة شهدت محاولات روسية للعودة إلي الجذور الأوروبية، فقد سعت موسكو لتوسيع علاقاتها مع أقطاب آسيويين آخرين، ورفع مستوي الشراكة والتعاون مع كل من الصين والهند، ما أثار اهتمام الولايات المتحدة، وبرغم ذلك، وقع الجانبان الأمريكي والروسي علي آلية تعاون ثنائي حول الأمن الاستراتيجي في 2006، ولكن ظل السؤال الأساسي ماثلا وهو : هل يمكن أن يصل الجانبان إلي آلية تعاون سياسي واستراتيجي قوية فيما بينهما ؟ وهل تمثل عودة بوتين المرتقبة إلي الكرملين تحولا في مسار العلاقات بين روسيا والعالم، وخاصة مع الولايات المتحدة ؟ ولتحري بعض التكهنات في هذا الصدد يمكن الإشارة إلي عدة تطورات : 1- منذ أيام، قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما تمديد العمل بقانون للحد من التجارة مع الدول التي تشكل خطورة علي الولايات المتحدة، وقد تقرر ضم روسيا إلي هذه الدول، لحملها علي التخلي عن تصدير اليورانيوم العالي التخصيب. 2 - حتي الآن، تتعثر مباحثات الجانبين الأمريكي والروسي حول مشروع الدرع الصاروخي الأمريكي في أوروبا، ويشكو الجانب الروسي من تجاهل واشنطن للتحفظات الروسية في هذا الصدد. ويقول وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن مشروع الدرع الصاروخي ليس من مشروعات الناتو ولكنه مشروع أمريكي أساسا، ويمكن قبوله إذا كان يتم في إطار قاعدة الأمن المتكافئ، ولكن أمريكا والناتو لم يقدما أية ضمانات علي أن المشروع الصاروخي لا يقصد به الأمن الروسي. 3- في سبتمبر 2010 طرح زعيما روسيا والصين مبادرة مشتركة للتعاون الأمني بينهما فيما أطلق عليه " تنسيق البنية الشاملة للأمن والتعاون " بناء علي المبادئ القانونية غير المرتبطة بأحلاف سياسية أو عسكرية. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت مصادر إيرانية اتفاق كل من روسيا والصين وإيران علي إقامة مشروع للدرع الصاروخي فيما بينها، ردا علي مشروع الدرع الصاروخي الأمريكي بعد أن اقتنعت روسيا والصين أنه يستهدف أمن البلدين. وقد نفي مندوب روسيا لدي حلف الناتو دميتري روجوزين هذه الأنباء جملة وتفصيلا مؤكدا أن بلاده لن تتوصل إلي اتفاق كهذا إلا إذا كانت هذه الدول تملك التقنية العالية المناسبة له، وأن إيران دولة جارة لروسيا وشريكا جيدا، ولكنها ليست حليفا استراتيجيا لموسكو. مستقبل روسيا من المثير أن الرئيس المرتقب فلاديمير بوتين تحدث في مؤتمر حزب " روسيا الموحدة " الذي يرأسه مطالبا بما أسماه " تغيير نفسية المجتمع الروسي " في إشارة إلي طريقة مكافحة الفساد الإداري المستشري في الحكومة والإدارة علي نطاق واسع. وفي الأفق المستقبلي تحدث بوتين عن حقوق الإنسان، وضرورة إصلاح نظام القضاء، ومكافحة الفساد، وحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وأكد بوتين علي أن السلطة يجب أن تكون مستعدة لتقديم " الدواء المر " إلي المجتمع، وأن العلاج يكون عن طريق الحوار، وليس عن طريق الهراوة والغاز المسيل للدموع. كما ركز بوتين علي ضرورة وصول نهضة روسيا اقتصاديا إلي آفاق جديدة بنمو يصل إلي 7 % وعزمه العمل علي إعادة تسليح القوات المسلحة وتحديثها خلال من 5 10 سنوات. ويبقي السؤال : هل يكفي توافر حسن النية لتغيير الواقع وحل المشاكل وتحويل روسيا إلي دولة قوية ومزدهرة لتعود إلي سابق عهدها كقوة عظمي علي الساحة العالمية ؟ وللإجابة علي هذا السؤال يتعين الإشارة إلي نقطة مهمة مؤداها أن من يتحدث عن نخبة الحكم في روسيا علي مدي السنوات الأربع الماضية كان يشير إلي " الثنائي الحاكم " في إشارة إلي ثنائية الحكم بين ميدفيديف وبوتين، ما يعني أن مؤشرات الواقع الحالي، هي بطريقة أو بأخري من ثمار ونتائج عمل بوتين، أي أنه مسئول عنها بحكم كونه رئيسا للحكومة علنا، والمحرك الحقيقي الخفي للسياسة الروسية في جميع المجالات داخليا وخارجيا. وبناء عليه، لابد هنا من الربط بين الواقع والمأمول في الشأن الروسي، بمعني، هل تعود روسيا في ظل رئاسة بوتين الجديدة إلي سابق عهدها مما أطلق عليه " المعجزة الاقتصادية " في فترة رئاسته السابقة ؟ إن العودة إلي حقائق هذه الفترة تفرض إعادة ترتيب الأحداث لتبين أصلها، ذلك أن ما تحقق من مؤشرات اقتصادية جيدة آنذاك كان في حقيقته نتيجة لبعض الإصلاحات الاقتصادية التي نفذها الرئيس السابق بوريس يلتسين، بالإضافة إلي زيادة أسعار النفط، ما حقق طفرة مالية عادت نتيجتها علي المجال الاقتصادي وتحسين الدخول. وهنا لابد من طرح التساؤل : لماذا لم يستمر التحسن في الواقع الاقتصادي والاجتماعي في روسيا ؟ إن المشكلات الحالية تتفاقم بصورة خطيرة، فعدد المواطنين الذين تقل دخولهم عن الحد الأدني للمعيشة زاد خلال 2010 بمليون شخص، وفقد نصف مليون شخص وظائفهم، ووصل عدد العاطلين عن العمل في العام الماضي إلي 6 ملايين، وانخفض حجم الاستثمارات الأجنبية بنسبة تزيد علي 40 %، واحتلت روسيا المكانة رقم 120 في تصنيف الدول الجاذبة للبيزنيس، وتضاعفت مشكلات سوء الإدارة والفساد والجرائم الاقتصادية، وتراجعت روسيا بشدة في مجال الأبحاث العلمية، وهاجر خارج البلاد في الفترة السابقة حوالي 168 من أفضل العلماء والباحثين. وتمثل مشكلة الفساد أحد معاول الهدم في روسيا لأنه ينتشر بصورة رئيسية في أعلي مراتب السلطة، وفي المشروعات العامة التي تتصل بالبنية التحتية تصل الرشاوي إلي 50 90 %، وبالنتيجة يصل معدل انحسار سوق الأسهم مقارنة بالبرازيل إلي 45 %، وأدت تدخلات بوتين في قطاع الأعمال الخاصة إلي نتائج كارثية، ولا تتم محاسبة المسئولين عن الفساد، ويصف البعض المؤسسات القانونية في روسيا بأن ممارساتها تقترب من " المهزلة ". وفي محاولة لاستكشاف الآفاق المستقبلية لروسيا، أصدر" معهد التطور المعاصر" الروسي تقريرا مهما بعنوان " روسيا القرن الواحد والعشرين.. صورة الغد المنشود " تناول فيه سبل إصلاح وتغيير الواقع في روسيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وفي مقدمة مقترحات هذا التقرير جاءت حتمية إصلاح النظام السياسي في روسيا بما في ذلك تغيير النظام الحزبي، وقوانين الانتخابات، والتحديث السياسي والاقتصادي الشامل، وتغيير هيكلية الدوائر الأمنية. أما في مجال السياسة الخارجية، فقد تحدث التقرير عن أهمية سعي روسيا للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي، وضرورة الالتحاق بالعضوية الكاملة لحلف الأطلنطي، شريطة تحول تركيز هذا الحلف من المجال العسكري البحت إلي صورة الحلف السياسي المتطور.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.