رئيس جامعة المنصورة يتفقد أعمال تجديد المدرجات بكلية الحقوق    إهداء درع معلومات الوزراء إلى رئيس جامعة القاهرة    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    5 تعليمات صارمة من وزارة النقل لسائقي القطارات والعاملين بالسكك الحديدية    رئيس الرقابة المالية: الانتهاء من المتطلبات التشريعية لإصدار قانون التأمين الموحد    تجارية القاهرة: مساندة رئيس الوزراء للشباب ورواد الأعمال رسالة واضحة لدعم الاقتصاد القومي    جيش الاحتلال الإسرائيلي: إصابة 44 جنديا وضابطا في معارك غزة    جمال علام يمثل اتحاد الكرة في نهائي الكونفدرالية بين الزمالك ونهضة بركان    فأل حسن.. مَن حَكَم مباراة الأهلي والترجي التونسي في دوري أبطال أفريقيا؟    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    التحقيق في اتهام دار مسنين بتعذيب عجوز وإصابته في السلام    مصرع شاب غرقا خلال السباحة فى ترعة بمنطقة البياضية شرق الأقصر    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري.. صور    انتهاء تصوير فيلم «اللعب مع العيال».. والعرض في عيد الأضحى    فرقة قنا القومية تقدم العرض المسرحي المريد ضمن عروض الموسم المسرحي في جنوب الصعيد    طلاب مدرسة التربية الفكرية بالشرقية في زيارة لمتحف تل بسطا    جوائز مهرجان لبنان السينمائي.. فوز فيلم "الفا بات" بجائزة أفضل فيلم روائي    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    تعرف على الجهات الطبية المستثناة من قانون المنشآت الصحية    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية مجانا في قرية أبو سيدهم بمركز سمالوط    أسرة طالبة دهس سباق الجرارات بالمنوفية: أبوها "شقيان ومتغرب علشانها"    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح أنواع صدقة التطوع    "علشان متبقاش بطيخة قرعة".. عوض تاج الدين يكشف أهمية الفحوصات النفسية قبل الزواج    إعلام إسرائيلي: اغتيال عزمى أبو دقة أحد عناصر حماس خلال عملية عسكرية في غزة    «شعبة المصدرين»: ربط دعم الصادرات بزيادة المكون المحلي يشجع على فتح مصانع جديدة    خالد عباس: إنشاء وإدارة مرافق العاصمة الإدارية عبر شراكات واستثمارات عالمية    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    مصادر أوكرانية: مقتل 4 وإصابة 8 في هجوم جوي روسي على خاركيف    هالة السعيد: 4 مليارات جنيه استثمارات لمحافظة قنا بخطة عام 23/2024    «متحدث الصحة»: 5 نصائح هامة للحماية من مضاعفات موجة الطقس الحار (تفاصيل)    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    وزارة الإسكان تخطط لإنشاء شركة بالشراكة مع القطاع الخاص لتنشيط الإيجارات    رئيس الأغلبية البرلمانية يعلن موافقته على قانون المنشآت الصحية    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    موعد انعقاد لجنة قيد الصحفيين تحت التمرين    الجوازات والهجرة تواصل تسهيل خدماتها للمواطنين    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    أكبر مدن أمريكا تفتقد إلى الأمان .. 264 ألف قضية و4 آلاف اعتداء جسدى ضد النساء    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    «خطيرة».. صدمة في الأهلي بسبب إصابة علي معلول قبل الإياب أمام الترجي    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زعيم المعارضة الوفدية يتهم «صدقي» بجرجره رئيس نيابة الصحافة إلي دور الصحف لكي يصادرها
نشر في القاهرة يوم 26 - 06 - 2012

زعيم المعارضة الوفدية يتهم «صدقي» بجرجره رئيس نيابة الصحافة إلي دور الصحف لكي يصادرها أو يشطب منها ما تريد الحكومة شطبه انتهي «صبري أبوعلم» من شرح استجوابته، بعد أن فضح خطة «إسماعيل صدقي» للعودة إلي استغلال من مواد قانون العقوبات لتطبيق ذلك المادة 15 من الدستور 1923، ومن بينها المادة 198 التي تجيز لرجال الضبطية القضائية الصحيفة إذا ارتكبت أي جريمة من جرائم النشر، أن يصادرها وهي لا تزال في المطبعة، أو يساومونها لحذف ما اعتبرته الحكومة مخالفة للقانون، حتي يمنح لها بالصدور، وهو ما اعتبره «صبري أبوعلم» رقابة «إدارية مستقلة» أو رقابة منعية علي الصحف تخالف نص الدستور.. الذي حظي في صدر المادة 15 منه فرض الرقابة علي الصحف أو مصادرتها أو تعطيلها بالطريق الإداري، مستندا في ذلك إلي أن جريمة النشر لا تقع إلاّ باتمام طبع الصحيفة وتوزيعها علي الجمهور، وبالتالي لا يجوز للسلطة الإدارية، أو للنيابية العامة أن تصادرها أو أن تحذف منها شيئا، وهي لا تزال بين جدران المطبعة التي طبعتها وفي رده علي الاستجواب اشهد «إسماعيل صدقي باشا» - رئيس مجلس الوزراء- حديثه بالتأكيد علي أن حكومته «تكفل حرية الرأي وتبيح لكل إنسان حق التعبير بحرية تامة عن أفكاره وآرائه عن طريق الصحافة وأنها تقدر الصحافة حق قدرها، وتري فيها نبراسا يوجه الشعور القومي إلي الأهداف الوطنية الصحيحة والآراء القومية السليمة لا فارق بين مؤيد منها ومعارض» مشددا علي أن «الصحافة حرة طليقة، وأن الرقابة علي الصحف قبل ظهورها محظورة، وأنه لا سبيل إلي الحد من حرية الصحافة. لكن هذا كله ، مشروط - كما استطرد «صدقي باشا» يقول - ب«عدم المساس بالحماية التي كفلها الشارع لجميع المواطنين ، طبقا للمادة 14 من الدستور كفلت حرية الرأي في حدود القانون»، ومشروط - كذلك بأن يكون رائد الصحافة فيما تنشره هو «المصلحة الوطنية دون سواها» وأن الحد من حرية الصحافة وارد «إذا استخدمت للإضرار بسلامة الدولة أو بالمصلحة العامة أو بحقوق الأفراد الآخرين، طبقا للقيود الواردة». ونفي «صدقي» أن تكون حكومته قد ضاقت بالنقد، مستشهدا علي ذلك بأن الصحف - بما في ذلك صحف المعارضة - تصدر تباعا آمنة مطمئنة «لأنها تعرف كيف تفرق في كتابتها بين المشروع والممنوع» علي عكس صحف أخري «دأبت علي تجاوز نطاق النقد المباح وأمعنت في التعرض لبعض الشخصيات، وانزلقت إلي تيار المهاترات وأخيرا وصل بها الحال إلي أخطر المواطن، حيث سمحت لنفسها بالعمل علي استغلال الشعور الحزبي لإثارة القلاقل والفتن وزعزعة الطمأنينة وتكدير السلم العام إلي غير ذلك مما حرمه الشارع علي الصحف وغيرها، بمقتضي النصوص الواردة في الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات». وفي رده علي تفسير «صبري أبو علم» للمادة 198 من قانون العقوبات، أكد أنه لا توجد هناك مصادرة «منظمة» أو «منعية» للصحف الوفدية وأن الحكومة تركت هذه الصحف تؤدي رسالتها ورسالة حزبها وكتابها وتجاوزت عما ورد فيها من أمور غير مشروعة، وأن وقائع المصادرة المنظمة التي استشهد بها زعيم المفاوضة الوفدية في استجوابه لا تتجاوز 6 أعداد من الصحف الوفدية خلال الفترة بين 22 فبراير و9 مارس 1946 منها أربعة أعداد من جريدة «الوفد المصري» وطبعة ثانية من جريدة «البلاغ».. وطبعه من جريدة «المصري» وأن هذه الصحف هي التي «تتحمل وحدها وزر ما حصل لأنها هي التي اختارت لنفسها ذلك الوضع بما ولجته من أمور فيها أشد الخطورة علي سلامة الدولة والأمن والنظام العام فيها». وفي تدليله علي أن الرقابة التي فرضت علي الصحف الوفدية، هي «رقابة قضائية لاحقة»، وليست «رقابة إدارية سابقة» وتقيده لما قاله «صبري أبو علم» بشأن إحاطة أفراد من الشرطة ومعهم أعضاء من النيابة العامة بدور الصحف ومنعها من الصدور إذا لم ترض الحكومة عما فيها، قال رئيس الوزراء: - ليس أبلغ في الرد علي هذا من الوقائع المادية التي تقطع في أن المصادرة التي لحقت بالصحف المذكورة إنما تمت لا بعد خروج نسخ الجريدة خارج المطبعة فحسب، بل بعد وصولها فعلا إلي الأقاليم للبيع والتوزيع. وهذه «الوقائع المادية» - كما استطرد «صدقي» يقول - تكشف عن أن 220 نسخة من عدد جريدة «الوفد المصري» الصادر في 22 فبراير قد صودرت بمعرفة مديرية أمن الغربية، كما صودرت 91 نسخة بمعرفة مديرية الشرقية ، و هي وقائع تكشف كذلك - عن أن عدد 25 فبراير من الجريدة ذاتها قد صودرت منه 417 نسخة في مديرية الغربية و99 نسخة في مديرية الشرقية و194 نسخة في مديرية بني سويف، بينما صودرت 296 نسخة من عدد الجريدة الصادر في 9 مارس .. في مديرية الغربية .. وهو ما دفع رئيس الوزراء ليتساءل: فهل يمكن أن يقال بعد هذا أن الصحف تمنع من الصدور من المطبعة إذا لم ترض الحكومة عما فيها؟ وأي اعتراض بعد هذا يمكن أن يؤخذ علي إيجاد بعض رجال البوليس علي مقربة من دور الطباعة احتياطا لمنع ما عساه أن يقع مخالفا للمرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات أو بالمخالفة لأحكام قانون العقوبات، طالما أن الوقائع المادية قد قطعت علي أنه لم يصدر منهم أي انتهاك لحرمة تلك الدور ولا منع أعداد الجريدة فعلا من الصدور. وبعد أن اعترف «صدقي» بأن أعداد الصحف الوفدية موضوع الاستجواب، قد صودرت ولكن لا لسبب نقد غير مباح، ولا لحماية شخص من الأشخاص إنما دعت إليه ضرورة وطنية ملحة هي الاحتفاظ بسلامة الدولة وأمنها الواجب تأمينه وعلي الأخص هذه الأيام، ذكَّر «صبري أبوعلم» بأن حكومات الوفد كانت تتبع السياسة ذاتها حين تكون في الحكم حتي أنها ما كادت تتولي الحكم في 30 سبتمبر 1937 حتي عادت إلي تطبيق المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 1929 الخاص بحفظ النظام في معاهد التعليم - وهو القانون الذي صدر في عهد وزارة «اليد الحديدية» التي كان يرأسها «محمود محمد باشا» - وأن الحكومة الوفدية التالية لها - المعروفة بوزارة 4 فبراير 1942- أصدرت في 24 أكتوبر 1942 أمرا عسكريا رقم 341 بتشديد أحكام المرسوم بقانون الخاص بحفظ النظام في معاهد التعليم وبمعاقبة كل طالب ينقطع عن معاهد التعليم أو يشترك في الاحتجاجات السياسية.. وهو الأمر الذي تحول بعد ذلك إلي قانون عام 1945 .. في عهد حكومة أحمد ماهر. بل إن «صبري أبو علم» نفسه عندما كان وزيرا للعدل في حكومة الوفد، وقف أمام مجلس الشيوخ في 28 أبريل 1943، ليقول تعليقا علي استجواب عن الرقابة علي الصحف «إن الحكومة والمضطلعين بالمسئولية يعلمون عنها مالا يعلمه البعيدون عن مركز المسئولية مما يدبّر في الخفاء وغير الخفاء». وكان العضو الوحيد الذي طلب الكلمة لمناقشة الاستجواب، هو «عبدالرحمن الرافعي بك» الذي طالب بالعودة إلي الأصل الذي قام عليه الاستجواب وهو «هل يجوز للسلطة التنفيذية أن تراقب الصحف وتمنع صدورها ، إذا رأت فيها محل مؤاخذة أو رأت أن فيها ما يهدد سلامة الدولة أو المحافظة علي الأمن العام؟»، وفي رده علي هذا السؤال ذهب إلي أنه «ما دام الدستور منع الرقابة علي الصحف ومنع مصادرتها، فيجب ألا تلجأ الحكومة إلي وسيلة من هذا النوع إلا في حدود القانون». وأيد «عبدالرحمن الرافعي» وجهة نظر مقدم الاستجواب، في أن المادة 198 من قانون العقوبات لا تبيح للسلطة التنفيذية أن تراقب أو تصادر المطبوعات وهي في مهدها وقال إن الوقائع التي ذكرها «صبري أبو علم» تؤكد أن «المراقبة جرت والصحف تحرر والمصادرة وقعت قبل أن تخرج الجريدة من دارها ومن مطبعتها». ورد عليه «صدقي» قائلاً بأن المراقبة والمصادرة وقعتا بعد أن «أعدت» الصحيفة، وأن الجريمة تقع طالما أن «إعداد» الجريدة قد تم، بينما أصر «الرافعي» - وسانده «صبري أبو علم» -علي أن المادة 198 تتحدث عن «وسيلة من وسائل العلانية» ومعني ذلك أن المصادرة لا تجوز إلا إذا طرحت الجريدة للتوزيع بالفعل، إذ قبل ذلك لا يمكن أن يقال إن الجريمة قد وقعت. ونبه «عبدالرحمن الرافعي» إلي أن المسألة المطروحة ليست مسألة المحافظة علي سلامة الدولة، أو النظام العام، أو المصلحة العامة، بل المسألة هي: هل للصحافة حرمة وحرية بحيث إن الصحفي يستطيع أن يعبر عن رأيه ولو كان مخالفا لرأي الحكومة ولنظرياتها أم لا؟ وأضاف «الرافعي» أن التعلل بحماية سلامة الدولة ضد الخطر والمحافظة علي النظام العام والأمن العام لفرض الرقابة علي الصحف، هو الذي أضاع حرية الصحافة في مختلف العصور وأن مناط تحديد ما هو خطر علي سلامة الدولة والنظام العام، هو القانون وهو القضاء واستطرد يقول: العبرة -يا حضرات الزملاء - ليست بمواد القانون ، وإنما العبرة بروح القانون وبالتطبيق، فالشارع عندما وضع المادة 198 من قانون العقوبات لم يرد أن يضع في يد الحكومة سلطة الرقابة علي الصحف لأنها منافية للدستور وإنما وضع هذه المادة ليعطي النيابة عند اللزوم الحق في مصادرة المطبوع الذي تري أن فيه جريمة من الجرائم يجب منع نشرها، وهذا ما أراده القانون، ولم يرد القانون أن يجعل من النيابة جزءا من السلطة التنفيذية كالإدارة والبوليس. لا لم يرد هذا مطلقا لأن النيابة العمومية ليست إلا هيئة قضائية منفصلة عن السلطة التنفيذية، والسلطة التنفيذية لا يصح لها أن تضع وكيل النيابة في دار جريدة من الجرائد بجانب رجل البوليس ليراقب الجريدة، فيتحري رأي الوزارة في هل تنشر المقالة أم لا؟ وينتظر إلي أن يتلقي من الوزارة التعليمات، ثم يصدر أمره لا - يا حضرات الزملاء - النيابة قوامة علي القانون وهي هيئة قضائية كالقضاء علي سواء فلا يجوز مطلقا عندما نريد أن نطبق المادة 198 أن نجعل النيابة جزءا من السلطة التنفيذية لأن هذا يتعارض مع روح القانون والاستقلال الواجب لهيئة النيابة العامة وللقضاء. قلت لحضراتكم أن العبرة بالتطبيق، فإذا قامت حكومة وكررت تطبيق المادة 198 وجعلتها حالة عادية ، فليس في هذا ما يتفق مع روح القانون هذا هو الفارق بيني وبين وجهة نظر الحكومة، الوزارة تقول مادامت هناك مادة ، فلها أن تطبقها ، لكم هذا ولكن طبقوها في حدود روح القانون يجب أن نرجع إلي روح القانون وإلي قصد الشارع حتي لا نتخطي قصد القانون لأنكم إذا تخطيتم قصد الشارع في وضع المادة 198، فكأنكم خالفتم رأي الشارع، أي خالفتم القانون. لذلك - ياحضرات الزملاء - أنا لا أشاطر الحكومة رأيها في استخدام المادة 198 من قانون العقوبات بالطريقة التي تتبعها ولا أشاطرها أيضا رأيها في تطبيق المادة 193 الخاصة بحظر نشر أانباء التحقيقات التي تجريها النيابة. وجاءت إشارة «عبدالرحمن الرافعي» إلي دور للنيابة العامة في مصادرة الصحف الوفدية ، لتسلط الضوء إلي كلمات عابرة وردت علي لسان «محمد صبري أبو علم» في سياق شرحه لوقائع الاستجواب، تشير إلي دور من هذا النوع تلعبه النيابة بالافراط في إصدار قرارات بحظر النشر في بعض ما تجريه من تحقيقات، ثم استخدام ذلك في مصادرة الصحف التي تخرق قرارات حظر النشر ، وهو ما فتح الباب لمناقشة حول هذا الدور ، بدأت في أعقاب تعليق لرئيس الوزراء علي اعتراض «عبدالرحمن الرافعي» علي تطبيق الحكومة للمادة 193 الخاصة بحظر نشر أنباء التحقيقات التي تجريها النيابة لتحتد المناقشة بينهما ويتدخل فيها «صبري أبو علم» فيذيع تفاصيل جديدة عن هذه الواقعة وطبقا لما ورد في مضبطة الجلسة - التي عقدت في 11 مارس 1946- فقد جرت المناقشة علي النحو التالي: حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): هذا - أي إصدار قرار بحظر النشر في التحقيقات ومصادرة الصحف التي تخرقه- من عمل النيابة ، لا من عمل السلطة التنفيذية والنيابة لها أن تطبق القانون كما تري. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك : ولكن الحكومة هي التي تطالبا النيابة بذلك، ومن باب الذوق تجيب النيابة طلبها. الرئيس ( د. محمد حسين هيكل باشا): يجب أن يكون معروفا أن النيابة هيئة قضائية. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): النيابة لها مطلق الحرية فيما تطبق، وأرجو أن تتعرض في كلامك لي كما تشاء ولكن لا تتعرض للنيابة ولا للقضاء بأي شيء. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: أنا أجل النيابة وأقدر عملها، وأحب أن تصان النيابة بقدسية وبضمانات لتؤدي رسالتها العامة ولا أقول أكثر من هذا وبناء علي ذلك، أرجو من دولة رئيس الحكومة ، وعندي ثقة تامة أنه يقدر المسائل
حق قدرها، أن يطبق المادة 198 في أضيق نطاق، وأن يترك للصحافة الحرية حتي إذا ما بدر منها ما يستوجب المسئولية، لجأ إلي القضاء لا إلي وسائل المنع وهذا كل ما أقوله ( تصفيق من اليسار). حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبو علم باشا : حضرات الشيوخ المحترمين سمعت الآن وأنا بجوار صاحب الدولة «إسماعيل صدقي باشا» - رئيس مجلس الوزراء - غضبة لأن حضرة الشيخ المحترم «عبدالرحمن الرافعي بك» - أراد أن يشير إلي أن النيابة استخدمت سلطتها في تطبيق المادة 193 بواسطة السلطة التنفيذية. قال دولة «صدقي باشا» إن النيابة سلطة قضائية، حقيقة كنا نرجو أن يكون هذا هو اعتبار النيابة في نظر الحكومة الحاضرة، إذا كانت النيابة سلطة قضائية تبلغ عن الحوادث التي تقع، فمن الذي زحزح النيابة عن مركزها القضائي وأتي بها إلي الشوارع والحارات لتراقب الصحف. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا (وزير المعارف العمومية): هذا تعريض بالنيابة لا يجوز. حضر الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: أرجو معالي الوزير أن ينكر الواقع إن استطاع، أما أن تساق النيابة بواسطة الحكومة إلي أن تنزل عن سلطتها القضائية وتحشر مع رجال البوليس علي أبواب الصحف، فهذا ما كنت أرجو أن تتورع عنه الحكومة. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): هل انتقل أحد من حضرات وكلاء النيابة إلي دور الصحف لمراقبتها؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: نعم، فإن الأستاذ «محمد أمين حماد» - وكيل النيابة المكلف بالتحقيق مع الصحفيين - انتقل إلي دور صحف «البلاغ» و«المصري» و«الوفد المصري» وراقبها. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): هل ذهب حضرته محققا أم رقيبا؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: لم يذهب محققا، ولكنه ذهب لكي يستعان به في إصدار الأمر بمصادرتها، وإني أتحدي الحكومة أن تنكر هنا في هذا المجلس أن الأستاذ «محمد أمين حماد» وكيل النيابة أرسل بواسطة الحكومة إلي دور الصحف لمراقبتها، وإصدار الأمر بمصادرتها عند اللزوم، إذا استطاع معالي وزير العدل أن ينكر هذه الواقعة وأنا أثق بشرفه، فإني متنازل عنها. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا (وزير المعارف العمومية): أيلقي حضرة الشيخ المحترم التهم جزافا، ثم يطالب الحكومة بإنكارها ليتنازل عنها؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: أنا يا سيدي لا ألقي التهم جزافا، وما دفعكم لمقاطعتي إلا أنكم ووجهتم بالحقائق ففزعتم. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا (وزير المعارف العمومية): هذا غير جائز. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: أنا لا أسمح لمعالي وزير المعارف بمقاطعتي، وإني لأتحدي الحكومة أن تعلن في هذا المجلس الموقر أن وكيل النيابة لم ينتقل ليلا وفي المساء إلي دار جريدة «البلاغ» لمراقبتها، اتحداها أن تنكر هذا فإذا أنكرت فإن عندي الأدلة القاطعة التي تثبت صدق ما أقول، وأطلب إلي المجلس إجراء تحقيق، ويكفيني أن يسأل وكيل النيابة ، أما أن يقال إن الحكومة حريصة علي سلطة النيابة كهيئة قضائية، ثم تعمل لإنزال هذه السلطة من عرشها القضائي لتحشر مع العساكر ورجال الإدارة لمراقبة الصحف، فهذا ما لا نقبله للنيابة. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا (وزير المعارف العمومية): هذا إلقاء للتهم جزافا علي القضاء حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: قدمت استجوابي وما قدمته عفوا، وإنما سبقته وقائع، قال «صدقي باشا» إني قدمته يوم 9 مارس 1946. نم، قدمته يوم9 مارس 1946 لأن أحداثا جساما رجت البلاد من أولها إلي آخرها إذ منعت الصحف الصباحية الوفدية من الصدور، لقد لجأ دولة «صدقي باشا» إلي نقل الاستجواب من موضعه، فبدلا من أن يأتي هنا ويدافع إذا شاء عن حرية الصحافة ويتفق معنا علي جعل الدستور حكما بيننا وبينه، جاء يردد بعض ما قيل إنه نشر في الصحف الوفدية المصادرة. ما جئت هنا لأدافع عما نشر، فبعضه قد يكون موضع تحقيق النيابة ومن المجازفة أن يأتي رئيس الحكومة إلي هذه المنصة ليناقش، ويقرر أن هناك تهما خاصة بكيت وكيت والأمر في يد النيابة، إنني تورعت عن هذا، ولم أشأ أن أجعل المواضيع المنشورة محل عرض علي المجلس، وهي الآن كما يقولون بيد السلطة القضائية، امتنعت ولعل رئيس الوزراء كان أولي مني بهذا حتي لا يكون لبعض الأقوال التي تلقي من فوق هذه المنصة ما يوجه التيارات يمينا وشمالا، ودولته يعلم أنه رجل مسئول وأنه رئيس الحكومة. نقلت المناقشة عن موضوعها وما جئت لأدافع عن صحيفة أو مقالة، فليس هنا مجاله، وإنما مجاله دور المحاكم، جئت لأدافع عن حرية الصحافة، وهي فوق كل صحيفة. إن الذي يفسر المادة 198 علي هذا الأسلوب الذي سمعناه من الحكومة يعطي الدرس لغيره أو لنفسه حتي يطبق هذه المادة التي إن أصابت المعارضة اليوم، فقد تصيب غير المعارضة غدا، وإنما وضعت نفسي وهذا المجلس موضع الحكم للدفاع عن حرية الصحافة التي تؤخذ بالمصادرات وبالرقابة المنعية، أما الجرائم التي يظن دولته أنها ترتكب فأمرها ليس بيدنا ولا بيده، وإنما أمرها يجب أن يكون للقضاء. أنا لا يهولني أن يفسر دولته بعض الأقوال علي أنها ماسة بالأفق العام وكل متحدث باسم السلطة التنفيذية يستطيع أن يصنع مثل هذه الأقوال، أقصد بالاصطناع التأويل والتفسير علي هذا الوجه، فيأتي ليعلن أنه يري فيها كيت وكيت، ولكن الدستور حين أعلن أن الرقابة المنعية ممنوعة قصد ما وضعت الألفاظ من أجله، فإذا أبحنا للسلطة التنفيذية أن تراقب الصحف في دورها ومطابعها... حضرة صاحب الدولة «إسماعيل صدقي باشا» (رئيس مجلس الوزراء): لم ترد علي جميع ما قلت، وأنا لم أصادر جريدة إلا بعد أن أعدت للتوزيع. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: يقول دولة «صدقي باشا» إنه صادر صحفا أعدت للتوزيع، فهل لي أن أتساءل هل البضاعة الموجودة في مخازن التجار المغلقة تعد معروضة للبيع مثلا، أم أنها لا تعتبر كذلك إلا إذا عرضت علي الجمهور في المحلات المفتوحة له؟ حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): كل ما في الصحف معد للبيع. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: سمعت من دولة «صدقي باشا» الكثير وفيه الكثير من الغمز، وتحملت في ازدراده الكثير حتي لا أقاطعه، يقولون إن الصحف عندما تطبع تعتبر معدة للبيع، ولكنها لا تعتبر في الواقع معدة للبيع إلا إذا خرجت من دورها للأسواق. تعتبر الصحف معدة للبيع إذا خرج بها الباعة، فإما أن يبيعوها أو تبقي في أيديهم، فإذا بقيت في أيديهم اعتبرت معدة للبيع، أما إذا بيعت فعلا فهذا بيته المادة 198، إذا كان هذا هو الحال فما هي الجريمة التي تكون قد ارتكبت؟ إن أول عنصر من عناصر الجريمة هو أن يكون النشر قد وقع بالفعل، أما أن تطبع الجريدة خلف الجدران، فلا يمكن اعتبارها بمجرد طبعها معدة للبيع وإنما تعد معدة للبيع إذا خرجت إلي الأسواق. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا (وزير المعارف العمومية) -تعد للبيع أو التوزيع أو العرض. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا - العرض خاص بالصور، وقد جاء في المادة 198 ما يأتي: «كل الكتابات والرسوم والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل مما يكون قد أعد للبيع أو للتوزيع أو العرض»، هل يقال إن كل صورة مخلة بالآداب مغلق عليها تعتبر معروضة علي الجمهور للبيع؟ أي قانون يقول بهذا؟ إننا إذا أبحنا هذا، أبحنا العقوبة علي الجرائم وهي في دور التحضير، وهو ما لا يقره أي قانون إن جريمة الصحافة هي جريمة نشر، وتنص المادة 198 في بدايتها علي أنه «إذا ارتكبت جريمة بإحدي الطرق المتقدم ذكرها، جاز لرجال الضبطية القضائية ضبط.. إلخ، ومعني هذا أن تكون الجريمة قد تمت وحصل النشر فعلا، وهو لا يحصل إلا إذا خرجت من ظلام الطبع إلي نور الشارع». أنتقل الآن إلي ما أشار إليه دولة «صدقي باشا» عن موقفي في سنة 1943، ولعل دولته قد أخطأ المقارنة، فالظروف غير الظروف، إن الظروف التي تكلمت فيها سنة 1943 كانت ظروف حرب في ظل أحكام عرفية، وكان من حولنا طابور خامس وجواسيس، وجيوش الحليفة كان علينا أن نحميها هذا في سنة 1943 وما بعدها. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): الجيوش لا تزال موجودة. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: كنا في حالة حرب، أما الآن فنحن في وقت سلام، وظل دستور يقول عنه دولة «إسماعيل صدقي باشا» إنه من أحداث الدساتير، وفيه المادتان 14 و15 تحميان حرية الرأي والصحافة وتمنعان الرقابة المنعية السابقة علي الإعداد للبيع لقد ألغيت الأحكام العرفية، فكيف تعود بصورة أخري؟ ينعي علي «صدقي باشا» أني تحدثت عن تعليمات أصدرها دولته للمكلفين بالرقابة علي الصحف، ورأي أن يحتكم إلي رئيس تحرير إحدي الصحف الوفدية، وقد تكلم حضرة الشيخ المحترم الأستاذ «محمود أبوالفتح»، فقال إنه كان نائما في منزله، وكانت الساعة الرابعة صباحا حين أبلغ أن الجنود يحاصرون المطبعة، وأن المكلفين بالرقابة يرون ألا تخرج الجريدة إلي الأسواق، وقد حاول اقناع القائمين بالأمر فلم يوفق، ورجع في ذلك إلي رئيسهم، فهل كان رئيسهم هذا رجلا من رجال الضبطية القضائية؟ لقد كان الوكيل المساعد لإدارة الأمن العام بوزارة الداخلية، وهو ليس من رجال الضبطية القضائية الذين أشير إليهم في المادة 198. من الذي أصدر الأمر بإحراق أعداد الجريدة؟ ومن الذي أمر بطمس الصحيفة الرابعة؟ حدثوني، هل طبقت المادة 198 من قانون العقوبات تطبيقا سليما؟ حضرة الشيخ المحترم علي عبدالرازق بك: أريد أن أعلم من الذي أمر بإحراق نسخ الجريدة؟ ومن الذي نفذ الأمر؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: الله أكبر! لقد تكلم الأستاذ «محمود أبوالفتح» من قبل، وقال إنه كان يرجوهم باسم السلامة العامة وباسم حماية القاهرة من الحريق، لأنه وجد من الخطر أن تحرق آلاف النسخ في منطقة صناعية، فهل يستساغ أن يقال إن الأستاذ «أبوالفتح» هو الذي حرق الجريدة، وهو الذي كان يرجو ويستغيث بإدارة الأمن العام لحماية القاهرة من شر الحريق، وهو الذي كان يستطيع أن يبيع أعداد الجريدة وهي نحو عشرين ألف نسخة بمئات الجنيهات، ونحن نعلم أن الورق المطبوع أو غير المطبوع له ثمن معروف؟ ليطمئن حضرة الشيخ المحترم إلي أن الحكومة هي التي أمرت بحرق النسخ، وحرقتها حتي لا تعد للبيع في الأسواق. حضرة الشيخ المحترم علي عبدالرازق بك: النيابة حكومة، وموظفو الداخلية حكومة، فمن منهما الذي أمر بالحريق؟! حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: هل تملك النيابة (وهي كما تقولون سلطة قضائية) ان تخالف القانون؟ فإذا سلمت جدلا بأن النيابة هي التي أمرت بحرق الجريدة، ألا تكون مخالفة في ذلك لنص المادة 198 التي تنص علي أن الجريدة تضبط وتوضع تحت أمر القضاء ليفصل في مصيرها؟ هل تصادر أو لا تصادر؟ وهل تعدم؟ القضاء له الكلمة العليا، وما النيابة إلا محضرة ومحققة لدعوي تقدمها. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء)- أليس لي الحق أن أمنع ارتكاب جريمة عندما أتأكد أنها في طريق التنفيذ؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: إلا إذا منعك الدستور. وهو يمنع الرقابة قبل النشر في المادة 15 . حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء) حتي في حالة الجرائم؟ إذا تأكدت من حدوث جريمة، أأمنعها أم أتركها ترتكب؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: لقد اشتغل «صدقي باشا» طويلا في وزارة الداخلية، ولذلك أراه متأثراً بنظرية رجال الأمن العام من أن منع الجريمة أولي من وقوعها، هذا صحيح في كل الجرائم، ماعدا الجرائم الصحفية، لأنها جرائم نشر. فعدم النشر قتل للفكر وقضاء علي الرأي، أما الجرائم الأخري فمعظمها أو جلها يقع في الخفاء، أما جرائم النشر فإما أن يحصل فيها نشر أو لا يحصل نشر، فإذا منعت الجريدة من نشرها، فقد فرضت الرقابة عليها وقتل الرأي في مهده، وتكون الحكومة في هذه الحالة قد خالفت الدستور. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): هل أترك الجريمة ترتكب؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: نعم، ثم تحاكم مرتكبها هذا هو الدستور ياسيدي، فإذا كنت تراه غير واف فعدله. حضرة صاحب الدولة إسماعيل باشا (رئيس مجلس الوزراء): أنا لا أنفذه علي هذه الصورة. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري
أبو علم باشا: لا، بل نفذه علي هذه الصورة، هذا هو الدستور وإذا كنت تري أن الدستور غير واف في هذه الأمور، فعدله أو غيره إن شئت. والله لقد ناشد دولة صدقي باشا وطنيتي وإخلاصي، ولعلي... حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزاء): ألم تكن هذه النصوص موجودة عندما صادرتم ما صادرتموه في سنة 1937؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: عجيب يا دولة الباشا أن أسمع منك هذا! هل تتكلم عن أيام مضت، لم تكن فيها مفاوضات ولم يكن الشعب مدعوا إلي أن يقف خلف حكومته ليري منها نورا ويريها نورا؟ إذا كانت الحكومة تريد أن توجه الشعب وتريد أن تطلق له النور، فهل لها أن تتفضل وتتنازل وتسمح للشعب المسكين الذي يخوض المعركة الأخيرة في استقلاله أن تطلق له شيئا من النور؟- حاكموا إن شئتم من يخالف القانون، لكن إذ الآراء سئلت بأي ذنب قتلت، فماذا يكون الجواب. أتقولون إننا قادمون علي مفاوضات، لذلك تريد أن تقتل الآراء والحرية في مهدها. إذا لم يكن الشعب متمعتا بحريته، فكيف يكون مصيره؟ والذين تفاوضونهم إذا رأوكم تسومون الصحافة المصرية الخسف والهوان، فكيف يحترمون البلاد والصحافة علي هذا النحو من الإذلال!! حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): ان حضرة الشيخ المحترم لم يرد علي سؤالي، هل تريد أن أترك الحض والتحريض علي الفتنة؟ هذا ما أريد أن أسمع جوابا عنه. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: لقد تلوت علي دولتكم ياسيدي كلمة لرجل تحترمونه، هو المغفور له «محمد محمود باشا» قالها في ظل الأحكام العرفية وفي ظل الرقابة الصحفية، قال إن الحكومة القوية هي التي تحترم نفسها، وتترك للشعب أن يعلن آراءه، وتأخذ المجرم بجريمته ومحاكمته إن شاءت. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): لقد قال المغفور له «محمد محمود باشا» إن الحكومة تترك الشعب يعلن آراءه، لا أن يحض علي الفتنة. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: إن الخلاف بين الرأي وبين الحض علي الجريمة خلاف اعتباري قد نختلف فيه مع السلطة التنفيذية، ولكن الذي يفصل فيه هو القضاء. أما أن يكون رجل السلطة الإدارية هو المراقب والحكم والمنفذ والقاضي علي الآراء وخنقها في مهدها، فهذه ليست هي الحرية التي نريدها أن نتمتع بها. وأعلن رئيس مجلس الشيوخ إقفال باب المناقشة، وتقدم اقتراحان وقع علي الأول عشرة من النواب المؤيدين للحكومة، ويقضي بالانتقال إلي جدول الأعمال، بينما تقدم عشرة من نواب المعارضة يتصدرهم «محمد صبري أبوعلم» باقتراح ينص علي أن: يقرر المجلس أن مراقبة الصحف قبل صدورها ودخول رجال البوليس دور الصحف ومطابعها لمراقبتها - قبل أن تنشر - أمر يحرمه الدستور والقانون. كما يقرر أن إجراءات المصادرة بمعرفة رجال الإدارة - دون رفع الأمر للقضاء - أمر يخالف القانون العام. ويدعو المجلس دولة رئيس الحكومة إلي وقف هذه الإجراءات، حرصا علي حرية الصحافة، وتمكينا لها من أداء رسالتها في حدود القانون العام. وفي الجلسة التالية التي انعقدت بعد أسبوع وفي 18 مارس 1946 لفت الشيخ المحترم «وهيب دوس» نظر أعضاء المجلس إلي أن الحكومة أصدرت أوامرها بسحب الجنود ومنع الرقابة، وتقدم عشرة أعضاء آخرين يطلبون إعادة فتح باب المناقشة، ولكن المجلس رفض الطلب كما رفض مشروع القرار الذي قدمه «صبري أبوعلم».. وقرر الانتقال إلي جدول الأعمال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.