البابا تواضروس وكبير الشمامسة يقودان محكاة ل"تمثيلية القيامة"    مشاركة واسعة للسودانيين والأثيوبيين في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    مقرر استثمار الحوار الوطني: نجحنا في عبور مرحلة صعبة جدًا نتيجة الأزمات العالمية    مديرة برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة يواجه بالفعل مجاعة كاملة    أسامة كمال يُحيي صحفيي غزة: المجد لمن دفعوا أعمارهم ثمنا لنقل الحقيقة    عاجل.. برشلونة يبعث رسالة خاصة ل ريال مدريد بعد التتويج بلقب الدوري الإسباني    أسامة كمال: الكل خاسر في حرب غزة وحماس وإسرائيل لم يحققا أي أهداف    ضبط قضايا اتجار غير مشروع فى العملات الأجنبية ب 37 مليون جنيه    طلاب إعلام جامعة القاهرة يطلقون حملة توعية بإيجابيات ومخاطر الذكاء الاصطناعي    عيد تجدد الحياة    طارق إمام للشروق: المعارض الأدبية شديدة الأهمية لصناعة النشر.. ونجيب محفوظ المعلم الأكبر    قصواء الخلالي: أهالي سيناء وقفوا بجانب الدولة المصرية وهم أولى بتنميتها    صحة كفر الشيخ تعلن حالة الطوارئ خلال أيام عيد القيامة وشم النسيم     وكيل صحة القليوبية: استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل    تسويق مغلوط للأولويات سيكون له ما بعده..    خطة وقائية الصحة تحذر من الأسماك المملحة.. واستعدادات بالمستشفيات    نائب رئيس هيئة المجتمعات يتفقد أحياء الشروق ومنطقة الرابية    «ريناد ورهف» ابنتا المنوفية تحققان نجاحات في الجمباز.. صداقة وبطولات (فيديو)    «القومى للأجور» يحدد ضمانات تطبيق الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص    بث مباشر| البابا تواضروس يترأس قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    بالصور.. أهالي قرية عبود بالفيوم يشيعون جثمان الحاجة عائشة    تعرف علي موعد عيد الأضحي ووقفة عرفات 2024.. وعدد أيام الإجازة    الكنيسة الأسقفية توفر ترجمة فورية بلغة الإشارة وتخصص ركنا للصم بقداس العيد    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    81 مليار جنيه زيادة في مخصصات الأجور بالموازنة الجديدة 2024-2025    القس أندريه زكي يكتب: القيامة وبناء الشخصية.. بطرس.. من الخوف والتخبط إلى القيادة والتأثير    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أحمد كريمة يعلن مفاجأة بشأن وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق    سفير فلسطين في تونس: مصر تقوم بدبلوماسية فاعلة تجاه القضية الفلسطينية    مستشار الرئيس عن مضاعفات استرازينيكا: الوضع في مصر مستقر    4 نصائح لشراء الفسيخ والرنجة الصالحة «لونها يميل للذهبي» ..قبل عيد شم النسيم    «صحة الفيوم»: قافلة طبية مجانية لمدة يومين بمركز طامية.. صرف الأدوية مجانا    خبير تغذية: السلطة بالثوم تقي من الجلطات والالتهابات    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    لوبتيجي مرشح لتدريب بايرن ميونيخ    قرار جديد من التعليم بشأن " زي طلاب المدارس " على مستوى الجمهورية    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    بطلها صلاح و«العميد».. مفاجأة بشأن معسكر منتخب مصر المقبل    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    السكة الحديد تستعد لعيد الأضحى ب30 رحلة إضافية تعمل بداية من 10 يونيو    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر المعارضة السورية يطالب الرئيس الأسد بتسليم السلطة لنائبه فوراً ويرفض قرار العفو الذي جاء متأخراً
نشر في القاهرة يوم 07 - 06 - 2011

تقف سوريا علي أعتاب مرحلة جديدة من المواجهة علي المستويين الداخلي والخارجي، بسبب تمادي النظام السوري في سياسات القمع الداخلي، والإفراط في استخدام العنف ضد المظاهرات التي تعم أنحاء سوريا منذ منتصف مارس الماضي، والتي تبلور مطلبها الأساسي في إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد . ففي جمعة "حماة الديار " في 27 مايو، وعلي مدي أيام المواجهة الصعبة، يسقط تباعا المزيد من الشهداء والجرحي علي أيدي قوات الأمن السوري، الذي يمارس وسائل وحشية، ويواصل تعذيب المعتقلين، ومنهم الأطفال، ويسلمهم إلي ذويهم، في محاولة لبث الذعر والرعب في نفوس المتظاهرين، فيما لم يتوقف طوفان الثورة السورية، التي يزيدها عنف النظام الإصرار علي إسقاطه. ويري خبراء علي صلة قريبة من دوائر سورية داخلية أنه يتوقع أن يقوم عدد من الجنود السوريين بعصيان للأوامر العسكرية، وإجبار قادتهم علي الانقلاب ضد الرئيس الأسد، بسبب المبالغة في القمع الأمني للمتظاهرين، غير أن هذا الاحتمال يحتاج في حالة سوريا إلي دعم من الأسرة الدولية . ومن المعروف أن القوات الخاصة في الفرقة الرابعة للجيش والحرس الجمهوري السوري، المشاركين في قمع المظاهرات، يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس، وهي من العلويين بالكامل. وقد حث منظمو الاحتجاجات في سوريا الجيش السوري علي الانضمام إلي ثورة الشعب السلمية، المطالبة بإسقاط النظام . وعلي الصعيد الدولي، انضم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلي الرئيس الأمريكي باراك اوباما في مطالبة الرئيس السوري، إما بقيادة عملية إصلاح ديمقراطي في سوريا، وإما الرحيل، فيما طالب مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد في تركيا برحيل الأسد فورا وتسليم السلطة إلي نائبه . النظام السوري .. احتمالات السقوط أصدر الرئيس بشار الأسد عفوا عاما يشمل جميع الحركات السياسية، بما فيها الإخوان المسلمون المحظورة . كذلك ترددت الأنباء بأن حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا فتح الباب أمام إمكانية إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تجعل من حزب البعث " الحزب القائد للدولة والمجتمع " رابطا هذه الخطوة بصناديق الاقتراع، غير أن مصادر الحزب عادت ونفت هذه الأنباء، كما ذكرت مصادر أخري أن الحكومة السورية تعكف علي تشكيل لجنة خلال أيام من ذوي الكفاءات، لإعداد مشروع قانون جديد للأحزاب . كما أعلن في دمشق أنه سيتم الإعداد لمؤتمر وطني للحوار بين القوي السياسية، كل هذه الخطوات، غير المؤكدة تدخل في عداد محاولة النظام السوري الإيحاء بأنه من الممكن أن تعالج الأزمة الراهنة في سوريا علاجا سياسيا وإصلاحيا، غير أن المؤشرات الفعلية علي أرض الواقع تشي بمخاطر حقيقية تحيق بالنظام السوري . وتمثل مبالغة السلطة في استخدام العنف ضد المتظاهرين أولي مؤشرات اهتزاز النظام السياسي، وفقدانه حالة الاتزان، وضياع بوصلة التوصل إلي حل سياسي للأزمة . وقد أكدت مصادر سورية حقوقية أن النظام السوري يمارس العنف المفرط والممنهج ضد المتظاهرين، باستخدام الذخيرة الحية لمواجهة الاحتجاجات في كل أنحاء المحافظات السورية . كما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ما يجري من حالات تعذيب في الملعب البلدي في درعا جنوبا، وفي مناطق أخري، لا يمكن السكوت عليه، وكشف المرصد شهادات حية لأشخاص تعرضوا للتعذيب الشديد خلال اعتقالهم، ومن ذلك، شهادات أعضاء الوفد الذي شكل من بانياس للتفاوض مع الحكومة، وقد اعتقلوا، وتعرضوا للتعذيب، ومن بين أعضاء الوفد رئيس بلدية بانياس وبعض وجهاء المدينة . وقد طالب المرصد السوري بالسماح للمنظمات الحقوقية بتشكيل لجان للوقوف علي انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا . في الوقت نفسه، حضت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة السلطات السورية للسماح لبعثة تابعة للمنظمة لكشف الحقائق حول جرائم ارتكبتها القوات السورية . وذكرت منظمات حقوقية أن عدد القتلي يفوق 1062 شهيدا، واكثر من 10 آلاف معتقل، وآلاف المصابين . وعندما عرضت المواقع الإلكترونية صورة الطفل السوري " حمزة الخطيب " ذي الثلاثة عشر عاما، والذي تعرض للتعذيب الوحشي علي أيدي معتقليه، فقد أكد ممثلون عن المتظاهرين أن حمزة الخطيب هو رمز جديد علي غرار، بوعزيزي تونس، وخالد سعيد مصر، والذي يشعل نار الثورة ويؤجج روح الصمود لدي المتظاهرين المصممين علي إسقاط نظام الأسد . وإزاء الحالة السورية، فقد نشط المجتمع المدني العربي، حيث بعثت أكثر من 220 منظمة غير حكومية في 18 دولة عربية برسالة إلي أعضاء مجلس الأمن الدولي، للمطالبة بإدانة اللجوء المفرط للقوة ضد المتظاهرين في سوريا، وسرعة وصول المساعدات الإنسانية إلي المصابين، وتتبع هذه الهيئات مصر وليبيا وقطر والمغرب واليمن وسوريا والجزائر والسعودية . في سياق التصعيد الذي تشهده الحالة الثورية في سوريا، فإن اتساع نطاق الاحتجاجات، وانضمام الأقليات إلي المظاهرات يقلق النظام السوري، ويزيد من ارتباكه، فقد انضم المسيحيون من الطائفة الأشورية في مدينة القامشلي إلي المظاهرات التي تخرج كل يوم جمعة للمطالبة بالحريات، الأمر الذي قابلته سلطات الأمن بالشدة، واعتقال العشرات منهم . كذلك شارك عدد كبير من شباب العلويين في المظاهرات في مدينة اللاذقية، فضلا عن أعداد من الطائفة الإسماعيلية في مدينة السلمية، وقد تعرضوا للتهديد من جانب المسلحين الذين يطلق عليهم " الشبيحة " التابعين للنظام . وبالطبع، فإن هذه المشاركة من جانب المسيحيين والعلويين والدروز وبقية الأقليات، تدحض ادعاءات النظام حول الطائفية، وادعاءات السلفيين حول إماراتهم المزعومة . وعلي الرغم من تأكيد الخبراء أن الجيش السوري يدين بولاء تام للرئيس الأسد، فمن المستبعد أن يتخلي عن النظام، حيث يشغل المناصب الأساسية في المؤسسة العسكرية رموز ينتمون إلي الطائفة العلوية (10% من السكان )، فإن ذلك لا يمنع المؤشرات التي قد تغير الحسابات علي الأرض، وتعرض النظام السوري لخطر السقوط. ويقول ناشط سوري منشق يعيش في الولايات المتحدة ان جنرالات الجيش السوري قد يغيرون حساباتهم، مع تطور الموقف الدولي إزاء عنف النظام مع المتظاهرين، ويصف الناشط ما يجري في سوريا بأنه ليس ثورة للسنة ضد العلويين، ولكنها ثورة سورية ضد فساد عائلة الأسد ونظامه، ومن المحتمل أن يلعب الجيش السوري دورا مهما في تطورات هذه الثورة . وفي مقال نشرته مجلة " فورين أفيرز " قالت إن عددا من الجنود يمكن أن يقوموا بعصيان ويجبروا قادتهم علي الانقلاب علي الأسد، وهذا الاحتمال يزداد إذا ما فرضت عقوبات دولية علي النظام السوري، وقد ترددت أنباء عن عصيان 22 من الجنود ورفضهم تنفيذ الأوامر، والعدد مرشح للزيادة . وفي ضوء هذه التطورات، فإنه فضلا عن مؤشر العنف المفرط، واحتمالات انقلاب الجيش علي النظام، فإن التدهور الاقتصادي في سوريا يمثل العنصر الثالث الذي يفتح باب الاحتمالات لسقوط نظام الأسد. ويؤكد خبير اقتصادي أنه إذا ما تمكنت المعارضة من شل الاقتصاد، فإن الحكومة تسقط تدريجيا، لأنه بعد شهرين من الانتفاضة، وإغلاق العديد من الشركات، وابتعاد السائحين، يتوقع تراجع النمو الاقتصادي إلي أقل من 3 % (2010)، وإذا ما استمرت الثورة، وازدادت الضغوط الاقتصادية علي الطبقتين المتوسطة والعليا (أي طبقة الأثرياء ) وجفت مصادر الدخل من بعض القطاعات، وإعلان إفلاس الشركات، وعدم تمكن الحكومة من دفع الرواتب للموظفين، فإن ذلك كله، سيقلل من الداعمين للنظام، ويزداد تدهور الموقف في حالة فرض العقوبات علي النظام السوري . وفي الآونة الراهنة، مازال النظام يعول علي التحالف بين السلطة ورجال الأعمال من المؤيدين له، والذين خدمهم النظام ودعمّهم، علي طريقة النظام المصري في إطار صيغة الزواج بين السلطة والثروة . سوريا / لبنان يمثل مصير النظام السوري حدثا لبنانيا بامتياز، ليس فقط لأن موازين القوي الداخلية في لبنان تتأرجح علي حسب تطورات الثورة السورية، ومدي قوة النظام السوري، وإنما أيضا لأن لبنان تمثل ساحة للتفاعلات بين القوي الإقليمية، والتي غالبا ما تختار لبنان ساحة لصراعاتها والتي يدفع ثمنها اللبنانيون . وفي ضوء ما يجري في سوريا، فإن أصوات لبنانية وعربية تردد، أنه علي اللبنانيين أن يعدوا أنفسهم ليوم، قد لا تكون فيه سوريا " الأخ الأكبر " للبنان مجددا، علي ما كانت عليه في الماضي . وإزاء أحداث الثورة في سوريا، واهتزاز قوة النظام السياسي، اختلفت اتجاهات القوي السياسية اللبنانية ما بين حليف لبناني، يخشي خسارة النظام (قوي 8 آذار / الأكثرية حاليا)، ولا تري بديلا للنظام القائم، إلا الفوضي، وبين قوي أخري لاتجهر بالعداء للنظام السوري، ولكنها أيضا لا تنكر أن مصير النظام السوري ينعكس سلبا وإيجابا علي الداخل اللبناني (قوي 14 آذار، المعارضة حاليا وتيار المستقبل) . فالوزير السابق وئام وهاب رئيس حزب التوحيد يستبعد أي تغيير في النظام السياسي في سوريا، مؤكدا أن مؤامرة عربية تستهدف النظام السوري، ولن تصل إلي أهدافها . هذا، بينما توجه الاتهامات إلي أطراف لبنانية بأن لها يدا في زعزعة استقرار سوريا، واجراء اتصالات مع قوي داخلية في سوريا بما يمس الأمن السوري، ولا يستبعد من ذلك تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، بالرغم من " التقارب والتفاهم " الذي أسفرت عنه زيارته لدمشق في ديسمبر 2009، ويصر الجانب السوري علي وجود أطراف لبنانية، تتواصل مع قوي سورية لضرب النظام السوري، وتقدم دمشق وثائق اتهامات بهذا الصدد . ومع كل تصعيد تشهده الساحة السورية في خضم الصراع الدائر بين السلطة والمتظاهرين المطالبين بالحريات، وإسقاط نظام الأسد، تثور المخاوف في الداخل اللبناني مما يمكن أن يقوم به حلفاء سوريا، والذي يمكن أن يمثل " مغامرة " تعيد لبنان إلي الوراء عدة خطوات، خاصة مع استمرار أزمة التشكيل الحكومي في لبنان، وترقب مصير النظام السوري، ولم يخفف من هذه المخاوف تأكيد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة براءة تيار المستقبل من أي تدخل في أحداث سوريا، ولا تحول الخطاب اللبناني إلي وصف ما يجري في سوريا بأنه " شأن سوري داخلي ". في الوقت نفسه، لم ىُجد هذا الخطاب في إيجاد " مساحة " بين الساحتين اللبنانية والسورية، خاصة أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، كشف عن تحيزه إلي جانب نظام الأسد، مطالبا الشعب السوري بما أسماه " الحفاظ علي بلدهم ونظامهم المقاوم والممانع، وإعطاء المجال للقيادة السورية لتنفيذ الإصلاحات " الأمر الذي استهجنه الشارع السوري، ورفضه، إذ كيف يتأتي رفع حزب الله وأمينه العام رفع شعار المقاومة، وفي الوقت نفسه، مطالبته للشعب السوري التخلي عن مطالبه بالحرية والكرامة، ووضع حد لنظام الأسد الاستبدادي الدموي، فضلا عن تجاهل نصرالله لدماء الشهداء السوريين التي سالت من أجل الحرية، ثم عاد نصرالله وحذر من أن هناك مخططات أمريكية لتقسيم سوريا، وأنه إذا تم ذلك، فإنه سيمتد إلي السعودية لتقسيمها . غير أن تطورات أخري قد تشعل الموقف (إقليميا) علي خلفية الحدث الثوري في سوريا، حيث كشف النائب في كتلة المستقبل معين المرعبي أن مسلحين يدورون في فلك (8 آذار) وحزب الله، عبروا الحدود الشمالية اللبنانية إلي داخل الأراضي السورية . وقد أثارت هذه الأنباء تساؤلات حول مدي قدرة الجيش اللبناني علي حماية الحدود، واحتمالات قيام الجيش السوري بعملية أمنية لخطف السوريين النازحين من سوريا، والذين هم الآن تحت رعاية الدولة اللبنانية . ويذكر أن منطقة طرابلس كانت قد شهدت مظاهرات، بدعوة من بعض أئمة المساجد، نددت بعنف السلطات السورية تجاه المدنيين السوريين . وإزاء تطورات الموقف المحتملة في الشمال، فإن هناك مطالبات بأن تقوم لبنان بمساعدة الأمم المتحدة في التحقيقات حول مصير النازحين السوريين، والمخاطر التي يتعرضون لها، والمسئولية التي تقع علي الجيش اللبناني والأمن بالنسبة للنازحين . وفي خضم إدانة دولية لوحشية النظام السوري تجاه المتظاهرين، وتطور الموقف الدولي نحو ترتيبات عقابية علي نظام الأسد، ومطالبات غربية واضحة وقاطعة بضرورة تغيير النهج الدموي للنظام أو رحيل الأسد، فقد وجهت مصادر غربية نداءات إلي لبنان باتخاذ موقف واضح نحو الأزمة السورية، وعدم الاستمرار في موقف الترقب والانتظار . وفي هذا الصدد، قام جيفري فيلتمان مساعد وزيرة
الخارجية الأمريكية للشرق الأوسط بزيارة بيروت مؤخرا، موضحا للبنانيين أن سوريا لن تعود بعد الأحداث الأخيرة كما كانت، وأن نظام الأسد أصبح معزولا دوليا، وأنه من مصلحة لبنان عدم الارتباط مجددا بهذا النظام . ويتردد أن الضغوط الأمريكية علي لبنان تهدف إلي إبعاد لبنان عن تأييد نظام الأسد، ذلك أن وزارة الخارجية في بيروت تؤكد أن الموقف الرسمي في لبنان يدعم النظام السوري، لأنه موضوع إجماع وطني، وبالتالي فإنه في حالة عرض مشروع قرار ضد سوريا في مجلس الأمن ، فإن لبنان ستصوت ضد المشروع، لأنه ليس من مصلحة أي من الفرقاء اللبنانيين تأييد مثل هذا القرار . وكانت لبنان قد صوتت ضد هكذا قرار في ابريل الماضي، في مواجهة بيان صحفي أعدته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال للتنديد بالعنف الذي تمارسه السلطة السورية ضد المتظاهرين السلميين . سوريا / تركيا من المخاوف التي تقلق السلطات التركية إزاء التطورات التي تشهدها سوريا أن يتجه اللاجئون السوريون إلي مناطق الحدود بين البلدين، والتي تبعد بمسافة 550 ميلا عن سوريا، كما تساور بعض المسئولين مخاوف من احتمال أن تحاول سوريا زيادة حدة التوترات مع الأكراد داخل تركيا، كما يشكل شبح النزاع الطائفي في سوريا، الدولة التي تضم أغلبية من المسلمين السنة وأقليات ضخمة من المسيحيين والطوائف الإسلامية ذات الآراء الحادة، مصدر قلق لتركيا، ومن هنا كان التصريح الذي جاء بكلمات واضحة من جانب وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، والذي طالب فيه الرئيس الأسد بإجراء إصلاحات تشكل ما وصفه " بالعلاج بالصدمة "، لإنقاذ نظامه السياسي من الانهيار تحت وطأة الانتفاضة الشعبية العارمة . من المعروف أن تركيا معنية تماما بما يجري من أحداث " الربيع العربي " وثورات الحرية والديمقراطية في الجوار العربي، وفي بدايات كل ثورة عربية، كما جري في مصر وتونس، وبعدهما ليبيا وسوريا، فإن تركيا تحاول إجراء حسابات دقيقة في تحديد مواقفها من الرؤساء والزعماء الذين أقامت معهم أنقرة علاقات وثيقة في السنوات الأخيرة، غير أن الحسابات التركية انتهت إلي مطالبة مبارك بالتنحي، وبعد تردد، طالبت القذافي بالتنحي، أما سوريا، فإنه وفقا لما أعلنه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان يراها " مختلفة " واصفا الوضع في سوريا بأنه " يماثل السياسات الداخلية في تركيا " . ويحث مسئولون أتراك الأسد علي إجراء حوار وطني يشمل الإخوان المسلمين، والسماح حتي بمنحهم وزارتين في الحكومة، وشن حملة لمكافحة الفساد، واتخاذ اجراءات لمحاسبة قوات الأمن علي العنف، ولكن هذه الاقتراحات التركية تثير غضب الأسد والمسئولين السوريين . ويقول أنتوني شديد في نيويورك تايمز إن أردوجان ينظر إلي العلاقات التركية السورية في السنوات الأخيرة علي أنها "قصة نجاح" للأتراك، وأن أنقرة تنظر لارتباطها بسوريا باعتباره أمرا بالغ الأهمية . غير أن ذلك لم يمنع الأتراك من التعبير عن الاستياء من اجراءات القمع الرسمية ضد المتظاهرين، وهو ما ظهر خلال اجتماع الأسد وأوغلو، في ابريل الماضي، كما شدد أردوجان في تصريح علني بأن تركيا لا تريد رؤية "حماة جديدة" في إشارة إلي قيام الجيش السوري بقمع الإسلاميين في 1982 وراح ضحية هذه المجزرة 10 آلاف قتيل . يذكر أن رجب طيب أردوجان، يعد من الزعماء الذين يتمتعون بشعبية في الشارع العربي، نتيجة مواقف له داعمة للحقوق الفلسطينية، واتخاذ مواقف قوية ضد الصلف والغرور الإسرائيلي، ويظهر أردوجان مواقف واضحة ضد التعصب الطائفي، وقد قام في العام الحالي بزيارة لأضرحة شيعية في بغداد والنجف، لذلك يطالبه متظاهرون سوريون بمساعدتهم، وترجمة التصريحات التي يدلي بها بأفعال علي الأرض، خاصة أن اسطنبول شهدت مظاهرات احتجاجية علي مصير السنة في سوريا . وفي اتصال جري منذ أيام بين أردوجان والأسد، أكد رئيس الوزراء التركي أنه يعني بالمواطنين السوريين مثلما يعني بالمواطنين الأتراك، وشدد أردوجان من لهجته في مطالبة الأسد ببدء الإصلاحات، محذرا من أن العصيان المدني في سوريا إذا توسع، ووصل إلي حلب واللاذقية، فإن ذلك سيعني مجازر جماعية، ومن الممكن أن يتحول العصيان إلي اشتباكات مذهبية، ستمثل قلقا حقيقيا بالنسبة لتركيا، وتخشي تركيا من نزوح جماعي سوري، بما يتراوح بين 500 ألف ومليون شخص إذا ما ساءت الأوضاع علي الحدود . غير أن الدور التركي في أحداث سوريا يتمثل في تطور آخر له أهميته، وهو انعقاد مؤتمر للمعارضة السورية في تركيا، في أنطاليا التركية، علي بعد 350 كيلو مترا من الحدود السورية، بمشاركة نحو300 شخص من الرموز والناشطين والكتَّاب ورجال الأعمال تحت عنوان " المؤتمر السوري للتغيير " وبحضور ممثلي المتظاهرين السوريين، وممثلي الإخوان المسلمين، (وبدون مشاركة رسمية تركية) وذلك بهدف تنسيق الجهود لزيادة الضغط الدولي علي سوريا من أجل التغيير والإصلاح . وأكد عضو أمانة المؤتمر أنه سيتم اختيار ممثلين سوريين لتحقيق هذا الهدف، ومخاطبة العالم، بدلا من تشكيل مجلس انتقالي علي طريقة المعارضة في ليبيا، علي اعتبار أنه من السابق لأوانه بالنسبة لسوريا اتخاذ مثل هذه الخطوة . وطالب مؤتمر المعارضة السورية الأسد بتسليم السلطة فورا لنائبه، وتشكيل مجلس يتولي نقل سوريا إلي حكم ديمقراطي، ورفض المؤتمر العفو العام الذي أصدره الأسد لأنه جاء متأخرا . ومن ناحيته أكد أردوجان أن بلاده ترحب بمؤيدي الأسد، ومعارضيه، وأن الرئيس السوري لم يعترض علي عقد مؤتمر المعارضة السورية في جنوب تركيا، والذي يمكن وصفه بمحاولات أنقرة الضغط علي الأسد لتنفيذ إصلاحات سياسية حقيقية في سوريا . ويبدو أن العلاقات التركية السورية قد تشهد توترا، بعد أن شهدت دمشق مظاهرات لمؤيدي الأسد تطالب باستعادة (لواء اسكندرون) . سوريا / إيران انطلاقا من علاقة التحالف التي تربط النظامين السوري والإيراني، فقد أكدت المصادر المطلعة وقوف الرئيس الإيراني وتأييده لبشار الأسد، وتدفق المساعدات الإيرانية إلي سوريا، والتي تتضمن أسلحة ومعدات مكافحة الشغب وأجهزة مراقبة متطورة تساعد علي رصد المناوئين من خلال مواقعهم علي الشبكات الإلكترونية . وتؤكد مصادر غربية الدور المتنامي لأفراد من الجيش الإيراني في الإجراءات القمعية التي تنتهجها سوريا ضد المتظاهرين . وذكرت مصادر أمريكية أن عددا من قوات " القدس " الإيرانية وصلت إلي سوريا للمساعدة في قمع المتظاهرين والاحتجاجات التي تهدد بسقوط نظام الأسد، أهم حليف لإيران في المنطقة . ويتكون فيلق القدس من الحرس الثوري الإيراني، وهو متخصص في عمليات خارج إيران، ويقوم بتمويل وتدريب مسلحي حزب الله وحماس ومسلحي العراق . الإدانة الدولية علي مدي أيام يتردد أن مجلس الأمن الدولي يعد مشروع قرار يحذر سوريا من "جرائم ضد الإنسانية" أعدته فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال، للمطالبة باحترام حرية التجمع السلمي والتعبير وحرية الإعلام وتذكير السلطات السورية بمسئوليتها عن حماية الشعب والسماح بوصول مساعدات دولية وإنسانية . غير أن مشروع القرار الدولي يصطدم برفض من جانب روسيا والصين، بالرغم من أنه لم يهدد بفرض عقوبات دولية علي سوريا . وفي اتجاه آخر، أعلنت مصادر أمريكية أن واشنطن تعتزم مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية برفع مسألة نشاطات سوريا النووية المفترضة إلي مجلس الأمن الدولي، وقد أعدت أمريكا مشروع قرار لطرحه علي مجلس حكام المنظمة (35 عضوا) لاتهام سوريا بما يعرف (بعدم الالتزام) بمسئولياتها الدولية، ودعوة مدير عام الوكالة إلي رفعه إلي مجلس الأمن الدولي . وفي خطوة استباقية، عرضت سوريا التعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تريد تفتيش عدة مواقع مشتبه بها كمواقع لمفاعلات نووية، قصفتها إسرائيل في 2007 . وهكذا، يتواكب الضغط الدولي علي النظام السوري لتغيير سياساته الداخلية، مع التلويح بالورقة النووية، وتأكيد البيان الختامي لقمة الثمانية في دوفيل الفرنسية إدانتهم الشديدة لقيام السلطات السورية بقتل المتظاهرين المسالمين، ومطالبة سوريا بوقف العنف ضدهم فورا، ومطالبة الرئيس السوري بتنفيذ الإصلاحات المناسبة، والتهديد باتخاذ اجراءات ضد سوريا ما لم يبادر نظام الأسد بانفراجة ديمقراطية، وحوار وطني لحل الأزمة، فيما أكدت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية أن المجتمع الدولي لم يتخذ بعد موقفا موحدا بشأن التصدي لعنف النظام السوري ضد المتظاهرين، مؤكدة أن "شرعية الرئيس الأسد نفدت تقريبا" .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.