مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    قوات الاحتلال تطلق النار على سيارة خلال اقتحام مدينة طولكرم    الجيش الأمريكي: الحوثيون ألقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر الأحمر وأصابوا إحداهما    أحمد فهمي يحتفي بصعود الأهلي لنهائي إفريقيا    الأرصاد تحذر المصريين من طقس اليوم: الأمطار الرعدية والسيول تضرب هذه المناطق    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    كولر: مازيمبي لم يشكل أي خطورة علينا.. وسنحتفل اليوم بالتأهل    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يعزز رقمه الإفريقي.. ويعادل رقمًا قياسيًّا لريال مدريد    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    بشرى في العرض الخاص لفيلم "أنف وثلاث عيون" بمهرجان مالمو للسينما العربية    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد التأهل لنهائي دوري أبطال أفريقيا    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعدام أمير المؤمنين شكري مصطفي!!
نشر في القاهرة يوم 28 - 12 - 2010

في فجر يوم الأحد الثالث من يوليو لعام 1977 اقتربت سيارتان من باب فيلا قديمة من طابقين تحيط بها حديقة صغيرة وسياج حديدي مدبب في منطقة هادئة ومعزولة بشارع السايس بحدائق حلوان وتوقفت السيارة الأولي أمام باب الفيلا مباشرة والأخري علي بعد عدة أمتار وأطفئت أنوارها وقفز من السيارة الأولي خمسة أفراد بملابس الشرطة وملابس مدنية أحدهم ضابط برتبة رائد في يد أحدهم مدفع رشاش وتقدموا نحو الفيلا وطرقوا الباب بعنف.
استيقظ جميع من بالفيلا وأضيء الطابق الأرضي حيث ينام الجميع ومع توالي الطرق فتح الباب الابن الأكبر الدكتور حسين النائب المقيم بالقصر العيني دفعوه بشدة وانطلقوا مسرعين إلي الداخل وردد قائد المجموعة "أحمد طارق عبد العليم":
- وسّع إحنا مباحث أمن دولة فين الشيخ حسين الدهبي؟
قبل أن يجيب فتح باب غرفة داخلية وخرج الشيخ بملابس النوم مذعورًا ليري أمامه الخمسة وقد شهروا أسلحته مسأل ما الخبر فجاءه الرد بخشونة أنه مطلوب للتحقيق عندما سئل عن السبب طلبوا منه أن يلبس ملابسه بسرعة وهناك سيعرف كل شيء وقبل أن يخرج معهم حاول الشيخ أن يهدئ من روع أبنائه وأمهم أخبرهم أن ثمة خطأ في الأمر وأنه سيعود سريعًا.
تحركت السيارة الأولي بسرعة حاملين معهم الشيخ في الكرسي الخلفي بينما حدث عطل مفاجئ في السيارة الثانية ولم يتمكن سائقها من تشغيلها وعندما خرج الابن الأكبر مسرعًا وراءهم استعان ببعض المصلين من المسجد القريب للفيلا بالإمساك بقائد السيارة والاتصال بالشرطة (تبين فيما بعد أن السيارة المتعطلة رقمها 28793 ملاكي القاهرة وأن سائقها هو "إبراهيم محمد حجازي" أحد أفراد العملية ووُجد بداخلها مدفع رشاش وطبنجتان).
في الطريق سأل الشيخ مرّة ثانية عن سبب القبض عليه أجابه أحدهم بتهكم: لكونك علي علاقة بجماعة التكفير والهجرة فأخذ الشيخ يردد كيف تقولون ذلك؟ إنني ضد أفكارهم علي طول الخط وقد ألفت كتابًا في الرد عليهم وإبطال حججهم وإنني متبرئ منهم إلي يوم القيامة..
بعد إعدام سيد قطب والزج بآلاف الأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بالسجون بدأت تنتشر بسرعة كتابات سيد قطب وبخاصة كتابيه "معالم في الطريق"، و"في ظلال القرآن"وكتابات أبو الأعلي المودودي عن الإلوهية والحاكمية وبدأت مجموعة منهم في السجون تتبني هذه الأفكار.
وفي السجن الحربي تشكلت في البداية مجموعة صغيرة علي رأسها الشيخ الأزهري "علي عبده إسماعيل" الأخ الشقيق لعبد الفتاح إسماعيل (الذي أعدم مع سيد قطب في نفس القضية)والذي أفتي بكفر مرتكب الكبيرةولكن سرعان ما رجع عن أفكاره ليتولي "شكري مصطفي" الذي كُني ب"أبو سعد" قيادة المجموعة وتطوير أفكار الشيخ علي إسماعيل وتجذيرها وبلورتها في الشكل الذي انتشرت به من الدعوة إلي الله وإقامة الدولة الإسلامية عن طريق الاعتزال والهجرة ثم استخدام العنف كما تبنَّي مقولات جاهلية المجتمعات القائمة وطالب بتغييرها وأيضًا تميز بقوله إن من لا يدخل جماعة المسلمين فهو كافر..
شكري مصطفي
هو شكري أحمد مصطفي عبد العال من مواليد قرية (الخرص) مركز أبو تيج محافظة أسيوط 1942م، أحد شباب جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتقلوا صيف عام 1963م حتي صيف 1971، وكان لا يزال طالبًا بكلية الزارعة بجامعة أسيوط وتم اعتقاله مع مجموعة من الشباب بتهمة توزيع منشورات لجماعة الإخوان المسلمين وكان عمره وقتئذ واحدًا وعشرين عامًاوفي هذه الفترة تعرف علي كتابات سيد قطب وأبو الأعلي المودودي والتي انتشرت سريعًا بعد إعدام سيد قطب.
في عام 1971م أفرج عنه بعد أن حصل علي بكالوريوس الزراعة ومن ثم بدأ التحرك في مجال تكوين الهيكل التنظيمي لجماعته. ولذلك تمت مبايعته أميرًا للمؤمنين وقائدًا لجماعة المسلمين فعين أمراء للمحافظات والمناطق واستأجر العديد من الشقق كمقار سرية للجماعة بالقاهرة والإسكندرية والجيزة وبعض محافظات الوجه القبلي.
في سبتمبر 1973م أمر بخروج أعضاء الجماعة إلي المناطق الجبلية واللجوء إلي المغارات الواقعة بدائرة (أبو قرقاص) بمحافظة المنيا بعد أن تصرفوا بالبيع في ممتلكاتهم وزودوا أنفسهم بالمؤن اللازمة والسلاح الأبيض، تطبيقًا لمفاهيمه الفكرية حول الهجرة.
في 26 أكتوبر 1973م اشتبه في أمرهم رجال الأمن المصري فتم إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة في قضية رقم 618 لسنة 73 أمن دولة عليا.
في 21 أبريل 1974م عقب حرب أكتوبر 1973م صدر قرار جمهوري بالعفو عن مصطفي شكري وجماعته، إلا أنه عاود ممارسة نشاطه مرة أخري ولكن هذه المرة بصورة مكثفة أكثر من ذي قبل، حيث عمل علي توسيع قاعدة الجماعة، وإعادة تنظيم صفوفها، وقد تمكن من ضم أعضاء جدد للجماعة من شتي محافظات مصر، وشراء أراض زراعية وبناء مجتمع لهم في مديرية التحريركما قام بتسفير مجموعات أخري إلي خارج البلاد بغرض التمويل، مما مكن لانتشار أفكارهم في أكثر من دولة.
هيأ شكري مصطفي لأتباعه بيئة متكاملة من النشاط وشغلهم بالدعوة والعمل والصلوات والدراسة، وإذا ترك العضو الجماعة أُعتُبِرَ كافرًا، حيث اعتبر المجتمع خارج الجماعة كله كافرًا ومن ثم يتم تعقبه وتصفيته جسديا.
ومن أبرز ما اتسمت به "جماعة المسلمين" كما أطلق عليها شكري مصطفي من واقع أقواله أمام هيئة محكمة أمن الدولة العسكرية العليا (القضية رقم 6 لسنة 1977) والتي نشرت في الصحف يوم 21/10/1979:
- ان كل المجتمعات القائمة مجتمعات جاهلية وكافرة قطعًا.
- اننا نرفض ما يأخذون من أقوال الأئمة والإجماع وسائر المسميات الأخري كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة.
- ان الالتزام بجماعة المسلمين ركن أساس كي يكون المسلم مسلمًا، ونرفض ما ابتدعه فقهاء السلاطين من تقاليد، وما رخصوا لأنفسهم فيه، وقد أسلموا أمرهم إلي الطاغوت وهو: الحكم بغير ما أنزل الله، واعتبروا كل من ينطق بالشهادتين مسلمًا.
- ان الإسلام لا يثبت بالشهادتين فقط، ولكنه إقرار وعمل، ومن هنا كان المسلم الذي يفارق جماعة المسلمين كافرًا.
- الإسلام الحق هو الذي تتبناه "جماعة المسلمين" وهو ما كان عليه الرسول وصحابته وعهد الخلافة الراشدة فقط - وبعد هذا لم يكن ثمة إسلام صحيح علي وجه الأرض حتي الآن.
وقد أوضح شكري أفكاره في مجموعة من النصوص أوردها في مجموعة من الكراسات نسخت بخط اليد باعتبار أن المطبعة عتاد كفروتم تداولها سرًّا أهمها:
- رسالة الحجيات.
- رسالة التوسمات.
- الخلافة.
علي كل حال تمايزت أفكار الجماعة بالمسالمة في أول الأمروتقوم فلسفتها علي عدم الاصطدام بالسلطة ولكن بعد وصم المجتمع بالكفر والعودة إلي الجاهليةاعتبر أن جماعته هي الفرقة الوحيدة المسلمة في هذا الكون ودعا شكري إلي الانعزال عن هذا المجتمع والهجرة بعيدًا عن الكفار، وذلك للإخلاء بين الله وبين الكافرين لينقض عليهم ويبيدهم بإحدي سننه (بحرب كونية مثلاً)وفي هذه الحالة تخرج جماعة المسلمين لتقاتل من تبقَّي من الكفاروهم اليهود الذين سيأتون من ناحية إيران!!
فقه العنف
يعتقد أن القضية ثارت بعدما بدأت الجماعة تواجه بعض المشكلات الداخلية نظرًا إلي اتساعها وتوزعها في الداخل والخارج خصوصًا أن شكري لم يكن يتحمل الخروج عنه ويعتبر كل خارج عن جماعته مرتدًّا عن الإسلام يجب قتله ولحدوث بعض أحداث العنف فيما بينهم بدأت هذه الحوادث تلفت نظر جهات الأمن ليكتشفوا أن وراء هذه الحالات من الاعتداء تنظيمًا دينىًّا كبيرًايمكن في أي لحظة أن يتحول بالعنف تجاه النظام عندها ومع تكشف بعض أسرار التنظيم علي يد ضحاياه من المنشقين بدأت حملة اعتقالات لأفراد الجماعة.
ولم يجد شكري مصطفي بدًّا أمام هذه الضربات البوليسية إلا الرد متمثلاً في عملية اختطاف يساوم بها مع النظام علي الإفراج عن المعتقلين.
الذهبي لماذا؟
الشيخ الذهبي عالم كبير ووزير سابق له وزنه في المجتمع ولدي الحكومة. وهذا الرجل قد بلّغ بالدعوة وعلمها جيدًابدليل كتابه الذي يرد علي أفكار التنظيم فكرة فكرة. لم يكتف الشيخ برفض أفكار الجماعة بل أعلن موقفًا مناهضًا لها. بالإضافة إلي أنه كان هدفًا سهلاً ولا توجد عليه حراسة!
منذ اللحظة الأولي كان موقف الحكومة - ممثلة في رئيس وزرائها وزير الداخلية السابق "ممدوح سالم" - هو عدم التنازل والمواجهة لكنها أوهمت الجماعة بالرغبة في المفاوضات بغية كسب الوقت وتأخير قتل الرهينة حتي تستطيع تحديد المكان وإعداد خطة لتخليص الشيخ وبينما كانت تجري مع الجماعة مفاوضات صوريةكان عملاؤها يمسحون القاهرة طولاً وعرضًا بحثًا عن الضحية، وتركز بحثهم علي الشقق المفروشة. وبالصدفة اشتبهوا في إحدي الشقق كان اثنان من ضباط الشرطة يسألان عمن يقيم بالشقة المفروشة رقم واحد شارع محمد حسين بشارع الهرم، فرفض مستأجروها الإدلاء بأي بيانات مما أثار الشكوك وبمهاجمة الشقة عثر بداخلها علي شخصين من الجماعة هما (أحمد نصر الله حجاج وصبري محمد القط)، وعُثر علي مدفع رشاش وألف طلقة ذخيرة، ورسم كروكي لبيت الشيخ الذهبي، وخطابات متبادلة بين أعضاء التنظيم، وأوراق أخري كان من بينها عقد إيجار فيلا مفروشة في شارع فاطمة رشدي في الهرم وفي أثناء التفتيش حضر شخص ثالث، ما إن شاهد رجال الأمن حتي حاول ابتلاع ورقة كان يحملها، فمنعوه، وأخرجوها من فمه، وتبين أنها رسالة بنقل جثمان الدكتور الذهبي من الفيلا المفروشة علي عربة كارو، بعد إجراء عمليات التمويه، لتُلقي - مع النشادر - في مصرف قريب فتم مهاجمة الفيلا المفروشة وعثر علي جثة الشيخ الذهبي.
بدأت عملية مطاردات واسعة أدت إلي سقوط معظم أفراد الجماعة بينما كان شكري يقيم في إحدي الشقق المفروشة بمنطقة "حدائق القبة" مع زوجته (شقيقة محمد النجار مسئول التنظيم) وعلي الرغم من أنه لم يكن أحد من الجماعة يعلم مكان إقامته فقد شعر بضيق الخناق عليه فبدأ في البحث عن مكان أكثر أمانًا وحين عودته لم يجد القميص الأسود منشورًا في البلكونة فعرف أن الشرطة قد هاجمت المكان فعاد يسير في الشوارع علي غير هدي وبعد أن تعب من السيرهداه تفكيره أن يركب القطار إلي بنهاحيث توجد خلية مؤمَّنة يستطيع اللجوء إليها لإخفائه ومن التعب والإرهاق وعدم التركيز ركب قطار المرج بالخطأوعندما اكتشف ذلك قرر النزول في محطة عزبة النخل لوجود بعض أتباعه بها وسار يجر قدماه في شوارع القريةغير قادر علي الاهتداء إلي البيت الذي يسكنون فيه والنسوة أمام البيوت يتطلعن مرتابات إلي هذا الغريب ذي اللحية الطويلة والملابس القصيرة، زائغ النظرات وبالصدفة يلتقي به مخبر كان يعمل في السجن الحربي ويعرفه جيدًافيمد المخبر يده بالمصافحة ويمسك بيد شكري بشدة ويسأله عن اسمه وعندما يرد عليه باسم آخر يقول له: بل أنت شكري مصطفي ويقتاده إلي نقطة الشرطة!!
في 30 مارس عام 1978 بسجن الاستئناف بالقاهرة تم تنفيذ حكم الإعدام في كل من:
- شكري أحمد مصطفي- أحمد طارق عبد العليم- أنور مأمون صقر- ماهر عبد العزيز بكري- مصطفي عبد المقصود غازي.
تنظيمات لا تموت
في أكتوبر 2007 ألقت أجهزة الأمن القبض علي مجموعة جديدة تنتمي إلي تنظيم «التكفير والهجرة»، وذلك للمرة الأولي منذ انتهاء عمليات الكشف عن مجموعة «الشوقيين» التكفيرية الشهيرة أوائل التسعينات، والتي أفرج عن عدد كبير من أعضائها قبل نحو ثلاثة أشهر بعد إقرار التوبة والعودة عن جميع الأفكار التكفيرية.
وخضع أعضاء المجموعة البالغ عددهم نحو 12 متهمًا للتحقيقات داخل جهاز مباحث أمن الدولة لتحريز المضبوطات وجميع بيانات المجموعة، بعد أن حولتهم لنيابة أمن الدولة العليا.
وكشفت تحقيقات النيابة مع المجموعة، عن اعتناق أعضائها لأفكار تنظيم التكفير والهجرة القائمة علي تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه وضرورة القيام بأعمال عدائية داخل البلاد، ومحاولة الترويج لفكر التكفير والهجرة بين الشباب والدعوة إليه من خلال عمليات الاستقطاب للمجموعات الشبابية السلفية.
وقالت التحقيقات: إن المجموعة اتخذت من بعض المساجد في القاهرة مكانًا لنشر الأفكار مثل مسجد «الهدي» بمدينة نصر و«التوحيد» برمسيس، والسعي إلي تكوين جيش باسم «جيش محمد» ومحاولة تصنيع متفجرات وسيارات مفخخة، واتخاذ أسماء حركية، وكذلك اتخاذ الشكل العنقودي للمجموعة والأسلوب الفردي لتجنب الرصد الأمني وجمع التبرعات للقيام بأعمال تخريبية.
واتهمت النيابة قائد المجموعة ويدعي أحمد أبو النجا بإنشاء محطة إذاعية خاصة بالمجموعة عبر شبكة الإنترنت والاتصال بعناصر متطرفة خارج البلاد، ومحاولة قتل اليهود في سيناء للتدريب علي عمليات القتال، ورصد الحافلات السياحية وحركة وخطة الأمن بها في ميادين القاهرة الشهيرة استعدادًا لعمل عدائي ضد هذه الحافلات.
ورغم نفي المجموعة جميع الاتهامات الصادرة بحقهم في مذكرة الضبط لتحريات مباحث أمن الدولة أمام النيابة فإن تحقيقات النيابة كشفت عن أن المجموعة تم ضبطها عن طريق نقابة المحامين عندما تقدم أحد أفراد المجموعة لتسجيل اسمه داخل النقابة فور إعلانها عن قبول المتطوعين للسفر إلي العراق للجهاد ضد القوات الأمريكية، حيث حصلت أجهزة الأمن علي أسماء المتطوعين من مسئول كبير بنقابة المحامين.
وكشفت التحقيقات عن ورود اسم أحد الدعاة السلفيين المشهورين في التحقيقات، حيث قالت مذكرة الضبط إنه هو الذي أسس لفكر التكفير لهذه المجموعة.
ووجهت النيابة اتهامات للمجموعة بإعداد برنامج فكري وعسكري وفقهي لتنفيذ المهام داخل مصر من خلال تدارس الأفكار المتطرفة وتنظيم لقاءات تنظيمية وإعداد التنظيم وإعطائه اسم "جنود جيش محمد" والسعي للحصول علي أسلحة نارية.
ورغم نفي المجموعة جميع التهم فإن محضر التحريات أشار إلي أن بعض أعضائها سبق لهم السفر إلي سوريا والسودان والتواصل مع مجموعات سبق لها السفر إلي الصومال والانضمام إلي المحاكم العسكرية هناك. ونفت المجموعة انضمامها إلي أي تنظيمات أو جماعات سواء التكفير والهجرة أو غيرها، فيما وجهت النيابة اتهامًا للمجموعة بالقيام بحملة تبرعات لصالح الطلاب الأفارقة بجامعة الأزهر وعقد دروس وطبع 2000 بوستر يندد بالاعتداء علي الرسول الكريم، ودعوة للمقاطعة وطبع منشورات تدعو إلي التوحيد!!
وشهد العام 2009 إلقاء القبض علي أكثر من تنظيم لا ىُشترَط انتماؤه المباشر إلي التيار السلفي أو التأثر بأفكاره، ولكن المهم أن هذه التنظيمات الحركية تجد من التيار السلفي ودعاته وقنواته ملاذًا آمنًا من المواجهات الأمنية وأرضية خصبة للنمو في مجتمع لم يزل يري أن الإسلام هو الحل وأن كل من يقول "قال الله وقال الرسول" يحق له الفتوي، وما حالة الشيخ خالد الجندي الأزهري العالم وموقفه من البهائيين بتكفيرهم وتكفير من لم يكفرهم إلا نموذج دال علي أن الفرق بين التطرف والإرهاب فرق في الدرجة لا النوع!!
وهكذا تطير الأفكار عابرة للزمن منتجة تواصلاً في النهج وتحولاً من السلفية الاجتهادية إلي السلفية الجهادية، كما يقول المخرج يوسف شاهين في نهاية فيلمه المصير "الأفكار لها أجنحة لا أحد يستطيع منعها من الطيران".. الكارثة أن كل الأفكار هكذا!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.