حيث ظهرت مراكز تجميل تعتمده كفن وعلم تجميل وماكياج يميز الفتاة العصرية.وأصبحت وسيلة تتطور بصورة تتلاءم مع الموضة والأزياء، كما امتدت أهمية الوشم عند البعض ليصبح وثيقة ارتباط غليظة بين المحبين يشبه رباط الزواج، حيث يكتب المحب اسم حبيبه وأحيانا يرسم صورتها علي جسده كدلالة علي حبه لها وولهه بها، خاصة أن ما كتبه ورسمه يصعب إزالته إلا بماء النار أو بإجراء عملية بالغة الخطورة. ويعتمد الوشم علي الإبر لإدخال مادة من الحبر تحت الجلد لكتابة رموز وكلمات أو رسم رسومات ذات دلالات خاصة بصاحبها. جيفارا ومعارضة الرأسمالية المحللون السياسيون يعتبرون انتشار الوشم هو تعبير فلسفي وثقافي يلجأ إليه الإنسان للاحتجاج والمعارضة وبدلا من كتابة الآراء علي لوحة من الورق أو القماش يكتبها علي الجسد فهو من جهة تعبير طويل العمر كما أنه تعبير متحرك بتحرك صاحبه ، ويبرهن من خلاله علي رفض السياسات القائمة ليس في بلد بعينه وإنما في العالم كله ومع موجة العولمة وما يسمي بالرأسمالية المتوحشة ازدهرت موضة الوشم لاسيما في العالم الثالث حيث موجات الرفض الاحتجاجية لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وظهرت صور جيفارا علي صدور وظهور وأيدي الشباب لاسيما في دول أمريكا اللاتينية، قد ربطت الدراسات الحديثة بين الوشم والاضطرابات النفسية والسلوكية، حيث وجد أن غالبية الأشخاص الذين يقدمون علي الوشم مصابون باضطرابات سلوكية وأنواع من القلق والتوتر والرغبة في التغيير،وقد لاحظ علماء النفس إن موضة الوشم والتاتو انتقلت من الشرق حيث انتشرت في الصين واليابان إلي في الغرب لا سيما عند لاعبي الرياضات العنيفة كالملاكمة والمصارعة إلي السجون.. حيث يمثل الوشم تمرداً وتحدياً للألم ورجولة وقوة وعنفاً بالنسبة للرجال .. فالرجل القوي يمكنه أن يتحمل الألم الناتج عن الوخز بإبرة الوشم ومن ثم يمتلك جسده شكلاً خاصاً مميزاً وفيه العنفوان والقوة والرعب مثل أشكال .. الجماجم والأفاعي وغيرها مما يخيف ويرعب الآخرين .. وأما بالنسبة للمرأة فهو يمثل إغراءً وفتنة ولفتاً للنظر حيث تميل المرأة إلي الاستعانة بالنجوم والورد والقلب والقمر للتعبيرعن الحب الجارف أو العرفان بالجميل لشخص بعينه، وبعضهن يقلدن مشاهير النجوم في رسوماتهم المجنونة سواء كانت من فروع الشجر أو الورد في مناطق ظاهرة من الجسد ".وقد انتشرت في العراقيين ظاهرة الإقبال الشديد علي الوشم ليس للتعرف علي الجثة حال التعرض إلي موت رهيب كما كان الحال خلال السنوات الأولي للاحتلال الانجلوامريكي 2003ولكن لأغراض تجميلية، وقبل بضع سنوات، لجأ العراقيون إلي ظاهرة الوشم لضمان تعرف أهاليهم علي جثثهم حال تعرضهم للقتل والتشويه. أما الآن فقد أصبح هناك إقبال علي الوشم التجميلي أكثر من الوشم الذي يستخدم للتعرف علي الأشخاص. تؤكد فاطمة فائز باحثة في انثروبولوجيا الدين والثقافة الشعبية بالمغرب أن " الوشم يدخل ضمن آداب السلوك الاجتماعي ، يرتبط بالجسد الموشوم وبحياته، ويموت بموته، كما يشكل جسرا للربط بين ماهو روحي ومادي في الجسد ذاته. وللوشم كذلك رمزية اجتماعية وسياسية قوية، فهو يشكل أساس الانتماء الاجتماعي وركيزة الإحساس بالانتماء الموحد، والشعور بالهوية المشتركة والتي ساهمت في ضمان حد كبير من التناغم بين جميع أطراف القبيلة. كما أن الوشم يحيل علي هوية واضعه وانتمائه القبلي، شأنه في ذلك شأن الزخارف النسيجية المبثوثة بشكل خاص في رداء المرأة المعروف ب " الحايك" / "تاحنديرت" عدا عن الزربية والحنبل التقليدييين. ولأن الوشم يكتسي بعدا استيطيقيا فهو يتغيي إبراز مفاتن المرأة وأنوثتها، ويصير خطابا يستهدف الآخر ويوظف لإيقاظ الشهوة فيه وإغرائه وإثارته جنسيا". أنا موشومة، إذ أنا ناضجة جنسيا ويذهب الباحثون في الموضوع إلي الاعتقاد بأن الوشم فوق جسد المرأة هو دليل علي الاكتمال والنضج الجنسي لديها وعلامة العافية والخصوبة ، فلا توشم إلا الفتاة المؤهلة للزواج. كما يقال إنه دلالة علي اكتمالها جمالا، وقدرتها علي تحمل أعباء الحياة الزوجية كما تحملت آلام الوخز. غير أن هناك من يخالف هذا القول ويظن أن الوشم بكل ما يعنيه من وخز وألم كان يستعمل لكبح جماح الغريزة وتدبير الطاقة الجنسية لدي الفتاة. ويستندون في تبرير ظنهم هذا بوجود الوشم لدي بعض النساء في أماكن حساسة ومستورة من جسدهن كالثديين والفخذين وهو ماقد يكون علاجا زجريا لهن في حالات الفوران الجنسي. وتوضح إحدي خبيرات التجميل بالوشم أن الموضة المنتشرة الآن بين الشباب من الجنسين هي رسومات الحب الجارف وكتابة أسماء الحبيب للتأكيد علي الارتباط الأبدي ، فالوشم لايمكن إزالته إلا بماء النار أو من خلال عملية جراحية يتم فيها إزالته باستخدام الليزر. من الوثنية إلي الإيمان ولا يوجد شعب علي الكرة الأرضية لم يستخدم الوشم أو يلجأ إليه،لكن يختلف استخدامه باختلاف الثقافة والايدلوجيا الدينية ، فقد ارتبط الوشم بالديانات الوثنية التي انتشرت في الصين والهند واليابان شرقاً كحامل لرموزها الدينية وأشكال آلهتها, لكنه استعمل لتمييز الفرسان والنبلاء الأوروبيين أثناء المعارك وللتعرف عليهم إذا جرحوا أو قتلوا كما استخدم في بلاد العرب كتعويذة ضد الموت وضد العين الشريرة وللحماية من السحر, ورمزا لتميز في الانتماء إلي القبيلة كما عرفته العقائد البدائية كقربان لفداء النفس أمام الآلهة واستخدمه الفينيقيون كوسيلة للزينة وللتجميل, واستخدمه المصريون القدماء كعلاج ظناً منهم إنه يمنع الحسد. وفي العصر الحديث استخدم الوشم كعلاج وهناك ما يسمي بالوشم الطبي الذي يجري بناء علي وجود حالات مرضية, ويتم استخدام غرفة العمليات فيها وتعقيم الأجهزة المستعملة بالكامل والغرض منه إخفاء الندوب التي تبقي علي الجسم بعد تعرض الشخص لحادثة معينة والتي تؤدي إلي ترسب كمية من الشوائب الصبغية في الجلد وتكون دائمة, وهناك الوشم التجميلي ويتم بواسطة محترفين وتستخدم فيه ألوان زاهية وممكن أن يستخدم لعمل شامة أو تحديد حاجب , شفة أو غيرها, أو بواسطة الهواة ويكون بلون واحد، وينفذ الوشم من خلال تقنيتين، الأولي بأدوات ثاقبة للجلد مثل الإبر والسكاكين الدقيقة التي تمكن من إحداث جروح جلدية. أما التقنية الثانية فتعتمد علي ألوان ومساحيق مختلفة من الكحل والفحم وعصارة النباتات. شروط وإجراءات صحية لكن هناك شروطا صحية ينبغي توفرها فيمن يقوم بعملية الوشم وفي الإجراءات الوقائية وإلا تحولت العملية إلي مشكلة، ويقول الطبيب مصطفي عبدالفتاح وهو متخصص في الإبر الصينية"إن ممارسة الوشم تتم أحيانا في الشوارع والميادين العامة من دون اهتمام بالنظافة ومن دون تطهير للمنطقة فتصبح أكثر عرضة لانتقال العدوي والإصابة بالالتهابات والخراج وغيرها من العدوي البكتيرية الخطيرة ,ويمكن أن يتم انتقال بعض الأمراض الفيروسية مثل التهاب الكبد الوبائي وفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز", إذا تم استخدام القطع المعدنية التي تخترق الجلد ملوثة بالفيروس من شخص آخر تم استخدام نفس الأداة معه . وهنا تأتي أهمية التعقيم واستعمال الأدوات ذات الاستخدام الواحد, لأن الأمراض الفيروسية الخطيرة تنتقل أيضاً عند استخدام نفس الإبرة لرسم الوشم من دون التعقيم ,وهناك بعض أنواع الوشم المستديم لا يمكن إزالته أبداً, والبعض الآخر من الممكن إزالته بالليزر, ولكن قد يحتاج الشخص إلي ما يصل إلي 12 جلسة ليزر لإزالة آثار الوشم بالكامل. ويحذر من الإفراط في وشم باللسان لأنه يتطلب من ثلاثة إلي ستة أسابيع لالتئام الجرح, ومن ستة إلي ثمانية أسابيع في حالات خرق الأذنين والشفتين والحاجبين, أما سُرة البطن فقد يطول الأمر حتي تسعة أشهر في بعض الحالات. و في تقرير نشره موقع قناة الجزيرة نقلاً عن شبكة رويترز الإخبارية 17/7/2003م حذرت اللجنة الأوروبية من أن هواة رسم الوشوم علي أجسامهم يحقنون جلودهم بمواد كيمياوية سامة بسبب الجهل السائد بالمواد المستخدمة في صبغات الوشم. وقالت إن غالبية الكيمياويات المستخدمة في الوشم هي صبغات صناعية صنعت في الأصل لأغراض أخري مثل طلاء السيارات أو أحبار الكتابة وليس هناك علي الإطلاق بيانات تدعم استخدامها بأمان في الوشم أو أن مثل هذه البيانات تكون شحيحة. وسألت اللجنة في بيان مصاحب لتقرير عن المخاطر الصحية للوشم وثقب الجسم "هل ترضي بحقن جلدك بطلاء السيارات". ديفيد بيكهام يتحدي القانون ورغم أن بعض الدول منعت الوشم إلا انه مازال موجودا فيها ،ففي بريطانيا حصل جدل شديد حول مخاطره السياسية وتقدم مارتن مادون عام 1969 بمشروع قانون بتحريم الوشم رسميًا في انجلترا ،لكن لم يحظ بالأغلبية باعتبار الوشم مسألة شخصية ،وبدليل أن نجوم الكرة وأشهرهم ديفيد بيكهام يلجأون إلي الوشم للتميز عن بعد ،كما أصدرت الحكومة اليابانية عام 1870 مرسومًا يحرم الوشم في المناطق الظاهرة من الجسم لكن اليابانيين من الجنسين يلجأون إلي الوشم المستتر. والشاهد إن الوشم صار ظاهرة كونية عابرة للقارات والمحيطات،وله موجات تارة يظهر في صورة سياسية وأخري في صور دينية، وثالثة في مشاهد عاطفية وهناك من يؤيد الوشم للشباب والمراهقين منوع من التعبير أو التغيير وهناك من يعارض ويري أنها غريبة عن المجتمع العربي-هكذا تقول أستاذة الاجتماع د.عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي بالبحوث الاجتماعية والجنائية - وتجسد آفة التقليد الأعمي للغرب ويرد عليها شباب بأن الدنيا تقدمت والعلم تطور ويمكن إزالة الوشم بسهولة وبالتالي لامانع من استخدامه في إطار الذوق العام للتعبير عن فكرة أو مشاعر وما أكثرها في هذا الزمن الصعب.