الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    محافظ الإسكندرية يطلق مبادرة توظيفك علينا لتشغيل 1000 شاب وفتاة    حدث ليلا.. تل أبيب تشتعل واعتقالات بالجامعات الأمريكية وإصابة بن غفير    مصرع 76 شخصا وتشريد 17 ألف آخرين بسبب الفيضانات في كينيا    صحفي إنجليزي يكشف كواليس وأسباب أزمة مشادة محمد صلاح مع كلوب    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    طارق السيد: الزمالك سيتأهل إلى نهائي الكونفدرالية    موعد مباراة توتنهام وآرسنال اليوم في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    حالة الطقس اليوم الأحد على القاهرة والمحافظات    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أسعار الأسماك واللحوم والدواجن والخضروات.. اليوم 28 أبريل    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    تتبع المنهج البريطاني.. ماذا قال وزير التعليم عن المدرسة الدولية؟    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    الفرح تحول إلى جنازة، لحظة انتشال سيارة زفاف عروسين بعد سقوطها بترعة دندرة (صور)    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغذية المدرسية رحلة قتل التلاميذ من الفصل إلى القبر
نشر في البوابة يوم 28 - 10 - 2015

مصانع احتكارية تتلاعب في مكونات الألبان والدقيق فيتسمم الطلاب
تستحوذ على 75% من التغذية المدرسية.. و«التعليم» ترصد 791 مليون جنيه للوجبات
نصف التلاميذ لا يحصلون على «الطعام الرسمى»
التعليم» تشترى وجبات من «الزراعة» ب230 مليون جنيه والنتيجة إصابات وانتكاسات للتلاميذ
مجددًا عاد موسم تسمم تلاميذ المدارس عقب بدء العام الدراسى بأقل من شهر، بعد أن ترددت الأخبار عن تسمم 7 تلاميذ بالفيوم، ومن قبلهم 108 آخرين في الفيوم أيضًا، إلا أن الأمر لم يتوقف عند محافظة واحدة، فالنظام في غالب المحافظات واحد، والمعايير التي تضعها الوزارات المعنية أيضًا واحدة، وكذلك في عدم التنفيذ، وهو ما يجعلنا نقول دون تردد: «كل عام وتلاميذ مدارسنا مهددون بالموت»، فوجبة غذائية واحدة قد تكون سببًا في نهاية حياة تلميذ كل ذنبه أنه فرح بطعام مدرسته وتناوله، لكن في الآخر يقع ضحية وفريسة للجشع الدائر بين منظومة تعليمية لا تصحح أخطاءها مع وزارة الصحة، وبين «مافيات» تحتكر بيزنس توريد الأغذية للمدارس على مستوى الجمهورية.
الأعوام الأخيرة، شهدت مئات الحالات لمدارس بأكملها تسمم تلاميذها بسبب الوجبات الغذائية، وبعدها يخرجون علينا بالتصريحات والتعهدات، ويلف العام ويأتى آخر وتكرر المأساة نفسها.. والسؤال هنا من المسئول المباشر عن هذه الأزمة، ومن نحاسبه على قتل كل هذه الأرواح البريئة؟
هل الحكومة أعدت خطة لبحث الأزمة ودراسة أوجه التقصير، هل تقارير الإدارة العامة للرقابة على الأغذية بوزارة الصحة، التي أثبتت مرارًا شيوع حالات التسمم بين أطفال المدارس لتناولهم وجبات مدرسية منتهية الصلاحية، ستكون جرس إنذار يحول دون وقائع خسائر بشرية مجددا؟
كل هذه الأسئلة تفردها «البوابة» على صفحاتها، للتوصل إلى حل ينهى كارثة الموت ب«السم» في مدارسنا، إذ تستحوذ المصانع الخاصة على قرابة 75٪ من توريد المواد الغذائية المدرسية للتربية والتعليم، وتعد مصانع «جهينة» للألبان و«بسكو مصر» و«الجوهرة»، و«الأمير»، و«الديار» و«فاست»، و«انجوى»، هي المحتكرة «لعملية توريد التغذية لمدارس الجمهورية، باختلاف محافظاتها، ويعتمد نظام التغذية المدرسية «اللامركزية» مما يتيح الحق لأى مديرية حرية التعامل مع أي مصنع في محافظاتها، ومحافظة المنيا هي الوحيدة التي لديها مصنع تابع لها، بحسب صبحى عبدالرحمن، مدير الإدارة العامة للتغذية.
أنواع التغذية
قال صبحى عبدالرحمن، مدير الإدارة العامة للتغذية بوزارة التربية والتعليم، إن وجبات التغذية المدرسية تنقسم إلى خمسة أنواع، النوع الأول وهو المطهى، ويقدم للطلبة الداخليين المقيمين بالمدارس مثل المكفوفين والصم والبكم، ومدارس التربية الفكرية، حيث يقدم إليهم ثلاث وجبات يوميا في الإفطار والغداء والعشاء من خلال جدول أعده المعهد القومى للتغذية، والنوع الثانى عبارة عن بسكويت 50 جرامًا للأطفال برياض الأطفال وبسكويت 80 جرامًا لتلاميذ المرحلة الابتدائية، والنوع الثالث عبارة عن لبن معقم لرياض الأطفال، وإذا كان هناك فائض يوزع لتلاميذ الابتدائى، والنوع الرابع عبارة عن وجبة جافة تتكون من قطعة جبنة نستو أو حلاوة طحينية أو مربى أو بيضة مع رغيف عيش فينو أو بلدى، والنوع الخامس وهو الفطيرة المدرسية والتي تنتجها مصانع المشروع الخدمى للتغذية المدرسية التابع لوزارة الزراعة بناء على بروتوكول تعاون بين وزارتى التربية والتعليم والزراعة.
الوجبة المدرسية تنتجها جهتان حكوميتان، الأولى وزارة التربية والتعليم، التي توزع عبوات بسكويت على الطلاب في المدارس توردها من مصانع خاصة تتعاقد معها، إضافة إلى وزارة الزراعة التي تنتج «فطيرة محشوة بالعجوة» من خلال مصانع تتبع الوزارة، وبلغ إجمالى الميزانية المخصصة للتغذية المدرسية في العام 2014/ 2015، 791 مليون جنيه، بالإضافة لمبلغ 230 مليون جنيه هي جملة إنتاج ال15 مصنعًا التابعة لوزارة الزراعة، والمخصص إنتاجها لوزارة التربية والتعليم فقط، وبلغت استثمارات الحكومة في التغذيةالمدرسية 318.3 مليون جنيه، و2 مليون جنيه تمويلًا ذاتيًا من المحافظات، بحسب مدير إدارة التغذية المدرسية.
وأضاف صبحى، أن وزارة التربية والتعليم تتعاقد على شراء كل مصانع وزارة الزراعة بسعر جنيه و15 قرشًا، بحجم 200 مليون وجبة سنويًا، وبلغ عدد الوجبات المقُدمة يوميًا للوزارة من المصانع الخاصة 8 ملايين وجبة يوميًا، وتقدر حصة وزارة الزراعة ب30٪ فقط من التغذية المدرسية، فيما تستحوذ المصانع الخاصة على 70٪ من جملة التغذية المدرسية، وأكثر المحافظات التي تحصل على اعتمادات مالية محافظة أسيوط بمبلغ 60 مليون جنيه، والقاهرة على 40 مليون جنيه، والدقهلية نحو 50 مليون جنيه.
وقال مدير إدارة التغذية المدرسية، إنه تم التعاقد مع 16 مصنعًا خلال عام 2014/ 2015، وتعتبر مصانع الجوهرة وجهينة وفاست والديار، والأمير، وبسكو مصر بفرعيه، وإنجوى أهمها، وكل مديرية لديها الحق في التعاقد مع أي مصنع تراه مناسبًا لها، فالاعتمادات المالية تخرج من وزارة المالية للمديريات مباشرة، ووزارة التربية والتعليم دورها توجيهى ورقابى، فالوزارة ليس لديها الضبطية القضائية، وإنما من له حق الضبطية القضائية هو وزارة الصحة ووزارة التموين بحكم عملهما وصلاحيتهما.
وأضاف، أن مشروع التغذية المدرسية بوزارة الزراعة يغطى 13 محافظة، من خلال 15 مصنعًا تم إنشاؤها خصيصًا لهذا الغرض، وهى محافظات «الفيوم، وبنى سويف، والمنيا، وأسوان، والبحيرة، والقليوبية، والغربية، وبورسعيد، وشمال سيناء، والقاهرة، ودمياط، والمنوفية، والإسماعيلية»، وتبلغ الطاقة الإنتاجية لهذه المصانع 370 ألف وجبة يوميًا، وهى تنتج فطيرة محشوة بالعجوة مدة صلاحيتها 3 أيام فقط، وفقًا لمدير إدارة التغذية بوزارة التربية والتعليم.
مليارات مصانع البسكويت
من جانبه أوضح المقدم محمد عبدالمولى، المتحدث الإعلامي باسم مباحث التموين، أن وزارة التربية والتعليم تخاطب وزارة التموين للاستعلام عن الشركات التي ستدخل المناقصات لتوريد الوجبات المدرسية لها، لذا تقوم مباحث التموين بتوصية التعامل مع الشركات التي يثبت أنها مسجلة في وزارة الصناعة، ولديها علامة تجارية، ولا توجد لها قضايا بأغذية فاسدة أو خلافه، كما أن صاحبها لا توجد عليه قضايا «مخلة بالشرف سواء شيكات بدون نصيب، أو قضايا سرقة، وهذا هو دور وزارة التموين، إنما كل المسئولية تقع على وزارة التربية والتعليم.
وحذر عبدالمولى من استغلال بعض المصانع والمطاحن من عدم إضافة المقادير اللازمة لتكوين وجبة مدرسية متكاملة، فالمصنع بالفعل يصنع وجبة مدرسية، ولكنه يقلل من حجم مكوناتها، فمثلا ضرورة أن تحتوى الوجبة على 50 جرام حديد، وأن يكون الدقيق من النوع الفاخر رقم 1، ولكن ما يتم استخدامه فعلا في العملية الإنتاجية هو دقيق من النوع العادى، ونحو 25 جرامًا من الحديد، وهذا يوفر له مليارات الجنيهات، وتبلغ استثمارات مصانع الحلويات في مصر 18.438 مليار جنيه.
بينما تقول الدكتورة مايسة عبدالحميد، مدير الإدارة العامة للرقابة على الأغذية والمسئول عن الرقابة عن الأغذية المدرسية على مستوى الجمهورية، إن الوجبات المدرسية تنقسم إلى قسمين، قسم للتعليم العام وقسم للتعليم الأزهرى، ولكل منهما مجموعة من الإجراءات الرقابية على نظام التغذية، ولكن يتفقان في الأسس والاشتراطات الصحية التي يجب اتباعها، سواء على الأغذية الجافة كالبسكويت والألبان وخلافه، أو على الأغذية المطهوة التي تقُدم لمدارس ذوى الاحتياجات الخاصة، وكذا الفطيرة المدرسية التي يقدمها مشروع التغذية المدرسية بوزارة الزراعة.
وتضيف عبدالحميد، أنه يتم المرور على مصانع التغذية المدرسية بعد تعاقد وزارة التربية والتعليم معها، وقبل التعاقد، وتم الإشراف عليها وإخضاعها للمواصفات والاشتراطات الصحية التي نص عليها قانون الأغذية والطب الوقائى، وقد تقدم لمناقصة توريد الأغذية للمدارس هذا العام 25 شركة بسكويت، و11 مطحنًا، و5 شركات ألبان.
ولكن الأزهر لا يخضع المصانع أو الشركات التي تورد له للفحص، ولكنه يتعاقد مباشرة مع مصانع الأغذية ثم يرسل عينات من الأغذية للمعهد القومى للتغذية لبيان صلاحيتها، بحسب عبدالحميد.
كما يتم سحب عينات من المصانع والمطاحن وشركات الألبان لبيان مطابقتها للمواصفات، ويتم قياس مدى التزام المصنع بالاشتراطات الصحية والبيئية، ويتم عمل فحص «بكتيولوجى، وكيماوى، واختبارات سموم» على كل الأغذية المدرسية، أيضًا يتم سحب عينة عشوائية من المدارس وإخضاعها لبيان الصلاحية، بحسب مدير إدارة الأغذية.
وألزمت وزارة الصحة وزارة التربية والتعليم باستخراج شهادة صحية لأعضاء لجنة الأغذية في كل مدارس الجمهورية، دون استثناء.
وأشارت مايسة إلى وجود عيوب في مخازن وزارة التربية والتعليم وفى مخازن بعض موردى الأغذية المدرسية ترقى لحد «الخطر الداهم» - وهو ما يعتبر تهديدًا مباشرًا على صحة الإنسان - لعدم استيفاء المخازن الشروط الصحية من وجود نظام تهوية مناسب، ونظام للصرف الصحى وأنظمة أمان أخرى، فدرجات الحرارة تؤثر على سلامة الوجبات، فالبكتيريا والطفيليات تنمو عند درجة 4 إلى 64 درجة مئوية، وهذه تشكل خطورة كبيرة، فكل 1000 من البكتيريا تتكاثر في ساعة و20 دقيقة لتصل إلى مليون خلية من البكتيريا، وبعد 4 ساعات تبدأ البكتيريا في إطلاق سمومها القاتلة.
تخزين التغذية المدرسية
وتوضح الدكتورة علياء هاشم، استشارى سلامة الغذاء ورئيس وحدة السموم الفطرية، أن البكتيريا المسببة للتسمم الغذائى توجد في كل مرحلة من مراحل تكوين التغذية المدرسية، سواء في مرحلة الإنتاج والتصنيع أو في مرحلة التغليف أو في مرحلة التخزين، والتي غالبًا ما تفتقر إلى المعايير الصحية والبيئية المناسبة، أو في مرحلة التوزيع، حيث إن الذي يقوم بتوزيع التغذية المدرسية غالبًا ما يكونون أشخاصًا غير مؤهلين.
وتضيف هاشم، أن التسمم الغذائى هو عبارة عن مجموعة من أعراض تنتج عن تناول أغذية ملوثة بالبكتيريا والسموم، مشيرة إلى أن التسمم الغذائى يحدث إذا ظهرت أعراض المرض في أكثر من شخصين، وأشهر أنواع البكتيريا المسببة للتسمم الغذائى هو «كلوسيريديم بيرفرنجنز، ستافلو أوريوس، فصائل فايبرو، بيسيليس سيريس، سلمونيلا، كلوستريديوم باتيولينيوم، شيغيلا، الإشريكية القولونية، كامبيلو باكتر، يرسينير، يستيريا، آيروموناس».
وتبين استشارى سلامة الغذاء أن مصانع إنتاج التغذية المدرسية ترسل إلى معامل وزارة الصحة أفضل منتجاتها، وبالتالى فالمعامل تقوم بتحليل ما ترسله المصانع، وليس نتيجة عينات عشوائية على منتجاتها، كما أوصت بضرورة الكشف على الأطفال الذين أصُيبوا بتسمم غذائى حتى يتم تدارك المشكلة بشكل صحيح.
وفى نفس السياق، تقول الدكتورة ماجدة رمزى، كبير إخصائى التغذية في المعهد القومى للتغذية، إن السبب الرئيسى في تسمم تلاميذ المدارس ناتج عن سوء التخزين، لأن أماكن التخزين في المدارس غير مطابقة للمواصفات إطلاقا، فغالبا ما تكون عبارة عن فصول قديمة تم هجرها، مليئة بالقوارض والحشرات الضارة.
وبينت إخصائى التغذية الشروط الواجب توافرها في مخازن الأغذية الموجودة بالمنشآت التعليمية، وهى «أن يكون المخزن مخصصًا فقط لحفظ الأغذية، وأن تتناسب مساحة المخزن مع كمية المواد الغذائية المخزنة به، وأن يكون المكان جيد التهوية لمنع ارتفاع درجة الحرارة داخله، ويتم ذلك إما عن طريق تركيب مراوح أو النوافذ، وأن يكون جيد الإضاءة إما عن طريق الإضاءة الطبيعية بوجود عدد مناسب من النوافذ المغطاة بسلك شبكى ضيق النسيج (سلك بقلاوة) أو توفر إضاءة صناعية كافية، ويجب تغطية لمبات الإضاءة بأغطية خاصة لمنع تلوث المادة الغذائية في حالة كسر اللمبات، كما يجب أن يكون باب المخزن بابًا مروحيًا (ذاتى الغلق) أو يتم تركيب ستائر هوائية أو شرائح بلاستيك لمنع دخول الأتربة، وأن تكون حوائط المخزن مبنية من الطوب والأسمنت المسلح، وألا يقل الارتفاع بين مستوى الأرضية والسقف عن 2.30 متر، وأن يتم دهان الجدران والسقف بدهان زيتى فاتح اللون، كما يجب أن تكون الجدران والأسقف خالية من التشققات لمنع دخول أو إيواء الحشرات، وأن تتكون الأرضيات من البلاط أو السيراميك عالى المقاومة للاحتكاك.
إعدام 2 مليون كيلو وجبات
وحصلت «البوابة» على إحصائية صادرة من الإدارة العامة لمراقبة الأغذية في العام الحالى، بأعداد المنشآت الغذائية التي تتم مراقبتها سنويًا في مصر، وبلغ عدد المنشآت الغذائية «مصانع - مخازن - ثلاجات - سوبر ماركت - مراكز - مراكز تجميع ألبان» 272.962 ألف منشأة، والأماكن التي تمت مراقبتها «مدارس - مستشفيات 49.948 ألف تجمع، وتم توقيف تشغيل 8.510 آلاف منشأة، وبلغ عدد العينات التي تم سحبها لتحليلها 443.160 ألف عينة، وتم تحرير 100.977 ألف محضر، بالمخالفات المضبوطة، وتم إعدام 2 مليون و146 ألفًا و501 كيلو جرام من الأغذية المتنوعة.
وبسبب قرار خاطئ من وزير التربية والتعليم السابق، تم إعدام 20 طنًا من فطيرة الوجبات المدرسية مما كلف ميزانية التربية والتعليم 3 ملايين جنيه، وذلك بعد شائعة تسمم أطفال السويس، وفقًا لإدارة الأغذية.
جهاز حماية المستهلك
قالت سعاد الديب، رئيس جمعية حماية المستهلك، إن بعض المصانع والمطاحن تقوم بخلط الدقيق بأنواع أخرى من الدقيق الردىء، كما أنها تقوم بتوريد ألبان لا تحتوى على المواصفات الكاملة، ووزارة الصحة وجهاز حماية المستهلك لن يفحصا كل وجبة مدرسية، وهذا يحقق لمصانع الألبان والبسكويت أرباحًا تقدر بمئات الملايين، مضيفة أن دور جهاز حماية المستهلك رقابى، وقد تم بحث 503 شكاوى خلال عام 2014، وتنص الإجراءات الرقابية على تغريم المستورد مبلغًا ماديًا 5000 جنيه ولا يزيد على 100 ألف جنيه، وبخصوص مدى مطابقتها للمواصفات المصرية من عدمها، أوضحت الديب أن الجهاز لديه حق الضبطية القضائية، ولديه معامل تحليل يتم تحليل هذه المنتجات فيها من أجل بيان مدى صلاحيتها من عدمها، أما قانون الغش التجارى فهو ينص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة، أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأى طريقة.
توفير نصف مليار جنيه للدولة
قال الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادى ورئيس مركز الشرق الأوسط، إن ميزانية الوجبات المدرسية لم تدرج في الميزانية العامة للدولة، ولكن اتخذ بها قرارًا الدكتور زياد بهاء الدين في موازنة 2013/ 2014، وكانت ما بين 850 مليونًا إلى مليار جنيه، وتم التعاقد مع مجموعة من الشركات الغذائية لصناعة الوجبات المدرسية «بالأمر المباشر»، فيما لو اتخذت الدولة قرارًا بتخصيص 400 مليون جنيه لمصانع شركة مصر للألبان لاستطاعت الشركة العودة للأسواق، مما يعطى الدولة ميزة في تخفيف أعبائها من إهدار ما يقارب من نصف مليار جنيه على الوجبات المدرسية، وذلك لأن هذه الشركة مملوكة بالكامل للدولة، كما أن هذا سيساعد على توظيف 1800 عامل بشكل مباشر، ومثلهم بشكل غير مباشر، ناهيك عن فرض الرقابة والضوابط على الوجبات المدرسية المُقدمة.
جريمة الرافعي
قال عبدالحفيظ طايل، رئيس مركز الحق في التعليم، إن مشكلة الأغذية المدرسية، تكمن في مدى تفاهة المبلغ المخصص لها، فهو لا يكفى احتياجات ملايين التلاميذ، حتى إن نصيب التلميذ أحيانًا لا يتعدى «الملاليم».
وأضاف رئيس مركز الحق في التعليم، أن غياب الشفافية والرقابة سبب كبير في انتشار الفساد، حيث يتم عقد الصفقات مع المصانع دون دراية كافية سواء من داخل العاملين بالوزارة، أو من مؤسسات المجتمع المدنى التي حُرمت من دخول الوزارة ومشاركتها، كما أن الرقابة البيئية منعدمة، فكثير من علب الألبان التي تسلمها التلاميذ العام الماضى احتوى على «ديدان».
ولفت طايل إلى أن وزير التعليم السابق، محب الرافعى، ارتكب مخالفة جسيمة حين أسند مشروع «كانتين المدرسة» لشركة خليجية، دون أن تكون هناك مناقصة، مشيرًا إلى أن الوزارة والشركة تحاولان استغلال المصريين بحجة إحياء مشروع كانتين المدرسة، مستغلتين عدم جودة الوجبة المدرسية وسوء الخدمات المقدمة للأطفال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.