سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رغم بلوغ الدين العام 119% من إجمالي الناتج المحلي في إيطاليا..الايكونوميست: الاقتصاد الإيطالي "سفينة" تستطيع مغالبة العواصف ولكنه ليس "يختا" مؤهلا لكسب السباقات
منذ عامين لم يعد سماسرة السندات فقط هم المهتمون بعوائد الديون السيادية علي دول منطقة اليورو، بل امتد الاهتمام فجأة إلي فئات أخري من الناس وبعد أن وجدت كل من ايرلندا واليونان والبرتغال نفسها مخيرة بين الافلاس أو قبول ضمانات مالية من الرفاق في دول اليورو وصندوق النقد الدولي أصبح يبدو علي ايطاليا وكأنها قد تقف في نفس الصف حيث إن نسبة الدين العام الايطالي بلغت 119% من إجمالي الناتج القومي للبلاد كما أن ضعف أدائها الاقتصادي قد يعرضها للعجز عن دفع مستحقات حملة سندات هذا الدين. وايطاليا كما نعرف دولة صناعية كبري بلغ إجمالي ناتجها المحلي في عام 2010 أكثر من 1،5 تريليون يورو "2،15 تريليون دولار" ومتوسط دخل الفرد فيها 25600 يورو 36600 دولار" سنويا. وإذا نظرنا إلي الخرائط الايطالية فسنجدها تحتوي علي تناقضات وتفاوتات بالغة وعلي سبيل المثال فإن متوسط دخل الفرد سنويا في منطقتي روما وشمال ايطاليا يناهز 30800 يورو (44044 دولارا) أما في الجنوب والجزر فهو 17700 يورو (25311 دولارا) كما أن معدل البطالة العام 7،8% بأرقام سنة 2009 لتحتل المرتبة 17 علي مستوي الاتحاد الاوروبي ولكن هذا المعدل يرتفع إلي نسبة مكونة من رقمين في العديد من مقاطعات جنوب ايطاليا ويبلغ ذروته في الجزر ليصبح 13،9% في صقلية وينخفض في مقاطعات الشمال حتي يصل إلي أدني مستوي له (3،1%) في منطقة ألتو أليج حسب أرقام 2009 وحتي الاقتصاد غير القانوني (الأسود) فنجده يتركز في الجنوب والجزر الايطالية وتقل كثافته كثيرا في الشمال والوسط ونفس الأمر يتكرر في مجال الجريمة التي نجدها كثيفة في الجنوب وجزيرة صقلية بينما هي إما متوسطة أو خفيفة في باقي أنحاء ايطاليا. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن الدين العام مشكلة ايطاليا الكبري إلي جانب انخفاض الإنتاجية ففي مجال مستوي الإنتاجية تأتي ايطاليا في الذيل بعد الولاياتالمتحدة ثم اليابان وبريطانيا وفرنسا وألمانيا علي الترتيب وفيما يخص الدين العام نلاحظ أنه من عام 1992 حتي عام الأزمة العالمية 2008 كانت الموازنة الايطالية تحقق فائضا سنويا إذا استبعدنا منها أعباء خدمة الدين وكان تدهور ماليات ايطاليا أقل سرعة من كل البلدان الأخري في منطقة اليورو وكان الانخفاض في عجز الموازنة مطردا وأساسيا وبعد أن كانت دول جنوب أوروبا الأربع البرتغال وايطاليا واليونان وأسبانيا هي المرشحة للوقوع في الأزمة أولا سبقتها ايرلندا من الشمال وجاءت بعدها اليونان ثم البرتغال بينما ظلت ايطاليا وأسبانيا خارج الدائرة حتي الآن أكثر من ذلك لم يتعرض بنك ايطالي واحد للافلاس، بل أصبحت ايطاليا مساهم كبير في الضمانات المالية التي تقدم للدول الاوروبية المتعثرة وهو ما جعل الحكومة الايطالية تثق تماما في سلامة النموذج الاقتصادي الذي تتبعه وتتعزي به ولكنه علي أية حال تعز مبالغ فيه وهنا يقول بيل ايموت المحرر السابق في مجلة "الايكونوميست" ومؤلف كتاب "شجاعة إيطاليا: كيف تبدأ من جديد بعد بيرلسكوني؟" وهو مكتوب بالإيطالية ومتاح داخل إيطاليا فقط حتي الآن. إن النموذج الإيطالي أشبه بالسفينة عريضة القاع التي يمكنها أن تصمد أمام العواصف وليس يخت السباق القادر علي الفوز في المسابقات. وهذا معناه أن إيطاليا لن تستطيع بعد أن تهدأ العاصفة أن تكسب أي سباق صحيح أن إيطاليا نجت بنفسها من الكارثة في الركود العميق الأخير ولكن اقتصادها لا يزال أسير حالة تدني الأداء التي دخل فيها خلال العقود القليلة الأخيرة. ففي عام 2008 وهو العام الذي شهد إفلاس بنك ليمان براذرز الأمريكي كان معدل النمو الإيطالي هو الأسرع انخفاضا في أوروبا كما أنها في عام 2010 عندما تعافت منطقة اليورو كانت إيطاليا هي الابطأ نموا. ومن جانبه فإن دومينكو سينيسكالكو وهو وزير مالية إيطالية سابق يعمل حاليا في مورجان ستانلي يلخص الموقف بقوله إن إيطاليا في أوقات الأزمة تتفادي الانهيار ولكنها لسوء الحظ لا تنمو بعد انتهاء الأزمة. إن الرؤية الوردية للاقتصاد الإيطالي نابعة من أمرين أو افتراضين نصف صحيحين الأمر الأول هو أنه اقتصاد تصديري مثل الاقتصاد الألماني وهذا صحيح ظاهريا أما من الناحية العملية فإن إيطاليا تعاني من عجز في ميزانها الحسابي منذ عام 1999 ثم من عجز في الميزان التجاري منذ عام 2005. وصحيح أيضا أن إيطاليا صاحبة سادس أكبر قاعدة صناعية في العالم ولكن بريطانيا التي توصف عادة بأنها ضعيفة صناعيا تصنع وتصدر سيارات أكثر من إيطاليا. والافتراض الثاني نصف الخاطئ هو أن ارتفاع مستوي الادخار المحلي في إيطاليا واستثمار هذه المدخرات في حسابات مصرفية أو شراء أدوات الدين الحكومي يحمي الاقتصاد الإيطالي من الاضطراب. ويجري أحيانا تشبيه إيطاليا في هذا الشأن باليابان بأن أغلب دينها العام في أيدي محلية ولا يملك الأجانب منه سوي القليل ولكن صندوق النقد الدولي يعتقد حاليا بأن الأجانب صار