عادت مشكلة إعادة هيكلة الديون مرة أخري علي أولويات جدول أعمال العديد من الخبراء في منطقة اليورو، وباتت إعادة هيكلة الديون لدي العديد منهم بمثابة الموت أو دفع الضرائب، إلا أن هناك تساؤلا فرض نفسه منذ فترة وحتي الوقت الراهن هو أين ومتي وكيف يمكن أن تحدث تلك الهيكلة، فهناك تخاوفات من الخسائر، فضلا عن أن الغموض أصبح يحيط بعمليات الانقاذ، ويعتقد المحللون أنه رغم حزمة الانقاذ التي وجهت لليونان والتي بلغت نحو 110 مليارات يورو في مايو الماضي، إلا أنها قد تكون من أكثر الدول عجزا عن السداد، ولاتزال هي الأضعف في منطقة اليورو، وفقا لآراء الخبراء في صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية. ووصلت مستويات الديون إلي الناتج المحلي الإجمالي في أمريكا وبريطانيا ووسط وغرب أوروبا إلي نسب تتراوح بين 150 و200%، وهو أعلي من أي فترة مضت خلال ال "15" سنة الماضية، وقد يكون ذلك خلال القرن كله، ورصدت صحيفة فاينانشال تايمز أكبر "13" دولة من حيث ارتفاع عائد السندات، ونسبة الديون إلي الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من الوقت الحالي وحتي عام 2013 حيث سجلت بلجيكا عائد سندات نسبته 100%، وتعدت نسبة ديونها إلي الناتج المحلي الإجمالي معدل 106%، ونسرد بقية الدولة التي أشارت اليها الصحيفة حيث يعبر الرقم الأول عن نسبة العائد علي السندات، فيما تعبر النسبة الثانية عن نسبة الديون إلي الناتج المحلي الإجمالي، وسجلت أيرلندا معدلا قدره 94%، ونسبة 105%، وبلغت نسبة اليونان فيما يتعلق بالمعدلين 130% و144%، فيما وصلت النسبة في إيطاليا إلي 118% و120%، وبلغت في النمسا إلي 70% و75%، فيما سجلت في هولندا معدل 66% ونسبة 74%، وفي بريطانيا سجلت 77%، ونسبة 86%، وفي فرنسا بلغت نحو 84%، ومعدل 90%، فيما وصلت في هنجاريا إلي نسبة 78%، ومعدل 80%، وفي ألمانيا بلغت نحو 75% ونحو 77%، وفي اسبانيا سجلت 63% و79%، وفي البرتغال سجلت 83% ونحو 92%، وفي مالطا سجلت نحو 20% ونسبة 71%. ويعلق أحمد زينهم خبير أسواق المال موضحا أنه فيما يتعلق بإعادة هيكلة الديون السيادية فهي تمثل قلقا لكثير من المسئولين فالديون السيادية تعد بمثابة ديون علي حكومة دولة ما مقومة بعملة غير عملتها الأصلية أو المحلية، ومن ثم فالفرق بين الدين الحكومي والدين السيادي يتمثل في نوع عملة الإصدار التي يتم علي أساسها اقتراض الحكومة والدول التي تقع في أزمة ديون سيادية غالبا ما تلجأ إلي محاولة تدبير العملات الأجنبية من خلال الطرق الخاصة بها سواء باللجوء للمؤسسات الرسمية أو المؤسسات غير الرسمية، فالمؤسسات الرسمية تتمثل في اللجوء لصندوق النقد الدولي والذي يقوم بتقييم أوضاع الدولة فإذا كان التوقف عن سداد الديون بسبب ظروف استثنائية وطارئة مثل تراجع أسعار صادرات الدولة، فيتم عقد اتفاقية بينهما يطلق عليها "اتفاق المساندة" وفيه يتم منح الدولة الدولة تسهيلات نقدية بالعملات الأجنبية في صورة نسبة محددة من حصتها في الصندوق دون أي إجراءات لتصحيح هيكلها المالي والاقتصادي. ويضيف أنه إذا كان التوقف عن السداد يرجع إلي مشكلة هيكلية مرتبطة بضعف هيكل إيرادات الدولة أو سوء التسعير في السلع والخدمات أو أشياء أخري يراها الصندوق فيشترط في هذه الحالة أن ترتبط عملية تقديم المساعدة للدولة بضرورة اتباع الدولة لبرنامج إصلاح هيكلي يتضمن اقتراحات يجب علي الدولة اتباعها حتي تتمكن من إصلاح هيكل الميزانية العمومية، وتخفيض العجز في ميزان المدفوعات. وإذا لجأت الدول إلي مؤسسات غير رسمية فيجب عليها أن تستند إلي توصيات من قبل صندوق النقد الدولي. ويشير الدكتور محمد الصهرجتي العضو المنتدب لشركة سوليدير للأوراق المالية إلي أن فشل الحكومات في سداد الديون السيادية يكون بسبب عدم القدرة علي تدبير العملات اللازمة لسداد الالتزامات المستحقة عليها بموجب الدين السيادي، كما أن غالبية الحكومات علي مستوي العالم تحرص علي عدم الفشل في سداد الالتزامات تجاه الديون السيادية، من أجل الحفاظ علي تصنيف ائتماني، وحتي لا يفقد المستثمرون علي مستوي العالم ثقتهم، الأمر الذي يؤدي إلي عدم الاقبال علي شراء سنداتها في المستقبل، كما أن ذلك يسبب ضعف إقبال المستثمرين الأجانب بالدولة علي زيادة استثماراتهم فيها.