«حماة الوطن» يبحث سبل التعاون بين الحزب ومشيخة الأزهر    أسعار الفراخ اليوم 20 مايو 2024 للمستهلك بجميع الأسواق    صندوق النقد الدولي: البنوك القطرية تتمتع برأس مال جيد وسيولة وربحية    السر يملكه القائد.. اللواء هشام حلبي يكشف أسباب تحطم طائرة رئيسي (فيديو)    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد بعد هجوم ميلي على حكومة سانشيز    صلاح عبدالله يحتفل بفوز الزمالك بالكونفيدرالية: استحملنا كثير أوي.. جمهورنا أوفياء للأبد اسما وفعلا    النجمة ديمي مور تخطف الأنظار في فعاليات اليوم السادس لمهرجان كان السينمائي    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    وزارة الصحة تطلق 8 قوافل طبية مجانية بالمحافظات    لطلاب الامتحانات.. احذوا تناول مشروبات الطاقة لهذه الأسباب (فيديو)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تفاصيل جديدة عن حادث الفنان عباس أبو الحسن    مصرع شاب وإصابة 2 في حادث تصادم أعلى محور دار السلام بسوهاج    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات مركز الإختبارات الالكترونية    خارجية أمريكا: المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها سلطة قضائية على إسرائيل    أحمد الطاهري: مصرع الرئيس الإيراني هو الخبر الرئيسي خلال الساعات الماضية    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    وكيل صحة الشرقية يتفقد أعمال التطوير بمستشفى سنهوت التخصصي    السرب المصري الظافر    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    محافظ دمياط تستقبل نائب مدير برنامج الأغذية العالمى بمصر لبحث التعاون    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    «سوميتومو» تستهدف صادرات سنوية بقيمة 500 مليون يورو من مصر    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    أول تعليق من التنظيم والإدارة بشأن عدم توفير الدرجات الوظيفية والاعتماد ل3 آلاف إمام    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    د. معتز القيعي يقدم نصائح حول الأنظمة الغذائية المنتشره بين الشباب    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    لاعبو المشروع القومي لرفع الأثقال يشاركون في بطولة العالم تحت 17 سنة    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    الإعدام شنقًا لشاب أنهى حياة زوجته وشقيقها وابن عمها بأسيوط    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    برنامج "لوريال - اليونسكو" يفتح باب التقدم للمرأة المصرية في مجال العلوم لعام 2024    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهاجر يهودي يقول «إن كان هدم المسجد لبناء الهيكل مكانه سيشعل نيران حرب كبري فليكن لأننا نشعر الآن بالملل»
نشر في القاهرة يوم 24 - 11 - 2009

قد لا يدهش القارئ المحقق والمدقق لدي رؤيته وسماعه لأخبار الاعتداءات الإسرائيلية والتي باتت شبه يومية علي المسجد الأقصي المبارك سيما في العقود الأخيرة وان تسارعت وتيرته علي نحو غير مسبوق في أعوام الألفية الجديدة . أما السبب في حالة اللادهش فهو المعرفة الكاملة لما يدور في عقل إسرائيل العقائدي ، هذا الذي عبر عنه ذات مرة " بن جوريون " بالقول " لا فائدة لإسرائيل بدون القدس ولا معني للقدس بدون الهيكل" . هو الهيكل إذًا . الهدف والمرام . ولأجل إقامته لابد من أن يزول الأقصي من الوجود رويدا رويدا .. وان كان هناك من حاول ويحاول إزالته دفعة واحدة عبر أكثر من محاولة همجية .. كيف جري ذلك وما علاقته بالفكر اليهودي المنحول ؟ وهل الأقصي فعلا في خطر بعد ما باتت الخطوات العملية لبناء الهيكل تشق طريقها نحو القدس؟
بناء الهيكل الجديد
في سنة 1989 نشرت مجلة التايم الأمريكية تحقيقا تحت العنوان المتقدم ووضعت المجلة عنوانا فرعيا بلغة الكلام المزدوج التي تجيدها كتيبة الإعلام العالمي والأمريكي تحديدا الداعمة لإسرائيل دوما وأبدا يقول " إن اليهود التقليديين يأملون في تشييد بنائهم المقدس ، لكن مسجدا وقرونا من العداء تقف في طريقهم ".
والمعني الواضح هنا للمجلة الأمريكية الشهيرة هو أن اليهود المتدينين الطيبين يريدون العودة للصلاة في معبدهم التاريخي، لكن المسلمين بمسجدهم " الأقصي " وعدائهم الديني الضارب في القدم يقفون في طريق اليهود ويحرمونهم من تشييد بنائهم المقدس ".
وفي تحقيقها تشير المجلة كذلك إلي أن " إعادة بناء الهيكل لم تكن قضية مثارة إلي أن استولت إسرائيل علي جبل الهيكل - بلغة التايم - ومدينة القدس القديمة وان إسرائيل نظرا لحرصها علي صون السلام واصلت السماح للمسلمين بإدارة الموقع ، غير أن المسلمين لا يسمحون ليهودي أو مسيحي بإقامة شعائر الصلاة علنا علي الأرض المقدسة لذلك الجبل ، ولم يبدوا ادني استعداد للسماح ببناء ابسط معبد يهودي أو كنيسة ، كما أن اقل حركة تشير إلي موضوع إعادة بناء الهيكل تثير استفظاع المسلمين الذين عقدوا العزم تبعا لما صرح به احد مسئولي المسجد الأقصي علي الدفاع عن الأماكن الإسلامية المقدسة إلي آخر قطرة في دمائهم ".
هكذا كانت الآلة الإعلامية الأمريكية المدفوعة لصالح الفكر اليهودي تعمل في الولايات المتحدة الأمريكية وفي غيرها من دول الغرب في اتجاه واحدة من أعقد أساطير اليهود حتي الساعة ... ماذا عن تلك الأسطورة؟
التراث الديني اليهودي
الثابت أن التراث الديني اليهودي مستقر علي أن أمر الله في العهد القديم " التوراة " ببناء الهيكل هو شأن لا رجعة فيه وهذا الفكر الدوجمائي غير القابل للنقاش يسيطر علي تفكير العشرات بل المئات من المنظمات اليهودية في القدس والتي تعتبر مسألة بناء الهيكل مسألة مقضيا بها، ويمكن وصف تلك المنظمات بأنها شديدة التعصب، بالغة الحماس، نشطة في الإعداد لبناء الهيكل حتي لو قاد الأمر إلي كارثة كبري .
في هذا السياق يصرح " بوبي بروان " المهاجر اليهودي من بروكلين بالقول " إن كان هدم المسجد لبناء الهيكل مكانه سيشعل نيران حرب كبري ، فليكن لأننا في البداية عندما جئنا إلي هنا ، واستخدمنا تكتيكات حرب العصابات في أخذ الأراضي من العرب وبناء مستوطنات عليها ، كان الأمر مثيرا لكننا الآن نشعر بالملل ، فنحن مسلحون تسليحا كاملا ونشعر أن وجود مسجد في وسطنا وصمة عار لأرضنا ، فالمار لا يري صورة " لأورشليم " إلا ويري فيها ذلك المسجد ، ولذا يجب أن يزال ولسوف نبني هيكلنا الثالث مكانه في يوم من الأيام ، ونحن يجب أن نفعل ذلك لنجعل العرب يرون ولنجعل العالم كله يري ، أننا أصحاب السيادة علي أورشليم وأصحاب السيادة علي كل ارض إسرائيل".
يتساءل المرء ما هو تاريخ هذا الهيكل المزعوم وماذا عن أبعاده الدينية وهل هو حقيقة إيمانية أم مجرد تهويمات ابوكريفية منحولة ؟.
في حقيقة هذا الهيكل التاريخية
بدون إغراق القارئ في تفاصيل الفكر الديني اليهودي نقول إن المعبد بادئ ذي بدء هو مكان العبادة لشعب إسرائيل، علي انه عبر تاريخهم كان هناك ثلاثة هياكل وليس هيكلاً واحدًا وكلها بنيت وهدمت ويمكن الإشارة إليها دون تطويل ممل أو اختصار مخل في السطور التالية :
الهيكل الأول: هيكل سليمان
بني لأول مرة في عهد الملك سليمان بن داود وكان ذلك في حوالي عام 1004 قبل الميلاد وهدم في حوالي 587 م قبل الميلاد علي يد ملك بابل الشهير نبوخذ نصر ، حينما سقطت أورشليم في أيدي البابليين وقد تنبأ عن إعادة بنائه النبي زكريا حوالي عام 518 ق . م وتحققت النبوءة.
الهيكل الثاني : هيكل زروبابل
كان بناؤه عام 150 قبل الميلاد وبمعاونة النبي زكريا والنبي حجي من أنبياء بني إسرائيل وسمي هيكل زروبابل نسبة إلي زروبابل حاكم اليهودية آنذاك وكان ذلك بأمر الملك قورش ملك فارس وقد دمره الوالي الروماني انطيوخوس الرابع 163 ق.م وكان عصر النبوءات قد انتهي في بني إسرائيل ، فلم يوجد أنبياء حتي مجيء يحي بن زكريا سنة 4 ق.م وان كان دانيال النبي تنبأ ضمنا بإعادة بنائه.
الهيكل الثالث :هيكل هيرودس
وقد بني علي يد ملك اليهود هيرودس الكبير ابتداء من سنة 19 ق.م وظل البناء فيه قائما حتي عام 64 بعد الميلاد ولم يمض بعد ذلك إلا سنوات حتي دمره نهائيا القائد الروماني تيطس سنة 70 ميلادية....
والشاهد انه إذا كانت الهياكل الثلاثة السابقة قد أصابها ما أصابها فلماذا العودة من جديد إلي المناداة ببناء هيكل آخر؟
بناء الهيكل والتنبؤات المكذوبة
يزخر الفكر المسيحي الحقيقي لا المخترق بأبجديات "مارتن لوثر" هذا الذي صادق اليهود في بداية انشقاقه وتمرده حتي انه تودد إليهم بكتابه الأول " عيسي ولد يهوديا " يزخر بالرؤي والآيات والدلائل والإشارات التي تؤكد علي نهاية دور الشعب اليهودي في استلام رسالة التوحيد ، بل إن قصة الهيكل علي نحو خاص تجابهها نبوءة للسيد المسيح مفادها ، انه نظر إلي الهيكل الأخير لإسرائيل وقال عنه " لن يبقي هاهنا حجر علي حجر إلا وينقض".
غير أنه من المؤسف جدًا أن بعض التيارات المغالية في التماهي مع اليهود من المسيحيين المتصهينين يمضون في طريق تصديق خرافة محتواها أن بناء الهيكل من جديد هو الطريق لعودة المسيح إلي الأرض ثانية وقيام ما يسمي بالملك الألفي أي أن تشهد الأرض حكم الهي مدته ألف سنة، ولذلك تجد فكرة إعادة بناء الهيكل زخما عند تيارات غربية كثيرة وان كانت الكنائس الرسوبية الكبري حول العالم كالكاثوليكية والأرثوذكسية ترفض هذا الفكر المنحول.
كيف جري خراب الهيكل الأخير؟
يخبرنا المؤرخ اليهودي الشهير "يوسيفوس" في كتابه "حروب اليهود - الجزء السادس " الفصلين الرابع والخامس، بتفاصيل ما جري ذلك انه لما استولي عساكر الرومان علي المدينة القدس وقد كان ذلك في حوالي سنة 70 ميلادية لمواجهة التمرد اليهودي ضد الحكم الروماني ، احرقوا المعبد ودمروا الهيكل عن آخره ، وقد كان الهيكل في نظر الرومان ليس مجرد معبد ديني لكنه كان لليهود قلعة وحصنا ، ولم يكن من سبيل لوقف عناد اليهود وتصلبهم في مقاومة الرومان إلا بتدمير الهيكل نفسه ، وهو مجد اليهود ورمز فخرهم وزهوهم واستعلائهم علي كل شعوب الأرض وهكذا تم خراب الهيكل وتمت نبوءة السيد المسيح " لن يترك فيه حجر علي حجر إلا وينقض ".
ولأن الكراهية اليهودية قابعة في عمق أعماق النفس اليهودية ضد المسيحية الحقيقية فقد حاول اليهود بعد ذلك مرارا وتكرارا إعادة بناء الهيكل الذي تهدم من اجل إظهار كذب المسيح ذاته ، واتفق أن كان هناك احد الأباطرة الرومان ويدعي "يوليانوس المرتد" وسمي بذلك لأنه عاد إلي عبادة الأوثان بعد أن كانت المسيحية قد أضحت الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية غير أن ما جري كما وصفه المؤرخ اليوناني سقراط عجيب جدا إذ يقول " انه في الليلة التالية لبدء اليهود عملهم حدث زلزال مخيف حطم الأحجار التي كانت لا تزال في الأساسات القديمة للهيكل الذي تدمر، الأمر الذي روع له اليهود جدا فلما وصلت أنباء هذا الزلزال إلي اليهود المقيمين في الأماكن البعيدة هرعوا بأعداد كبيرة إلي مكان الهيكل حيث حدث الزلزال ثم إذا فجأة بنار تنزل من السماء لتحرق جميع أدوات البناء وظلت النار مشتعلة لمدة يوم كامل ، فأتلفت الفئوس والأدوات الحديدية و المناشير والمطارق وبالإجمال دمرت النار مختلف الغدوات التي حصل عليها البناؤون لانجاز العمل.
لم تعد هناك إذن نبوءة تنتظر التحقق بعد ، لكن الأيادي الهمجية تحاول منذ زمان وزمانين إعادة محاولة يوليانوس المرتد عبر هدم الأقصي وبناء الهيكل في موقعه وموضعه... كيف ذلك؟
1967 و محاولة أولي لهدم الأقصي
يسجل الجنرال الإسرائيلي " اوزي ناركيس " قائد المنطقة الوسطي الإسرائيلية في حرب عام 1967 في مذكراته ما نصه " إنني وقفت بجوار الحاخامات وهم يتلون بعض الأدعية بصوت عال وسط تزاحم ضباط وجنود من الوحدات جاءوا لمشاهدة الحائط وملامسته تبركا ... كان ذلك بعد نصف ساعة تقريبا من وقوف موشي ديان، واسحق رابين، واوزي ناركيس " جنرالات إسرائيل الكبار وقتها " صباح السابع من يونيو 1967 أمام حائط البراق " حائط المبكي " كما يسمونه " .... في تلك اللحظات يقول " ناركيس " هرع إلي الموقع كبير حاخامات الجيش الإسرائيلي الجنرال " شلومو جوربين " وأخذني من يدي جانبا وقال لي همسا " اوزي أليست هذه هي اللحظة المناسبة لوضع مائة كيلو جرام من المفرقعات في مسجد عمر، وقبة الصخرة، حتي تتوقف دعاوي المسلمين بوجود حق ديني أو تاريخي لهم في القدس؟".
ويضيف ناركيس : قلت لكبير الحاخامات " أرجوك ذلك أمر لا داعي له وسوف يثير علينا الدنيا كلها ، وسألني أي دنيا سوف يثيرها؟"، وقلت له " المجتمع الدولي وعلي رأسه أمريكا التي لها صداقات كثيرة تحرص عليها في المنطقة ونحن أيضا لنا أصدقاء في العالم الإسلامي تركيا ، إيران ، اندونيسيا ، باكستان ، وغيرهم كثيرون ،..... ولكن كبير الحاخامات أصر علي مواصلة دعوته قائلا لي " اوزي هذه فرصتك لدخول التاريخ وأنت تضيعها ورددت مضطرا عليه " بأنني سجلت اسمي في كتب التاريخ بدخول القدس وانتهي الأمر ، وأدار كبير الحاخامات ظهره لي ومشي بعيدا ........وتبقي علامة الاستفهام في هذا المقام : هل توقفت محاولات هدم الأقصي بعد ذلك أم مضت علي قدم وساق من أجل بناء الهيكل الجديد؟
محاولات مستمرة لهدم الأقصي
واقع الحال يشير إلي أن المحاولات مستمرة والنوايا العدوانية مستقرة منذ عام 1967مرورا بعام 1969 أي وقت الحريق الكبير الذي اشتعل في الأقصي، وصولا إلي الأيام الأخيرة التي شهدت حفر أنفاق وإحداث هزات أرضية صناعية ، ناهيك عن تزوير تاريخ المنطقة برمتها.
وحسب الادعاءات اليهودية التي تجد كثيرا من دعم أصوليين مسيحيين غربيين خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية فإن المسجد أقصي بني فوق أساسات الهيكل الثاني.
وفي هذا السياق كان طبيعيا أن تنشأ مؤسسات مثل " مؤسسة هيكل أورشليم " بغرض محدد هو مساعدة أولئك الذين ينتوون تدمير المسجد الأقصي وبناء الهيكل مكانه ".
ويبقي بديهي أن يخطط البعض مثل الضابط الإسرائيلي "مناحم ليفني عام 1985 لنسف المسجد عبر خطة عسكرية فالرجل كان أحد أعضاء كتلة المؤمنين وقائد كتيبة مهندسين في جيش الاحتلال وفي الوقت ذاته كان قائد وحدة من وحدات الحركة " الزيلوتية (حماة العقيدة) الإرهابية لمنظمة غوش ايمونيم ، فقد تمكن ليفني من الحصول علي صور استطلاع جوي التقطت للموقع كله ثم جند احد الطيارين العسكريين واتفق معه علي قصف المسجد والموقع كله من الجو ، لكن السلطات العسكرية أوقفت التنفيذ لان اشتراك احد الطيارين العسكريين كان حريا بان يكشف عن اشتراك حكومي في العملية .
علي أنه وفي الوقت الذي كانت المؤامرات فيه من جانب تحاك لهدم الأقصي كانت خطوات عملية تتخذ في طريق بناء الهيكل الجديد .
تجهيزات لبناء الهيكل من جديد
والثابت انه إذا كان العسكريون يمضون في خططهم المسلحة لهدم الأقصي فان المنظرين من فلاسفة اليهود أمثال " يهودا اتزيون " الفيلسوف الأيديولوجي للزيلوت الجدد يحث دائما جماعات " مؤمني الهيكل " علي حتمية النهوض بواجبهم الديني وإزالة الحرم الشريف من الوجود " لأنه - حسب زعمهم - مقام علي أنقاض الهيكل الذي هدمه الرومان ، ولا يتوقف الأمر علي التنظير الفكري بل يمتد عمل هؤلاء وأولئك من المنظرين والأتباع إلي الإجراءات العملية للإعداد لبناء الهيكل وقد شمل هذا النشاط الحصول علي عدد من الدعامات الخشبية الضخمة التي يعتقد أنها استنقذت من أنقاض الهيكل سنة 70 ميلادية لاستخدامها تبركا لتكون بين دعامات الهيكل الجديد الذي يعرض المؤمنون نموذجه المصغر من الآن في إحدي قاعات فندق الأراضي المقدسة بالقدس، والذي تعد رسومه الهندسية بنشاط بالغ .
والمتابع للتصريحات اليهودية المتشددة في الآونة الأخيرة يستمع إلي أقوال عدد من الحاخامات الذين يؤكدون أنهم لن يستطيعوا مفارقة هذا العالم دون أن يؤمنوا لليهود الصلاة مجددا علي جبل الهيكل ومن بين هولاء نستمع إلي المؤرخ اليهودي " ديفيد سولومون " والذي يصرح لمجلة النيوزويك الأمريكية منذ فترة بالقول " إن كل يوم يمر علي اليهود دون أن يبدوا في بناء الهيكل يعتبر وصمة عار في جبين الأمة اليهودية ... هل تحول الأمر من مجرد القراءة التوراتية إلي خطوات عملية لإقامة الهيكل الجديد؟
إعداد الهيكل في ولاية أنديانا الأمريكية
يبدو مؤكدا أن العمل جاري علي قدم وساق لإقامة الهيكل وقد كثرت الأقاويل في السنين الأخيرة حول أحجار الهيكل وطريقة بنائه وطقوس تقديم الذبائح فيه بل والذبيحة نفسها .
أما ما يثير اشد المخاوف فهو الادعاء باكتشاف تابوت المعهد الإسرائيلي رمز الحضرة الإلهية في وسط شعب إسرائيل في العهد القديم ، ذلك انه بعد استيلاء إسرائيل علي حائط البراق عام 1967 قالوا أنهم اكتشفوا تحته وثائق تعلن عن طريقة قطع الأحجار الخاصة بالهيكل بطريقة دقيقة.
هذه الرواية أكدها الكاتب الأمريكي " كولين ديل "في كتابه الشهير" عودة المسيح " الصادر في نيويورك عام 1988 ، أما الأكثر إثارة فقوله انه تم فخص بعض الأحجار القديمة المستخرجة من أنقاض الهيكل القديم فوجدوا أن أكبر حجارة في الهيكل طولها 38 قدما و 9 بوصات وتزن 100 طن وقيل إنهم وجدوا علامة صنع العمال الفينيقيين مازالت علي هذه الأحجار.
والشاهد انه قد تكون كل هذه التسريبات الإعلامية أكاذيب وهذا أمر برعت فيه إسرائيل منذ زمان وزمانين ، ، إلا انه ومن أسف باتت تلك الأكاذيب تأخذ منحي التصديق العملي ، إذ يشير " كولن ديل إلي انه قد تم قطع أحجار الهيكل الجديد تماما بنفس الحجم والمواصفات القديمة ، وهذه الأحجار معدة ومرقمة وهي تتجمع من خلال أربطة ، وقيل انه تم تركيب الهيكل في ولاية إنديانا الأمريكية علي سبيل التجربة خلال خمسة أيام وبعد فكه تم شحنه بالفعل إلي القدس.
وفي السياق ذاته أسس أحد الحامات اليهود عام 1970 مدرسة باسم " Yeshiva Avodas Hakodish" " لتعليم ممارسات وطقوس تقديم الذبائح المقدسة في الهيكل وهي تقبل فقط الشباب من سبط لاوي (رجال الدين في تاريخ إسرائيل القديم) والقادرون علي أن يثبتوا انتسابهم إلي ذرية هارون أول كاهن يهودي وهؤلاء فقط هم الذين يقبلون في المدرسة ويتم تدريبهم علي ممارسة طقوس الذبائح ، وقد تخرج إلي الآن 15 دفعة من هؤلاء الكهنة اليهود.
وتردد في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية كذلك أن الموسيقي اللازمة للعبادة في الهيكل قد أعيد صياغتها عام 1976 ، فقد نشرت جريدة جيروزاليم بوست في 3 فبراير شباط من نفس العام مقالا تحت عنوان " استعادة صورة الهيكل " وأكدت الجريدة أن عالمة الموسيقي الفرنسية " هافك فينتورا " قد أعلنت أنها حلت المشكلة المتعلقة بالعلامات الحركية المطبوعة في الكتاب المقدس العبري ، مؤكدة أن العلامات الحركية هذه مكنتها من وضع وصياغة الألحان والنغمات التي كانت مستخدمة في خدمة الهيكل في أورشليم منذ 200 سنة مضت .
علي أن الأكاذيب تفضح نفسها بنفسها ذلك انه في ديسمبر من عام 2004 أعلنت إسرائيل أن الرمانة العاجية وهي القطعة الأثرية الوحيدة الموجودة لديها من هيكل سليمان مزورة وذكر بيان لمتحف إسرائيل أن التحاليل المختبرية والأبحاث الميدانية أكدت أن الرمانة التي لا يتجاوز حجمها أصبع الإبهام تعود إلي العصر البرونزي وهو ما يعني أنها أقدم كثيرا من تاريخ ما تزعم إسرائيل انه أول هيكل يهودي.. ما هي النتيجة المتوقعة لما سبق؟
مخاوف حقيقية تهدد المسجد الأقصي
في ضوء ما تقدم صار من الواضح للعيان أن إسرائيل وغلاة المتطرفين فيها لا يهزرون أو يضيعون الوقت لإزاحة المسجد الأقصي من طريقهم سوي احتمالين :
الأول: هو توقع حدوث زلزال في هضبة الجامع الأقصي وهذا التوقع مصدره أن هناك ضعفا شديدا في أساسات المسجد الأقصي، بسبب أعمال الحفريات التي تقوم بها إسرائيل أسفل هضبة المسجد مما يجعل اقل هزة أرضية تؤدي إلي سقوطه مع الكنائس الأخري المجاورة، وقد أيد هذا الاحتمال احد العلماء الأمريكيين من جامعة ستانفورد الذي أعلن عن اكتشاف شرخ في القشرة الأرضية تحت جبل الزيتون مما يمكن أن يسبب حدوث زلازل في وسط الجبل عن قريب .
الثاني: قيام اليهود بهدم المسجد من خلال هجوم مباشر وهو السيناريو الذي تكرر مرات عديدة وان لم تصل تلك المحالات إلي المرحلة النهائية ، لكن إرهاصات الأيام الأخيرة تجعل من هذا السيناريو أمرًا واردا وبشدة.
ولعل وجود بنيامين نيتانياهو تحديدًا الآن علي رأس حكومة إسرائيلية يعزز المخاوف فالرجل هو صاحب نفق البراق في أواخر التسعينات من القرن المنصرم وقد كان غرضه الفعلي هو عمل استكشافات في مكان الهيكل القديم وهم يحفرون هذا النفق.
وقد أشارت بعض مصادر الأثريين اليهود إلي انه في أيام حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين كانوا قد اكتشفوا بجوار المجمع اليهودي وحائط البراق والنفق ما يطلق عليه قدس الأقداس الأمر الذي جعل اليهود يفرحون ويهللون وقضوا ليلة في الدموع والصلوات ثم في اليوم الثالث ذهبوا إلي رابين وقالوا له لقد وجدنا كل شيء وان هذا هو مكان الهيكل فأعطنا أمرًا بان نهدم المسجد الأقصي وفي شهور قليلة والحجارة جاهزة سنبني الهيكل ".
إلا أن رابين وبعد حسابات معقدة أرسل قوات الأمن لطرد المتعصبين والمتطرفين من اليهود وقامت قواه بعمل حائط خراساني علي المدخل الذي اكتشفوه للهيكل المزعوم ووضع عليه حراسا .
والمثير أن إسرائيل الرسمية لا تنكر نواياها وان لم تعلنها جهرا فغداة افتتاح نفق البراق قال " عزرا وايزمان " الرئيس الإسرائيلي السابق " لماذا كل هذا الغضب لإنشاء النفق ، فنحن بصدد إقامة الهيكل اليهودي تحت هضبة المسجد الأقصي ".. الأمر الذي يعزز فرضية الاسوا الذي لم يأت بعد.
خلاصة لاهوتية ضد المزاعم اليهودية
والمقطوع به في نهاية الأمر أن هيكل اليهود ضاع واندثرت آثاره، كل آثاره، مهما قالوا عن اكتشافات حتي أن أعظم عظماء المهندسين والمنقبين لم يستطيعوا أن يستردوا أي شكل من أشكاله.
ومهما يكن من أمر الإعدادات والتجهيزات حتي ولو كانت مدعومة بكل ما أوتي اليمين الأصولي من قوة ونفوذ ومصادر دعم مادي ، فإن إسرائيل التي تعيش زمان الفرع اليابس تحاول من تلقاء ذاتها إعادة رسم دور لها علي خريطة العلاقات الإلهية البشرية لكنه دور قد انتهي ومخطط قد فرغ وكل زعمهم هو باطل من أرض الموعد وصولا إلي الهيكل الجديد وهي ادعاءات من قبيل ادعاء الابن المطرود من بيت أبيه وقد فقد شرعيا كل حقوقه بعد أن جرده أبوه منها نهائيا.
ويبقي القول نهاية الأمر أن إسرائيل كما يقول علماء المسيحية الاقحاح غير المخترقين صهيونيا ، فارقها روح الله ، لذلك تطلب وطنا في فلسطين وان كان علي أشلاء العرب ، تسعي لعزلتها الأولي وتنظر إلي يهوه علي انه منحصر في تخوم اليهودية .
إسرائيل في غباوة الروح تريد أن تؤسس لله وطنا علي الأرض ولو علي جثث الناس ولابد أن تفقد إسرائيل إسرائيليتها فهي مازالت تنظر لنفسها كشعب مختار وحيد لله وهذه عنصرية مهمة لمعني الألوهية ولروح البشرية في آن واحد، حيث إن في كل أمه الذي يتقي الله ويحفظ وصاياه ويصنع البر مقبول عنده مهما كانت عقيدته أو إيمانه، ولأن ليس عند الله محاباة من أجل هذا سيظل فرع إسرائيل يابسا غريبا عن شجرة الناس إلي أن تعلم انه لا عنصرية بين الناس ولا تشيع في الله وان جميع مؤامراتها لإلحاق الأذي بمقدسات الآخرين ستنقلب علي أعقابها نارًا وحمما بركانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.