* مازالت أجواء المساعي الصاخبة لرفع الحصار عن قطاع غزة تلقي بظلالها علي المشروع السياسي الفلسطيني، الذي باتت أركانه مشتتة بين مفاوضات غير مباشرة لم تتقدم خطوة حتي الآن والسعي وراء انجاز المصالحة بين حركتي فتح وحماس تراوح في مكانها، والمطالبات الحثيثة برفع الحصار الظالم عن غزة، وفي ضوء هذه الظروف فقد جاءت زيارة المبعوث الأمريكي لعملية السلام جورج ميتشل في جولته التاسعة عشرة لتطغي عليها الأمور الحياتية وذلك بسبب عدم تحقيق أي تقدم في ملفي الحدود والأمن الجاري التفاوض عليهما بواسطته. وقد كان من المقرر أن يحمل ميتشل إلي الرئيس عباس ردودا إسرائيلية في شأن المطالب والأسئلة الفلسطينية الخاصة بملفي الأمن والحدود، غير أن الإجابات التي سمعها الفلسطينيون من الجانب الإسرائيلي لم تكن مشجعة، ويعطي هذا مؤشرا آخر لردود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي لاتزال بعيدة جدا عن الموقف الفلسطيني المطالب بانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ،1967 وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وفي هذا السياق فإن التوصل إلي اتفاق مع إسرائيل أصبح مستبعدا في الأشهر الأربعة التي حددها الجانبان الأمريكي والفلسطيني للمفاوضات غير المباشرة. ولأن الحال كذلك، ولم تسفر جولة ميتشل عن تقدم علي أي مستوي فقد اتخذت طابع الزيارة الاجتماعية وتركزت علي مسألتي رفع الحصار عن غزة، ووقف الاستيطان في القدس، ورفع الحصار عن غزة يقتضي فتح جميع المعايير للحفاظ علي الوحدة الجغرافية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ولتفويت الفرصة علي إسرائيل التي تسعي لفتح معابر قطاع غزة مع مصر فقط وذلك من أجل اقصاء غزة وعزلها عن الضفة الغربية واجهاض مشروع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وكانت إسرآئيل في وقت سابق قد قررت فتحا جزئيا لمعابر قطاع غزة من أجل ايصال البضائع والسلع الإنسانية والمدنية إلي السكان، ورغم الترحيب الدولي بهذا القرار إلا أن ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي تتمسك بضرورة فتح كامل ودائم للمعابر مع تحديد لائحة محددة من السلع والبضائع الممنوعة وكان هذا الموضوع محور بحث في القمة الأوروبية التي عقدت في بروكسل بعد إعلان المجلس الأمني للحكومة الإسرائيلية باتخاذه في الأيام المقبلة خطوات لتنفيذ قرار الخفض الجزئي للحصار. ربما تعتبر اللجنة الرباعية ومبعوثها الخاص في هذا القرار خطوة جيدة إلي الأمام غير أن وجودا دوليا علي المعابر ربما يكون الخطوة الأهم لاحراز تحسن جذري لظروف حياة المواطنين خاصة في غزة واحراز تقدم في الضفة الغربية علي مستوي الاقتصاد والحكومة وإجراء مفاوضات سياسية قابلة للحياة وذات مصداقية، وهي النقاط الثلاث التي ستسمح بانهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ارتكازا إلي حل الدولتين. كما أن فكرة وجود دولي علي المعابر أكثر واقعية في ضوء الظروف الحالية والانقسام الفلسطيني والصراع علي السلطة خاصة وأن الاتحاد الأوروبي كان له وجود في السابق علي معبر رفح، ويمكن تكرار ذلك وفيما رحب ميتشل بإعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها تخفيف القيود المفروضة علي القطاع فإن القاهرة أكدت تمسكها بالورقة المصرية للمصالحة بين الفصائل وعدم استعدادها علي الاطلاق السماح بأي تعديل لهذه الوثيقة مهما كان شكله، خاصة بعد التصريحات التي أدلي بها بعض قيادات حماس وتطالب فيها بتعديل الورقة أو إضافة بعض البنود والتوضيحات ومازالت التحركات كثيرة في اتجاه المصالحة سواء تحركات عربية مع مصر أو دولية كالتي بدأتها تركيا، غير أن هذه التحركات مازالت محدودة خاصة بعد انتقاد الزهار أحد قيادات حماس للتصريحات التي أدلي بها وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط باعتبارها حسب وجهة نظره تستفز الشعب الفلسطيني، ويبدو أن حركة حماس قد حسمت أمرها بشأن المصالحة ووجهت كل تركيزها علي المبادرة التي حملها الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسي إلي غزة والتي تقترح أن تجري كل من حركتي فتح وحماس مباحثات فيما بينهما للتواصل بشأن نقاط الخلاف المتعلقة بالمبادرة المصرية، وإلي أن يحدث ذلك فكل شيء قابل للانهيار والتغيير في أية لحظة!!