يبدو أن معوقات قانون نقل الأعضاء لن تنتهي عند صدوره بعد أن عاش مخاضا عسيرا علي مدار 14 سنة بين الشد والجذب، فمازال القانون يحمل في طياته العديد من علامات الاستفهام وثمة تساؤلات تطرح نفسها حول كيفية تطبيقه بشفافية وبدون أي بوادر حيدة عن نصوصه، وكيف سيستفيد الفقراء من القانون في ظل القصور الذي يعانيه نظام التأمين الصحي، ليس ذلك فقط بل بوادر خصخصته في ضوء القانون الجديد، الأمر الذي يجعل من قانون نقل الأعضاء مسخرا لخدمة الأغنياء فقط دون غيرهم. "الأسبوعي" طرح هذه القضية علي الخبراء وناقشهم حول ما كان يجب أن يأخذه القانون في اعتباره حيث قال الخبراء إن القانون كان يجب أن ينص علي أن عمليات نقل الأعضاء لابد أن تتم داخل مستشفيات حكومية فقط دون غيرها حتي لا يتحول الفقراء إلي قطع غيار للأغنياء بالإضافة إلي ضرورة إنشاء هيئة رقابية مستقلة تتولي عملية الرقابة علي تطبيق القانون بالإضافة إلي عدد من النقاط الأخري التي حملها الخبراء في جعبتهم في التحقيق التالي: "لابد من قصر عمليات نقل الأعضاء علي مستشفيات الحكومة التي تمتاز بإمكانيات تساعدها علي القيام بها بالإضافة إلي إنشاء هيئة مستقلة تتولي عملية الرقابة علي المستشفيات المختارة للقيام بعملية نقل الأعضاء".. هكذا بدأ الدكتور محمد غنيم أستاذ جراحة وزراعة الكلي حديثه، مطالبا بتنقيح القانون من الثغرات التي قد تؤدي إلي تحول زراعة الأعضاء إلي بيزنس كبير يحرم شرائح كبيرة من الفقراء من الاستفادة منه. وتابع:"إن القانون أتاح التبرع بين الأحياء حتي أقارب الدرجة الرابعة، ومن الصعب عمليا حصر وتدقيق تلك القرابة، وبالتالي يمكن بيع وشراء الأعضاء لصالح الأغنياء في مستشفيات القطاع الخاص". وأشار إلي وجود "تناقض" في تعريف الوفاة المذكورة بالقانون، فجاء في تعريفين الأول: "توقف القلب والتنفس" والثاني: "موت جذع المخ". وأوضح: "الحقيقة العلمية تؤكد أن موت جذع المخ لا يصاحبه توقف القلب، وبالتالي فلابد أن نوحد تعريف الوفاة منعا للبس"، وتابع: "أوافق علي تعريف الموت بأنه موت جذع المخ، ولكن بشرط أن يكون ذلك من خلال لجنة فنية متخصصة وأن يقتصر إجراء زراعة الأعضاء علي المستشفيات الحكومية حتي لا يتم التلاعب في هذا المفهوم ويؤدي إلي التخلص من المريض الفقير من أجل مريض غني بحجة موت جذع المخ". النموذج الإيراني وطالب غنيم بتطبيق النموذج الإيراني في شأن قوانين إقرار عمليات زراعة الأعضاء، موضحا أنه يعتمد علي إنشاء هيئة قومية مهمتها الإشراف وتحديد عمليات زراعة الأعضاء، وتوزع المخصصات الحكومية والهبات والتبرعات للانفاق علي هذا النشاط، ولا يتم إجراء جراحة زراعة للأعضاء داخل إيران إلا بعد موافقتها. وأشار إلي أن الهيئة الإيرانية تتبادل الأعضاء بين المتبرعين حسب احتياجات كل مريض وتوافقه مع أنسجة المتبرع وفيما يخص المتبرعين من غير الأقارب يتم فحصهم وتحقيق صلاحيتهم للعملية، كما أنها تكافئ المتبرع بصورة مختلفة منها الوظائف والمعاشات والتأمينات، مؤكدا أن إيران نجحت بهذه الصورة في محو قوائم الانتظار، ومنع الاتجار بأعضاء أبنائها. القانون ناقص "إن القانون ينقصه بعض المواد لتجعل الجميع يستفيدون منه فقراء وأغنياء حيث لابد من تسجيل كل الحالات المرضية التي سيجري لها عملية نقل للأعضاء في سجل خاص وكل ينتظر دوره إلا في حالة وجود حالات حرجة مثل القصور الكبدي وهي نادرة الحدوث، حيث يتم إجراء العملية فورا".. هكذا يري الدكتور شريف عمر أستاذ الأورام ورئيس لجنة التعليم في مجلس الشعب السبيل لتحقيق العدالة في تطبيق القانون بين الفقراء والأغنياء بالإضافة إلي ضرورة أن تتولي الدولة مصروفات نقل الأعضاء للفقراء حتي تكون هناك عدالة في المجتمع. وبدوره يشدد د. تامر الفيشاوي أستاذ الجراحة العامة بجامعة القاهرة علي ضرورة أن تتولي عملية الرقابة علي تطبيق القانون هيئة مستقلة تضم جميع الأطراف ذات الصلة بتطبيق القانون، علي أن تقوم بمهمة الإشراف والتفتيش علي المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة لنقل وزراعة الأعضاء البشرية، وتقوم باقتراح التدابير والإجراءات لمكافحة عمليات الاتجار بأعضاء البشر، وكذلك التأكد من التزام المعايير الدولية عند التطبيق، لاسيما معايير ومبادئ منظمة الصحة العالمية التوجيهية بشأن زرع الخلايا والأنسجة والأعضاء البشرية.