بفضل عوامل أبرزها العزلة وقلة السيولة نجت بضع بورصات أسهم ناشئة تعمل بالوسائل اليدوية مثل العراق وغانا من الانهيار الذي شهدته أسواق منافسة أكثر تطورا. ووفقا للمؤشر الرسمي فقد ارتفعت بورصة غانا 60% هذا العام في تناقض حاد مع أسواق ناشئة أخري هوت أكثر من 60% منذ بداية العام بسبب الاضطرابات الأخيرة في الأسواق. ويظهر المؤشر الرسمي لبورصة بغداد ارتفاعا بنسبة 40% في سبتمبر وحده وهو نفس الشهر الذي أفلس فيه بنك ليمان براذرز وشهدت أسواق أخري هبوطا حادا. والبعض يشك في ذلك الرقم لكنهم يقولون إن الأسهم العراقية ظلت مرتفعة هذا العام. وليست هناك معاملات الكترونية في بورصة بغداد أو غانا وإن كانت البورصتان تسعيان للتحول إلي التداول الالكتروني، كما أن المستثمرين الأجانب تجاهلوا السوقين إلي حد كبير خلال الطفرة الأخيرة في الأسواق المغمورة التي سبقت انهيار أسواق الأسهم العالمية. ويري بيرون انجلند وهو مدير صندوق في مؤسسة جودفيج كابيتال أن العبرة من الاستثمار أثناء موجة نزول واضحة. وقال إن "الدرس المستفاد أنه يجب ألا تتبع القطيع.. عليك أن تذهب إلي مكان لا يقصده الآخرون حيث تكون لك ميزة الحركة الأولي". وصندوق بابل الاستثماري الذي يديره انجلند هو المستثمر الأجنبي الرئيسي الوحيد في البورصة العراقية. ومن الأسواق الأخري التي ظلت مرتفعة حتي منتصف نوفمبر الماضي بورصة تونس وبورصة الأكوادور وهما أيضا من الأسواق الصغيرة التي لا تشهد وجودا يذكر للمستثمرين الأجانب. وقد فقدت البورصة العراقية أكثر من نصف قيمتها منذ فتحت أبوابها للمستثمرين في 2004 بعد عام من الغزو الأمريكي ولكنها استفادت هذا العام من انحسار هائل في أعمال العنف الطائفي كما استفادت حتي وقت قريب من أسعار النفط المرتفعة. وبينما كانت الأسواق العالمية تتهاوي الشهر الماضي كان مستثمرون يتصببون عرقا يواصلون عملهم في بورصة بغداد باشارات الأيدي والتلويح للسماسرة الجالسين وراء حاجز منخفض، وأكثر الأسهم جذبا في تلك البورصة التي تضم 59 شركة مدرجة أسهم الفنادق والبنوك حيث يتطلع المستثمرون لطفرة في مشروعات إعادة إعمار العراق والحاجة لتوفير أماكن إقامة للعاملين الأجانب. وقال انجلند إن عزلة العراق عن الأسواق العالمية تمثل أيضا مفتاحا مهما.. فالمستثمرون الدوليون يعملون أساسا بأموال مقترضة مما يضطرهم أحيانا لسحب أموالهم من الأسواق الناشئة بصرف النظر عن أسياسات السوق. يستطرد وقائلا إن "الأموال الأجنبية في السوق (العراقية) ضئيلة جدا لذا لم تشهد السوق حالات نزوح الأموال التي شهدتها أسواق أخري والبورصة بمعزل عما حدث في العالم الخارجي". وحذر انجلند قائلا إن السوق العراقية أبعد ما تكون عن الشفافية، وأعرب عن تشككه في أرقام المؤشر الرسمي للبورصة موضحاً أن أسلوب الحساب فيه غير واضح ولا يتفق دوما مع تحركات الأسهم الرئيسية. استقر مؤشر أسهم البنوك الأكثر سيولة والذي يمثل أكثر من 80% من عمليات التداول في سبتمبر وارتفع 6.2% هذا العام بالعملة المحلية أو 9.6 بالدولار الأمريكي مع ارتفاع قيمة الدينار. وقال انجلند: "هذا لا يزال مستوي جيدا جدا عندما تقارنه بما حدث في أماكن أخري". وقد استفادت غانا أيضا من عوامل محلية جيدة من بينها اكتشافات نفطية وارتفاع أسعار صادراتها الرئيسية من الذهب والكاكاو والاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي وإن كانت السوق قد تراجعت قليلا عن مستويات الذروة التي بلغتها في مطلع أكتوبر. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ النمو الاقتصادي في غانا إلي 5.8% في عام 2009 من النسبة المتوقعة لهذا العام وهي 6.5% وذلك مع تأثر البلاد بتباطؤ الاقتصاد العالمي لكن هذه النسب لا تزال أعلي بكثير من اقتصادات متقدمة ينتظر أن تحقق نموا أقل من 0.5% في عام 2009. ومن شأن إنتاج النفط الخام الذي ينتظر أن يبدأ في أواخر عام 2010 أن يمنح دفعة قوية لواحد من أكثر اقتصادات إفريقيا جذبا للمستثمرين الأجانب.. لكن مرة أخري فإن العزلة النسبية لغانا هي المفتاح للمكاسب الأخيرة. تقول دوروثي ال. اميتيف المحللة في داتابنك بأكرا: "لن تجد هنا استثمارات أجنبية بالمستوي الذي تجده في بعض الأسواق وهذا هو السبب في أننا لم نشهد مستويات الهبوط التي حدثت في جنوب إفريقيا أو كينيا". وأضافت أن نقص السيولة في السوق يحد من سرعة التصحيح النزولي حيث يجد المستثمرون الأجانب والمحليون صعوبة تصل إلي حد الاستحالة في بيع استثماراتهم. لكن إذا كان المستثمرون الأجانب يحاولون الخروج من غانا فإنهم لا يزالون يتدفقون علي بغداد. ويقول انجلند إن الأجانب يمثلون نحو 18% من إجمالي حجم التداول في بورصة بغداد منذ أغسطس وهو ما يزيد علي ثلاثة أمثال المتوسط في الفترة بين ديسمبر وفبراير. ومن شأن تحول السوقين إلي المعاملات الالكترونية أن يحقق قدرا أكبر من الحركة ويسهل عملية دخول المستثمرين الأجانب لكن هذا قد ينهي في الوقت نفسه العزلة التي حمت البورصتين من تقلبات الأسواق العالمية. وقالت اميتيف: "هناك مزايا واضحة للتداول الالكتروني لكنه سيجعل السوقين أكثر عرضة للتأثر بالتطورات الخارجية".