أثار ارتفاع الاسواق غير الطبيعي في البورصات الناشئة المسئولين علي ضرورة العمل للحد من تدفقات الاستثمارات الاجنبية والتي اعتبرها مثل المضاربة لانها تدخل الاسواق اثناء اوقات الصعود وتحقق ارباحا كبيرة ثم تخرج تاركة وراءها فجوة في السوق والتي يطلق عليها الخبراء مصطلح "الاموال الساخنة" فهو يشير الي الاموال الاجنبية المتدفقة بهدف تحقيق الربح السريع او كما يقول خبراء المال اقتناص الفرص ومن ثمر فهي اموال تترك السوق بعد تحقيق اهدافها السريعة او عند شعورها بالخطر محدثة خللا في التوازن العام للاقتصاد فضلا عن الاضرار الكبري للاسواق محدودة السيولة باعتبارها من تمويلات المضاربة العالمية قصيرة الاجل المتحركة بين الاسواق المالية بحثا عن العائد الكبير في وقت قصير، وفقا لما جاء في صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية. وكان علي رأس الاسواق التي هددت المستثمرين بورصة البرازيل "ثالث اكبر الاسواق الناشئة بعد شنغهاي والهند "حيث ارتفعت قيمة عملتها بالاضافة الي ارتفاع المؤشر الرئيسي للبورصة البرازيلية "بوفيسبا" والذي سجل صعودا تجاوز 30% واكثر من الضغف اذا احتسب بالدولار، لذلك قررت ادارة البورصة هناك فرض ضريبة نسبتها 2% علي صافي مشتريات المتعاملين الاجانب فقط من الاسهم والسندات وهددت بفرض المزيد، وبررت الحكومة ذلك بهدفها الي الحد من تدفق الاموال الاجنبية خاصة بعد ارتفاع مؤشر البورصة هناك الي أكثر من الضعف. ولم تكن بورصة البرازيل وحدها التي أثارت القضية حيث شهد الأسبوع الماضي ارتفاعا نسبته 40% حتي الآن خلال العام الحالي، بالإضافة إلي حدوث ارتفاع في عملتها الكورية "الوون" بنسبة جاوزت 20% منذ شهر مارس الماضي. وأوضحت حكوماتها أنها ستعمل بحزم علي مراجعة وتشديد ضوابط نسب سيولة العملات الأجنبية في البنوك الأجنبية هناك والنظر في ارتفاع الأسهم، وان كان سيتطلب فرض قيود علي المتعاملين خاصة الأجانب منهم. كما هبط الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين بنسبة 35،7% عن العام السابق حيث بلغ 5،36 مليار دولار الشهر الماضي، وكانت نسبته في الأشهر السبعة الأولي من العام الحالي 20،35% وهي نسبة منخفضة أيضا حيث قد بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة 48،37 مليار دولار. وأرجع "تشانج جينج" خبير الاقتصاد الصيني ارتفاع نسبة الانخفاض بسبب سعي الحكومة لمنع تدفق الأموال الساخنة حيث بلغت احتياطيات النقد الأجنبي الصينية المتراكمة خلال الربع الثالث من الأموال الساخنة ما يفوق 177،8 مليار دولار. وقال خبراء سوق المال في بورصة شنغهاي إن الأموال الساخنة استخدمت للمضاربة في سوق الأسهم الصينية وسوق العقارات، حيث وصل معدل أسعار المساكن في بكين وشنغهاي إلي مستويات قياسية في الوقت الحالي، فضلا عن ارتفاع مؤشر بورصة شنغهاي بنسبة تجاوزت ال80% في حتي الشهر قبل الماضي. واتخذت الحكومة الصينية في الآونة الأخيرة إجراءات مشددة للحد من تدفق الأموال الساخنة منذ سبتمبر الماضي، الأمر الذي دفع مؤشر بورصة شنجهاي نحو الهبوط بنسبة ناهزت ال20% وكان من أهم أسباب ذلك خروج الأموال الساخنة من الأسواق. وأوضحت الأبحاث والدراسات في الصين أن هذا يعني وجود حوالي 90 مليار دولار من الأموال الساخنة داخل الصين في سوق الأسهم أو سوق العقارات، وبالنظر إلي إجمالي القيمة السوقية للأسهم في بورصة شنجهاي قد بلغ 329،2 مليار دولار في يونية، حسابات الأموال الساخنة لغير نسبة ضئيلة، وإذا تراجع السوق خلال الفترة الحالية فإن الواقع العملي سيثبت أن انسحاب الأموال الساخنة هو السبب الرئيسي. وأضافت الدراسات أن سوق الأسهم في الصين سوف يستمر في مواجهة الضغوط النزولية في القريب، إضافة إلي المستقبل في حال خفض الأموال الساخنة. وعن ارتفاع العملات والذي صاحب تدفق الاستثمارات الأجنبية قال "مانيك نارين" المحلل في بنك ستاندر تشارترد إن هناك خطرا ظاهرا من اشارات البنوك المركزية في الدول الناشئة بخصوص إيقاف ارتفاع العملات إلا أنه في ظل عدم وجود تحولات كبيرة في حالة عدم الاستقرار العالمي فإن الاقبال علي الأصول في هذه الدول سيبقي قويا إلي حد كبير، كما شهدناه الفترة الماضية فبعد الأزمة عندما تم بيع الاستثمارات الخطرة وسط حالة من الخوف للحصول علي النقد بعد انهيار "ليمان براذرز"، وكانت الأسواق الناشئة هي الأسرع تعافيا، وفاق أداؤها جميع فئات الأصول الأخري. وخلال الأسابيع والأشهر الأخيرة ازدادت تدفقات الأموال مع تعافي النمو الاقتصادي بشكل حاد خلال الربع الثالث في الدول التي نجت من الانهيارات المصرفية المحلية التي عاني منها كثير من الاقتصادات. وقال خبير بريطاني في مؤسسة "بيونير انفستمنتس" ان هذه التحركات ليست كافية لاحداث اختلاف في قرار الاستثمارات متوسطة الأجل ولكن من شأنها أن تقلل بقدر ضعيف الاقبال علي المخاطرة، فضلا عن أن التحركات التي قامت بها أسواق كبري مثل الصين والبرازيل وكوريا الجنوبية من شأنها أن تمهد الطريق امام الدول الصغيرة لتسير علي نفس الطريق. وشدد أيضا علي ضرورة تدخل البنوك المركزية للحد من ارتفاع العملة المحلية أمام ضعف الدولار، فهذا هو المتوقع من أجل التصدي لهذا الهجوم الشرس والسيل الكبير بالإضافة إلي زيادة احتياطيات العملة خلال العام الجاري. كما أرجع كثير من الخبراء أسباب إفلاس البنوك الأمريكية في الفترة الأخيرة بسبب استخدام تلك البنوك ما يعرف باسم "الأموال الساخنة" أي أموال المضاربات وهي تمثل ايداعات تضعها مؤسسات مالية أخري في البنوك بغرض الحصول علي فوائد "جني" ومن ثم إذا أفلس البنك الذي تمت فيه عملية الايداع فإن البنوك والمؤسسات ستخسر أموالها، كما أن أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه الكوارث المالية هو وجود استخدام طرق تمويل غير آمنة ومنح قروض لشركات ومؤسسات فاشلة حيث إن معظم البنوك التي أفلست كانت قد اقرضت بغباء للعديد من مستثمري العقارات التجارية والسكنية الذين أصابتهم نكسة اقتصادية، الأمر الذي أدي إلي هذه الانهيارات، ومثال ذلك بنك "سيلفر ستيت" بولاية نيفادا حيث تبين عند إفلاسه في شهر سبتمبر الماضي ان ثلثي ديونه كانت خاصة بتطوير العقارات ولأعمال البناء التجارية، وعبر الخبراء عن خشيتهم من إفلاس بنوك أخري، خاصة أن أسواق العقارات الأمريكية وقطاعات الأعمال الصغيرة لاتزال تعاني حتي الآن من أزمة اقتصادية.