كانت البداية هي ارتفاع اسعار المعادن الذي ملأ خزائن شركات التعدين بمليارات الدولارات.. ففي شهر مايو الماضي وصلت اسعار النحاس والنيكل وغيرهما من المعادن الي ارتفاعات قياسية.. والان تتجه ثلاث من شركات التعدين الي عقد اغلي اندماج في تاريخ هذه الصناعة وتقول مجلة "الايكونوميست" ان شركة فيلبس دودج الامريكية تتجه الي شراء شركتين كنديتين وهما شركة اينكو وشركة فالكون بريدج لتصبح الشركات الثلاث معا اكبر منتج للنيكل في العالم وثاني اكبر منتج للنحاس ولتصبح شركة الاندماج خامس اكبر شركة تعدين علي المستوي العالمي. وتجدر الاشارة الي ان شركة اكستراتا كانت قد حاولت شراء فالكون بريدج وان شركة كومينكو حاولت شراء اينكو ولذلك فمن المتوقع ان تدخلا في منافسة مع شركة فيلبس دودج الامريكية علي هذه الصفقة. وواقع الامر ان ارتفاع اسعار المعادن قد امد شركات التعدين بسيولة وفيرة وجعلها تتجه الي التوسع.. وبدلا من زيادة الانفاق علي التنقيب عن المعادن اتجهت الشركات الي التوسع عن طريق البورصة بشراء شركات قائمة علي اساس ان هذه قد تكون اسهل طريقة لزيادة الانتاج من اجل الاستفادة من الارتفاع الحاصل في اسعار المعادن.. فالشركات لا تريد البحث عن مناجم جديدة خشية ان تعود اسعار المعادن الي الانخفاض مرة اخري فلا تستطيع تلك المناجم الجديدة تغطية ما انفق عليها من تكاليف. وتقول الارقام ان شركة فيلبس دودج عرضت شراء شركة اينكو بزيادة 23% في سعر اسهمها وشراء فالكون بريدج بزيادة 12% في سعر السهم ولكن اسعار اسهم هاتين الشركتين لا تتوقف عن الزيادة منذ سنوات مع تزايد اسعار النيكل والنحاس حيث ان الشركة الاولي منتج مهم للنيكل والشركة الثانية منتج مهم ايضا لكل من النيكل والنحاس. ويعتقد قادة الشركات الثلاث المرشحة للاندماج ان هذه الصفقة حال اتمامها ستكون صفقة موفقة لاسباب عديدة.. منها علي سبيل المثال انهم سيوفرون 900 مليون دولار سنويا من التكاليف بحلول عام 2008 عن طريق التشارك في المعدات والعمال في المناجم المتقاربة مكانيا الي جانب تكوين قوة تسويقية مشتركة ستكون بالتأكيد اكثر كفاءة. والاهم من ذلك ان حجم شركة الاندماج وتنوع انتاجها سوف يجعلها اقل عرضة للتأثر بتقلبات اسعار المعادن حال ميلها نحو الانخفاض في هذا المعدن او ذاك، اضف الي ذلك ان الشركة ستكون قادرة بحجمها الكبير علي جذب اهتمام المستثمرين. وتقول "الايكونوميست" ان شركات التعدين العملاقة متنوعة الانتاج مثل شركة (BHP) بيليتون وشركة ريوتنتو استطاعت ان تحقق اسعارا قياسية في الارتفاع لاسهمها المتداولة في البورصة.. فمثل هذه الشركات تنتج كل انواع المعادن من الالومنيوم حتي الزركون وانخفاض سعر احدها او بعضها لن يؤثر علي ايرادات الشركة التي تربح من باقي الانواع كما ان تنوع المناطق التي تعمل فيها جغرافيا يجعل كل شركة قادرة علي تسويق انتاجها بسهولة اكبر. ولاشك ان اندماج الشركات الثلاث سيتيح لها هذا التنوع الجغرافي حيث انها تعمل في خمس قارات وان كانت مناجمها الرئيسية موجودة في مناطق تتمتع بالاستقرار مثل الولاياتالمتحدة وكندا وشيلي وهي مناطق لا تحوطها اية مخاطر.. ورغم ان شركة الاندماج الثلاثي ستكون منتجا مهما لكل من الكوبالت والموليبدينوم فإن ايراداتها وارباحها ستعتمد بشكل رئيسي علي اسعار النحاس والنيكل وهي من اكثر المعادن عرضة لتقلبات الاسعار.