ارتفعت أسعار النحاس ثلاثة أضعافها خلال نصف عقد وتضاعف سعر الزنك وازدادت أسعار القمح وفول الصويا 70% العام الماضي ووصلت أسعار الوقود الخام والفضة والرصاص واليورانيوم والماشية وجوز الهند والذرة إلي ارقام فلكية فيما تجاوز الذهب ارتفاعه التاريخي ليصل إلي أكثر من 915 دولارا مؤخرا. وقال تقرير لمؤسسة انترناشيونال هيرالدتريبيون الاقتصادية ان الطفرة العالمية في أسعار السلع والمكونات الرئيسية للاقتصاد الحديث دخلت عامها السادس دون وجود بصيص نور في نهاية النفق يشير إلي انخفاضها.. وقد كانت السلع علي الدوام عرضة لدورة من الصعود والهبوط غير أن كثيرا من الخبراء الاقتصاديين يرون تحولا جذريا يحرك الاسواق هذه الأيام. ويري المراقبون أن هذه الارتفاعات الكبيرة في أسعار الألومنيوم والنحاس سيكون لها مردود ايجابي كبير للغاية علي الشركات المنتجة للصناعات المعدنية بالسوق المصري مثل "مصر للألومنيوم" و"اسيك للتعدين" وغيرهما من الشركات التي تعتمد علي المعادن في انتاجها حيث أكد خبراء سوق الأوراق المالية أن هذه الارتفاعات ستتم ترجمتها علي الفور في صورة أرباح ومكاسب مالية كبيرة خلال الفترات القليلة القادمة. ويري الخبراء أن صناعة المعادن والتعدين في منطقة الشرق الأوسط تستقطب المستثمرين في القطاع الخاص والمستثمرين الاجانب علي حد سواء حيث تتمتع المنطقة بمناخ ملائم للاستثمار من حيث انخفاض تكلفة الوقود والموقع الجغرافي المتميز الذي يسهل عمليات التصدير، فضلا عن الدعم الذي تقدمه حكومات المنطقة لتطوير هذا القطاع.. وفي مؤتمر "الشرق الأوسط للألومنيوم" الذي انعقد مؤخرا بحضور ممثلين عالميين أعلن الخبراء العاملون في هذا المجال توقعاتهم الايجابية بشأن مستقبل صناعة الألومنيوم، فعلي من أن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بوضع ايجابي لانتاج الألومنيوم فإنها بحاجة إلي تفادي الاسراف في استغلال هذه الميزة، ومع أن النطقة تتمتع ببيئة تنافسية مناسبة لصهر الألومنيوم نتيجة لانخفاض أسعار الطاقة انخفاض تكاليف العمالة وسلسلة الامدادات التي تلبي احتياجات الاسواق العالمية فإن هذه المميزات قد تواجه تحديا من قبل الصينيين والروس جراء ارتفاع تكاليف الطاقة واحتدام المنافسة في أسواق التصدير التقليدية مثل أوروبا. يقول محمود شعبان رئيس مجلس ادارة شركة الجذور لتداول الاوراق المالية ان ما يحدث الان من ارتفاعات قياسية بالنسبة لأسعار السلع العالمية وبخاصة الألومنيوم والنحاس والنيكل ما هو إلا مرحلة تغيير جذرية في الهيكل الاقتصادي العالمي مشيرا إلي أن السلع العالمية بدءا من البترول إلي المعادن الأساسية إلي الحبوب تتحرك صعودا مع ازدياد مليارات من الناس في الصين وفي انحاء العالم ثراء وتزايد استهلاكهم. وفي ظل الركود الكبير الذي يمر به الاقتصاد الأمريكي فإن السؤال هو: ماذا سيحدث بعدئذ؟ احد الاحتمالات أن الركود في الولاياتالمتحدة لو حدث فإنه سيؤد ي إلي اخماد الطلب إلي درجة كافية تدفع أسعار السلع إلي حالة من الهبوط للمرة الأولي خلال هذا العقد، غير أن كثيرا من المحللين الاقتصاديين أعربوا عن اعتقادهم بأن الطلب العالمي سيظل علي ارتفاعه إلي حد الابقاء علي الأسعار مرتفعة حتي في وجه ركود أمريكي، ويرجع ذلك إلي أن الطلب مرتبط أكثر من أي وقت مضي في التاريخ الحديث بأحداث خارج الولاياتالمتحدة، خصوصا الثورة الصناعية في الصين وإلي حد ما في الهند والاقتصادات البترولية المزدهرة مثل السعودية وروسيا. وأشار إلي أن هذه الارتفاعات ستنعكس بالايجاب علي ارباح الشركات التي تعتمد في تصنيعها وانتاجها علي الألومنيوم والنحاس والنيكل، ومن ثم سيظهر ذلك في زيادة نمو هذه الشركات وأشار إلي أن الطلب علي السلع يحرك الطلب علي الطاقة والذي بدوره يدفع الطلب علي المواد الخام موضحا أن ازدياد الطلب علي كثير من السلع يجعل الوفاء به أشد صعوبة نظرا لأن الحقول الجديدة المتوافرة توجد في مناطق ذات اجواء قاسية كالمناطق القطبية وأعماق البحار أو في مناطق تعاني من اضطرابات سياسية مثل فنزويلا وأنجولا إلي جانب الأسباب التي اوجدها الجفاف بالإضافة إلي الامطار الغزيرة في السنوات الاخيرة التي ربطها العلماء بالتسخن العالمي والتي أدت إلي نقص حاد في الحبوب. ومن جانبها أشارت سامية عادل رئيس قسم التحليل الفني بشركة الشروق لتداول الاوراق المالية إلي ان الطفرة الحالية في أسعار المعادن سببها الرئيسي الاندماج الصيني في اقامة مصانع جديدة ومبان وشق طرق لإرضاء الاعداد المتزايدة من السكان الحضريين الاثرياء في مختلف انحاء العالم وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط خاصة الذين ذاقوا طعم السيارات الحديثة الفارهة والبضائع الاستهلاكية الاخري، فالصين تملك الان 7 الاف مصنع للصلب وهو ضعف العدد الذي كانت تملكه في عام 2002 ولاشك أن كل مصنع جديد يحتاج للطاقة. وأشارت إلي أن الامر في مصر يستدعي بناء المزيد من مصانع الطاقة إلي جانب الحاجة إلي مزيد من الشاحنات وتوسعة الموانئ لنقل الصلب المصنع إلي الأسواق وقد حركت الثورة الصناعية في الصين زيادة في الاستهلاك من النفط الخام بلغت 7.5 مليون برميل يوميا عام 2007 من 5.5 مليون برميل يوميا عام 2003 وفقا لوكالة الطاقة الدولية، مشكلة 31% من الزيادة الاجمالية في الطلب العالمي. واكدت أن هذه الزيادة الكبيرة ستكون لها تأثيرات قوية للغاية علي اداء اسهم شركات المعادن بالبورصة المصرية والتي من المتوقع أن تتجه نحو الزيادات المستمرة في القريب العاجل. ورأت أن التعطش العالمي في رفع أسعار المواد الغذائية والمعادن إلي جانب ان مشاريع البناء الشاسعة لحفر مكامن البترول الرملية في كند اوالعديد من الدول العربية وحفريات الابار التقليدية في أنحاء الشرق الأوسط وافريقيا التي تجري علي قدم وساق دفعت أسعار الفولاذ صعودا بالاضافة إلي مشاريع البتروكيماويات ومصانع التكرير القائمة في الشرق الأوسط في الوقت الحالي.