يجب أن نحترم عقول الناس فلا يخرج علينا مسئول ما كلما حدثت كارثة ويقول إن المتهم مختل عقليا.. ولا أدري كيف أصبح الجنون غطاء كل مصيبة وسبب كل جريمة.. لم نحترم عقول الناس في حادثة بني مزار التي قتل فيها عشرة أشخاص في ساعة واحدة وبنفس الطريقة وقلنا إن مرتكب الجريمة شاب مجنون.. ولم يقل لنا أحد كيف تنقل هذا الشاب المجنون من بيت إلي بيت ومن شخص إلي شخص دون أن يشعر به أحد سواء من الأحياء أو الموتي. وفي الأسبوع الماضي حدثت مأساة الاسكندرية وفي نفس لحظة وقوع الحادث ظهر المتهم وكأنه معد سلفا لهذا الدور مع اتهام بأنه مختل عقليا.. كيف ظهر هذا المختل ومن أين جاء ولماذا ذهب إلي كنيسة ولم يذهب إلي مسجد؟ ولماذا حدث ذلك في وقت واحد وهو يتنقل بين أكثر من كنيسة؟ هذا كله كلام لا يدخل العقول وإذا صدقناه فنحن المختلون عقليا وليس مرتكبو مثل هذه الحوادث.. إن ما حدث في الاسكندرية شيء خطير ويجب ألا نواجهه بأساليبنا القديمة في اجتماعات عن الوحدة الوطنية وأبناء الشعب الواحد وكل هذه الأحاديث التي لا تضيف جديدا.. لابد أن نعترف بأن هناك خللا ما أصاب العلاقة بين أبناء الشعب الواحد من مسلمين وأقباط وأن هذا الخلل تغذيه تيارات ومواقف كثيرة من الجانبين.. لابد أن نعترف بأن هناك خللا اجتماعيا في تكافؤ الفرص وهناك خللا في توزيع الأدوار والمناصب وأن القشرة الصغيرة التي تدور في فلك الحكومة ليست هي مصر والمصريين.. إن حالة الاحتقان التي يعيشها المصريون الاَن في كل شيء ابتداء برغيف الخبز والأسعار وانتهاء بالفقر الشديد الذي أطاح بثلاثة أرباع المجتمع، كل هذه الأشياء تركت إحساسا رهيبا بالظلم لدي قطاعات كبيرة من المسلمين والأقباط، وفي اليوم الذي يشعر فيه كل مواطن مسلم أو قبطي أنه يحصل علي حقه في حياة كريمة لن يخرج شاب حاقد ليمارس حقده علي المجتمع كله، أما إذا كان ما حدث سيدخل في ملفات قديمة حول الوحدة الوطنية والصليب والهلال والمحبة الأزلية بين أبناء مصر فسوف تتكرر الأخطاء ولن يكفي ساعتها أن نقدم أحد المجانين ونلقي عليه التهمة ونغلق الملفات.