العاصمة في أي بلد سياحي هي مفتاح السياحة والأمثلة كثيرة: باريس "75 مليون سائح" لندن "25 مليون سائح" مدريد "52 مليون سائح" روما "240 مليون سائح"، وهذه هي عواصم الدول الكبري في عالم السياحة من حيث الاعداد والدخل السياحي ايضا والسؤال هو لماذا هذا الاقبال الكاسح علي مثل هذه العواصم دون أن يقول السائح انه رآها من قبل أو انها مدن صاخبة ملوثة بيئيا ومزدحمة إلي آخر ما يقولونه عن القاهرة. لقد وصل ضجيج القاهرة وتلوثها إلي اسماع العالم كله ولم يعد سكان القاهرة فقط هم الذين يعانون من ضجيجها، وبدلا من أن هذا الضجيج الذي أصاب اسماعهم بالصمم مثلنا نحن المغلوبون علي أمرنا رأت دول العالم أن تزيح هذا الكابوس عنها وترد الينا بضاعتنا في صورة عدم الاقبال السياحي علي مدينة القاهرة أسوة بالاقبال علي المدن الشاطئية مثل شرم الشيخ والغردقة والإسكندرية وقد ردت إلينا هذه البضاعة مشفوعة بالسخرية وبما ألحقناه بعاصمتنا الجميلة. ان المخاطر الصحية والعصبية التي يمكن ان يتعرض لها كل مقيم في القاهرة أو زائر لها من الصخب والضجيج هي ناقوس خطر يحثنا علي محاولة فعل شيء ما لانقاذ حياتنا وحياة السياح. ومن الغرائب التي نعيشها ان القائمين علي شئون البيئة لا يستشعرون هذه المخاطر وأكاد اشعر بانهم لا يأخذون موضوع التلوث البيئي وخاصة التلوث السمعي مأخذ الجد ليس فقط بين التشريعات والقوانين وما أكثرها ولكن بمزيد من بث الوعي والتثقيف البيئي من خلال أجهزة الإعلام المختلفة والدخول في حوار دائم مع كل الوزارات والهيئات التي تساعد في الحد من هذا التلوث البيئي. كيف يستخدم السائقون آلات التنبيه في القاهرة إن البعض يكاد لا يرفع يده عن آلة التنبيه حتي يستجيب من أمامه باخلاء الطريق له دون وجه حق أو يطول الانتظار في الاشارات أو لابعاد عربة تجرأت واقتربت من سيارته، هذا بخلاف صخب الافراح وفوز الفريق الفلاني علي العلاني حتي الثانية والثالثة صباحا. والأغرب من هذا من يطلقون ألة التنبيه اذا ما أرادوا تناول كوب من عصير المانجو أو شراء الصحف أو شرب الشاي علي القهوة وهناك من السائقين من يفضل السير ليلا معتمدا علي آلة التنبيه بدلا من استخدام أنوار السيارة. كل هذه الأمور تسبب حالة من الصمم، فالتعرض المستمر لضجيج الشارع المصري مصدر مباشر لفقدان السمع لدي كثيرين من رجال المرور وغيرهم من سكان القاهرة الذين يتعرضون لأكثر من سبع سنوات من الضجيج كل يوم. إن معدل التعرض للضوضاء في مصر يقارب من 110% في حين ان المعدل العلمي لا يزيد علي 80% وهذا بدوره يؤثر علي الحالة السمعية للإنسان. وترتبط الضوضاء بحالات التوتر وارتفاع ضغط الدم ورد الفعل المتأخر لسكان القاهرة الذين تعودوا علي هذه الضوضاء الضارة ومن ثم لا يستجيب جهازكم العصبي بسرعة كافية اذا ما أرادوا الابتعاد عن مصدر الخطر. وعلي الرغم من التلوث والزحام اللذين يميزان القاهرة فقد بدأت العاصمة المصرية تنعم بازدهار مطرد في السياحة العربية. ولكنهم يشكون ويعانون ونحن معهم. ونحن وهم نعيش علي أمل أن تخف هذه الضوضاء الطاردة للسياح الذين يعشقون القاهرة ويجدون فيها ما لا يجدونه في أجمل مدن العالم من مقاصد سياحية متنوعة تجمع بين السياحة الثقافية وسياحة الترفيه.