خبراء وسياسيون وقانونيون يتوقعون مداً جديداً لحالة الطوارئ مع قرب انتهاء المد الأخير لحالة الطوارئ في 31 مايو 2010 والتي قد أعلنت بقرار جمهوري في 6 أكتوبر 1981 ومن وقتها ونحن نعيش في حالة طوارئ مستمرة حيث يتوقع الخبراء والسياسيون والقانونيون صدور قرار جديد خلال أيام للإعلان عن مد جديد للطوارئ لمدة عام أو عامين لتعيش مصر في حالة طوارئ دائمة ومستمرة لمدة تزيد علي 28 عاما الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة أهمها الأسباب الحقيقية لإعلان حالة الطوارئ في مصر طوال هذه الفترة والآثار السلبية لحالة الطوارئ علي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحريات العامة وحقوق الانسان، وما هي الضمانات المطلوبة لتقييد سلطة رئيس الجمهورية في إعلان حالة الطوارئ وتمديدها، والتعديلات المطلوبة للقانون الحالي؟ وأخيرا هل مصر في حاجة إلي قانون جديد لمكافحة الإرهاب، وهل هناك ضرورة لاستمرار الطوارئ لحين صدور هذا القانون؟ كلها تساؤلات طرحها حسين عبد الرازق عضو المكتب الرئاسي لحزب التجمع من خلال ورقة نقاشية، حيث أكد عبد الرازق أن ما نعيشه من حالة طوارئ دائمة ومتصلة أمر غير مسبوق طوال التاريخ المصري سواء في ظل الاحتلال البريطاني أو بعد قيام ثورة يوليو 1952 وحكم الرئيس محمد نجيب، ثم الرئيس جمال عبدالناصر، أو خلال حكم الرئيس الراحل أنور السادات أو في ظل أربع حروب خاضتها مصر. ويقول عبد الرازق إن هذه الفترة هي أطول فترة يستمر العمل فيها بحالة الطوارئ وشهدت حربي 1967 و1973 قبل أن يعلن رئيس الجمهورية المؤقت «صوفي ابو طالب» حالة الطوارئ في الساعة الرابعة من مساء 6 أكتوبر 1981 بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات ليستمر العمل بها حتي الآن ويمارس الرئيس محمد حسني مبارك سلطاته منذ أول يوم تولي فيه الرئاسة وحتي الآن في ظل حالة طوارئ. ويضيف عبد الرازق أن الحكم استخدم الطوارئ في اعتقال عشرات الآلاف من المواطنين ، وما عرف بالاعتقال المتكرر وصاحب حالة الطوارئ شيوع ظاهرة التعذيب في المعتقلات والسجون وأقسام الشرطة وأماكن الحجز عامة، كما استغلت حالة الطوارئ في محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، ولجأ الحكم في ظل الطوارئ لإصدار تشريعات بأوامر عسكرية وتسريب مواد قانون الطوارئ إلي القوانين العادية، موضحا أن الطوارئ استخدمت ضد السياسيين والصحفيين والمرشحين في الانتخابات وفي منع المظاهرات السلمية واعتقال قادتها وللعقاب الجماعي للقري0 ورأي عبد الرازق أن السلطة اتخذت الارهاب حجة للمد المتكرر للطوارئ وربطت انهاء الطوارئ بصدور قانون جديد لمكافحة الارهاب وتجاهلت تراجع الارهاب في مصر وأن هناك القانون رقم 97 لسنة 1992 لمكافحة الارهاب، ووجود قانوني الاجراءات الجنائية والعقوبات اللذين بهما ما يكفي من مواد لمواجهة الارهاب. وأشار عبد الرازق إلي أن الحكومة لم تكتف بأسبابها السابقة لمد حالة الطوارئ وإنما اضافت سبباً جديداً ورد علي لسان أحمد نظيف رئيس الوزراء وهو «وقوع ااضطرابات وحروب أهلية وعملية ارهابية في عدد من دول المنطقة مثل فلسطين والعراق السودان والصومال» والقبول بهذه الحجة مثلما أوضح عبد الرازق يعني التسليم بوجود حالة طوارئ دائمة وإلي أمد غير منظور. كلاهما مر ومن جانبها قالت أمينة النقاش نائب رئيس حزب التجمع إننا أمام خيارين كلاهما مر، وهو إما أن تمد حالة الطوارئ ويطبق الطوارئ الذي يعطي السلطة التنفيذية سلطات واسعة تشمل اعتقال الافراد وتحديد اقامتهم، وفرض رقابة علي الصحف وفرض الحراسة علي الممتلكات، والتنصت علي التليفونات والمراسلات البريدية ومنع المظاهرات والمسيرات، وفرض رقابة علي الصحف المطبوعة وإما أن تستبدل حالة الطوارئ بقانون جديد لمكافحة الإرهاب طبقا لما ورد في برنامج الرئيس الانتخابي وللتعديل الذي جاءت به المادة 179 من الدستور وهو الاتجاه الذي شرعت الحكومة منذ عامين للأخذ به. وكشفت عن بعض مواد المشروع الذي أعدته في هذا الصدد ثم عدلت فجأة عن هذا الاتجاه تحت دعوي أنه يتطب مزيدا من الدراسات خاصة بعد المخاوف التي أثارها هذا التسريب لبعض المواد. وتري أمينة النقاش أن صدور قانون لمكافحة الارهاب يهدر الضمانات الدستورية للحرية الشخصية الواردة في المواد 41، 44، 45، من الدستور بل يبيح كل ما ورد في قانون الطوارئ ويهدر حرية الأفراد ويطلق يد أجهزة الأمن في ملاحقة المواطنين واعتقالهم وتفتيش منازلهم دون إذن قضائي موضحة أنه لا تجوز معالجة انهاء حالة الطوارئ بمعزل عن الوقوف أمام صدور قانون جديد لمكافحة الإرهاب ، وبالتالي لابد أن نعمل علي إنهاء العمل بقانون الطوارئ دون ربط ذلك بإصدار قانون مكافحة الإرهاب، وأن يقتصر تجديد العمل بقانون الطوارئ علي عام واحد فقط وأن يكون مشروطاً بعدم تطبيق هذا القانون فيما يتعلق بالانتخابات العامة والرئاسية لصيانة حقوق الترشيح والانتخاب وحرية الرعاية الانتخابية علي أن تتعهد الحكومة بأن يكون هذا آخر تمديد بالعمل بقانون الطوارئ. الوقت المناسب أما عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، فيري أن الحكومة تؤجل اصدار قانون مواجهة الارهاب لانها تنتظر الوقت المناسب لتمريره أو فرض حالة الطوارئ تحفظا من المجتمع الدولي والتزامات مصر الدولية بخصوص حالة حقوق الانسان مؤكدا أنه لا يوجد سبب حقيقي لفرض حالة الطوارئ غير تغول جهة الإدارة علي حقوق الأفراد للحد من الحريات الموجودة بالباب الثاني من الدستور. ويتوقع شيحة تجديد المد لفترة جديدة للعمل بالطوارئ نظرا لأن نظام الحكم الحالي لا يستطيع أن يحكم دون طوارئ مؤكدا أن الضمانة الوحيدة لإنهاء الطوارئ هي التطور الديمقراطي وحدوث انتخابات حرة ونزيهة مشيرا إلي أن الحكومة مصممة علي تمديد حالة الطوارئ وسن تشريع جديد لمواجهة الإرهاب. من دون طوارئ ويري محمد فايق وزير الاعلام السابق أن الدولة من حقها أن تعلم حالة الطوارئ في حالات محددة ومعروفة سلفا عندما لا تستطيع أن تحكم أمن البلاد وإعلان الطوارئ كل هذه الفترة فهذا يعني أن النظام الحالي لم يستطع أن يحكم أمن البلاد ولو ليوم واحد وبالتالي لابد أن يرحل هذا النظام. وقال فايق إننا لسنا بحاجة لقانون جديد لمكافحة الارهاب حيث القوانين الحالية كافية جدا لمواجهة الارهاب. وأشار إلي أن المجلس القومي لحقوق الانسان طالب الأممالمتحدة باجراء تدريب لضباط الشرطة علي حكم الدولة من دون طوارئ. وأكد صلاح عدلي المتحدث باسم الحزب الشيوعي المصري أن الوضع الحالي ينبئ بأن النظام الحالي لن يستغني عن الطوارئ لأنه عاجز عن أن يحكم من دونه حتي لو أن هناك استقراراً، لأن النظام لا يعير إلا عن مصالح فئة طفيفة من المجتمع المصري في حين ترفض الغالبية العظمي من المصريين سياساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية فتتصاعد المعارضة وأصبح النظام مهزوما، ودعا عدلي الاحزاب السياسية للتفكير الجدي في مقاطعة الانتخابات في حالة استمرار حالة الطوارئ ليتضح للمواطن أن المسئول الوحيد عن استمرار الطوارئ هو النظام الحالي. وأكد الفقيه الدستوري د. نور فرحات أن القانون في مصر أصبح يستخدم لتحقيق رغبات لحظية لأناس معينين وظهر ذلك بوضوح في تعديل المادة 76 من الدستور، وكذلك في تدخلات أحمد عز أمين تنظيم الحزب الحاكم عند مناقشة قانون الاحتكار بمجلس الشعب، مضيفا أن القانون أصبح كياناً غير محترم لدي جميع الطبقات الإجتماعية، وأن فرض حالة الطوارئ ما هي إلا رخصة قانونية للسلطة التنفيذية للتحلل من قواعد القانون. وأضاف فرحات أن الطوارئ لا ينص علي تعذيب ولا علي تمييز ولا ينص علي امتناع الدولة عن تنفيذ الأحكام القضائية بينما يمارس النظام كل هذه السوآت حتي تحول الطوارئ إلي أداة ضاغطة لتمرير كل ما يريده النظام، مؤكدا أن نص المادة 179 من الدستور يعصف بكل حرية للمواطنين وتعطل قانون الاجراءات الجنائية وأن مثل هذا النص غير موجود في أي من دساتير العالم، وأشار إلي أننا سنكون في حاجة إلي إعادة هيكلة وتأهيل للضباط لكي يتعلموا كيف يعاملون الناس في ظل عدم وجود الطوارئ. وشدد فرحات علي ضرورة أن تكون الاحزاب قادرة علي أن تجعل الشارع المصري والمواطن البسيط مهتماً بحالة الحريات بعيدا عن الاجتماعات النخبوية والمداخلات التليفزيونية التي أثبتت عدم جدواها علي مدار 30 عاما مشيرا إلي أنه من دون ذلك لن تكون لديه أوهام بأن ما يريده النظام الحاكم سيكون، وستمدد حالة الطوارئ من دون مقاومة. وقال حافظ ابو سعدة مدير عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أنه من الضروري أن ترتب القوي السياسية والوطنية أولوياتها ويكون في مقدمتها الغاء حالة الطوارئ وتعديل قانون الطوارئ نفسه، لأنه يتناقض مع الدستور المصري والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، مؤكدا أن النظام يدعي كذبا أن قانون الارهاب الجديد شبيه بالقانون الاسباني، وهذا غير صحيح لأن القانون الاسباني يكفل للمواطن ضمانات منها القضاء الاسباني والمحكمة الأوروبية لحقوق الانسان، مضيفا أن القوي السياسية لابد أن تتبني المطالبة بالغاء المادة 179 إلي جانب مطالبها بتعديل المواد الثلاث الأخري 76، 77، 88. ومن جانبه أكد حمدي الاسيوطي أمين الحريات بحزب التجمع أن الاعتقالات المتكررة والتفتيش الذاتي ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية ومحاصرة الاحزاب السياسية وزرع ثقافة الخوف في نفوس المصريين تؤكد أن النظام المصري أكثر النظم احتياجا لبقاء حالة الطوارئ، مضيفا أن أهم كوارث بقاء هذا النظام هي القضاء علي البنية التشريعية مشيرا إلي ما حدث يوم 6 ابريل الماضي والذي أكد لنا أن هذا النظام يرتعش خوفا من مطالبات التغيير. وحمل الأسيوطي الاحزاب السياسية جزءا من المسئولية لاستمرار حالة الطوارئ وطالبها بضرورة ابتكار طرق جديدة للمقاومة ضد هذا النظام وتمديد حالة الطوارئ. سياسيون بالوظيفة وطالب نجاد البرعي رئيس المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية، الاحزاب السياسية بضرورة تجاوز خلافاتها الداخلية التي يستخدمها النظام في فرض شروطه وتمرير ما يريد من قوانين، وأكد البرعي أن هناك طبقة ممن سماهم «سياسيين بالوظيفة» لا يريدون حقا إنهاء حالة الطوارئ لأنهم قد يكونون مستفيدين من بقائها، وأن بعض النخبة بقاؤهم مرتبط ببقاء النظام الحالي، وأكد أن الاحزاب السياسية لو جادة حقا في مطالبها بإنهاء حالة الطوارئ عليها ألا تشارك في الانتخابات القادمة في ظل فرض حالة الطوارئ0 وشن د. حسام عيسي هجوما علي النظام الحاكم وأكد أنه نظام لم يعد يصلح وفرغ الاحزاب السياسية من مضمونها وبالتالي لا يتوقع انهاء حالة الطوارئ والتي يفعل النظام بها ومن دونها ما يريد من انتهاكات لحقوق الإنسان.