أعلنت مصادر إخبارية أن أغلبية الحزب الوطني بمجلس الشعب وافقوا على تمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة سنتان اعتبارًا من بداية الشهر المقبل، وهو الطلب الذي تقدمت به الحكومة هذا اليوم إلى البرلمان للنظر فيه، بعد صدور القرار الجمهوري لمبارك بهذا الشأن، رغم تعهداته المتكررة بإنهاء حالة الطوارئ وكان آخرها الوعد الذي أطلقه في حملته "الانتخابية" الأخيرة، ويبدو أن النظام مصر على استمرار سياسة القمع والاستبداد حتى آخر رمق. وقد أتت تلك الموافقة المتوقعة من أغلبية الحزب الحاكم وسط اعتراضات كبيرة من نواب جماعة الإخوان المسلمين والمستقلين، الذين كرروا ما فعلوه في العام الماضي، حيث ارتدوا شعارات مطبوع عليها العلم المصري وبجانبه عبارة "لا للطوارئ". وكان رئيس الوزراء أحمد نظيف قد ألقى بيانًا في البرلمان أوضح فيه أن الحكومة تطلب رسميًا من البرلمان الموافقة على مد قانون الطوارئ لمدة سنتان تبدأ من الشهر المقبل وتنتهي في 31 مايو 2010، زاعمًا أن الحكومة لم تنته بعد من صياغة قانون مكافحة الإرهاب بعد ما تبيَّن لها أن الدول التي سبقت في إعداد قانونٍ لمكافحة الإرهاب ما لبثت أن غيِّرته لصعوبةِ تحقيق توازنٍ بين حقوق المواطن وأمن المجتمع؛ حيث تكتشف أنها والت جانبًا على حساب جانب، مشيرًا إلى أن هذه الدول قامت بتغيير القانون أكثر من مرة لاستكمال النقص الذي حدث به، مثل فرنسا وأمريكا وإنجلترا، زاعمًا أن هذا الأمر لا يمكن حدوثه في مصر، "خاصةً أننا تعوَّدنا على استقرار التشريعات وعدم تغييرها بصفةٍ مستمرة" على حد وصفه!! وأضاف نظيف أنه لتلك الأسباب قررت الحكومة حسم أمرها بتمديد حالة الطوارئ بدلاً من قانون الإرهاب، وكرر وعود النظام الجوفاء بعدم استخدام قانون الطوارئ في مواجهة الإرهاب فقط ولم يحدد أيضًا ما هو الإرهاب في نظر الحكومة كما حدث تمامًا في العام الماضي. وطالب نظيف نواب البرلمان أغلبية ومعارضة بالموافقة على مد الطوارئ حتى لا يسمحوا لقوى الشر بزعزعة الاستقرار وسلامة المجتمع، وذلك وسط تصفيق حاد من نواب الحزب الوطني، وهتافات من نواب الإخوان "حسبنا الله ونعم الوكيل"!! بيان إخواني وقد أصدر نواب الإخوان المسلمين بيانًا عبروا فيه عن رفضهم لمد قانون الطوارئ – سيئ السمعة – في وقت لم تعد البلاد تشهد فيه حربًا ولا حالات تهديد بالحرب ولا حتى كوارث طبيعية معتبرين أن الهدف من تمديده هو مزيد من التكميم للأصوات الحرة الشريفة الوطنية التي تطالب بالتغيير والإصلاح. وقد نشر موقع "إخوان أون لاين" نص البيان وجاء كالتالي: بيان من نواب الإخوان والمعارضة والمستقلين لرفض مد حالة الطوارئ نرفض نحن الموقِّعين على هذا البيان من نواب كتلة الإخوان المسلمين وكتلة المستقلين ونواب المعارضة المصرية بمجلس الشعب، موافقةَ مجلس الشعب وأغلبيته التي تنتمي إلى الحزب الوطني الحاكم مدَّ حالة الطوارئ لفترة جديدة، رغم كافة الوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها في 30/4/2006م بأنها لن تجدِّد حالة الطوارئ مرةً أخرى. ويرى الموقِّعون أن استمرار العمل بقانون الطوارئ لأكثر من 27 عامًا يمثِّل خطورةً على ركائز الدولة المدنية. ونؤكِّد أننا أقسمنا بالله العظيم أن نرعى مصالحَ الشعب ونحترم الدستورَ والقانونَ؛ ولذلك فإننا نرفض مدَّ حالة الطوارئ المفروضة على البلاد؛ حيث لا توجد حالة حرب ولا حالة تهديد بالحرب ولا حالات كوارث طبيعية. ويرى الموقِّعون أنه مع استمرار حالة الطوارئ ضاعت كلُّ مصالح الشعب لصالح فئة فاسدة تحمي الفساد والمفسدين، كما أن الطوارئ تسبَّبت في الإطاحة بالعديد من الحقوق والحريات التي كفَلَها الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان؛ حيث زادت انتهاكات حقوق الإنسان الممثَّلة في الاعتقالات العشوائية، والأخرى الانتقامية، إضافةً إلى التعذيب المُمَنْهَج في الأقسام ومراكز الاحتجاز المختلفة، وهو ما حذَّرت منه تقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان المتعاقبة، كما تسبَّبت الطوارئ في توفير مناخ طارد للاستثمار، فزادت نسبة استثمار المصريين بالخارج إلى أكثر من 462%، مع استمرار نقص الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصورةٍ متدنية؛ مما أثَّر على مشكلات المواطنين اليومية، من بطالةٍ، وعنوسةٍ، وغلاءٍ؛ نتيجة تراجع الأداء الاقتصاد المصري، فضلاً عن أن استمرار الطوارئ زاد من نِسَب جرائم المخدرات بكافة أنواعها وأشكالها، وزادت رقعة المتعاطين لها؛ مما يمثِّل فشلاً ذريعًا للطوارئ والتعامل الأمني بشكل عام مع هذه القضية. فضلاً عما خلَّفته الطوارئ من تخلُّف وجمود الحياة السياسية بالبلاد، وتوقف مؤسسات المجتمع المدني عن ممارسة أنشطتها؛ مما أدى إلى شللٍ كاملٍ في الحياة السياسية أدى إلى حالةٍ من الاحتقان السياسي، تعاني منها كل قوى ومؤسسات المجتمع المدني بصورةٍ غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث، كان لها بالتأكيد آثارُها السلبية السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المجتمع ككل. ولهذه الأسباب، ولأداء الأمانة، وتحمُّلاً للمسئولية التي وثق بنا شعبُنا فحمَّلَنا إياها، نرفض نحن نواب الشعب الموقِّعين مدَّ إعلان حالة الطوارئ ومدَّ العمل بقانون الطوارئ. القاهرة في 26/5/2008 مجلس حقوق الإنسان.. أزمة منتظرة ومن ناحية أخرى يتوقع بعض الخبراء أن يشهد المجلس القومي لحقوق الإنسان موجة استقالات جماعية احتجاجًا على تمديد العمل بقانون الطوارئ بعد ما أصدر المجلس بيانًا مؤخرًا اعتبر فيه أنه لم يعد هناك مبرر لتمديد العمل بقانون الطوارئ المفروض على مصر منذ 27 عامًا خاصة مع حالة الاستقرار التي تعيشها مصر حاليًا، ومن المنتظر أن تسبب تلك الخطوة إحراجًا كبيرًا للحكومة أمام الرأي العام لكون هذا المجلس حكوميًا.