لقد تزوج الرسول " نساءه قبل أن ينزل القرآن بتحديد الزواج بأربع. فلما نزل لم يؤمر بتطليق. بل نزل القرآن الكريم بالنص علي حلهن له بلا حرج: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أَجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجى وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً" "الأحزاب:50". إن بقاء أزواجه التسع خصوصية من خصوصياته. وخصوصية لنسائه. كخصوصية وجوب قيام الليل عليه. وخصوصية تحريم الصدقة عليه وعلي آل بيته. وخصوصية نسائه في مضاعفة العذاب علي الفاحشة. ومضاعفة أعمالهن الصالحة بنص القرآن الكريم: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةي مُّبَيِّنَةي يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَي اللَّهِ يَسِيراً * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً""الأحزاب:30.31". ثم نزل القرآن بتحريم زواجه بغيرهن: "لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجي وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَي كُلِّ شَيْءي رَّقِيباً""الأحزاب:52". وحكمة تحليل أزواجه له في غاية الكمال والجمال والرحمة والإحسان. لأنه لو كلف بتطليق بعض نسائه لوقع هذا الطلاق علي النسوة المهاجرات اللاتي ترملن وهن غير مشهورات بجمال. ويكون ذلك خلاف ما كان قد قصد إليه النبي " حين تزوجهن. كما يكون حطاً لأقدارهن. وخدشاً لكرامتهن بعد أن شرفهن الله بالانتساب إلي أشرف بيت عرفته البشرية. والاقتران بأشرف المرسلين. وخاتم النبيين. ولو وقع منه تطليق لكان ذلك منافياً لخلقه العظيم. ورحمته ورأفته التي شملت العالمين - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - وحاشا لرسول الله " أن يكون من المطلقين!! إلي جانب أن الله عز وجل قد أنشأ صلة الأمومة الشعورية بين أزواج النبي " وجميع المؤمنين: "النَّبِيُّ أَوْلَي بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ""الأحزاب:6". ثم حرم زوجاته من بعده علي المؤمنين. وعد ذلك إيذاء للرسول " واعتداء علي شرف النبوة العظيم. وجعل ذلك أمراً عظيماً: "وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً""الأحزاب:54" وللحديث بقية.