يسأل الأستاذ "ف.ح.ص" من ألمانيا: منذ سنوات وأنا لي صديقة ألمانية غير مسلمة وأعاشرها معاشرة الأزواج. وأريد أن أتزوجها شرعاً وأتوب عما اقترفته من ذنوب. فهل يجب استبراء رحمها قبل العقد عليها والدخول بها؟ ** يجيب الشيخ رسمي عجلان من علماء الأزهر: اختلف الفقهاء في عدة من زنت قبل الزواج. علي عليها عدة كاملة كالمطلقة. أم هي كالأمه يستبرأ رحمها بحيضة واحدة. أم لا عدة عليها ولا استبراء؟ الحنفية والشافعية: أجازوا العقد والوطء بدون عدة أو استبراء لرحم من زنت كما جاء في كتاب "تبين الحقائق: 2/124" من أمهات كتب الحنفية: "يحل نكاح الموطوءة بزنا حتي لو رأي امرأة تزني فتزوجها جاز. وله أن يطأها. خلا محمد بن الحسن والإمام أبو الليث السمرقندي من أئمة الحنفية. وهذا صريح أن نكاح الزانية يجوز وكذا نكاح الزاني. وهذا قول أبو بكر وعمر وابنه وابن عباس. وروي عن عائشة وابن مسعود منعه لظاهر الآية: "الزاني لا ينكج إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زاني أو مشركي وحرم ذلك علي المؤمنين" النور: 3 والمراد بالنكاح في الآية الوطء أي الزانية لا يطؤها إلا زان في حالة الزنا. أما المالكية وجبت الاستبراء قبل العقد بحيضة واحدة. وقد جاء في كتاب "المدونة: 197.2" من أمهات كتب المالكية: "قلت: أفيتزوج الرجل المرأة التي قد زني بها هو بنفسه في قول مالك؟ قال: نعم. بعد الاستبراء من الماء الفاسد. قلت: أرأيت أمة رجل زنت أله أن يطؤها في قول مالك؟: لا يطؤها حتي تحيض حيضة. قلت: أيصح أن يزوجها لأحد بعد أن زنت وقبل أن تحيض؟ قال: لا يجوز ذلك. وقال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: الزانية لا يجوز عندنا نكاحها حتي تستبرأ". وقال الإمام زفر من الحنفية وابن الحداد من الشافعية بجواز العقد ومنع الوطء حتي يستبرأ رحمها. وقال الحنابلة بوجوب العدة كاملة قبل العقد. وقد جاء في "المغني: 7/107" من أمهات كتب الحنابلة: "وإذا زنت المرأة لا يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين: أحدهما: انقضاء عدتها . فإن حملت من الزنا فقضاء عدتها بوضعه. وبهذا قال مالك وأبو يوسف والشرط الثاني: أن تتوب من الزنا وبه قال قتادة وإسحق وأبو عبيد". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوي 3/177": "نكاح الزانية حرام حتي تتوب. سواء زني بها هو أو غيره. وهذا هو الصواب بلا ريب. وهو مذهب طائفة من السلف والخلف. وذهب الأئمة إلي جوازه. لكن مالك يشترط الاستبراء. وأبو حنيفة يجوز العقد قبل الاستبراء إذا كانت حاملاً. ولا يسمح بوطئها حتي تضع. أما الشافعي فيبيح العقد والوطء مطلقاً. ويتعلل: بأن ماء الزاني غير محترم وحكمه لا يلحقه نسبه. ومالك وأحمد يشترطان لاستبراء وهو الصواب. لكن مالك يشترط بحيضة واحدة. وأحمد وكثير من أصحابه يشترط ثلاث حيضات. والصحيح لا يجب إلا الاستبراء فقط كما هو عند مالك. لأنها ليست زوجة فيجب عليها العدة كاملة. فهي كالمسبية. فكانوا إذا سبوا المرأة أبيحت بعد الاستبراء لما جاء عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في سبايا أوطاس فقال: "ألا لا توطأ حامل حتي تضع ولا غير ذات حمل حتي تحيض حيضة" أبو داود . وكما قال في سبايا خيبر: "ولا يطأ أحدكم أمته حتي يستبرأ رحمها. ولا يسقي أحدكم بمائه زرع غيره" الحاكم وقال علي شرط مسلم . فالاستبراء بحيضة لا يجري علي المسبية فقط بل يجري علي غيرها كالمختلعة ولذا فالزانية أولي". ومما سبق وبناء علي واقعة السؤال: تري بعون الله وحوله وقوته جواز نكاح التي زنت سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة باقية علي دينها أو تريد أن تدخل الإسلام. وسواء كان العاقد عليها من زنا بها أو غيره. لأن الزنا ليس من موانع العقد. وهذا من باب الحرص علي استنفاد هؤلاء النسوة من رجوعهن إلي ما كان عليه من المعاصي والآثام. لكن لابد لمن يريد أن يتزوجها ألا يطأها حتي يستبرأ رحمها بحيضة أو بوضع حملها لو كانت حاملاً حتي ولو كانت صديقته ولم يطأها. وكذلك التوبة النصوح وطلب المغفرة من رب العالمين.. فإنه لا يغفر الذنوب غيره سبحانه وتعالي. والله أعلي وأعلم.