"الشيخ عبدالعظيم زاهر" اسم له شهرة واسعة ليس في مصر فحسب بل في العالم العربي والإسلامي عرف بصاحب الصوت الذهبي لقراءته المميزة التي تدخل إلي القلوب مباشرة.. منح صوته وسام الجمهورية من الطبقة الأولي عام ..1991 خلدت سيرته الذاتية ضمن موسوعة عظماء القرن العشرين.. ومع حلول الذكري الاربعين لوفاته حرصنا علي لقاء بعض أفراد أسرته للتعرف علي محطات في حياة القارئ الجليل ورصدناها في السطور القادمة: في لقاء مع الدكتورة هانم عبدالعظيم زاهر وكيل أول وزارة الصحة سابقا والخبيرة بمنظمة الصحة العالمية وعضو اللجنة الفنية بالصندوق الدولي بجنيف زوجة المهندس الاستشاري فاروق محمد المدني نجل الشيخ محمد المدني عميد كلية الشريعة سابقا قالت: والدي أحد أبناء قرية مجول بالقليوبية قدر الله أن يشق طريقه إلي أعظم ما في الوجود ليؤثر بموهبته في نفوس الناس.. حفظ القرآن وعمره 8 سنوات والتحق بمعهد خليل الجناين ثم التحق بالإذاعة المصرية في 1936 وتم تعيينه قارئا للسورة بمسجد محمد علي عام 1942 ثم بمسجد السيدة زينب عام 1956 ثم مسجد صلاح الدين بالقلعة ونال الشيخ عدد من النياشين من الملك فاروق. تزوج والدي من والدتي وهي من قرية مجول أيضا كان يجمع بينهما حب شديد للغاية.. كان يتقي الله في زوجته.. كان دائما يري أن الزوجة لها قدسية خاصة يجب احترامها وأن تكون رغباتها مجابة. وبالرغم من إنجاب أبي للأبناء الذكور إلا أنه كان يفضلني لأن شقيقاتي تزوجن صغيرات السن ولم يتبق في البيت سوي انا وأشقائي الذكور لذلك كنت أبحر في حنان أبي فقد كان حنونا بالرغم من شخصيته القوية وكان صاحب عزة وكرامة.. كان خلقة القرآن ويرجع كل شئ إلي القرآن.. حقيقة لقد عشنا في جو رباني فقد كان والدي دائم لقرأة القرآن. بيت قرآني فمن أهم طقوسه أنه كان يقرأ القرآن بصوت عال في الفجر يتغلغل صداه إلي قلوبنا.. كنا نسمعه يكلم الله لذلك كلما طلب شئ أعطاه الله أياه.. كان شديد الحرص علي أن يصلي بنا جماعة ومن أهم صفاته أيضا البساطة فقد كان يدعو "اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا وأحشرني في زمرة المساكين" لم تشغله المادة علي الاطلاق.. كان يهتم بالاناقة فوالدي كان شيخ "عايق" يحب ارتداء جلبات وعباءة وطاقية ناصعي البياض وفي خارج المنزل يحرص علي ارتداء الجبة والكاكولا والعمة التي كانت تأخذ منه وقتاً طويلاً لإعدادها. والدي كان يعشق البيت فهو رجل "بتوتي" لا يحب الخروج سوي للإذاعة أو السهرات أو الافتتاحات وكان يحلو له الخلوة في جناح مستقل بالفيلا يتلو فيه القرآن ويناجي ربه وكان اريج صوته يعطر المكان. كان والدي يتعايش مع آيات القرآن فيتعايش معه من يسمعه وينفعل بما يقول فكنا نسمع الآية وكأنها مصورة أمامنا فكان يبهرنا بأدائه المعبر وإيمانه القوي وتصويره البارع لكل كلمة ولكل أية وكأنه يفسر القرآن تفسيراً فما أجمله وهو يقرأ "إن كل شئ خلقناه بقدر" "وسيق الذين اتقوا ربهم إلي الجنة زمرا" وقتها تتمني أن تكون مع من يذهب إلي الجنة والعجيب أن الجنود الانجليز يحبون سماع صوته بالرغم من عدم معرفتهم بما يقول إلا أن صوته الذهب كان ينفذ إلي قلوبهم. وبابتسامة خفيفة قالت: كلما كان والدي يقرأ القرآن كان يعيش في ملكوت آخر وكان صوته يزداد بريقا مثل الذهب وفي كل آية وكل كلمة يدخل في حالة خشوع ورهبة وسكينة. كان والدي حريص علي إحياء الحفلات الشهرية في مدارسنا. نوابغ أنجب والدي 8 أبناء هم المرحوم الدكتور حسين زاهر أستاذ الكيمياء العضوية بجامعة عين شمس والد دكتور هشام حسين الأستاذ بالجامعة الأمريكية ودكتور عمرو حسين استاذ بكلية هندسية عين شمس والدكتور ناصر حسين أستاذ جراحة العظام وخالد محاسب. المهندس صلاح عبدالعظيم زاهر والد غادة بكلية التجارة ومروة آداب عين شمس وأحمد رائد ومحمد نقيب شرطة. والمهندس حسام الدين زاهر والد إسلام في كلية الهندسة محمد بكالوريوس هندسة ونهي مهندسة ديكور وندي مهندسة ميكانيكا بالمقاولون العرب. والمهندس طلعت زاهر ولديه 2 من الأبناء والمهندس شمس الدين زاهر ولديه 2 من الأبناء والمهندسة عليه زاهر ولديها 3 أبناء والمهندس عزالعرب زاهر ولديه بنتان والمهندس عصام الدين زاهر ولديه بنتان ودكتور سمير زاهر ولديه 7 أبناء. المرحومة رشيدة زاهر ولديها 7 أبناء والمرحومة قوت القلوب زاهر ولديها 7 أبناء. الوفاء لأهله أما عن علاقة والدي بأهله وأهل قريته فقد كان شديد الحرص علي صلة الرحم ومساندة أشقائه في كافة الأمور وكان دائما ما يحثنا علي هذه الصفة.. كما كان محبوبا من أهل قريته لعلاقته الرحيمة بهم.. واذكر أنه في أحد الأيام الممطرة تعطلت السيارة بسبب الطين فخرج الفلاحون من الأرض واقسموا أن يرفعوا السيارة والشيخ بداخلها حتي خرجت.. وعندما دمرت الدودة محصول القطن قام بجمع الفلاحين وبلغهم بتنازله عن حقوقه لإيجار الأراضي وأعلن مساندته لهم.. وحدث أن ماتت "جاموسة" أحد الفلاحين وهي رأس ماله الوحيد فقام الشيخ بشراء أخري له. ولم يقتصر هذا الحب علي المسلمين فقط بل امتد إلي الإخوة المسيحيين فقد كانوا دائمي الزيارة لوالدي حتي أن سيدة مسيحية طلبت منه قراءة سورة مريم فلبي لها طلبها وكانت والدتي تقوم بإعداد بعض الأصناف وتقدمها لهم هدية.. أما التمييز الحادث الآن فهو أمر جديد لم نعهده. وعن أحب البلاد إلي قلبه فهي مصر وقرية نجول كانت محبة جدا إلي قلبه أحب أهلها بسخاء وبادلوه نفس الحب وكان قدوتهم وكبير العائلة وكانوا يسارعون خلفه كلما ذهب إلي القرية وكان هناك مكان يلتقي بهم فيه لذلك حرصنا علي أن نبني مسجد الشيخ عبدالعظيم زاهر في هذا المكان. وبالنسبة لأحب المقربين إلي قلبه كان الشيخ محمد رفعت والشيخ مصطفي إسماعيل والشيخ محمود خليل الحصري والشيخ كامل يوسف البهتيمي. أما أحب المطربين فقد كان يحب صوت أم كلثوم وعبدالوهاب ويقول إنها أصوات قوية. وقبل وفاته بيوم قام والدي بالحلاقة والاستحمام وقال "انا هقابل ربنا وشكلي حلو" ورحل صاحب الصوت الذهبي تاركا خلفه مدرسة خاصة في تلاوة القرآن الكريم في جميع أنحاء العالم الإسلامي والعربي وأندونيسيا والمغرب والجزائر وتركيا. بالرغم من مرور سنوات علي وفاته إلا أنني مازالت أشعر بالتقدير والاحترام الذي يكنه له الناس فبعد وفاته بسنوات سافرت إلي النمسا وعند العودة اكتشفت أن الوزن زاد من المسموح ولم يكف المال الموجود معي فقرأ المضيف اسمي وعلم انني ابنة الشيخ عبدالعظيم فسهل الدنيا ولم ادفع شيئاً.. وفي إيران وجدت شرائط والدي في كثير من البيوت وعندما علموا أنه والدي رحبوا بي بشدة وذكروه بحب. بركة الشيخ يقول المهندس صلاح عبدالعظيم زاهر الابن الاكبر للشيخ إن احساسنا بالانتماء للشيخ جعلني أشعر أنني أسير علي خطاه الحياتية في معاملاتي وتربية أبنائي. كما أشعر أن جزءاً كبيراً من تقدير وحب الناس نابع من حبهم للشيخ عبدالعظيم. وبرر ذلك في بعض المواقف فعند تقديمي لأحمد في الشرطة وأثناء اختبار كشف الهيئة ذكر اسمه فعرف انه حفيد الشيخ فسألوه: هل صوته جميل مثل جده وطلب منه ان يقرأ فقرأ سورة الرحمن فما كان من الضابط إلا أن استحسن وشعرنا ببركات الجد وحدث نفس الأمر لأخوه في نفس الكلية. من أهم توجيهاته لنا كانت الأمر بالصلاة لدرجة العقاب عليها بالضرب وصلة الرحم والرحمة والايثار والعطاء للفقراء وكان يضاعف مصروفي عندما أقوم بواجباتي نحو إخوتي. واذكر أنه عندما يدخل المنزل كان يقف كل من بالمنزل احتراما حتي يجلس وكان لا يجرؤ أحد علي شرب السجائر أمامه ولا الضحك بصوت عال. وتقول زوجته فريدة عبدالرحمن: لم أر الشيخ عبدالعظيم لأنني تزوجت المهندس صلاح بعد وفاته لكن كل حاجة حلوه وجدتها في ابنه مثل احترام الزوجة والحنان والكرم كان يقول إنه اكتسبها من والده لدرجة أني احببت انا واولادي الشيخ من عشرتنا الجميلة لابنه وعندما نستمع إلي صوته في الراديو نشعر انه معنا وان روحه تحوم حولنا وترعانا ولاحظت أن أبناء الشيخ كلهم علي عددهم مترابطين متحابين يسيرون بأخلاقه وصفاته. ويقول خالد حفيد الشيخ عبدالعظيم: جدي كان يتمتع بكاريزما. خاصة فقد كان صاحب شخصية قوية وكنا نهابه وفي نفس الوقت يتسم بالحنية علينا وكان حريص علي مشاركتنا في اللعب ثم يخلد إلي الهدوء الذي يحبه ولحسن الحظ أن أعمامي وعماتي اخذوا الكثير من صفات جدي خاصة والدي وهو صوره مصغرة من الشيخ تعلم منه كافة الصفات الطيبة ومنها الرحمة والايثار فاذكر أن قام والدي باختراع بعض المركبات الكيميائية التي تساعد في علاج السرطان وأستأذنت أمريكا لتعرف منه سر المركب الكيميائي فأعطاهم السر بدون مقابل. ويري أن هناك أناساً كثيرون يصعب تكرارهم في الحياة ومنهم الشيخ عبدالعظيم زاهر لذلك جاءت مبادرة الأسرة لتخليد ذكراه بأن أوقفت ما يقرب من فدان مباني في قرية مجول لإنشاء مسجد علي مساجد 720 متراً وانشاء مبني خدمي يقدم من خلاله مساعدات للأيتام والأسر الفقيرة شهريا وتجهيز العرائس الأيتام وخدمات موسمية تتمثل في "شهر رمضان المولد النبوي عيد الأضحي المبارك" وتنظيم قوافل طبية متكاملة بكل التخصصات في العشوائيات بأجر رمزي وتوزيع العلاج مجانا.. إلي جانب برامج لتنمية مهارات "التفصيل الخياطة التطريز التريكو الكورشيه" ومحو الأمية وتنظيم دورات للكمبيوتر وتقوية اللغة العربية. كذلك عقد ندوات طبية ودينية واجتماعية من خلال لقاء شهري بمقر الجمعية.. وتحفيظ القرآن وتجويده من خلال ثلاث مقارئ بالزيتون ومدينة نصر وقرية مجول كما نحرص علي تقديم جائزة باسم الشيخ لمن يختم القرآن الكريم في مقرأتة الشيخ.