مشاهد للمسجد من الخارج والداخل والسقالات لم ترفع لفت نظري إعلان ملصق علي الحاجز الحديدي بين الركاب وسائق أحد أتوبيسات النقل العام (فرع الترعة)، يدعو فيه الأخ المسلم والأخت المسلمة للتبرع لاستكمال إنشاء مسجد الرحمن الواقع في منطقة المظلات بالقاهرة، الذي بدئ في بنائه منذ عام 0891 ولكنه حتي الآن لم يتم الانتهاء منه، أي مر عليه حوالي 33 عاما وهذا وقت طويل جدا، أن يستمر في بناء منشأة دينية دون استكمال وافتتاح وهذا الأمر لايوجد مثيل له في بر مصر.. لكن ماهي الأسباب الحقيقية التي تؤخر بناء بيت من بيوت الله كل هذا الزمان بل ويظل مهجورا دون إعمار من المصلين؟ هذه دعوة كريمة منا للتبرع لهذا الصرح الديني والخيري من أجل الانتهاء من بنائه وإعماره. بداية.. كان لابد من زيارة لموقع المجمع الإسلامي المجاور لموقف المظلات لأتوبيسات النقل العام.. وقد التقيت بالحاج سيد حارس المجمع الذي قال لي: إن المجمع يتبع جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وأنه يتم بناؤه بالجهود الذاتية ومن خلال صندوق التبرعات الموضوع أمامه وهو عبارة عن مسجد ومعهد ديني ومستشفي وقد أعطاني رقم محمول المحاسب القانوني عبدالحليم سيد عطا نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية التي يشرف عليها الشيخ حافظ سلامة شيخ المقاومة الشعبية بالسويس الذي قام ببناء مسجد النور بميدان العباسية. وقد نفي تماما المحاسب عطا معرفته بمن وراء الإعلان الملصق في الأتوبيس العام ولكنه أكد أن طول مدة بنائه ترجع إلي أن قطعة الأرض المقام عليها المجمع (مساحتها 06*06= 0063 متر) اشتراها الشيخ سلامة من وزير الأوقاف وشيخ الأزهر السابق الدكتور عبدالحليم محمود الذي نصحه بإقامة معهد أزهري ومسجد بها ولكن كانت وراءها عزبة يسكنها بعض البلطجية وتجار المخدرات الذين تسببوا في مشاكل عديدة للعاملين في بناء المجمع، لدرجة أن قوات الأمن كانت تأتي للحيلولة دون تعدي أهالي العزبة علي المجمع إلي أن تم إخلاء العزبة من ساكنيها ونقلهم إلي منطقة أخري، بعد أن أحدثوا رعبا لتلاميذ المدارس المجاورة للمجمع. وقد قمت بجولة مع المحاسب عطا في الدور الثاني للمستشفي الكبير الذي سوف يسع 001سرير بعد أن جاء الحاج سيد بكشاف نور حتي نتمكن من رؤية الأعمال بها، فوجدت التكييف المركزي تم تركيبه هو وجميع أنواع الأسلاك الخاصة بالكهرباء والاتصالات والكمبيوتر (7 أسلاك بألوان مختلفة).. وقد أشار المحاسب عطا إلي حجرات العمليات والتحاليل وغيرها ثم ألقينا نظرة منه علي الدور الأول به وشاهدت مكان الاستقبال وهو مربع الشكل وتحيطه حجرات العيادات الخارجية التي تعمل بالنهار. وأوضح نائب الجمعية أنهم انتهوا من أعمال الكهرباء وبدأوا في تنفيذ أعمال المحارة بالمستشفي. ثم درجنا علي سلالم احتياطية من المستشفي إلي المسجد.. وهنا زاد إعجابي من جمال وروعة المنظر.. فقال لي المحاسب عطا: إن تصميم المسجد يماثل تماما تصميم جامع محمد الفاتح بتركيا وهو تحفة معمارية، وقد أعاد تصميمه هندسيا من الحجارة إلي الخرسانة المسلحة، مكتب المهندس الاستشاري الدكتور العدوي ناصف بالمجان وعندما نحتاج إلي أحد مهندسيه للإشراف علي أجزاء من البناء يأتي فورا لمساعدتنا. موضحا أن قباب المسجد مشيدة من الخرسانة المسلحة، دقيقة الصنع، مضيفا أن القائمين علي المجمع يعتمدون علي أنفسهم في بنائه، فليس هناك مقاول إنشاءات ولكن توجد ورشة لتقطيع الخشب وأعمال النجارة وشبابيك الجص والسقالات التي يقف عليها العمال الذين يأخد الواحد منهم 021 جنيها في اليوم، لبناء المئذنة التي وصل طولها حاليا إلي 08 مترا ومن المقرر أن يبلغ أكثر من 501 أمتار. وأشار المحاسب عطا إلي أن هناك 4 مآذن صغيرة قاعدتها تحت الأرض بحوالي 12 مترا ومئذنة كبيرة (مساحتها 02*02=004متر) كما يوجد 7 قباب للمدخل وعرض السلم الرئيسي 22 مترا. وكان المحاسب عطا يتحدث وكله فخر بما تم إنجازه وصلابة المبني.. فقد تفرغ لهذا العمل الذي يبتغي به وجه الله، منذ 31 عاما بعد أن أحيل إلي المعاش من الشركة العامة للبترول التي كان يعمل بها محاسبا قانونيا.. وقد أشار إلي القبة الكبيرة المحمولة علي عدد من أنصاف وأرباع القباب وأن ارتفاعها عن أرضية المسجد بما يزيد عن ال 93 مترا. كما لفت نظري إلي وجود مصلي للسيدات علي شكل حرف u بمساحة المسجد (الذي يسع آلاف المصلين) وأن له 4 سلالم (2 جهة اليمين و2 جهة اليسار) بخلاف سلالم مدخل الرجال.. ويأمل نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية أن يضع عددا من الشاشات التليفزيونية في مصلي السيدات حتي يتمكن من متابعة خطيب المسجد وهو يلقي بخطبته أمام المصلين من الرجال. وفجأة وجدتني أعلي السلالم العريضة الرئيسية ومن خلالها شاهدت العمل في المآذن الأمامية.. وأكد لي المحاسب عطا صعوبة الصعود والعمل علي ارتفاع 08 مترا وأن الأعمال التي تتم في المجمع تحتاج شهريا لأكثر من 06 ألف جنيه وأن صندوق التبرعات لايوجد به هذا المبلغ، فيضطرون إلي أن يكلموا الشيخ سلامة، فيرسل لهم بمعظم المطلوب. مضيفا: ربنا يعين المسلمين والجهات الخيرية علي مساعدتنا. موضحاً أنهم أخذوا في تشييد المآذن نظرا لأن القباب كانت توحي بأن المبني هو لكنيسة وليس مسجدا، فاضطروا إلي بنائها وإن كان المسجد في مرحلة التشطيب وعلي المحارة التي سوف تتم بعد الانتهاء من تشطيب المأذن.. ثم أخذني المحاسب عطا لمشاهدة المعهد الديني الذي من المرجح أن يكون للمرحلة الثانوية وهو موجود خلف المسجد وقد تم الانتهاء من بنائه وطلائه وتركيب الشبابيك والأبواب والبلاط إلي آخره.. مبررا عدم افتتاحه بسبب الخوف علي تلاميذه من سقوط الحجارة من العمال الذين يبنون المآذن علي رؤوسهم.. وأضاف المحاسب عطا أنه أقام حجرة فوق السطوح لمبيت المدرسين القادمين من المحافظات. وقد سألت المحاسب عطا.. لماذا لم تكمل وزارة الأوقاف بناءه، وهنا ظهر عليه الغضب والسبب أن الوزارة أخذت منهم مسجد النور بالعباسية لاستكماله وأقامت قاعات للأفراح تحصل منها علي نصف مليون جنيه سنويا وأنهم حصلوا علي حكم قضائي نهائي باسترداد جمعية الهداية الإسلامية للمسجد ولكن الوزارة تماطل لأنها تكسب من ورائه! ولذلك يأمل المحاسب عطا أن يقيم قاعتين في مدخل المسجد لإقامة حفلات عقد القران بعد صلاة العشاء، ومنهما يتم إدخال مصدر تمويل لصيانة مرافق المجمع. وهنا ارتفع صوت المؤذن بالأذان معلنا موعد صلاة الظهر.. وقد انتهي الحديث من جانب المحاسب عطا بأن هذه الزاوية الموجودة حالياً في جانب المجمع سيتم هدمها بعد استكمال المجمع لإقامة دورة مياه خارجية وفوقها يقترح المحاسب عطا إنشاء دار للمسنين وليس حضانة لأن خدمة كبار السن متوافرة من حيث العلاج والإشراف الطبي من خلال المستشفي والنظافة والفرش والمغسلة والطعام الصحي.. وتركت نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية يناقش أحد الأسطوات الذي جاء له بقطعة خشب علي شكل دائري يحتاج منها 84 قطعة أخري، لكي يصبوا فتحات الشبابيك وكانت المحادثة فيها مجادلة من الطرفين، فالمحاسب عطا يطالبه بضرورة الاستفادة من الهالك منها.. فما كان مني إلا أن تركتهما يتحدثان وخرجت لأجد صندوق التبرعات وقد وضعت فيه مبلغا من المال، أبتغي به الثواب ودخول الجنة.