شهدت الآونة الأخيرة: انطلاق عدد كبير من القنوات الفضائية ذات الطابع الفريد والتي لم يكن أحد يتوقع ظهورها علي الشاشة فبعد تخصيص قنوات للأفلام والمسلسلات الدرامية والأغاني أطلت علينا في السنة الأخيرة قنوات تخصصت في الرقص الشرقي والأغاني الشعبية الهابطة، بشكل متواز مع تدفق عشرات القنوات الدينية المتشددة، إلا أن الأمر لا يتوقف عند حد انتشار ظاهرة المذيع الملتحي بخاصة بعد ثورة يناير وصعود نجم التيارات الدينية لنستقبل شهر رمضان هذا العام بقناة نسائية للمنتقبات فقط! فريق عملها من بنات حواء اللواتي يتشحن بسواد النقاب. (ماريا) هو اسم القناة الجديدة التي لايوجد فيها جنس رجل باستثناء المخرج محمد دنيا، الذي يعد وجوده بشكل مؤقت لحين تدريب (الأخوات المنتقبات) علي فن التصوير والإخراج، بينما أي سيدة غير منتقبة غير مسموح لها بالعمل بالقناة لأنها في رأيهم (سافرة).. وكان الإعداد للقناة قد بدأ منذ فترة لتنطلق بعدد كبير من البرامج، علي أن يتم بث القناة لمدة 6 ساعات يوميا تتضمن مقابلات وحوارات مع منتقبات تدور موضوعات البرامج حول النقاب والحياة الزوجية، وتنطلق (ماريا).. من أحد المباني السكنية، لحين استئجار ستديو خاص بها ويخططون لإطلاقها، من خلال استقطاع ساعات من قناة الأمة الموجودة حالياً، وستعتمد القناة في إدارة شؤونها علي النساء فقط ولا يسمح للرجال بالعمل أو الظهور عليها ولا حتي عبر مداخلات تليفونية. الشيخة صفاء الرفاعي، مُدرسة قرآن وداعية إسلامية، وهي المسؤولة عن القناة اعلنت: إن رسالتنا الإعلامية تخاطب المرأة المسلمة، لنعلمها سنة رسولنا محمد([) وتثقيف المرأة المسلمة في كل نواحي الحياة. وهي رد اعتبار للمنتقبات. القناة – بحسب الشيخة صفاء- لن تقتصر علي البرامج الدينية فقط، إنما تمتد لتخاطب المرأة في كل مناحي حياتها. يومياً تبث قناة (ماريا) من الساعة 12 ظهراً، حتي أذان المغرب حتي تحقق أعلي نسبة في المشاهدة. وارتداء النقاب هو أهم شرط للعمل في القناة، أو لمن نستضيفهم في البرامج - التي تشدد علي أن النقاب هو الحجاب الشرعي الواجب علي كل نساء الأمة الإسلامية، وما عدا ذلك فهو غير شرعي وتطلق علي من لا ترتديه سافرة، النقاب شيء مقدس لا يمكن تجاوزه، أما إذا كانت تناقش قضية لم تجد فيها متخصّصة ترتدي النقاب فسوف يعرضن علي الضيفة أحد أمرين: إما أن تضع علي وجهها نقاباً أسود أو تشويشًا يخفي وجهها، أو تكتفي بمداخلتها عبر الهاتف فقط إن رفضت. الغريب أن الخيانة الزوجية سيكون لها مكان علي قناة المنتقبات، وذلك من خلال برنامج (مذكرات امرأة)، لكن برؤية مغايرة تماماً لما يناقش في الإعلام، حيث سيناقش أسباب خيانة الزوجة لزوجها، من خلال عرض لنماذج من واقع الحياة. قناة المنتقبات تضم طاقم مذيعات مكوّناً من 03 مذيعة منتقبة تتولي تدريبهن سيدة منتقبة أيضا وهي (أم سهر)، وتمت الاستعانة بالمخرج محمد دنيا، ولكن مؤقتا لحين تدريب الأخوات علي فن التصوير والإخراج.. ويقول مؤسسو القناة إن الفكرة قد جاءت لرفع الظلم عن هذه الفئة من المجتمع. الشيخة صفاء لم تفصح حتي الآن عن الجهة التي تمول القناة ولكن من المحتمل أن يكون التمويل خليجيا. ومن أهداف القناة أن تظهر علي شاشتها المذيعات المنتقبات وذلك لتفعيل دور المرأة المنتقبة التي تعاني من تهميش واضح بالمجتمع.. والقناة فضائية نسائية بحتة ولا يجوز التدخل في سياستها العامة أو نوعية برامجها من جانب الرجال حتي صاحب القناة سيكون له دور استشاري بحكم الخبرة الإعلامية والعلمية، أما شئون القناة ستتولاها الأخوات القائمات علي إدارة القناة، لأنها خاصة بالنساء فقط. وقالت صفحة القناة علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" إن فكرة القناة جاءت من أجل احتواء خريجات كليات الإعلام المنتقبات اللاتي لا يجدن فرصة للعمل في أي مؤسسة إعلامية. إن فكرة إطلاق الفضائية هدفه التصدي لظاهرة "العنصرية ضد المنتقبات لأن القائمين علي القناة يتساءلون »لماذا تجد المتبرجة عملاً، بينما تمارس العنصرية ضد المنتقبات في المؤسسات أو الشركات بسبب الزي الشرعي، لذا قررنا إنشاء القناة وفتح الباب أمامهن. ورداً علي منتقدي تخصيص قناة للمنقبات، قال القائمون عليها "قبل سعد زغلول وثورة 9191 كانت النساء كلهن منتقبات وكنا نتعامل معهن ولا نري وجوههن، فهذا هو الأصل ثم حدث انقلاب إلي دائرة التغريب، فالقناة عودة إلي أصولنا. تقول الدكتورة نهي عاطف العبد المدرس بالأكايمية الدولية للهندسة والإعلام تخصص الإعلام السياسي: حينما ظهرت القنوات الفضائية عام 0991 كان تأجير القناة علي القمر الصناعي مرتفع الثمن حوالي 3 ملايين دولار سنويا بالإضافة لدفع 3 سنوات مقدما أي 9 ملايين دولار.. وكانت القناة القمرية تحمل قناتين فضائيتين فقط.. ولما ظهر نظام الرقمنة أصبحت تحمل 81 قناة بالإضافة إلي تخفيض سعر الإيجار إلي 052 ألف جنيه فقط فأصبح عمل قناة فضائية غير مكلف.. بالإضافة لسهولة عمل ستديوهات خارج مدينة الإنتاج الإعلامي فيمكن أن يقوم الشخص بتأجير شقة ويتم عمل نظام غرفة داخل غرفة نظام أربعة حوائط لعمل غرفة منعزلة.. فكل هذا جعل الأمور أسهل كل هذا زاد من عدد القنوات بشكل كبير لأن التكلفة أصبحت أرخص بكثير. وتضيف د. نهي: أتوقع أن تتفاقم هذه الظاهرة بشكل كبير في الفترة القادمة وهذا يذكرنا بظاهرة المحطات الأهلية في مصر في الفترة من سنة 0291 إلي 4391 وهي محطات إذاعية يستطيع فيها الشخص البث من شقته عن طريق جهاز لا يتعدي سعره 006 جنيه فهذه هي نفس فكرة المحطات.. وهذه القنوات يمكن أن تكون كرد فعل لقنوات الرقص مثل قناة التت وغيرها. وتري الدكتورة عفاف إبراهيم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي البحوث الاجتماعية: أن هذه القناة لن تقدم جديدا ولن تأتي برسالة جديدة نافعة للمجتمع.. ولكن المسألة أن كل إنسان يريد عمل شيء الآن يستطيع عمله بسهولة مادام يمتلك الإمكانيات المالية حتي لو كانت غير هادفة.. قد تكون المسألة ان المنتقبات لن يجدن عملا بالتليفزيون فأبتكروا هذه الفكرة ليجدن عملا لهن فيه.. ولكن فيه شيء اسمه إذاعة وكانت في هذا لوقت هي الفكرة الأفضل.. ولكن حتي ذلك إذا كانت المسألة بمثل هذا التشدد أليس صوت المرأة أيضا عورة مادام وجهها عورة.. ولكن نقول لهم لاداعي لمثل هذا التشدد فمن لا يريد للمرأة أن تعمل من وجهة نظره فلاداعي للعمل أصلا ولو بمثل هذه الطريقة.. ولكني لا أستطيع الحكم أو التكهن الآن عما إذا كان سيصبح لهذه المسألة تأثيرات سلبية في المجتمع أم لا ولكن إذا أثرت فإنها سوف تؤثر علي المستويات الثقافية المحدودة فقط.