هي دي مصر يا عبلة، جملة بليغة قالها ضابط المخابرات للجاسوسة المصرية في فيلم الصعود الي الهاوية، تعبيرا عن جرم ما فعلته في حق مصر، وأقولها الآن لكل اصحاب الأجندات الذين ظلوا يروجون قبل الانتخابات أن مصر في انتظار كارثة، وأن الانتخابات ستشعل فتيل كل شيء: العنف، والقبلية والفتنة. لقد كشف المشهد الانتخابي الرائع في الجولة الأولي من الانتخابات البرلمانية، والتي شهدت إقبالا منقطع النظير لم تشهده مصر من قبل في أي انتخابات جرت علي أرض المحروسة، عن معدن الشعب المصري الأصيل، الذي يتكاتف في الأزمات، ولنقرأ التاريخ، عام 56 وقف الشعب وقفة رجل واحد، فاستطاع أن يغير وجه التاريخ، لتذهب إلي غير رجعة إمبراطورية بريطانيا العظمي، التي كان يقال إنها لا تغرب عنها الشمس، وفي عام 67 رغم الهزيمة، وقف الشعب وراء الزعيم جمال عبد الناصر، ليس لأنه القائد المهزوم، ولكنها العزة والكرامة لشعب يأبي الهزيمة، وفي عام 73 كانت الملحمة التي أنهت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لايقهر، وفي 25 يناير ثار الشعب بكل فئاته ضد الظلم، وكسر قيود الخوف وكانت ثورة أذهلت العالم، ثورة كان من أهم نتائجها القضاء علي أي مفهوم للوصاية علي هذا الشعب، وأن صندوق الانتخابات والرقم القومي هما الفيصل، فالشعب المصري بثورته العظيمة عرف الطريق، طريق الحرية، الذي يبدأ وينتهي عند ميدان التحرير، وأعتقد أنه لزم هذا الطريق، وسيظل يحافظ عليه، ولن يجعله عرضة لقطاع الطرق، ولمن يدعون الوصاية علي هذا الشعب، ولنجرب أي حزب أو تيار يصل إلي مقاعد البرلمان، لأن ذلك هو اختيار الشعب، وهو وحده صاحب الحق الأصيل في هذا الاختيار، وهو وحده القادر علي أن يصحح أي خطأ قد يقع فيه، ولا أعتقد أن أي تيار من التيارات السياسية الموجودة علي الساحة سيكون أسوأ من النظام السابق، ولنفهم جيدا الرسائل التي وجهها الاقبال الكثيف للناخبين في المرحلة الأولي للانتخابات، والتي من أهمها أن الغالبية يهمها الاستقرار، والقبول بالجدول الزمني لنقل السلطة، وأن دولاب العمل يجب أن يستمر، وأن مصر فوق الجميع.