مع بدء الترشح لانتخابات مجلسي الشعب والشوري ارتفعت حدة المطالبة بقانون الغدر أو قانون العزل السياسي وسادت حالة من الخوف والهلع من أعضاء الحزب الوطني المنحل وكأنهم سينقضون علي البرلمان ليختطفوه من المصريين جميعا. في رأيي أن حالة الخوف والهلع التي تسيطر علي التيارات السياسية والدينية لا مبرر لها.. فالثورة قامت لارساء قواعد الديمقراطية وهي الحكم بإرادة الشعب واختياره. والشعب المصري والشباب المصري الذي قام بثورة 52 يناير التي أذهلت العالم كثورة سلمية راقية نابعة من شعب الحضارة والتاريخ قادر علي استبعاد من أفسد الحياة السياسية او الاجتماعية واختيار الاصلح لكي يعبر به من فترة حكم ديكتاتوري فاسد الي حكم ديمقراطي رشيد. نريد ان نترك المواطن المصري يختار من يمثله بحرية وديمقراطية حقيقية وليس صحيحا أن المجالس النيابية القادمة ستكون مرحلة انتقالية فقط حتي ننقل السلطة من المجلس العسكري الي الحكم المدني ولكن المجلس القادم سيكون منوطا به اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التي ستقوم بوضع الدستور الجديد الذي سيكون أساس التشريع والقوانين في مصر وليس من المقبول ان تنفرد بهذه الاختيارات بعض القوي السياسية والدينية دون غيرها. ما يحدث من محاولات استصدار قوانين استثنائية لإبعاد جزء من الشعب المصري والوصاية علي الجزء الآخر في رأيي هو رده عن الديمقراطية التي قامت من أجلها الثورة. ما يحدث الآن من تبادل الاتهامات ومحاولات كل تيار أو حركة سياسية اقصاء الآخر او اتهامه باتهامات مختلفة مثل اتهام بعض الحركات السياسية أنها »أجندات« بمعني أنها تقوم بتنفيذ اجندات خارجية غير مقبول لأن هذا يحمل معني الخيانة في حق الوطن.. والتلميح ان حركة أخري تلقت أموالا وان اعضاءها ظهرت عليهم النعمة والثراء المفاجئ ايضا غير مقبول لانه نوع آخر من الخيانة.. واتهام كل من انتمي للحزب الوطني أو اعطي صوته لمرشح الحزب الوطني انه فلول وفاسد وأفسد ايضا غير مقبول. الاتهامات المتبادلة دون دليل وتشويه السمعة والصورة بين جميع الاطراف المتسابقة والمتصارعة للوصول الي قمة الحياة السياسية في مصر غير مقبول ومحاولة استصدار قوانين أو قرارات أو خلق مواقف غير مقبول لانه افساد ايضا للحياة السياسية ونوع من فرض الوصاية علي ارادة شعب ناضج يعرف ماذا يريد ويستطيع ان يفرق بين الغث والثمن بين الوطني والخائن. ومحاول استخدام الاغلبية الصامتة او من يطلقون عليهم »حزب الكنبة« لتحقيق أطماع سياسية معينة علي حساب الشعب غير مقبول. أخطر ما يواجهنا ونحن علي بداية طريق الديمقراطية هو تبادل الاتهامات ومحاولات فرض عقوبات دون ان يحاكم المتهم سواء كان »فلولا« او »أجندات« أو »ثورة مضادة« أو »تيارا دينيا« ويثبت بالدليل أو الادلة القاطعة صدق الاتهامات هو ظلم للمجتمع وظلم لشعب مصر الذي من حقه ان ترفع عنه الوصاية ويمارس حقه الذي حرم منه طويلا ويشعر بالديمقراطية الحقيقية.