لقد حان وقت تغليب الحكمة.. فالشعب يريد إعلاء إرادته الشعبية، وهذا حق أصيل له، ولكل شعوب الأرض، وليس عاقلاً من يعتقد غير ذلك.. تلك هي جوهر القضية، والتي لا يمكن لأحد إغفالها أو التجاوز عنها، وليس من المعقول أو المقبول السير في اتجاهات معاكسة للإرادة الشعبية، ذلك إذا أردنا صلاح الأحوال، وتصحيح مسار العمل الوطني علي طريق المستقبل. لقد عاني الشعب المصري لثلاثين عاما من فساد حاكميه، وتجسدت خلالها أزمة ثقة، حيث أعلي النظام السابق مصلحته الخاصة للحظوة من الحكام، حتي صارت هي الأصل لثقافة كبار مسئوليه الذين شكلوا هيكله، مما دعا الشعب للإنطلاق بثورته في 25 يناير، ليسقط النظام، ولنتخلص من الرئيس المخلوع وبعض أعوانه، ممن يقبعون في طرة.. ولكن الشعب استشعر بعد مضي عشرة شهور أن خطاه نحو تحقيق مكاسب ثورته تتباطأ، فلم يكن أمامه من مناص سوي الخروج في مليونيات سلمية، للتعبير عن رأيه، ليحفز الحراك السياسي نحو تأمين ثورته، وليضمن استمرارها نحو تفعيل أهدافها، والخروج من مستنقع الفساد الذي أوجده النظام السابق، بما أرساه من قهر وجوع، وسرقة لحاضر ومستقبل الشعب. والسبت الماضي 19 نوفمبر، عاد الشعب للميدان.. ويخطيء من يظن أن شباب ميدان التحرير، وشباب ميادين المحروسة في كل محافظاتها، هم بمنأي عن تمثيل كافة طوائف الشعب وأطيافه، بل الحقيقة الثابتة، والتي تؤكدها الأيام تلو الأخري، أنه الممثل الحقيقي للشعب، وهو ما يدعونا جميعا إلي مساندتهم، وإعلاء إرادتهم لتجاوز المحنة التي تمر بها مصر الآن وصولا لتحقيق أهداف الثورة التي فيها خير مصر. لقد آن الأوان لنكون أحرارا، وتعم العدالة الإجتماعية، ويكون الصوت الأعلي للحق، لرفع الظلم عن المظلومين، ولتتضافر كل القوي من أجل إعلاء إرادة الشعب، مع الحفاظ علي القوات المسلحة كدرع واق للبلاد، ومطمئن للشعب في جبهته الداخلية، ولزم علينا الاعتراف بأن الصواب قد جانب المجلس العسكري في إدارته لبعض أمور شئون البلاد خلال العشرة شهور الماضية، وهذا ليس نهاية المطاف، ولا مجال فيه للتشكيك في وطنيته أو قدراته، ولكن من الواجب تدارك السلبيات فورا وبأقصي سرعة، وهو ما يجعل من الضروري الإتيان بالقادر علي تحقيق أحلام الشعب، والذي يمتلك آليات السياسة من المدنيين الأكفاء، لتجاوز المرحلة الإنتقالية بمنأي عن الخطر، الذي يتهدد ثورتنا التي تطلعنا إليها كثيرا. حقا.. إن إرادة الشعب لا بد أن تعلو، مع تفعيل زمام الحراك السياسي المستقبلي للوطن بمزيد من الثقة في حتمية وضعه بيد شبابه، وهذا حقهم، وواجب علينا دعمهم وتبصيرهم، ولنعي جيدا أنه ليس من المنطقي فرض أي إرادة علي إرادة الشعب متمثلة في إرادة شبابه، فهم مستقبل هذا البلد، لتكون مصر الجديدة التي نريدها، فهي في حاجة لجهود كل السواعد، وكل الأعمار، ولنخلص عقولنا من الأفكار التي بلانا بها النظام السابق، وقلصتنا في بوتقة الماضي الأليم، وهو ما يوجب تدارك ما نحن فيه، والسير نحو تولي الشباب للقيادة، ليكون النماء، وليتحقق الخير، لننعم بمكاسب ثورتهم.. ولنقرأ الفاتحة لشهداء ثورتنا من خير شبابها، وندعو لمصابيها، ولنتق الله في كنانة الله في أرضه،.. وتحيا مصر.