وانتصف رمضان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، الشهر الذي فيه تفتح أبواب السماء، وتغلق أبواب جهنم، وتسلسل الشياطين، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن وسائر الطاعات، شهر قال فيه رسولنا الكريم: خاب وخسر من أدركا رمضان ولم يغفر له، شهر كان صحابة الرسول يعتبرونه إمساك عن الفضول من جميع الضروب، ومهلة تطهر وتنزه عن جميع الكدور الجسدية والنفسية. وقفة مع النفس.. لنتوقف قليلا ونتأمل ونتساءل، ماذا فعلنا وكيف كنا، هل تركنا المعاصي والشهوات، هل صام سمعنا وبصرنا عن الكذب والمحارم، وأذي الناس، هل صلينا في جماعة، وانتظمنا في صلاة التراويح، أم كنا نبحث عن مسجد الإمام فيه يصلي بقصار السور لننتهي من الصلاة بسرعة، وسلفنا الصالح كانوا يجتهدون في العبادة يقول أحدهم : كنا ننصرف في رمضان من القيام نستعجل الخدم بالسحور مخافة طلوع الفجر، هل أسرفنا في الطعام، أم كنا ندرك ماهية الصيام، فقد كشفت دراسة حديثة المتغيرات التي تحدث داخل الأسرة المصرية في شهر رمضان أن 38٪ من الأسر تغير عاداتها الغذائية، وأن نسبة الإنفاق المالي تتضاعف، والله تعالي يقول: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، ونبينا الكريم يقول: "حسب أحدكم من الطعام لقيمات يقمن صلبه"، كما قال: "ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه"، أفكان الله ورسوله يأمرانا بالاعتدال في الأيام العادية ويبيحان لنا الإسراف في الشهر الكريم شهر النسك والعبادة، ولنسأل أنفسنا كذلك لماذا حول بعضنا شهر الصيام إلي شهر سهر ولعب ولهو، وتوسع في المآكل والنوم إلي ساعات متأخرة من النهار، وهو في حقيقته شهر زهد وورع، إن كنا ندرك الغاية من الصوم فإنه علينا فيما تبقي من رمضان أن ننتهز الفرصة ونقتفي أثر النبي، وأثر الصحابة لنصل إلي بعض ما وصلوا اليه من كرامة الحياة وعزة الوجود وشرف البقاء.