عنوان مثير- وما أكثر العناوين المثيرة هذه الأيام- جذبني لقراءة أحد الأخبار في إحدي الصحف، العنوان يقول: المظاهرات والاحتجاجات تضرب المحافظات، مضمون وأسلوب الجمع في العنوان يؤكد بما لا يدع أي مجال للشك، أن هناك أزمة طاحنة في كل محافظات مصر، وأن الآلاف من المواطنين يتظاهرون ويحتجون، أما متن الخبر فيشير إلي أن العشرات من تجار القمح أمام ديوان عام إحدي المحافظات، احتجاجاً علي القرارات الوزارية المنظمة لعمليات توريد القمح، وفي محافظة أخري، أعلن العشرات من سائقي سيارات الأجرة الإضراب عن العمل، احتجاجاً علي تشغيل سيارات بدون خطوط سير، ونظم العاملون بشركة المياه والصرف الصحي بإحدي المحافظات وقفة احتجاجية، للمطالبة بتسوية أوضاعهم، مطالب فئوية للبعض صورتها الصحيفة علي أن هناك مظاهرات واحتجاجات تضرب المحافظات، وكالة أنباء شهيرة بثت خبرا مجهل المصدر، مفاده أن مصادر أمنية ومخابراتية مصرية، أكدت أن الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي عذب وقتل في مصر، قد اعتقلته الشرطة المصرية ونقلته إلي مجمع أمني، واختفي إثر ذلك، مايتناقض مع الرواية الرسمية المصرية التي تؤكد أن أجهزة الأمن لم تعتقله، لكن ثلاثة مسئولين بالمخابرات المصرية وثلاثة مصادر بالشرطة قالوا للوكالة إن الشرطة احتجزت ريجيني في مرحلة ما قبل وفاته، وقالت المصادر الستة بالمخابرات والشرطة للوكالة إن رجال شرطة في زي مدني ألقوا القبض علي ريجيني، وقال مسؤول كبير بالطب الشرعي للوكالة إن سبعة من أضلع ريجيني كسرت وبدت علي عضوه الذكري آثار صعق بالكهرباء، وبدت عليه إصابات في جميع أنحاء جسده، وأصيب بنزيف في المخ. وتوفي ريجيني بسبب ضربة بآلة حادة علي الرأس، الأخبار التي يسبقها عنوان مثير لا تمت للحقيقة بصلة، والتقارير التي تعتمد علي مصادر مجهلة، الغرض منها تزييف الحقائق، وبلبلة الرأي العام، وتطرح حولها مليون سؤال، وسؤال، فهل يكفي معها النفي من الجهات المسئولة، وهل يمكن التعامل معها علي أنها رأي مختلف، أم أن الأمر يحتاج لوقفة من الصحفيين الشرفاء للدفاع عن مهنة البحث عن الحقيقة والمتاعب، وأن تلعب نقابة الصحفيين دورا فعالا، أم أن علي المصريين أن يتعاملوا مع معظم ماينشر في غالبية الصحف بأسلوب الحدق يفهم.