استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    ننشر نتيجة انتخابات نادى القضاة بالمنيا.. «عبد الجابر» رئيسا    حالة خوف وقلق في مدينة رفح الفلسطينية مع تهديد الجيش الإسرائيلي.. تفاصيل    دينا فؤاد : تكريم الرئيس السيسي "أجمل لحظات حياتي"    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    بعد التخفيضات.. تعرف على أرخص سيارة تقدمها جيتور في مصر    عز يسجل مفاجأة.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 27 إبريل في المصانع والأسواق    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    الصين تستضيف حماس وفتح لعقد محادثات مصالحة    هجوم صاروخي حوثي على ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    الأهلي ضد الترجي.. موعد نهائي دوري أبطال إفريقيا    الأهلي يساعد الترجي وصن داونز في التأهل لكأس العالم للأندية 2025    "في الدوري".. موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد الفوز على مازيمبي    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    كولر : جماهير الأهلي تفوق الوصف.. محمد الشناوي سينضم للتدريبات الإثنين    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يعزز رقمه الإفريقي.. ويعادل رقمًا قياسيًّا لريال مدريد    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    نظر محاكمة 14 متهما في قضية "خلية المرج".. السبت    اليوم.. مرتضى منصور أمام المحكمة بسبب عمرو أديب    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    أحمد عبدالقادر: نعرف الترجي ويعرفنا.. وأتمنى أن يكون نهائي مميز    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأخبار» تستعرض كتاباً جديداً حول "تيران وصنافير" ل "مصطفى بكري" قبل صدوره
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 29 - 05 - 2016

◄| الحقيقة الكاملة لملكية «تيران وصنافير» بالوثائق والمستندات
◄| شهادات من هيكل وهويدي والباز وشكرى وشرف عن هوية الجزيرتين
يبدأ الكاتب مصطفى بكرى مختاراته بما جاء على لسان محمد حسنين هيكل في كتابه «حرب الثلاثين سنة» الذي يؤكد فيه أن «صنافير» و«تيران»، اللتين كانتا مصر تمارس منهما سلطة التعرض للملاحة الإسرائيلية في الخليج هي جزر سعودية جرى وضعها تحت تصرف مصر بترتيب خاص بين القاهرة والرياض.
وينتقل من هيكل إلى كتاب "مع عبد الناصر" الذى يعترف فيه أمين هويدي وزير الدفاع ورئيس جهاز المخابرات المصرية العامة الأسبق بسعودية جزيرتي "تيران وصنافير"، ومنه إلى كتاب "مضيق تيران"، في ضوء أحكام القانون الدولي ومبادئ معاهدة السلام "الذى يعترف فيه د. عمرو عبد الفتاح خليل بأن جزيرة تيران جزيرة سعودية.
ويستشهد بما جاء فى كتاب " حرب فلسطين 1948 " للواء د. إبراهيم شكيب الذي يقول فيه " عند مدخل خليج العقبة (أرخبيل) صغير يشتمل على عدد من الجزر الصغيرة الصخرية يبلغ عددها حوالي 30 جزيرة، كانت تابعة كلها للمملكة العربية السعودية، وأكبر هذه الجزر جزيرتا تيران وصنافير اللتان تتحكمان في مدخل الخليج"، ومنه إلى المقال الذي نشرته جريدة "الأهرام" للدكتور أحمد يوسف الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة الذي يؤكد أنه درس كتابا للدكتور د.محمد حافظ غانم يشير فيه إلى أن القوات المصرية قامت بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية باحتلال«تيران» و«صنافير» الواقعتين في مدخل الخليج بقصد إمكان فرض الرقابة عليه عام 1950.
ويستشهد بالدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان الذي يؤكد ان الملك عبد العزيز آل سعود أمر بحماية تيران وصنافير عن طريق القوات المصرية بعد أن هاجمت إسرائيل ميناء " أم الرشراش، وبالتالى أصبحت تيران وصنافير لدى مصر على سبيل الأمانة، ويستشهد بما جاء على لسان وزير الخارجية سامح شكري خلال لقاء له مع أمناء شباب الأحزاب السياسية، بأن الوضع التاريخي لجزيرتي تيران وصنافير موجود ومسجل.
وتم الرجوع إليه من قِبل المتخصصين والفنيين في وزارة الخارجية، وأن هناك خطابات متبادلة بين مصر والسعودية منذ عام 1990 بشأن استرداد المملكة لتيران وصنافير، ويستند أيضا بما صرح به العالم المصري د. فاروق الباز بأن "تيران وصنافير" جزيرتان سعوديتان وليستا مصريتين"، وأوضح ان ما جاء على لسان الرئيس عبد الناصر بمصرية تيران وصنافير فى أحد التسجيلات كان فى ظرف محدد ولسبب يمس الأمن القومى المصري سنة 1967.
ويستشهد باللواء إبراهيم محمود " 97 عاما "، الذي قال "تيران وصنافير سعوديتان، وأنا شاهد على ذلك، وكنت أول ضابط مصرى يتولى حماية الجزيرتين بعد احتلالهما عام 1950 "، ومنه إلى د.مفيد شهاب أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة الذي أكد أن تيران وصنافير سعوديتان، ليختتم بالدكتورة هدى جمال عبد الناصر التى اكدت انها عثرت على الوثائق التي تؤكد أن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان فى سجل وثائق وزارة الخارجية المصرية فى عام ١٩٦٧.
السرد التاريخى
فى مفتتح الكتاب يؤكد مصطفى بكرى ان قضية «تيران» و«صنافير» لم تكن وليدة اللحظة، ولم يجئ استدعاء القضية بمناسبة الزيارة التى قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر فى الفترة من الخميس 7 أبريل إلى الاثنين 11 أبريل 2016، لأن المتابع لسير الأحداث والمراسلات المصرية السعودية يدرك أن مطالبات السعودية بعودة الجزيرتين إليها لم تغب عن ذهن حكام المملكة فى أى فترة من فترات التاريخ المعاصر، وتحديدًا بعد توقيع الحكومة المصرية لاتفاقية السلام مع إسرائيل فى نهاية السبعينيات.
ومع تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم فى يناير 2015، تم طرح القضية مجددًا، ولم تبدِ مصر اعتراضًا على ذلك خاصة أن الوثائق التاريخية والجغرافية تثبت ملكية المملكة للجزيرتين اللتين قامت مصر باحتلالهما عام 1950 باتفاق كامل مع الملك عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية فى هذا الوقت.وفى يوليو 2015، قام الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولى ولى عهد المملكة والنائب الثانى لرئيس الوزراء ووزير الدفاع بزيارة إلى القاهرة التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وصدر فى ختام الزيارة «إعلان القاهرة» الذى تضمن فى أحد بنوده تعيين الحدود البحرية بين البلدين، وتوالت الزيارات من الجانب السعودى برئاسة اللواء عبدالعزيز بن إبراهيم الصعب رئيس الهيئة العامة للمساحة السعودية الذى جاء إلى القاهرة على رأس وفد فنى وقانوني.
وعقد عدة اجتماعات مع لجنة مصرية تضم 15 خبيرًا فى كل المجالات برئاسة السفير محمود سامى مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية الدولية والمعاهدات.
كما أن قضية تيران وصنافير كانت مثار بحث بين مصر والسعودية منذ عام 2006، وعقد الجانبان (11) جلسة بدأت الأولى منها فى 26 و27 يناير2010، وظلت اللجنة تداوم اجتماعاتها حتى بلغت جلساتها إحدى عشرة جلسة كان آخرها الاجتماع الذى عُقد فى الفترة من 21 مارس إلى 7 أبريل 2016.
وتم خلاله تبادل إحداثيات نقاط الأساس الواردة بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 27 لسنة 1990 بشأن خطوط الأساس التى تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية مصر العربية ونقاط الأساس الواردة بالمرسوم الملكى رقم (م 4) بتاريخ 12 يناير 2010 بشأن خطوط الأساس للمملكة العربية السعودية، كما تمت مراجعة الإحداثيات الجغرافية لنقاط الحدود البحرية بين البلدين على المرجع "الجيوديسي" العالمى 84، وتم تدقيقها بصورة فنية، بما يؤهل لإبرام اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية.
وقد أسفر الرسم الفني لخط الحدود بناء على المرسوم الملكي والقرار الجمهورى المشار إليهما عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
الوثائق تتحدث
يتضمن الكتاب الجديد لمصطفى بكرى العديد من الحقائق التاريخية التى تؤكد بالوثائق ملكية المملكة العربية السعودية للجزيرتين، ويرد على الادعاءات التى تحاول النيل من المؤسسة العسكرية والقائد الأعلى.
ويبدأ بالاتفاقية الخاصة بتعيين الحدود الشرقية لمصر مع الإمبراطورية العثمانية عام 1906، التي جرى بموجبها ترسيم الحدود البرية التى أسفرت عن امتدادها من رفح شمالاً إلى طابا جنوبًا، بينما بقيت جزيرتا «تيران» و«صنافير» خارج الحدود المصرية، وفى 20 ديسمبر 1928 بعث وزير الحربية والبحرية برسالة إلى وزير الخارجية للإفادة عما إذا كانت جزيرتا تيران وصنافير الواقعتان عند مدخل خليج العقبة تابعتين للمملكة المصرية حتى تقوم مصلحة الحدود بإرسال قوة لرفع العلم المصرى عليهما.
فجاء رد وزير الخارجية حافظ عفيفي في 22 ديسمبر 1928 ليقول «إنه ليس لهاتين الجزيرتين ذكر في ملفات وزارة الخارجية المصرية»، وهو الأمر الذي ينفى أي ادعاءات حول ملكية مصر للجزيرتين قبل الإعلان عن إنشاء المملكة العربية السعودية في عام 1932.
وفى عام 1950 تم الاتفاق بين البلدين على وضع الجزيرتين تحت الإدارة المصرية بهدف حمايتهما وتعزيز الموقف العسكري ضد إسرائيل، خاصة بعد احتلال إسرائيل لميناء «أم الرشراش» فى 9 مارس 1949، وتتضمن الوثائق المرفقة في نهاية الكتاب نص برقية الملك عبد العزيز آل سعود إلى الوزير المفوض السعودي فى القاهرة فى فبراير 1950 والتى يبدى فيها موافقة المملكة على قيام مصر باحتلال الجزيرتين وحمايتهما، ومن الحقائق التي لا يمكن تجاهلها تلك المذكرة التي وجهتها المملكة العربية السعودية إلى السكرتير العام للأمم المتحدة فى 12 أبريل 1957، والتى أكدت فيها تمسكها بسيادتها على جزيرتى «تيران» و«صنافير»، والمذكرة المقدمة منها فى 17 أبريل 1957 التي جاء فيها حرفيًا أن جزيرتى «تيران» و«صنافير» تقعان تحت الرقابة والسيادة السعودية، وكذلك فإن المياه حول الجزيرتين تعتبر من المياه الإقليمية السعودية»، وقد تضمنت هذه المذكرات نص البرقية السرية المرسلة للسفيرين الأمريكي والبريطاني بالقاهرة عام 1950 التى تثبت أن الجزيرتين سعوديتان وأن مصر، بالاتفاق مع السعودية- سيطرت على الجزيرتين لحمايتهما.
وكان لخطاب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى 27 مايو 1967، دوى كبير لأنه أكد «أن مصر لم تحاول فى أى وقت من الأوقات أن تدَّعى بأن السيادة على هاتين الجزيرتين قد انتقلت إليها، بل إن أقصى ما أكدت هو أنها تتولى مسئولية الدفاع عن الجزيرتين».
المنطقة ( ج )
تمكنت إسرائيل من احتلال الجزيرتين فى حرب يونيو 1967، و مصر استعادتهما بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل فى عام 1979 كجزء من المنطقة (ج) بمقتضى الخريطة الملحقة بالمعاهدة، ولهذا خضعت الجزيرتان لذات الترتيبات الأمنية التى جرى تطبيقها على بقية المنطقة (ج) من حيث إسناد مهمة التأمين إلى قوات الشرطة المدنية المصرية دون وجود أى قوات عسكرية فى المنطقة، مع وجود القوة متعددة الجنسيات عليها لمراقبة تنفيذ ما نصت عليه المعاهدة من ضمان حرية الملاحة فى خليج تيران، وقد أقر الرئيس السادات بملكية السعودية للجزيرتين بخط يده فى وثيقة تم تسليمها للأمم المتحدة.
وفى عامي 1988 و1989، تلقى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية المصرية د.عصمت عبد المجيد رسالتين مهمتين من الأمير سعود الفيصل طالب فيهما مصر باختيار الوقت المناسب لإعادة الجزيرتين إلى المملكة، مذكِّرًا بحديثه السابق معه فى الأمم المتحدة، والذي أقر فيه بحق المملكة فى استعادة الجزيرتين، ثم الرد المصري الموثق على رسالتي وزير الخارجية السعودي فى عام 1990، هذا الرد الذي أقرت فيه الخارجية المصرية بملكية المملكة العربية السعودية للجزيرتين، وكانت النقطة «الفصل» فى ذلك هي صدور القرار الجمهوري رقم 27 لسنة 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية والذي أخرج الجزيرتين من البحر الإقليمي المصري، وكان ذلك بناء على قرار اللجنة الفنية والقانونية المصرية التي شُكِّلت لهذا الغرض، وقد تم إبلاغ الأمم المتحدة بهذا القرار فى 2 مايو 1990 مما اعتُبر وثيقةً دامغةً تقر بحق السعودية في الجزيرتين.
السيادة والإدارة
يرد مصطفى بكرى على ما أثير من جدل واستفسارات عقب التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية التى عادت بموجبها جزيرتا تيران وصنافير إلى الملكية السعودية، فيقول : " راح البعض يتساءل: ولماذا لم تلجأ مصر إلى التحكيم؟ والتحكيم هنا يكون بين طرفين متنازعين حول موضوع ما، وهو ما لم يتوافر فى حالة الجزيرتين، خاصة أن الدلائل القاطعة تثبت أنهما سعوديتان. وعندما قال البعض: ولكن ألا يوجد فى القانون الدولى مبدأ الأحقية بوضع اليد؟ كانت إجابة أساتذة القانون الدولى أن هناك فارقًا بين السيادة والإدارة، فالسيادة فى القانون الدولى هى مقابل الملكية فى القانون الخاص، ولا يوجد فى القانون الدولى مفهوم «وضع اليد» أو «التقادم»، ولكن ذلك موجود فى القانون الخاص، ومن ثم فإدارة الجزيرتين مؤقتة، إلا إذا تم التنازل، والسعودية ظلت تطالب بهذه الأرض، ولم تتنازل عنها وكانت حريصة على استعادتها مرة أخرى، كما أن مصر لم تدَّعِ ولو مرة واحدة أنها تمتلك الجزيرتين، والدليل على ذلك أن مجلس الوزراء المصرى اجتمع فى4 مارس 1990 ووافق على مضمون الرسالتين اللتين بعث بهما الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية المصرى د.عصمت عبد المجيد اللتين أكدتا أنه من الثابت أن الجزيرتين تتبعان المملكة العربية السعودية.، وأن الوجود المصرى فى الجزيرتين بدأ عام 1950 وبموافقة المملكة العربية السعودية خلال فترة المواجهة مع إسرائيل، وأن أى نظرة خاصة لهاتين الجزيرتين من جانب حكومة جمهورية مصر العربية تفرضها طبيعة وضع معين، يستدعى أن تبقيا تحت إدارة مصر إلى أن تحتاج المملكة لهما، ستنالان من جانب حكومة المملكة ما هو جدير بهما من اهتمام، وسينظر إليها الجانب السعودى بكل تبصُّر فى الأمور، وأن الجانب السعودى لا ينوى خلق ظروف قد تؤثر على النهج الذى رسمته مصر لسياستها الخارجية، وخلال اجتماع مجلس الوزراء المصرى أقر د.عصمت عبدالمجيد بأنه أبدى بعض الآراء فى هذا الخصوص لوزير الخارجية السعودى فى سبتمبر عام 1988 خلال انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة تضمنت النظر فى مدى احتمال قبول المملكة العربية السعودية للشق الأول من الرد المصرى وهو الاعتراف بالسيادة السعودية على الجزيرتين ورفض الشق الثانى من الرد الخاص باستمرار الإدارة المصرية أو تحديد مدة وجودها، والنظر فى رد فعل إسرائيل واحتمال قيامها بإجراءات مضادة نتيجة اعتراف مصر بالسيادة السعودية الكاملة على الجزيرتين، وفى هذا الوقت استعرض نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية المصرى أمام اجتماع مجلس الوزراء الموقف وحدده فى عدة نقاط، أبرزها، أن مصر حينما احتلت الجزيرتين كانت تهدف إلى حمايتهما من احتلال إسرائيل لهما، فضلاً عن توفير الأمن القومى لمصر، وأن الجزيرتين سوف يكون لهما دور رئيسى فى مشروع إنشاء الجسر البرى بين مصر والسعودية الذى سيترتب عليه إعطاء دفعة قوية للعلاقات المصرية السعودية، وأنه من حق المملكة العربية السعودية أن تطلب إنهاء الإدارة المصرية للجزيرتين، ولكنها فى هذه الحالة قد تتعرض لمواجهة مع إسرائيل، وهى لا ترغب فى ذلك، وأن مصر باعترافها بحق السعودية فى سيادتها على الجزيرتين تحافظ على علاقتها الطيبة مع المملكة العربية السعودية، وأن السعودية تقوم حاليًا بإعادة تخطيط حدودها مع الدول الأخرى المحيطة بها (اليمن عمان الإمارات العراق...إلخ)، وأن السعودية لم تتنازل عن الجزيرتين لمصر، كما أن مصر لم تدَّع سيادتها عليهما فى أى وقت من الأوقات، وفى هذا الاجتماع أكد د.عصمت عبدالمجيد أن حكومة جمهورية مصر العربية فى موقفها من الجزيرتين تركز اهتمامها على ضرورة مراعاة عدم الإخلال بالتزاماتها الإقليمية والدولية طبقًا لاتفاقيات الدولة التى أبرمتها بشأن إقرار السلام فى المنطقة (ج)، وقال إنه تمت الاستعانة بالإدارة القانونية لوزارة الخارجية والدكتور مفيد شهاب رئيس قسم القانون الدولى بجامعة القاهرة لدراسة الموضوع من الجوانب القانونية.
حقيقة خطاب ناصر
وأسفرت الدراسة أن من الأمور الثابتة تاريخيًا أن السيادة على الجزيرتين كانت للمملكة العربية السعودية، إلا حين قيام مصر فى ظروف المواجهة العسكرية مع إسرائيل عام 1950 باحتلالهما احتلالاً فعليًا، وأن مصر لجأت إلى ذلك فى ضوء المحاولات التي ظهرت من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين، وأن هذه الخطوة تمت بموافقة ومباركة السعودية، ومن الأمور المستقرة فى القانون الدولى فقهًا وقانونًا أن السيادة على الإقليم لا تتأثر بإدارة دولة أخرى له، وفى ضوء ما تم عرضه من د.عصمت عبد المجيد وافق مجلس الوزراء على مشروع الخطاب الذي تمت تلاوته مع تفويض عبد المجيد في توقيعه وتسليمه لوزير خارجية المملكة العربية السعودية، وفى المذكرة التي كشفت عنها د.هدى جمال عبد الناصر ضمن وثائق وزارة الخارجية المصرية في 1967/5/20 إجابة واضحة لا تقبل الجدل وترد على كل من زعموا أن ما تضمنه خطاب عبد الناصر بمناسبة إغلاق مضيق تيران كان بهدف التأكيد على موقف مصر الذي استهدف إغلاق المضيق في وجه الملاحة الإسرائيلية، ولقد تحدثت وثيقة الخارجية المصرية عن تطورات المشكلة في مرحلة قبل العدوان الثلاثي وبعده وأكدت أنه لم يكن لإسرائيل وجود على خليج العقبة عند توقيع اتفاقية الهدنة المصرية الإسرائيلية فى 1949/2/24، إلى أن أخلت القوات الأردنية بدون أى مبرر منطقة بير قطار وبلدة أم رشراش (إيلات) يوم 1949/3/9 واحتلتها القوات الإسرائيلية فى اليوم التالى وإنشاء ميناء إيلات، فى 1949/4/3 تم توقيع الهدنة الأردنية الإسرائيلية دون أن تثير الأردن مسألة احتلال اليهود للمنطقة، وفى 1950/2/8 أصدرت لجنة «الهدنة» المصرية الإسرائيلية المشتركة إزاء الاحتجاج المصري قرارًا بعدم مخالفة اليهود لاتفاقية الهدنة المصرية الإسرائيلية؛ لأن هذه المنطقة لم تكن تحت إشراف القوات المصرية، واتفقت الحكومة المصرية مع المملكة العربية السعودية، على أن تقوم القوات المصرية باحتلال جزيرتى صنافيروتيران اللتين تتحكمان فى مدخل خليج العقبة، فقامت القوات المصرية بتركيب مدفعية سواحل فى منطقة «راس نصرانى» وسيطرت تمامًا على الملاحة فى الخليج.
وأرسلت وزارة الخارجية المصرية فى 28 فبراير 1950 مفكرة إلى الحكومة البريطانية بوصفها الدولة التى تستعمل الخليج لتموين قواتها فى الأردن، تفيدها بأنها قد قامت باحتلال الجزيرتين بالاتفاق التام مع الحكومة السعودية، وأن هذا الاحتلال لن يعكر المرور البريء، وفقًا للعرف الدولى ومبادئ القانون الدولى المقررة.
كما أبلغت السفارة الأمريكية بمذكرة مماثلة فى 1950/1/30، وقامت مصلحة الموانئ والمنائر فى مصر بالاتفاق مع وزارة الحربية والبحرية بإرسال المنشور رقم 1950/31 إلى شركات الملاحة والقنصليات الأجنبية فى 1950/12/21 توضح فيه أن منطقة المياه الساحلية الواقعة غرب الخط الموصل ما بين «راس محمد» و«راس نصراني» منطقة ممنوعة لا تجوز الملاحة فيها، ورغم هذه الدلائل القاطعة والموثقة إلا أن البعض راح يتحدث من منطلق التشكيك مطالبًا بضرورة إجراء استفتاء شعبي على عودة الجزيرتين إلى السعودية استنادًا إلى المادة 151 من الدستور، وهنا يمكن القول إن المادة (151) تجيز الاستفتاء الشعبي في حالتي التخلي عن السيادة أو التوقيع على المعاهدات واتفاقات الصلح، وإذا كان القانون الدولي يعرِّف السيادة بأنها تعنى الملكية، فإن مصر لم تعلن أبدًا سيادتها على الجزيرتين، ودليل ذلك هو نص خطاب مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة فى27 مايو1967، عندما أكد «أن مصر لم تحاول في أي وقت من الأوقات أن تدعى أن السيادة على هاتين الجزيرتين قد انتقلت إليها، بل إن أقصى ما أكدت عليه هو أن تتولى مسئولية الدفاع عن الجزيرتين»، ومن ثم لا وجه للسيادة، مما يعنى أن الاتفاقية يجب أن تُعرض فقط على البرلمان، الذي سيناقش هذه القضية في ضوء الوثائق والمستندات التي سيتم الإطلاع عليها.
اتفاقية 1906
يسرد مصطفى بكرى في كتابه تفاصيل التفاصيل المتعلقة باتفاقية 1906التى يزعم البعض أنها تمنح مصر ملكية جزيرتى تيران وصنافير، وبعد استعراض الاسباب التى دعت لهذه الاتفاقية وما نصت عليه من بنود يتضح أن ترسيم الحدود اقتصر فقط على الحدود البرية المصرية وليس على الحدود البحرية، مما يؤكد أن هذه الاتفاقية لم تتطرق أساسًا لوضع جزيرتى تيران وصنافير، على عكس ما يحاول البعض أن يردده، ومنذ التوقيع على هذه الاتفاقية مارست مصر السيادة الفعلية على شبه جزيرة سيناء دون منازع، بينما ظل الخليج ومضايقه فى تيران وصنافير خاضعة من حيث أحكام القانون الدولى لسيادة دولة واحدة وهى الدولة العثمانية.
رسائل السعودية
استمرت المراسلات المتبادلة بين الجانب السعودي والجانب المصري بشأن جزيرتي تيران وصنافير، ونتوقف مع الرسالة الأولى التي بعث بها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل للدكتور عصمت عبد المجيد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية بتاريخ 14 يونيو 1988، يقول فيها: «ومن هذه المنطلقات ورغبة فى إيجاد الحلول المناسبة لأي أمور معلقة بين بلدينا، أود أن أتطرق إلى موضوع جزيرتي «صنافير وتيران» التابعتين للمملكة العربية السعودية، والواقعتين عند مدخل خليج العقبة.
وحيث يعلم معاليكم أنه نتيجة للاتصالات التى جرت بين مسئولى البلدين عام 1950، ورغبة من حكومتى البلدين فى تعزيز الموقف العسكرى العربى فى مواجهة الكيان الصهيونى، واضاف «فى الوقت الذى بدأت جمهورية مصر العربية الشقيقة تستعيد الأراضى التى احتلتها إسرائيل عام1967، تلقى الملك خالد يرحمه الله رسالة من الرئيس السودانى جعفر محمد نميرى فى عام 1403ه
تتضمن رجاء فخامة الرئيس محمد حسنى مبارك بعدم إثارة موضوع الجزيرتين حتى يتم الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المصرية ويبقى أمرهما مسألة عربية فيما بين المملكة وجمهورية مصر العربية»، واستكمل «وإننى على يقين أن العلاقات الطيبة القائمة بين البلدين الشقيقين والتى تحرص حكوماتنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وأخيه فخامة الرئيس محمد حسنى مبارك على تطويرها وتنميتها بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين سوف تهيئ فرصة طيبة لحكومة جمهورية مصر العربية الشقيقة بإعادة الجزيرتين المذكورتين إلى حكومة المملكة العربية السعودية، مؤكدًا أن هذا الجانب لا يرمى إلا إلى تعزيز نهج التعاون المعهود بين بلدينا الشقيقين »، وبعث وزير الخارجية السعودى برسالة ثانية للدكتور عصمت عبد المجيد يذكر فيها بالاتصالات التى جرت بينهما واجتماعهما فى نيويورك بشأن بحث موضوع جزيرتى صنافير وتيران التابعتين للمملكة العربية السعودية.
الإقرار بالحقيقة
فى17 فبراير 1990 قدم د.عصمت عبدالمجيد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية المصرى مذكرة إلى رئيس الوزراء المصرى د.عاطف صدقى يشرح فيها ما ورد فى رسالتى وزير الخارجية السعودى بشأن رغبة المملكة فى استرداد جزيرتى تيران وصنافير، وبعد ان استعرض الموقف القانونى انتهى فى مذكرته بالقول " نقترح الرد على وزير خارجية السعودية بأن مصر تقر بتبعية الجزيرتين للمملكة، وأن مصر فى الحقيقة لم تقم باحتلالهما عام 1950 إلا حمايةً لهما وللأمن القومي، وأن ذلك كان بمباركة من السعودية نفسها، لتؤكد الرسالة بعد ذلك أن اهتمامنا ينصب على أهمية مراعاة عدم الإخلال بالتزامات مصر الإقليمية طبقًا للاتفاقيات الدولية التى أبرمتها بشأن إقرار السلام فى المنطقة، ووافق مجلس الوزراء فى وقت على مضمون المذكرة، لم تتوقف السعودية عن تذكير مصر بملكيتها للجزيرتين والمطالبة برسم الحدود البحرية بين البلدين مما اضطر الرئيس الأسبق حسنى مبارك إلى إصدار القرار رقم 27 لسنة 1990 بشأن تحديد خطوط الأساس التى تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية مصر العربية التى أوضحت أن جزيرتى تيران وصنافير تقعان خارج الحدود البحرية المصرية، وفى الثانى من مايو 1990 قدم المندوب الدائم لجمهورية مصر العربية بالأمم المتحدة صورة إلى الأمم المتحدة متضمنة القرار 27 لسنة 1990 بشأن نقاط الأساس المصرية على كل من البحر المتوسط والبحر الأحمر، وهى الوثيقة التى تحتفظ بها الأمم المتحدة كوثيقة رسمية صادرة عن مصر.
مبارك يعترف
ويقول بكرى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى كلف كل الأجهزة المعنية بالبحث عن أى وثائق أو دلائل تشير من قريب أو بعيد إلى أى حقوق لمصر فى الجزيرتين، إلا أن كل الأجهزة والجهات الحكومية المعنية أقرت بملكية السعودية للجزيرتين، وقد تقرر فى هذا الوقت إيفاد مسئول كبير لمقابلة الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى مستشفى المعادى العسكرى لسؤاله عن ذات الموضوع، إلا أن حسنى مبارك أكد أن الجزيرتين سعوديتان وأنه كان يعرف ذلك جيدًا، وكان ينتظر الفرصة المناسبة لإعادة الحق إلى أصحابه. وفى 2016/4/8 تم التوقيع على اتفاقية الحدود البحرية بين البلدين بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك سلمان بن عبدالعزيز، ووقَّع على الاتفاقية من الجانب المصرى رئيس الوزراء شريف إسماعيل ومن الجانب السعودى ولى ولى العهد الأمير محمد بن سلمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.