عايز تكسب وتبقى من الحيتان أجر أرضك الزراعية بالساعة.. هذا هو الحال في معظم إن لم يكن في كل القرى، فإقامة الملاعب الخاصة أصبح واقعًا لا يمكن تجاهله وينتشر كما تنتشر النار في الهشيم ليقضي على أجود الأراضي. «بيزنس» الملاعب يدر مكاسب.. وأصبح له شركات متخصصة لتغطية الأرض بالنجيل الصناعي وإقامة غرف خلع الملابس والكافيتريات وخلافه، الفلاحون تركوا مهنتهم، واتجهوا إلى إقامة الملاعب فالمكسب يفوق الخيال ويصل صافي الربح شهريا 25 ألف جنيه بأقل مجهود وفي أقصر وقت. يلجأ ملاك الأراضي الزراعية بمحافظة الغربية إلى تبويرها لإقامة ملاعب عليها بدعوى توفير فرص عمل للأبناء، إضافة لما تجنيه من أموال طائلة تفوق الناتج الزراعي العائد من حصيلة الأرض الزراعية، في ظل غياب القوانين الرادعة. يقول «جلال أ. ل»، كنت امتهن زراعة الأرز والذرة، ولكن في ظل ارتفاع أعباء المعيشة وارتفاع أسعار الأسمدة لم تعد الزراعة تحقق أي عائد للمزارع وتحولت إلى عبء على كاهل المزارعين، الأمر الذي دفعني لتبوير قطعة الأرض لإقامة ملعب صناعي عليها، مضيفًا أن تكلفة تجهيز الملعب تتراوح من 140 إلى 210 آلاف جنيه، بحسب نوع النجيل الصناعي. واخترت متوسط هذا المبلغ وأقوم بتأجيره بمتوسط 8 ساعات خلال اليوم، قيمة الساعة 80 جنيهًا، ليكون إجمالي المتحصل 640 جنيها يوميا أي ١٩.٢٠٠ ألف جنيه شهريا يدفع منها 6 آلاف جنيه ثمنًا للكهرباء لإضاءة الملعب، ومرتب القائمين على إدارته، وأعمال الصيانة، ويتبقي ١٢.٢٠٠ ألف جنيه. كما أكد أحد المسؤولين بمديرية الزراعة بالغربية - رفض ذكر اسمه - بأن قانون تبوير الأراضي الزراعية ينص على أن عقوبة مالك الأرض الذي يقوم عمدًا بتبوير مساحة من أرضه الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألفًا. وأضاف أن ملاعب النجيل الصناعي تتعامل معها إدارة حماية الأراضي الزراعية بمثابة منزل مخالف، أو التعدي على الأرض الزراعية ولا بد من إزالتها لأن ذلك يعد تبويرًا للأراضي الزراعية. أسيوط.. الأرباح «لحست» العقول الأرباح السريعة والسهلة لملاعب الكرة الخماسية «لحست» عقول الكثير في أسيوط خاصة في ظل تعطش الشباب للساحات الرياضية لتفريغ طاقاتهم بدلا من الجلوس علي المقاهي المكلفة ماديا. اعتدى أصحاب الملاعب علي كل مرافق الدولة من كهرباء ومياه وحرم ترع و أراض زراعية من أجل الأرباح الكروية، ولم يجدوا من يمنعهم أو يصدهم والغريب أن هذه الملاعب أقيمت في وسط المدن وفي طريق المسؤولين الذين غضوا البصر وصموا أذانهم وجعلوها «ودن من طين وودن من عجين». في قلب مدينة أسيوط عاصمة المحافظة وعلى مرأى ومسمع المسؤولين، تعدى اثنان على حرم الترعة الإبراهيمية في مواجهة جامعة أسيوط، وأقاما ملعبين خماسيين وأحاطا الملعبين بالشباك حتى لا تسقط الكرة في الترعة التي تغذي مليوني فدان. الغريب أن المحافظة أصدرت قرارين بالإزالة الفورية ولكن لظروف غير معروفة لم تتم الإزالة وبالطبع المانع خير في جيوب بعض المسؤولين. الفيوم.. غزوة الترتان غزت ملاعب الترتان «النجيل الصناعي»، مراكز وقرى محافظة الفيوم، ولم تخل قرية بالمحافظة إلا وفيها ملعب أو اثنان أقيما على أراضيها الزراعية، التي بارت عقب إنشاء أصحابها تلك الملاعب، بهدف تحقيق الربح السريع بينما اعتبرها بعض الرياضيين والشباب المتنفس الوحيد لقضاء رياضتهم المفضلة في ظل سوء حالة مراكز الشباب واقتصار ممارسة الأنشطة والبعيدة عن كرة القدم، وبالتالي أصبحت طاردة للشباب، فيما اعتبره البعض الآخر «بيزنس» أو مشروع مربح بعدما وصل سعر الساعة داخل الملعب من 60 إلى 80 جنيهًا في أماكن عديدة بالمحافظة. واستغل بعض أصحاب الأراضي غياب المسئولين وبوروا مساحات كبيرة من أراضيهم وانشأوا عليها هذه الملاعب والتي تدر دخلا كبيرًا خاصة أن تكلفة الملعب لا تتعدى ثمن وحدة سكنية أو سيارة فارهة، ووصل عدد هذه الملاعب في المحافظة ومراكزها وقراها لأكثر من 100 ملعب ويتم إنارتها بكشافات عملاقة من خلال سرقة التيار الكهربائي وتستهلك مياهًا بدون تركيب عدادات مستغلين في ذلك غياب دور أجهزة الزراعة والمحليات التي تعمل وكأنها في جزر منعزلة. المثير أن الملعب الواحد يتكلف ما بين 250 ألفًا إلى 300 ألف جنيه ويؤدي إلى تبوير نحو نصف فدان من أجود أنواع الأراضي الزراعية، فضلا عن إتلاف المساحات المجاورة نتيجة تسرب مياه الصرف الصحي من داخل «الطرنشات» التي تمت إقامتها لخدمة اللاعبين والمتفرجين. من جانبه أكد منير مهدي، مدير عام الشباب والرياضة بالفيوم، أن ملاعب الترتان التي انتشرت مؤخرًا لا تخضع لسلطة الشباب والرياضة لأنها ملكية خاصة لبعض الأشخاص ومقامة بطرق عشوائية لا تتطابق مع مواصفات إنشاء الملاعب، مشيرًا إلى أن عددها يفوق ال70 ملعبًا، لافتًا إلى وجود 55 ملعب ترتان بمراكز الشباب يشرف عليها خبراء الملاعب التابعون لوزارة الشباب لمواجهة عملية إفساد النشء وابتزازه داخل هذه الملاعب. كما يشير المهندس مجدي صبحي رئيس قطاع مياه الشرب بالفيوم إلى أن هذه الملاعب غير مرخص لها بتوصيل المياه وأن مسؤولي الوحدات المحلية والزراعة يتقاعسون عن الإزالة لأنها مقامة على الأراضي الزراعية، لافتا إلى أن هناك لجنة تم تشكيلها لحصر عددها حتى يتم التعاقد معهم كعشوائيات والقيام بدفع غرامات التوصيل العشوائي. كفرالشيخ.. شركات متخصصة على الإنترنت انتشرت ظاهرة إقامة ملاعب النجيل الصناعي بمحافظة كفر الشيخ.. بصورة مخيفة.. وهو ما أدى إلى التهام مساحات كبيرة من هذه الأراضي. يقام الملعب الواحد على مساحة قيراطين ويتم تبوير 3 أو 4 قراريط أخرى لعمل كافتيريا وطريق يؤدي إلى الملعب ومساحة للمشجعين. من جانبه، يقول سعد عبد المعطي «مالك ملعب نجيل صناعي»: بدأت فكرة إنشاء الملعب عندما استشرت احد أقاربي والذي يعمل محاسبا في احد البنوك عن أفضل مشروع استثمر فيه بعض أموالي، وأخبرني أن أفضل المشاريع حاليا هو إنشاء ملعب نجيل صناعي. وتابع: "بالفعل توصلت لشركة مختصة في إقامة الملاعب عبر الإنترنت، وبعد الاتفاق قامت الشركة بإنشاء الملعب على جزء من الأرض الزراعية التي امتلكها في فترة زمنية لم تتعد شهرًا واحدًا فقط بتكلفة لم تتجاوز 200 ألف جنيه". الدقهلية.. تبوير وتدمير منظم في القرى تقام على الأرض الزراعية لتساهم في تدمير ما تبقى منها وفي المدن على أراضي فضاء معظمها تابع للشركات وغير مستغلة. إنها الملاعب الخاصة المنجلة والتي أصبحت الملجأ للشباب لممارسة الرياضة بعد أن سدت في وجوههم كل الأبواب نتيجة فشل مراكز الشباب في احتواء الشباب والبحث عن وسائل غير نمطية تتيح لهم ممارسة تلك الأنشطة. ورغم أنه يتم تأجيرها للشباب بأسعار باهظة تفوق قدرة معظمهم إلا أنهم يدافعون عنها بكل قوة.. لأنها المنفذ الوحيد للقضاء على أوقات الفراغ وممارسة الرياضة التي يعشقونها.. وطالب الشباب المسؤولين بعدم الاقتراب منها أو إزالتها بحجة حماية الأرض الزراعية مشيرين إلي أن عليهم أن يزيلوا أولا التعديات الصارخة لأصحاب النفوذ. بكر الموجي رئيس مجلس إدارة مركز شباب قرية ميت بدر مركز المنصورة يؤكد أهمية تواجد الملاعب بكل القرى باعتبارها المقصد الرئيسي للشباب فهم يبحثون عنها ليس اهتماما بممارسة لعبة كرة القدم فقط بل لأنها أنسب الأماكن التي يلتقون فيها ويفرغون فيها طاقاتهم وكثيرا ما ينظمون بها فعاليات يصعب إقامتها داخل المركز ذاته. سوهاج.. أكثر من 50 ملعبًا انتشرت في الآونة الأخيرة الملاعب الصناعية المقامة على الأراضي الزراعية في مختلف المدن والقرى بمحافظة سوهاج بسبب الأرباح الكبيرة التي تدر على أصحابها وبساطة نفقات المشروع والذي أصبح من المشروعات المربحة. ويوجد بالمحافظة أكثر من 50 ملعبًا مختلف المساحات جميعها أقيم علي أراض زراعية بالمخالفة لقانون البناء علي الأراضي الزراعية. يقول علي محمد "صاحب أحد الملاعب"، إنه يمتلك قطعة أرض زراعية هو وأخوته وشاهد بعض الملاعب الصناعية التي أقيمت وسط تلك الأراضي، وأعجب بفكرة المشروع واقتطع مساحة 500 متر وأقام هو وأخوته ملعبًا خماسيًا لكرة القدم، وبلغت تكلفة الملعب 200 ألف جنيه تتضمن النجيل الصناعي وكشافات الإنارة والشباك والأسوار الحديدية ويتم تأجير الملعب ب50 جنيهًا في الساعة الواحدة تشجيعا للشباب الذي لم يجد مكانا يستغل فيه قدراته وأنشطته. ويطالب الدولة بإعفاء مثل هذه المشروعات من تطبيق القانون واستثنائها تشجيعا لأصحاب الملاعب من ناحية وتشجيعا لجموع الشباب. الشرقية.. لا تخضع للضرائب أو التأمينات انتشرت في السنوات القليلة الماضية الملاعب الرياضية على الأراضي الزراعية بصورة عشوائية، وأصبحت تنافس الاستثمار العقاري بما تحققه من مكاسب هائلة بأقل مجهود دون خضوع لأي ضرائب أو قيود حكومية. وتشهد تلك الملاعب إقبالا جماهيريا من جانب الشباب يوما بعد يوم لوجود قصور في مراكز الشباب الحكومية ولارتفاع قيمة عضوية الأندية الرياضية التي تصل آلاف الجنيهات. يقول محمد صبحي "موظف"، لقد شهدت معظم القرى تسابقًا شرسًا بين المواطنين لشراء مساحات من الأراضي الزراعية أو تأجيرها بمبالغ باهظة لإقامة ملاعب رياضية خاصة عليها لما تحققه من مكاسب مالية بأقل مجهود وأقصر وقت.ويحرص هؤلاء المواطنون على إنشاء تلك الملاعب بجودة عالية وتغطية أرضها بالنجيل الصناعي وتأمينها بأسوار من الشباك الحديدي وتزويدها بكافتيريات متميزة وتوصيل التيار الكهربائي بطرق غير رسمية تارة وبمولدات الكهرباء تارة أخرى. وقد تم إنشاء أكثر من ملعب في القرية الواحدة وتعمل على مدار اليوم بالكامل بقيمة إيجارية مختلفة وفق ساعات اليوم، فإيجار الساعة النهارية لا يتجاوز ال٦٠جنيها وترتفع إلى ١٢٠جنيها في الفترة المسائية. وتشهد تلك الملاعب إقبالا متزايدا من الشباب حيث لا توجد شروط خاصة لدخولها ولا تخضع لأي نوع من الرقابة. القليوبية على المتضرر اللجوء للقضاء توجد بمحافظة القليوبية أكثر من 500 ملعب خاص وحول هذه الظاهرة، يقول محسن الحملاوي وكيل وزارة الشباب والرياضة بالمحافظة، إن المديرية ليس لها دخل ولا رقابة على هذه الملاعب الخاصة ومن المفترض أن أجهزة الوحدات المحلية هي المسؤولة عن استخراج التصاريح بإنشاء هذه الملاعب. وأوضح الحملاوي أنه لا تنطبق شروط ومواصفات المنشأة الرياضية على تلك الملاعب مؤكدا أننا لا نتعامل معها وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء. ويقول مجدي رشاد مدير إدارة الشباب والرياضة بشبرا الخيمة، إن المدينة يقطنها أكثر من 2 مليوني نسمة معظمهم من الشباب ويوجد بها 15 مركزًا للشباب فقط ولا يلبي هذا العدد احتياجات الشباب ولهذا انتشرت ظاهرة الملاعب الخاصة بالمدينة وغيرها. ويقول المهندس منصور إبراهيم علي مسؤول الجمعية الزراعية بقرية بلقس التابعة لمركز قليوب، إن الزراعة والجمعيات الزراعية لا تعطي موافقات لإقامة الملاعب الخاصة وعندما نرى أن صاحب الملعب أقام سورًا أو منشآت على الأرض الزراعية نخطر الوحدة المحلية لإزالة تلك التعديات وتصدر قرارات الإزالة من المحافظ ولكنها لا تفعل على أرض الواقع.