في استعراض أخير لمناطق التنمية والتعمير في الصحراء المصرية نلقي الضوء باختصار علي منطقة ظهر هضبة الصحراء الغربية وبعض جزر البحر الاحمر كمناطق ذات مزايا خاصة يمكن استغلالها وإضافتها الي المعمور المصري ونقصد بظهر هضبة الصحراء الغربية المنطقة الواقعة شمال مناطق كركر ودنجل غرب بحيرة ناصر بمحاذاة وادي النيل الضيق بدءا من هضبة سن الكداب جنوبا حتي هضبة الأهرام شمالا بطول نحو 009 كم تقريبا وبعرض يتراوح بين عدة كيلو مترات الي نحو مائة كيلو متر في اتجاه الغرب وتنحدر الهضبة في اتجاهين أحدهما شرقا في اتجاه وادي النيل والثاني غربا في اتجاه منخفضات الصحراء الغربية (توشكي - الخارجة - الداخلة - البحرية - الفرافرة - وادي النطرون - الفيوم). وعلي اتساع هذه الهضبة الجيرية وعلي الرغم من قربها من وادي النيل وكونها ظهيرا صحراويا غرب النيل لمدن الصعيد إلا أنها لم تخضع للتنمية والتعمير بالشكل المناسب لوضعها الجغرافي ويرجع ذلك للعديد من الأسباب الجوهرية منها: إن ظهر الهضبة وبارتفاعها المتفاوت تتكون من حجر جيري ولا تغطي سطحها تربة مناسبة للزراعة علي امتدادها. إن الصخور الجيرية المكونة للهضبة لا تحتوي مياها جوفية وان وجدت فهي في بعض المناطق بكميات متواضعة وبنوعية متوسطة الملوحة. إن سطح الهضبة ليس مستويا ولكنه متعرج وان كان انحدارها عموما نحو الشمال وبه كسور وشقوق وكثبان رملية. لقد أدت هذه الأسباب الطبيعية الي إهمال هذه المنطقة حتي جاءت الدولة ونفذت مشروع طريق الصعيد الغربي - لقد أدي هذا الطريق الي لفت النظر الي المناطق الواقعة علي جانبي هذا المحور وكذلك ما تم إنشاؤه من محاور عرضية تصل ما بين الطريق الغربي وبين المراكز وعواصم محافظات الصعيد والتي تتراوح أطوالها من 7 كم الي أكثر من ثلاثين كيلو مترا طبقا لقرب أو بعد حافة الهضبة ومواقع المدن علي امتداد وادي النيل والنظر الموضوعي الي عمليات التنمية والتعمير في هذه المناطق الجديدة نجد ان العشوائية التلقائية للمواطنين قد فرضت أوضاعا لا تتماشي مع تنمية وتعمير مخطط لهذه المناطق من خلال وضع اليد وإقامة منشآت ومزارع وهمية في محاولة لتقنين أوضاعها طبقا للقواعد التي تطلبها هيئات التعمير لهذا التقنين ويعني ذلك ان المواطنين يسبقون الدولة ويرفضون هذا النوع من التعمير العشوائي - ويدفعنا ذلك الي مطالبة الدولة بأجهزتها الي التصدي المبكر لهذه الأعمال والبدء في وضع مخطط للتنمية والتعمير علي امتداد ظهر هضبة الصحراء الغربيةالجديدة ويتطلب حسن التخطيط وقف إجراءات وضع اليد والانتشار العشوائي وما يفرضه بعض المواطنين من أمر واقع في مواجهة الدولة. وتتطلب أيضاً حصة مشروعات التنمية في إقامة مجموعات صناعية - ومشروعات تحجير ومواد بناء وإقامة حزام اخضر لحماية مناطق التنمية علي ظهر الهضبة من أخطار حركة الكثبان الرملية في بعض المناطق. وهناك عدة مقترحات في هذا المجال منها: إن ترتكز مشروعات التعمير وإنشاء المدن أو قري الظهير الصحراوي علي دراسات جيولوجية وهندسية أخذه في الاعتبار نوع الصخور وما تعانيه بعض المناطق من كسور وشقوق. إن الطريق الغربي لخدمة الصعيد وهو تحت الإنشاء الان لابد ان يراعي فيه استخدامات المستقبل إن موارد المياه العذبة اللازمة يمكن تدبيرها بإقامة محطات رفع من نهر النيل عند نقاط محددة ومدروسة بعد تخطيط الاحتياجات وحساب المقننات المائية اللازمة لكل نشاط تنموي مع استبعاد فكرة التوسع الزراعي جانبا لنقص موارد المياه وأيضا لاحتمالات مشاكل الصرف. البحث عن مصادر جديدة للطاقة لازمة لإنشاء مشروعات التنمية بالمناطق الجديدة. وإذا أخذنا القارئ بعيدا الي أقصي الشرق لطالعنا علي خريطة مصر وبمحاذاة ساحل البحر الأحمر وفي نطاق مياهها الإقليمية مجموعة من الجزر ذات الموقع الاستراتيجي لحماية امن مصر ولكنها أيضا مناطق للتنمية السياحية ومراكز للصيد يمكن أن تضيف الي اقتصاد مصر. والآن وبعد ان عبرنا فوق كل أراضي مصر وأشرنا الي احتمالات التنمية والتعمير للصحراء المصرية فلابد ان يطرح القارئ سؤالا مهما حول معوقات التنمية للصحراء المصرية؟ وهذا موضوع آخر.......