من المعروف أن مصر من الدول ذات الموارد المائية المحدودة والتي يستغل حوالي 85 % إلي 90 % منها في الري في الزراعة. وفي ضوء زيادة الطلب علي المياه في قطاع الزراعة وذلك لتنفيذ برامج التوسع الزراعي الأفقي لاستصلاح واستزراع أراضٍ جديدة وفي القطاعات الاخري كمياه الشرب والصناعة والسياحة والملاحة وغيرها، فإنه لابد من تنفيذ العديد من السياسات والمشروعات المشتركة بين وزارتي الزراعة واستصلاح الأراضي والموارد المائية والري لترشيد استخدام مياه الري في الزراعة ، ويمكن حصر أهم تلك السياسات والمشروعات فيما يلي : عدم السماح بل وتجريم استخدام نظام الري السطحي أو الري بالغمر في الأراضي الجديدة وقصر نظام الري في تلك الأراضي علي نظم الري الحديثة كالري بالرش والري بالتنقيط،، والتحول التدريجي لنظام الري بحدائق الفاكهة بالأراضي القديمة بالوادي والدلتا (حوالي 700 ألف فدان) من الري السطحي أو الري بالغمر إلي نظم الري الحديثة، وتطوير وتحسين نظام الري السطحي بالأراضي القديمة بالوادي والدلتا من خلال حسن إدارة الأراضي والري الحقلي وعلي سبيل المثال فقد أمكن من خلال تجارب تسوية الأراضي بالليزر واستخدام الأنابيب المثقبة في ري محصول قصب السكر تقليل الاحتياجات المائية من 11 ألف متر مكعب إلي 8 آلاف متر مكعب للفدان كما أمكن من خلال مشروع الري الحقلي المتطور تطبيق نظام الري السطحي المطور وذلك بالنسبة لبعض المحاصيل الحقلية الاخري كالقمح والبنجر والقطن والأرز عند بعض المزارعين في بعض المحافظات كالبحيرة وكفر الشيخ وذلك باستخدام ماكينات الديزل أو ماكينات الكهرباء لضخ المياه من الترع الرئيسية في المراوي أو المساقي المبطنة أو في مواسير حتي رأس الحقل مما يقلل أو يمنع الفقد في المياه أثناء مرحلة النقل، والتوسع في تبطين وتغطية المراوي والمساقي والقنوات الصغيرة بالأراضي القديمة في الوادي والدلتا. كما تتضمن سياسات ترشيد استخدام مياه الري في الزراعة تحديد المساحة المزروعة بالأرز سنوياً بحوالي 1،2 مليون فدان وهي تكفي لتغطية الاستهلاك وتسمح ببعض الفائض للتصدير علماً بأن محصول الأرز يعتبر محصولاً استصلاحياً لغسيل التربة من الأملاح في محافظات زراعة الأرز بشمال ووسط الدلتا كما أنه يمنع زحف مياه البحر للدلتا، وعدم زيادة المساحة المزروعة بالقصب عن المساحة المزروعة حالياً ( 285 إلي 300 ألف فدان ) وهي تكفي لتغطية حاجات مصانع قصب السكر بالوجه القبلي، والتوسع في استنباط واستخدام أصناف من المحاصيل قصيرة العمر وذات احتياجات مائية أقل وعلي سبيل المثال فإن الأصناف المستنبطة حديثاً من الأرز بمركز البحوث الزراعية ( جيزة 177، جيزة 178، سخا 101، سخا 102، سخا 103، سخا 104، الأرز البسمتي ) تتطلب 6 آلاف متر مكعب مياه للفدان بالمقارنة بالأصناف القديمة التي تحتاج إلي 9 آلاف متر مكعب مياه للفدان، واستخدام البيوتكنولوجي والهندسة الوراثية الزراعية ( ومع مراعاة معايير الأمان الحيوي ) في استنباط أصناف من المحاصيل مقاومة للظروف المعاكسة كالحرارة والجفاف والملوحة والأمراض والحشرات. وتتضمن تلك السياسات والمشروعات أيضاً التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالج في الري، والتوسع في تحليه المياه الجوفية لاستخدامها في الري، وتدعيم برامج الإرشاد الإروائي، وتدعيم جمعيات وروابط واتحادات مستخدمي المياه، والأخذ في الاعتبار عند رسم التركيب المحصولي التأشيري سنوياً العائد الصافي للمحصول ليس فقط بالنسبة لوحدة الأرض (الفدان) وإنما أيضاً بالنسبة لوحدة المياه (المتر المكعب). وجدير بالذكر أنه يمكن من خلال تنفيذ تلك السياسات والمشروعات توفير مياه سنوياً يمكن استخدامها في استصلاح واستزراع أراضٍ جديدة. ويمكن للدولة توفير معظم التمويل اللازم لتنفيذ تلك السياسات والمشروعات من خلال منح وقروض ميسرة وطويلة الأجل من الدول والمؤسسات الدولية المانحة مع إمكانية تحمل الدولة لنصف التكلفة دعماً للمزارعين وتقسيط النصف الباقي عليهم وعلي فترة طويلة وذلك مثلما حدث مع مشروعات الصرف المغطي.