في قصيدته الرائعة «حطمت اليراع» عاتب شاعر النيل حافظ إبراهيم مصر علي حالها المقلوب فقال : حطمت اليراع فلا تعجبي.. وعفت البيان فلا تعتبي فما أنت يا مصر دار الأديب.. ولا أنت بالبلد الطيب وكم فيك يا مصر من كاتب.. أقال اليراع ولم يكتب وكم غضب الناس من قبلنا.. لسلب الحقوق ولم نغضب أمور تمر وعيش يمر.. ونحن من اللهو في ملعب وشعب يفر من الصالحات.. فرار السليم من الأجرب ألفنا الخمول ويا ليتنا.. ألفنا الخمول ولم نكذب فيا أمة ضاق عن وصفها.. جنان المفوه والأخطب تضيع الحقيقة ما بيننا.. ويصلي البريء مع المذنب علي الشرق مني سلام الودود.. وإن طأطأ الشرق للمغرب أتأمل الكلمات والمعاني وأشعر أن عجلة الزمان قد عادت للوراء، فهذا برج أقيم مرخصا من 11 طابقا وسط مدينة بنها اتفق سكانه علي تركيب مصعد ليستخدمه سكان الأدوار العليا، قدموا طلبا بعد انتهاء أعمال التركيب لتوصيل التيار الكهربائي للمصعد الحلم لكن الوحدة المحلية رفضت، حاولوا معرفة السبب فلم يصلوا إلي شيء، وأصبحوا يضربون كفاً بكف بحثاً عن إجابة لسؤال طرح نفسه بقوة.. إذا كان المبني مخالفا «وهو غير ذلك» فكيف تم توصيل المياه والكهرباء لطوابقه ال 11 ؟ وإذا لم يكن مخالفا فلم يرفضون الموافقة علي توصيل الكهرباء للمصعد؟ وأخيرا وجدوا الحل ولا أستطيع كتابته هنا، أمر آخر أكثر غرابة وعجبا وهو متعلق بالتعديات علي الأراضي الزراعية، فما من وزير للزراعة إلا وبدأ عهده بتصريحات نارية ووعيد لكل من يتعدي علي الأراضي الزراعية بالبناء أو التبوير ولا ينسي الوزير أن يختتم تصريحاته بالحلف بالطلاق علي أنه سوف يزيل جميع التعديات ثم يأتي دور المحافظين فيقسمون برأس جدهم الأكبر سلطح باشا أنه لا تهاون أبدا في التعامل مع مخالفات التعدي علي الأراضي الزراعية وإمعانا في الكذب والتضليل علي المواطن تتحرك جحافل الأمن المركزي المدعومة بمدرعات من الجيش لحماية القائمين علي تنفيذ قرارات الإزالة ومن هنا تبدأ المهازل فإن كان المخالف فقيرا سوّي بناءه بالأرض وإن كان متوسط الحال وله خبرة في لغة الموظفين أزيل جزء يسير من مبناه ويكون غالبا غير مؤثر في الجدران ولا متلف للطوب أما اذا كان المخالف من أصحاب الكرامات والمناصب خدشت اللوادر بضع طوبات من السور الخارجي المحيط بالمبني ويا دار ما دخلك شر.