في تقرير كاشف عن واقع الاقتصاد المصري، أصدره خبراء صندوق النقد الدولي عن إجراءت الحكومة المصرية الاقتصادية وفق برنامج الصندوق، لإقراض مصر، تضمن التقرير كشفا واسعا لأبرز الكوارث والواقع المزري للاقتصاد المصري. تقييم الجنيه بأعلى من قيمته ومن أولى الكوارث التي أشار إليها صندوق النقد الدولي، هو تقويم الدولار بغير قيمته، حيث حذر التقرير من العودة إلى التحكم في سعر الصرف، مشيرا إلى أن الحكومة ملتزمة وفق البرنامج المتفق عليه أخيرا مع الصندوق اتباع نظام صرف حر. السحب على المكشوف من البنك المركزي ثاني الأزمات والكوارث، هو اقتراض الحكومة والقطاع العام من البنك المركزي دون إدراج ذلك في الميزانية، وهو ما طالب التقرير بوقفه بأسرع وقت ومعالجة الأمر. التقرير الذي جاء بعد أربعة أسابيع من موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد على برنامج دعم مالي لمصر بقيمة ثمانية مليارات دولار، أوضح أن البنك المركزي أتاح لوزارة المالية في الآونة الأخيرة التوسع في استخدام تسهيلات السحب على المكشوف، وأضاف أن ذلك أسهم في ضغوط تضخمية ومشكلات في سعر الصرف خلال العامين الماضيين. منافسة الحكومة غير العادلة مع القطاع الخاص وقال التقرير الذي نشرت وكالة رويترز أجزاء منه ، الجمعة الماضية: إن "استمرار الاستثمار في المشاريع الوطنية بوتيرة لا تتوافق مع استقرار الاقتصاد الكلي أسهم كثيرا في ارتفاع أسعار الصرف الأجنبي والضغوط التضخمية" وجاء في التقرير أن البنك المركزي زاد على نحو سريع من صافي أصوله المحلية من منتصف عام 2022 إلى أوائل عام 2024 ليقرض هيئات حكومية دون الرجوع إلى وزارة المالية، وأشار التقرير إلى أن السلطات المصرية التزمت الحد من حساب السحب على المكشوف للحكومة لدى البنك المركزي ومنع المزيد من الإقراض من البنك المركزي لهيئات حكومية خارج وزارة المالية. القروض وانتهاك قوانين البنك المركزي وأضاف أن البنك المركزي المصري أقرض حتى فبراير 2023 ما يصل إلى 765 مليار جنيه مصري (15.9 مليار دولار) لهيئات حكومية بخلاف وزارة المالية، وهو ما يمثل انتهاكا واضحا لقانون البنك المركزي لعام 2020، والاتفاق الأخير توسيع لتسهيل الصندوق الممدد البالغ 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا الذي أبرمه صندوق النقد الدولي مع مصر في ديسمبر 2022، والذي كان أحد بنوده الرئيسية التحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف. زيادة أسعار الفائدة وذكر التقرير أن التأخير في رفع أسعار الفائدة بسبب التضخم الذي كان أعلى من المتوقع، أدى إلى استمرار أسعار الفائدة السلبية والقمع المالي، وفور الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي، خفضت الحكومة المصرية في مارس الماضي سعر الجنيه أمام الدولار بنحو 60% ليلامس الدولار 50 جنيها مقابل 30.95 جنيها، بينما كان قبل عامين يُتداوَل بنحو 15.74 جنيها، كذلك رفعت سعر الفائدة على العملة المحلية بنسبة 6% دفعة واحدة لتقفز إلى 27.25%. وحذّر خبراء اقتصاد من دوامة خفض سعر العملة وزيادة أسعار الفائدة، بناء على مطالب صندوق النقد الدولي، التي تزيد من تشوهات الاقتصاد ورفع معدلات التضخم وسقوط المزيد من ملايين المواطنين في الفقر، فضلا عن تفاقم أعباء الديون، وقفزت فوائد الدين في مشروع موازنة مصر للسنة المالية الجديدة (2024-2025) من تريليون و120 مليارا و86 مليون جنيه إلى تريليون و834 مليارا و468 مليون جنيه، بزيادة قدرها 714 مليارا و382 مليون جنيه، وبارتفاع نسبته 63.77%، على خلفية توسع الحكومة في الاقتراض من الخارج، وتراجع سعر صرف العملة المحلية من متوسط 30.95 إلى 48.6 جنيها للدولار. فوائد الديون وأظهر البيان المالي للموازنة أن مدفوعات الفوائد مثلت نسبة 47.4% من إجمالي مصروفات الموازنة، مقارنة ب37.4% في موازنة السنة المالية الجارية (2023-2024)، ارتباطا بارتفاع معدلات التضخم المدفوعة بزيادة أسعار السلع الأساسية والغذائية، وزيادة أسعار الفائدة، وتكلفة الاقتراض، وتغير سعر الصرف على قيمة الفوائد المسددة عن القروض بالعملة الأجنبية. شروط وإملاءات الصندوق ووفق تقرير خبراء الصندوق، فإن مصر خالفت شروط صندوق النقد المتمثلة بنشر جميع عقود المشتريات العامة التي تزيد قيمتها عن 20 مليون دولار على بوابة المشتريات الحكومية الإلكترونية، وايضا من ضمن الشروط التي خالفتها مصر، استمرار تطبيق مؤشر أسعار الوقود بالتجزئة، وهو ما يعني إجبار مصر في الفترة القادمة على إلغاء كلي للدعم على الطاقة والوقود والكهرباء بشكل تام، ويطالب الصندوق مصر بنشر أحدث 3 تقارير سنوية من الجهاز المركزي بالوقت المناسب عن أداء الاقتصاد ومؤشراته، وهو ما يعده الخبراء تدخلا غير مسبوق في الشأن الاقتصادي المصري، رجع إلى عدم ثقة الصندوق في الحكومة المصرية والفساد الكبير الذي يحوط باقتصادياتها. كما تضمن البنود التي خالفتها مصر، نشر تقرير سنوي شامل عن النفقات الضريبية، واعتماد نهج قائم على المخاطر في الإجراءات الجمركية، والحد من الوقت اللازم للإفراج عن الواردات في ميناء الإسكندرية. ومن الشروط التي لم تطبقها مصر أيضا، الانتهاء من تحويل السجلات الحكومية إلى إلكترونية، ومراقبة وزارة المالية لمتأخرات الدفع والإبلاغ عنها بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة، وإصدار لائحة لقانون الإدارة المالية العامة.