هل تصدق أنه بسبب معاكسة شاب من قبيلة لفتاة من قبيلة أخري تقوم معركة طاحنة بين القبيلتين يروح ضحيتها 26 شخصا.. ويصاب العشرات.. ولا يجد أهل القبيلتين سوي عربة كارو لتنقل بها الجثث. بالطبع لا.. فهذه ليست الحقيقة حتي لو قالها أكبر مسئول بالبلد.. انما الحقيقة هي تراكمات مدفونة في القلوب.. وجدت من يشعلها نارا.. وقبل ذلك كان هناك من يملأ القلوب بالضغينة والأيادي بالسلاح والحوائط بالعبارات التي تشعل القبلية البغيضة بين الطرفين.ومع كل هذا كان هناك التراخي من الشرطة والتأخر في المواجهة وتحويل القضية الي مجرد صراع قبلي لا تتدخل فيه الدولة الا بعد أن تنتهي الحرب ونبدأ في حصر الخسائر. حتي التدخل الحكومي.. وان جاء سريعا الا أنه لم يكن ناجزا.. حاول فيه رئيس الوزراء أن يرتدي عمامة شيخ العرب وأن يجري عملية صلح بين الطرفين.. يهدي في ده ويحايل في ده.. وخرج الأثنان بعد الجلسة ليستأنفوا الحرب من جديد. أسوان.. الأرض الهادئة الوديعة التي تحتل المركز الأول في طيبة أهلها ووداعتهم.. وبالطبع تحتل المركز الأخير علي مستوي الجمهورية في معدلات الجريمة باختلاف أنواعها.. هذه الأرض تحولت إلي أرض خصبة ليد الإرهاب الغاشمة تعبث بها لتتحول المدينة الهادئة إلي أكفان تلفها وتدور بشوارعها وتكسو مدارسها ومساجدها، فما ارتكبته اليد الإرهابية الخفية في إشعال الفتنة بين قبيلتي» الهلايل» الأسوانية و»الدابودية» النوبية أسفر عن حصد أرواح 26 قتيلا وعشرات المصابين ليعم الخراب أرجاء المكان جراء الفتنة التي هي أشد حرمة عند الله من القتل نفسه «والفتنة أشد من القتل» فلولا الفتنة ما كان القتل. عبارات مسيئة علي جدران المدارس وحوائط القرية قالوا إن من كتبها شخص واحد كانت تطعن في الشرف والأعراض للأمهات والزوجات والفتيات وسب لمشايخ القبائل وكبار العائلات.. تم كتابة العبارات جميعها بنفس الأقلام وكما قال شهود العيان قام مدرس إخواني ساعده مدير المدرسة في ذلك لفتح الأبواب أمام الطلاب من جميع القبائل لتبدأ الاشتباكات، وأول شرارة في حرب الإرهاب وجريمة الدم، لتحصد أرواح 18 من قبيلة و 7 من قبيلة أخري لتعيش القبيلتان في صراع مع الدم حتي تتساوي الأعداد آجلا أو عاجلا حيث كتب عليها القصاص في القتلي إلي يوم القيامة ليسقط الجميع في الهاوية عبر الفخ الذي صنعته اليد الخائنة لله والوطن والشعب. المهم أن مدير الأمن وقواته رفعوا راية الاستسلام في المعركة وانسحبوا من المواجهة العنيفة.. واستنجد المحافظ بالجيش للتدخل لمواجهة الموقف.. وذهب رئيس الوزراء ووزيرا الداخلية والتنمية المحلية.. وعقدوا اجتماعات مطولة بين الطرفين.. ولكن كما هو متوقع فشلت الاجتماعات.. والسبب هو أن محلب ورجاله ذهبوا الي هناك يرتدون عباءات شيوخ العرب.. ولأن الوسيط لابد أن يكون كبيرا دائما وقويا دائما ومخيفا أحيانا فان الفشل سيكون هو نتيجة أي مفاوضات يكون فيها الوسيط ضعيفا ومترهلا و»حنين». وكان لابد أن يذهب الرجال الي هناك وهم مدركون ذلك.. وأن يكون كلامهم محددا.. وأن يكونوا هم المتحدثين وليسوا المستمعين.. وأن تكون قراراتهم واضحة وأولها فرض حظر التجول في المدينة.. وتسليم المتهمين في المجزرة فورا.. وبعد ذلك يقوم الطرفان بتسليم الأسلحة المتراكمة في بيوتهم خلال مدة وجيزة.. هكذا وبحسم شديد ودون تهاون.. ولكن لأن هذا لم يحدث فان الفشل أصبح هو النتيجة. أشار البعض إلي أصابع الاتهام إلي جماعة الإخوان المسلمين التي أشعلت شرارة الاشتباكات وعملت علي اختلاط النيران بالبنزين، وانها هي التي حرضت القبيلتين لتبدأ الفتنة ووقفت موقف المشاهد من بعيد، وأنهم المستفيدون من الأزمة والكارثة باضطراب الأوضاع داخليا ولتشويه صورة مصر لربطها بالإرهاب عبر جريمة منظمة وفخ مسموم وقع فيه أهالي أسوان الطيبون.. ونحن نصدق هذا رغم نفي أنصار الجماعة وبعض المتعاونين معها. ولان الجميع تجاهلوا نار الحقد والضغينة بين القبيلتين وتجاهلوا من أيقظ الفتنة بينهما ومن تخلي عن دوره في اخمادها.. فانهم وجهوا اللوم الي وسائل الاعلام التي نشرت صورة الجثث المنقولة علي عربة كارو. الإعلام هو الحيطة المايلة.