حياة النبي صلي الله عليه وسلم حياة خصبة ثرية، أعطت الدنيا كل ما هو جدير بالحياة، ومنحت البشرية كل ما هو جدير بالخير والفضل والقدوة الحسنة وشخصية الرسول الكريم من الجلال والمهابة والسماحة معا نموذج يتضاءل أمامه كل أبطال التاريخ، وسيرته العطرة هي النبراس المضيء الذي عرفته الحياة منذ بدء الخليقة وحتي يرث الله الأرض ومن عليها. بسماحته وكمال أخلاقه وقوة شخصيته استطاع النبي صلي الله عليه وسلم أن يمهد لحضارة غيرت ملامح الحياة علي وجه الدنيا، وفتحت الباب أمام حياة جديدة عنوانها العدل والحق وحسن الخلق، بل إنه لخص رسالته السامية في عبارة موجزة حين قال: »إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق« ولهذا فلم يكن غريبا أن يشهد شاهد »من غير أهلها« فنري أحد كبار علماء ومفكري الغرب يؤلف كتابا ضخما عنوانه »الخالدون مائة أعظمهم محمد« انه الكاتب وعالم الفلك الأمريكي »مايكل هارت« حيث يقول في مقدمة الكتاب: انه مقر بأنه يجمع أفضل مائة شخصية أثرت في مسار التاريخ الإنساني، وهو يصنف هؤلاء العظماء بترتيب تفوقهم في هذا التأثير، وقد وضع النبي محمدا صلي الله عليه وسلم في المرتبة الأولي لأنه يري أن محمدا صلي الله عليه وسلم هو أعظم هذه الشخصيات علي الإطلاق. أما الفيلسوف الفرنسي »وولتر« فيقول: »إن السنن التي أتي بها النبي محمد صلي الله عليه وسلم كانت كلها قاهرة للنفس ومهذبة لها، وأن جمالها جلب للدين المحمدي غاية الإعجاب ومنتهي الإجلال« وهذا هو المستشرق الأمريكي »إدوارد رمسي« يقول: »جاء محمد إلي العالم برسالة الواحد القهار ليخرج الناس من الظلمات إلي النور، فبزغ فجر جديد كان يري في الأفق«، وعن روعة موقف النبي صلي الله عليه وسلم من المرأة فقد ذكر المفكر الفرنسي »أندرية سرفيه« أن محمدا قد حرر المرأة، ومن أراد أن يتحقق فليقرأ خطبته في حجة الوداع، حيث أوصي بالنساء خيرا وليقرأ أحاديثه الكثيرة في هذا الشأن، ومنها »اتقوا الله في النساء«، وقوله: »استوصوا بالنساء خيرا« فبعد أن كانت المرأة في الجاهلية مجرد سلعة تباع وتشتري وتورث للرجال، جاء النبي صلي الله عليه وسلم فحررها من العبودية والذل وأعطاها حقوقها كاملة. أما القاضي النمساوي »شيرك« فهو يدلي بشهادة حق، وقلم انصاف وصدق حين يقول: »ان البشرية لتفخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرنا أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلي قمته بعد ألفي عام«، وهذا هو الفيلسوف الانجليزي الشهير »برنارد شو« يقول: »ان أوروبا الآن بدأت تحس بحكمة محمد وبدأت تعيش دينه، كما أنها ستبرئ العقيدة الإسلامية مما اتهمت به من أراجيف رجال أوروبا في العصور الوسطي« ويثني الجنرال »ر.ف. بودلي« وهو كاتب أمريكي معروف ويمتدح الأذان فيقول: وعندما ينطلق صوت المؤذن يدعو الناس إلي الصلاة مناديا - الله أكبر- كأن هذا الرنين الحلو ينساب من فوق المآذن في أنحاء العالم، وإنه لرنين يهز قلوب الناس ومشاعرهم مهما كانت عقيدتهم. أما أديب روسيا وشاعرها »تولستوي« فيقول: »لا ريب أن هذا النبي من كبار الرجال المصلحين الذين خدموا البشرية خدمة جليلة، ويكفيه فخرا أنه فتح لها الطريق للتقدم والرقي، وهذا عمل عظيم لا يفوز به إلا شخص أوتي القوة والحكمة والعلم، ورجل مثله جدير بالاجلال والاحترام، هذه الكلمات رغم بساطتها جعلت الإمام محمد عبده يرد علي قائلها في إعجاب فكتب إليه، أيها الحكيم الجليل تولستوي، سطع علينا نور من أفكارك، وأشرقت في آفاقنا شموس من آرائك، ألفت بين نفوس العقلاء ونفسك إذ هداك الله إلي معرفة سر الفطرة التي فطر الناس عليها، وحين توفي تولستوي رثاه أمير الشعراء أحمد شوقي بقوله: »تولستوي تجري آية العلم دمعها.. عليك ويبكي بائس وفقير«. وشعب ضعيف الركن زال نصيره وما كل يوم للضعيف نصير. هذا غيض من فيض، بل نقطة في بحر مما أورده علماء الغرب ومفكرو العالم في حق نبي الرحمة، وهي شهادة حق تعد انتصارا وإنصافا للنبي صلي الله عليه وسلم واعترافا بقدره ومنزلته.