د. حسام محمود أحمد فهمى رفع شعار جودة التعليم في ظل افتكاسات القائمين علي التعليم ايام النظام السابق، للإلهاء عوضا عن الجودة الحقيقية، ومازال للأسف شعاراً بكل خطاياه. الجودة في التعليم مطلوبة بلاشك، لكن عندما تكون حقيقة لا ايهاما. فهي معامل ومكتبات ومدرجات وحضور للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، لكن مع كل الأسف ما نراه الآن لا يعدو كونه تبذيرا وتبديدا لوقت ومال شحيح وسأضرب مثالا باستبيانات يطلب من الطلاب ملؤها، بكل الإلحاح والاصرار وكأن الجودة لن تكون إلا اذا اشتكي الطالب!! فهذه النوعية من الاستبيانات تفتقد للأسس العلمية والتربوية للأسباب التالية: 1- عدد الطلاب الذين يشتركون فيها قليل ولا يتضح منها ما اذا كانوا قد حضروا المحاضرات. 2- نسبة حضور الطلاب للمحاضرات تتراوح بين 30٪ و50٪ علي اكثر تقدير وهو ما يجعل استيعاب المواد امرا مستحيلا، هذا مع العلم ان كثيرا منهم غير متفرغين للدراسة. 3- تجري الاستبيانات بعد الامتحان النهائي وهو ما يجعلها تصفية حساب أكثر منها استبيانات علمية حقيقية، كما انها تكون بهذه الصورة وسيلة ضغط علي عضو هيئة التدريس عند وضعه الامتحان. 4- المدرجات تفتقد للكثير، مما يجعلها غير صالحة لتوفير مناخ يساعد الاستاذ علي التدريس والطلاب علي الحضور، فالميكروفونات سيئة الاداء ان كانت تعمل، وأجهزة العرض لا تعمل جيدا، اضافة إلي عدم التهوية والنظافة وسوء الاضاءة. 5- بالاستبيانات اسئلة غير منضبطة مثل »حسن معاملة الطلاب«، التي يجب تعريفها بدلا من تركها للتأويل، ومن غير المقبول ان يحصل الطلاب علي ارقام الهاتف الخاصة لاعضاء هيئة التدريس دون الرجوع اليهم، وإلا فعلي إدارات الكليات توفير هاتف عمل لكل عضو هيئة تدريس، كما انه لا يُفترض ان يستذكر عضو هيئة للتدريس في كتب النكت حتي يكون خلوا مسخسخا، وان يترك لزاما باب المحاضرة مفتوحا ولو بعد بدئها بأكثر من ربع الساعة. 6- فهم الطلاب للمواد مرتبط بالحضور المنتظم مع اقتناء مراجعها العالمية، وهو ما لا يحدث إلا قليلا. 7- شكوي الطلاب من الامتحانات غير موضوعية، فعدم حضورهم وعدم اقتنائهم المراجع والاكتفاء بالمذكرات مجهولة المصدر التي يتداولونها والمجموعات الدراسية التي تنظمها ادارات الكليات يجعل تحصيلهم هزليا ومعلوماتهم سطحية، وهي مشكلة مجتمعية اعتادوها منذ الثانوية العامة، واغفلتها الاستبيانات النمطية التي تفتقر الابتكار والموضوعية. 8- احترام عضو هيئة التدريس من احترام المؤسسة التعليمية والدولة ككل، والتفريط لا يؤدي إلا إلي زيادة تفاقم الامور، وهو ما يجب ان تجتهد فيه ادارات الكليات المتقدمة للاعتماد ومن يتولون الجودة بطريقة آلية نمطية. 9- من الضروري ان تجتهد ادارات الكليات في وضع آليات لحث الطلاب علي حضور المحاضرات بدلا من تشجيعهم علي التسجيل في المجموعات الدراسية التي ترعاها وتشجع عليها وكأنها البديل للحضور المنتظم طوال الفصل الدراسي. 10- من المؤكد ان استنساخ الاستبيانات التي تجري في الجامعات الخاصة عليه الكثير من المآخذ، خاصة ان الاداء في الكثير من تلك الجامعات لم يصل إلي المستوي المطلوب، اضافة إلي الاختلاف التام بين تلك الجامعات وجامعات الحكومة. 11- لم تدخل اراء اعضاء هيئة التدريس في أي اعتبار اكتفاء بما يراه الطلاب، وهو خلل فادح ما كان يجب ان تغفل عنه وتندرج إليه ادارات الكليات والعاملون بالجودة. 12- العملية التعليمية تربوية في المقام الاول، فيها كدّ وتعبّ وهو ما يجب ان تكرسه إدارات الكليات في الطلاب قبل ان تحثهم علي تقديم الشكاوي كبديل عن معاناة تحصيل العلم.. الأجدي لأي وطن من يعملون قبل ان يشكوا لا من يتخاذلون بالشكوي حتي يأتيهم النجاح والتقدير الوهمي بالحد الادني من الجهد. 13- لاعضاء هيئة التدريس بالكليات قيمة وقدر، ومن الواجب مراعاتهما إذا كان لإدارات الكليات رغبة في التباهي بهم والتعاون معهم كأهم اسباب الاعتماد المأمول عن استحقاق ومنهج علمي وتربوي. في زمن الجفاف تنقلب الامور، ويري البعض ان رضاء الطالب هو الاولي من العملية التربوية والتعليمية الصحيحة، أليسوا الشارع. في هذا الزمن يظهر من يتصورون ممالاة ان أي نظام ولو كان معطوبا يمكن ان يحقق التقدم. الظاهر طظ في الاخلاقيات والتعليم وفي أي حاجة. وبعدين يا مصر؟ واخدينك علي فين؟؟