لم يكن إدراج شعب اللغات بالجامعات كرغبات مستقلة بتنسيق الجامعات هو ماجعلها مجالا للهجوم والانتقاد لكنه كان سببا في زيادة حدة الهجوم عليها واتهامها بضعف المستوي الذي انعكس علي الطلاب والخريجين أيضا. وانتقل الحديث والجدل من مرحلة اتهام اللغات بأنها دمرت اللغة العربية وساعدت علي اغتراب الأفراد خاصة الشباب وعملت علي تشويه لغتنا العربية واضاعتها إلي مجال آخر تماما يؤكد أن خريجي تلك الشعب بالجامعات المصرية والمعاهد الخاصة وبرامج التعليم المفتوح دون المستوي المطلوب المفارقة أن أعضاء هيئة التدريس لايجيدون اللغة وتلجأ الجامعات للاستعانة بأساتذة من الخارج. يصف د. محمد عثمان الخشت مدير مركز اللغات الأجنبية والترجمة التخصصية بجامعة القاهرة تجربة شعب اللغات بالكليات خاصة في كليات الإعلام والتجارة والحقوق بأنها تجربة ممتازة لأنها تربط الطالب بمصادر العلوم بلغتها الأصلية واستخدام المراجع الأجنبية وتعلم الطالب كيفية التواصل بتلك اللغة خاصة في مجال العمل خاصة وأن السوق المصري أصبح منفتحا علي الشركات عابرة القارات وأصبح اقتصادنا مرتبطا بالعالم بأسره وليس علي المستوي المحلي فقط. والسبيل الوحيد للتأقلم مع هذا العالم هو أقسام وشعب اللغات بالكليات مؤكدا أن أي شيء في بدايته تشوبه بعض السلبيات لكن ليس معني ذلك أن نرفض التجربة خاصة وأنها تجربة حرة لا تجبر الطالب علي الالتحاق بها لأن ذلك قرار الطالب وحده. ولكن يؤكد أنه من الأفضل لتلك الشعب أن يتم ربطها ببرامج الجامعات الأجنبية في جميع التخصصات التي تشملها من خلال اتفاقيات تعاون مشتركة مثل الشعب التي تمنح الطالب في مرحلة تخرجه شهادة من جامعته وشهادة من إحدي الجامعات الأجنبية في تخصصه. أما علي مستوي أعضاء هيئة التدريس في هذه الشعب فلابد من إدماجهم ببرامج تدريبية في جامعات مناظرة واحتسابها كمهمة علمية لعضو هيئة التدريس: وليس عيبا أن يطور عضو هيئة التدريس نفسه خاصة في مجال عمله وتخصصه, أما علي مستوي الطالب فمسئولية تطوير مستواه تقع علي كاهله وحده وعليه أن يتعامل مع الواقع بتحسين مستواه في اللغة شيئا فشيئا. هيئة تدريس فرنسية يروي فؤاد رياض أستاذ القانون الدولي الخاص بجامعة القاهرة والقاضي بمحكمة العدل الدولية في قضية البوسنة والهرسك تجربته بشعبة اللغة الفرنسية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة التي يقوم بالتدريس فيها حيث تم إنشاء تلك الشعبة بالاشتراك مع جامعة السوربون منذ15 عاما ويحصل الطالب بعد تخرجه من الشعبة علي شهادتين أحداهما من جامعة القاهرة والأخري من السوربون وبذلك يستطيع الطالب العمل في مجال المحاماة سواء في مصر وفرنسا مؤكدا أن نجاح الشعبة طوال تلك السنوات كان بسبب الاعتماد علي أعضاء هيئة تدريس فرنسية في حين يلقي أعضاء هيئة تدريس الكلية المحاضرات باللغة العربية وخريجي الشعبة ناجحون في حياتهم العملية ولا أدل علي نجاح الشعبة من أنها قبلت هذا العام الطلاب الحاصلين علي مجموع نسبته أعلي من97%. ويقول أن هناك حالات أخري لابد من علاجها في شعب أخري كشعبة التدريس باللغة الإنجليزية فأعضاء هيئة التدريس ليست لديهم أدني فكرة عن النظام الإنجليزي في القانون والقضاء علي سبيل المثال لابد من الإلمام أو لا بهذا النظام قبل التدريس. ويحذر من تعرض شعبة اللغة الفرنسية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة للتهديد بالإغلاق قريبا وهي الشعبة المسماة في الكلية ب معهد قانون الأعمال الدولي فالجانب المصري الممثل في جامعة القاهرة وفر المبني ويدفع رواتب أعضاء هيئة التدريس الذين يقومون بالتدريس باللغة العربية في حين يمول الجانب الفرنسي جميع متطلبات المعهد ومن يقوم بالتدريس باللغة الفرنسية بالمعهد من هيئة تدريس جامعة القاهرة أستاذان فقط هما المجيدان للغة الفرنسية في الكلية بأكملها. ويقترح الاستعانة بأعضاء هيئة تدريس من الخارج لتدريس اللغات بجميع شعب اللغات بالكليات لتفادي أي مشكلات كحل مؤقت حتي يتم تأهيل أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية لأداء هذا الدور أنهم غير مؤهلين له حاليا ولابد أن توفر لهم الجامعات أجازة دراسية سنوية لإعادة التأهيل تماما كما يحدث مع الأطباء فالطبيب يطور نفسه كل عشر سنوات بما يتواكب مع التطورات في مجال المهنة ولابد أن يتبع هذا الأسلوب في جميع التخصصات بالجامعات فيما يتعلق بأعضاء هيئات التدريس كل5 سنوات علي أن يقدم عضو هيئة التدريس تقريرا عن مهمة تأهيله التي مر بها علي أن تكون تلك الأجازة الزامية لعضو هيئة التدريس وليست اختيارية. ويقول إننا معزولون عن العالم وليست لدينا مكتبات والجامعات تفتقد المادة العلمية الجيدة كما أن المكتبات فارغة من المواد العلمية الجيدة ولا أحد يهتم بحضور المحاضرات العامة, وسوف تؤدي الاجازات العلمية إلي رفع مستوي الأساتذة إلا أن للأسف والكلام علي لسانه كثرة أعداد الطلاب وعدم تفرغ أعضاء هيئات التدريس لعملهم بالجامعات سعيا وراء مصادر أخري لكسب الرزق تجعل منهم غير متفرغين أيضا لتحسين مستواهم ولذلك لابد أن تكون الأجازات العلمية إلزامية. ويشدد علي ضرورة اهتمام الجامعات بتحسين مستوي أعضاء هيئات التدريس وتوفير إمكانيات تطوير الأداء والا يسمح لأعضاء هيئات التدريس بالتدريس بشعب اللغات إلا إذا كان مشهودا لهم بالكفاءة حتي تصبح شعب اللغات بالكليات ذات قيمة وقوة في حالة الشراكة مع جهات أكاديمية أجنبية في التخصصات المختلفة وفي الاستعانة بأعضاء هيئات تدريسها. أفضل المتاح! وتؤكد د. مني صفوت أستاذة الأدب الفرنسي بكلية الآداب بجامعة عين شمس أن ضعف مستوي طلاب شعب اللغات بالكليات يجبر أعضاء هيئات التدريس في الوقت الراهن علي التغاضي عن أخطاء كبيرة بأوراق إجابات الطلاب بالامتحانات لم يكن ليتم التغاضي عنها أوقات سابقة والسبب في ذلك هو فشل المنظومة التعليمية بأكملها ابتداء من مرحلة التعليم الأساسي والثانوي بالمدارس ومثل طلاب شعب اللغات بالكليات حاليا هم أفضل الموجودين. وتطالب بتطوير منظومة التعليم بالكامل ولا يمكن أن يكون تدني مستوي اللغات لدي طلاب تلك الشعب هي المشكلة التي لابد أن تطرح للنقاش والجدل فمنظومة التعليم ككل تحتاج إلي رؤية جديدة علي الأقل للحفاظ علي هذا الكيان. ولم تعد عملية الجودة بالجامعات سوي ملء استمارات وحضور لجان فقط..عملية فارغة المضمون ولم تعد قائمة علي أساس الإيمان بالفكرة وأهميتها وهذا أدي إلي عدم حصول الجامعات المصرية علي أي مرتبة في التصنيفات العالمية لأفضل الجامعات علي مستوي العالم ويعترف د. فاروق عبد القادر رئيس جامعة السويس السابق ورئيس جامعة سيناء الخاصة حاليا بتدني مستوي شعب اللغات بالجامعات وأن هذا التدني لابد أن يعوض من خلال إدارات الجامعات بتنظيم وتوفير دورات تدريبية لأعضاء هيئات التدريس الذين يقومون بالتدريس في هذه الشعب وهذا يحتاج إلي نوع من إنواع التعاون المشترك في انتقاء هيئة التدريس التي تقوم بالتدريس في تلك الشعب والعمل علي تحسين مستوي الطالب لأنه من المفترض أن تلك الشعب تقوم بتخريج طلاب وهو المنتج النهائي لها علي مستوي أفضل و متميز من أي شعبة أو قسم آخر. ويري أن أزمة تدني المستوي تبدو واضحة في جامعتي القاهرة وعين شمس بعد قبولهما أعدادا كبيرة من الطلاب تفوق الأعداد التي يمكن أن تتحملها تلك الشعب وينتج عنها خريجون علي مستوي جيد كما أن كثرة الأعداد تعني الدخول في مرحلة اللاجودة وهي علي عكس ما تسير نحوه جميع الجامعات للحصول علي الاعتراف العالمي. ويضرب مثالا لتدني المستوي بتلك الشعب ومواجهته بتجربته حين كان رئيسا لجامعة قناة السويس إذ حظر التدريس بتلك الشعب علي جميع أعضاء هيئة التدريس باستثناء الحاصلين علي درجة الدكتوراه من إحدي الجامعات الأجنبية المعترف بها كما منع أن يزيد عدد طلاب شعبة اللغات علي80 و100 طالب علي أن يتم السماح بزيادتها لتصل إلي200 طالب في الحالات الاستثنائية شرط أن يتم تقسيمهم إلي مجموعتين لأن زيادة أعداد الطلاب تؤثر كثيرا في وضع ومستوي تلك الشعب. مؤهلات المرشد السياحي نقابة المرشدين السياحيين أكثر الجهات التي تتلقي عضوية دارسي شعب اللغات بكليات الآثار والتاريخ سنويا وهي تستفيد من هؤلاء الخريجين في سوق العمل ويقول محمد غريب نقيب المرشدين السياحيين أن أهم ما يجب أن يتحلي به المرشد السياحي اجادته للغة الأجنبية قراءة وتحدثا لأنه يتعامل مع سائحين من مختلف أنحاء الدنيا ولابد من يسر التواصل معهم. ويضيف ان مستوي خريجي كليات اللغات أفضل كثيرا من خريجي كليات الآثار أو غيرها والنقابة من جهتها تعمل علي علاج هذه الفجوة من خلال تنظيم دورات لتأهيل أعضائها من خريجي تلك الكليات علي إجادة مختلف اللغات خاصة تلك التي يحتاجها السوق وعلي وجه التحديد ما يطلق عليها اللغات النادرة والتي اكتسبت هذا الاسم لكونها لغات لاتجد من يدرسها في مصر وحتي تدريسها علي المستوي المطلوب مثل اللغة الروسية والصينية و اليابانية ولغات شرق أسيا وأوروبا الشرقية والدول الاسكندنافية. و يؤكد أن علي الطالب تحسين مستواه وان الوضع أكثر خطورة بالمعاهد الخاصة ونظام التعليم المفتوح حيث يضعف بها مستوي تدريس اللغات للغاية ولهذا ترفض النقابة قيدهم إلا بعد اجتيازهم لعدد من الدورات التدريبية وإجراء العديد من الاختبارات ووفق نتيجتها يتحدد قبولهم من عدمه. ويكشف د. مجدي قاسم رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد للأهرام المسائي عن اعداد إطار قومي لتعلم اللغات حيث انتهت الهيئة من مسودته الأولي وتعمل حاليا علي صياغته بشكل نهائي علي أن يتم اعلانه بشكله النهائي في غضون شهرين, ويشمل هذا الإطار جميع المستويات ويحدد المهارات والمعارف التي يجب أن يكتسبها دارس اللغات والمستوي الذي لابد أن يصل إليه تدريس كل لغة كما أن البرامج التي تدرس باللغات سيضع لها هذا الإطار القومي توصيفا محددا حتي تكون علي المستوي المطلوب من الجودة. إلا أنه أكد أن المشكلة تكمن في أن تلك الشعب والبرامج التي تدرس بلغات أجنبية لم تتقدم بعد للهيئة للحصول علي الاعتماد ولم تفكر فيه إلا أن التقدم للاعتماد خطوة مهمة لمثل تلك الشعب والبرامج حتي تحظي علي الأقل بثقة الطالب الراغب في الالتحاق بها خاصة وان تطبيق المعايير الأكاديمية والسعي نحو تحقيق الجودة وقيام الهيئة بزياراتها الاستطلاعية لقياس مدي تحقق الجودة وتوافقها مع الحد الأدني من المعايير الأكاديمية للجودة سوف يساعد الكليات نفسها في معرفة فجوات و نواقص تلك الشعب والبرامج. أما علي صعيد وزارة التعليم العالم والبحث العلمي فيقول د. حسن ندير المدير التنفيذي لوحدة التخطيط الاستراتيجيي ورئيس لجنة التعليم المفتوح بوزارة التعليم العالي للأهرام المسائي إن الوزارة بالتعاون مع المجلس الأعلي للجامعات عرضت علي د. أحمد نظيف رئيس الوزراء برنامجا لزيادة قدرة الطلاب من حيث التعامل مع اللغات الأجنبية تنمية قدرة أعضاء هيئات التدريس خاصة وأن السوق المصري منفتحا أكثر من أي وقت مضي علي الشركات عابرة القارات علي أن يبدأ هذا البرنامج بالتركيز علي اللغة الانجليزية ليتوسع في لغات أخري مع مرور الوقتويقول إن اللغة تشمل أربع كفاءات القراءة والكتابة والاستماع والتحدث والاستماع والتحدث مشكلتان خطيرتان في تدريس اللغات في مصر وما يزيد علي ذلك أننا نهتم أكاديميا بالامتحان فقط دون العمل رفع الكفاءة. ويكشف عن أن إدراج شعب اللغات لأول مرة في تنسيق الجامعات العام الحالي كرغبات مستقلة بنظام التنسيق وعلي وجه التحديد شعب اللغات بكليات التجارة والحقوق والإعلام جاء كخطوة نحو تحسين أوضاع تلك الشعب وإتاحة تكافؤ الفرص في الالتحاق بها بين جميع الطلاب وهو ما لن يتحقق إلا من خلال مكتب التنسيق.