الانفجار الحالي للاوضاع في العراق يمثل أسوأ أزمة تعاني منها البلاد منذ أصبح العراق دولة عام 1921.. ويري العديد من المراقبين ان بلاد ما بين النهرين علي شفا حرب طائفية مذهبية مدمرة بين السنة والشيعة، وهي حرب تهدد بتفكيك هذا البلد وربما تقسيمه.. وتكفي الاشارة الي انه خلال شهر ابريل الماضي فقط، لقي اكثر من سبعمائة شخص حتفهم، وهو أعلي رقم للضحايا العراقيين خلال خمس سنوات، ويقول سياسي عراقي كبير انه من الخطأ الحديث عن شبح الحرب الاهلية الذي يقترب من العراق.. ذلك ان هذه الحرب قد بدأت بالفعل! واطراف هذه الحرب هي ذاتها المتورطة في المعارك في سوريا. ويمكن القول ان المنطقة التي تشمل العراق وسوريا ولبنان علي حافة حرب طائفية مذهبية، وخاصة بعد أن اعلن تنظيم »القاعدة« في العراق، في الشهر الماضي انه تولي تأسيس جبهة »النصرة« السورية التابعة له، والتي تشكل قوة عسكرية، واكد انه خصص نصف ميزانيته لدعمها، وارسل مقاتلين علي درجة عالية من الخبرة للمشاركة في القتال الدائر هناك. ومعلوم ان تنظيم »القاعدة« وذراعه او جناحه المسمي ب »دولة العراق الاسلامية« يتحرك علنا وبحرية تامة في بعض مناطق العراق، واستولي مؤخرا علي مدينة »سلمان باك« القريبة من بغداد وقتل مدير الامن واقتحم مركز الشرطة وحمل معه كل ما يحتويه من اسلحة قبل ان ينسحب علي إثر هدنة مع الجيش العراقي!! وقد قتل تنظيم »القاعدة« 1500 عراقي منذ بداية هذا العام، كما انه يتحرك جيئة وذهابا عبر الحدود العراقية السورية بل ان »نوري المالكي« رئيس حزب الدعوة الديني الشيعي المتطرف، الذي اختاره السفير الامريكي في بغداد لرئاسة الحكومة العراقية منذ عام 2006، يلعب بالورقة الطائفية واصبح اكثر نشاطا في دعم نظام الحكم السوري لارضاء ايران التي يمتثل لطلباتها.. إذن هناك طرف عراقي يدعم نظام الحكم السوري، وطرف عراقي يدعم القتال ضد ذلك النظام!. وفي نفس الوقت، أعلن حسن نصر الله، الامين العام لحزب الله اللبناني، لاول مرة أن حزبه منخرط في معارك سوريا دفاعا عن النظام الحاكم، الي جانب الدعم الايراني لذلك النظام.. وبدورها، اعلنت »هيئة العلماء المسلمين« في لبنان اكبر هيئة سنية انه ينبغي التصدي »للمخطط الاجرامي الذي ينفذه حزب الله«. وهكذا اصبحت المنطقة الممتدة من العراق الي لبنان مرورا بسوريا في حالة حرب، وتحولت الي ساحة لصراع طائفي دموي مفتوح امام كل الاحتمالات، وقد لا تكون عواقب هذا الصراع محصورة في تلك الدول. وتتزامن هذه التطورات الخطيرة مع سيناريوهات امريكية نشرت مؤخرا عن الانهيار المتوقع لحدود »سايكس بيكو« واحتمال ظهور »كيانات« جديدة في المنطقة! ماذا تريد اسرائيل اكثر من ذلك؟ الطابع الطائفي المذهبي أصبح هو الطاغي. هذا ما صنعه الامريكيون في العراق، وما يحرضون علي تكراره في سوريا ولبنان.. والاداة المتاحة هي التطرف الديني الاعمي، الذي اصبح وسيلة لتفتيت المنطقة علي أسس طائفية ومذهبية ومحاولة تقسيمها الي كيانات هشة متناحرة.. ومتهالكة. كلمة السر: الانتماء الوطني أولا.