فى عصر السماوات المفتوحة زاد عدد القنوات التليفزيونية بشكل كبير، مما أتاح الفرصة لظهور أكثر من معلق لمباراة كرة قدم واحدة، وعلى المشاهد إختيار الأفضل، ولكن من هو الأفضل. فهناك من ينتقد وبشدة أداء المخرج وكأنه منافس، وهناك أيضا من يترك التعليق ويتحدث عن الثورة وائتلاف الأطباء واعتصام العاملين. والسؤال إلى أين يصل سقف الحرية لدى المعلق، ومن يحاسبه على الأخطاء.. تركنا الإجابة إلى أبناء اللعبة، والمتخصصين فى المجال الإعلامى فى التحقيق التالى. فى البداية يؤكد الكابتن طلعت يوسف المدير الفنى لفريق اتحاد الشرطة إنه يمكن للمعلق أن ينتقد بعض السلبيات دون التجريح أو السخرية من أحد، فلا مانع أن يشير إلى أخطاء الجماهير أو اللاعبين، أو حتى أخطاء الإخراج التليفزيونى، لأنها تضره بشكل مباشر، خاصة وأن هناك سلبيات كثيرة فى إخراج المباريات. وأكد يوسف أن المبالغة فى النقد تبعد المعلق عن جوهر المباراة، وهو ما يفقد المتعة ويجعله محل نقد، كما أن المعلق ليس من حقه الحديث عن شئ خارج عن نطاق المباراة، وعلى مسئولى القنوات التليفزيونية التأكيد على مثل هذه التعليمات. ووصف يوسف استرسال بعض المعلقين فى الكلام لمدة ال90 دقيقة كاملة، أنه شئ مزعج للغاية، فالمعلقين فى الدول الأوروبية يتميزون بأنهم يعطون المشاهد فرصة الاستمتاع بالمباراة، لأن المشاهد فى حد ذاته له رؤية ووجهة نظر، وليس فى حاجة إلى كل هذه التفاصيل. أما الكابتن عادل طعيمة المحلل الرياضى فأكد اننا نفتقد فى الوقت الحالى المعايير الصحيحة لإختيار المعلقين، والمجال أصبح مفتوحا لأى شخص، فالمعلق يجب عليه أختيار الألفاظ بعناية، لان هناك بعض الكلمات التى يتلفظ تثير بلبلة مثل "الملعب حايولع"، وهذا خطأ، لأن هناك أطفال يشاهدون المباراة، كما أن العالم كله يشاهده على الهواء. وأضاف طعيمة أن مهمة المعلق وصف ما يحدث فى المباراة بشكل صحيح ومقتضب، ولا علاقة له بالتشكيل أو التغييرات، لأن هذه الأشياء من صميم عمل المدير الفنى لكل فريق. وأكمل طعيمة: لا ننكر أن هناك أخطاء إخراجية تؤذي المعلقين، ولا مانع من الإشارة إليه ولكن دون إسفاف، والإخراج التليفزيونى فى حاجة إلى إعادة النظر فى الإرتقاء بمستواه من خلال دورات تدريبية فى الدول الأوروبية المتميزة، ولكن الأخطر أنه لايوجد من يحاسب على هذه الأخطاء سواء من ناحية التعليق أو الإخراج. وعن مستوى التعليق فى مصر قال الكابتن طه بصرى المدير الفنى لفريق المصرى إنه وصل إلى مستوى لم يتناسب مع اسم وسمعة مصر، فنحن فى حاجة إلى إختيار أصحاب هذه المهنة بعناية فائقة من حيث الثقافة واللغة والصوت، لأنهم واجهة أمام العالم كله. وأضاف بصرى: أن مهمة المعلق الأساسية هى تقديم وصفا لل90 دقيقة مع إمداد المشاهدين ببعض المعلومات عن الفريقين، وتاريخ لقاءاتهم، وهذا يحدث فى فترات التوقف فقط، ولا علاقة له بأى شئ آخر، وإذا كان هناك ما يستوجب النقد، يفعل ذلك ولكن دون الإطالة والتجريح. وإذا كان هذا هو رأى أبناء اللعبة، فإن رأى المتخصصين جاء مختلفا تماما، حيث أكد الدكتور سامى عبد العزيز عميد كلية الإعلام – جامعة القاهرة، أنه لا يوجد عندنا معلقين بمعنى الكلمة، وإذا أردنا التأكد من ذلك، علينا مشاهدة المباريات الأوروبية. وأشار د. سامى إلى بعض النقاط الأساسية فى عمل المعلق والتى فى حالة عدم وجودها تفقده صميم مهنته، أولها أنه لابد أن يعطى مساحة للمشاهد لكى يستمتع بالكادر واللقطة التى أمامه ثم يضع بصمته عليها، وهذا ما يميز معلق عن آخر، ولا ننسى أن كرة القدم هى وسيلة ترفيهية فى المقام الأول. ثانيا: المعلقين فى مصر لايزالوا يعيشون فى عصر الراديو، وهو عصر أنتهى منذ سنوات، ولا حاجة للوصف التفصيلى الدقيق لما يحدث فى الملعب، أيضا نحن الآن لانعرف الفرق بين المعلق والمحلل والناقد، وذلك بسبب تدخل المعلقين فى خطط اللعب والتبديلات والتشكيل، وهذا بعيد عن صميم عملهم. وأختتم عميد كلية الإعلام كلامه قائلا: الكارثة الحقيقية تظهر عندما يقوم بعض المعلقين بالتعليق على مباريات فى الدوريات الأوروبية، حيث أن أغلبهم ينطق أسماء اللاعبين بطريقة خاطئة، ومثل هذه المباريات يجب إسنادها إلى معلقين يجيدون اللغة الإنجليزية مع تمتعهم بقدر من الثقافة. وأتفق معه فى الرأى نفسه الدكتور هشام عطية أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة حيث قال: إن المعلق يقوم بالتعليق على لعبة عبارة عن كرة مصنوعة من الجلد يركلها لاعبون يرتدون "الشورت والفانلة"، بمعنى أنها أولا وأخيرا وسيلة للترفيه، وعلى المعلق ألا يعطيها أى طابع آخر. وأضاف أن هذا السبب يجعل البعض يلجأون إلى الحديث فى السياسة أو الاقتصاد أثناء المباراة، وعلى ما يبدوا أنهم يريدون الخروج من فكرة اللعبة، كما أن بعض المعلقين يتخذون من القنوات منبرا لمجاملة أشخاص أو مهاجمة آخرين، وهذا ما يجعلنا بعيدين كل البعد عن التعليق فى دول العالم المتقدمة. أيضا يلجأ بعض المعلقين إلى استخدام بعض الألفاظ يعتقدون أنها تميزهم عن غيرهم، أو تجعلهم يظهرون بشكل لطيف أمام المشاهدين، ولكن معظمها فى النهاية يصل إلى حد السخرية والتجريح، ويظهر ذلك بوضوح مع المعلقين الجدد الذين يريدون ترك بصمة، دون النظر إلى أى معايير أخلاقية أو حتى إعلامية مهنية. وأكد د.هشام عطية، أن أخطر شئ هو اعتقاد المعلق أن الصراخ والاسترسال فى الكلام طوال الوقت يزيد من التشويق لدى المشاهد، لأنه ليس بالصوت العالى يصبح التعليق شيقا، وكلما زادت مساحة المشاهدة كلما زاد الاستمتاع، وللأسف فنحن نمتلك صناعة رياضية ضخمة، ونفتقد لأى دراسة توضح علاقة الجمهور بالإعلام.