تواجه زراعات محصول قصب السكر بالصعيد صعوبات بالغة هذا الموسم بسبب الخسائر المتتالية التي يتكبدها المزارعون نتيجة لتوقف سعر تسليم الطن الإجباري لشركات ومصانع السكر عند حد ال335 جنيها، وما زاد طينة الخسائر بلة هو ما يحدث بالسوق المحلية من إغراق استيرادي للمنتج بأسعار متدنية، بعد رفع الرسوم الجمركية عنه تطبيقا لاتفاقية الشراكة التي وقعتها حكومة الدكتور كمال الجنزورى لسد الفجوة ما بين الإنتاج والاستهلاك، وهي الفجوة التي تصل إلي نحو 1.3 مليون طن. المصيبة أن استيراد السكر من الخارج أدي وحسب ما يقول المزارعون إلي تكدس الإنتاج المحلي داخل مخازن المصانع بسبب تفاوت الأسعار، وبالتالي هناك تخوف شديد من عدم تسلمها المحصول في الموسم بعد القادم وطالب مزارعو القصب وما أكثرهم في أسوان حيث يعتبر هو المحصول الرئيسي بالمحافظة، برفع سعر تسليم سعر طن المحصول إلي 500 جنيه حتى يتمكنوا من تغطية تكاليف نفقات الزراعة، كما طالبوا بوضع حد أقصي لكميات السكر المستوردة بحيث لا تزيد عن حد الفجوة ما بين المنتج والمستهلك حفاظا علي المنتج المحلي وحتى هذه اللحظة لا تزال نيران غضب المزارعين قابلة للاشتعال في أي وقت، ما لم تسفر جهود نواب الشورى الذين يتبنون مطالبهم عن جديد. وبداية يكشف عبدالله بكري عضو مجلس الشورى بأسوان عن تقدمه بمذكرة عاجلة إلي رئيس المجلس حيث قام من خلالها بشرح أبعاد الأزمة التي ستنعكس علي أسر الملايين في الصعيد، وقال إن زراعة القصب هي من أهم الزراعات علي الإطلاق، حيث تبلغ زمام المساحات المنزرعة نحو 370 ألف فدان ويتم تسليم محصولها إلي 8 مصانع للسكر تبدأ من أسوان وتنتهي بالمنيا لتنتج نحو 70% من الاستهلاك المحلي، وواصل بكري قائلا هناك 7 ملايين مصري يعملون في هذا المجال ما بين عمالة مباشرة وغير مباشرة ولمدة 6 أشهر كل عام وجميعهم مهددون بالتشرد والتوقف في حالة انهيار زراعة القصب. وللأسف فإن ما يحدث للمزارعين من ظلم لا يمكن أن نقف أمامه صامتين، فمزارع القصب يصرف ويستدين ليزرع والفدان وبلغة الأرقام لا يزيد إنتاجه عن 40 طنا، وفي الوقت الذي يحقق 31 ألفا و400 جنيه بينما تكاليفه تفوق ذلك، نجد أن مصانع السكر تحقق ما يزيد عن 7 آلاف جنيه ربحا في الطن من خلال ما تستفيده من السكر والمصاص والمولاس، بالإضافة إلي 13 منتجا إضافيا أخر. ويري بكري أن رفع سعر تسليم الطن من المزارع إلي 500 جنيه لن يحمل الحكومة أية أعباء إضافية وسيكون من خلال ما تحققه المصانع من أرباح، كما سيريح المزارع البسيط الذي يزرع محصوله عاما كاملا دون أيه محاصيل أخري تركيبية وفي ظروف قاحلة وأجواء شديدة الحرارة. وقال طه مصطفي جودة "مزارع" إن المزارعين يذوقون مرارة السعر منذ فترة طويلة ولا حياة لمن تنادي، فالمحصول يذهب تلقائيا إلي المصنع المتعاقد معهم بعقود إذعان تجبرهم علي ذلك وبالسعر الذي تحدده الحكومة وهو المتوقف عند 335 جنيها. ويصرخ جودة قائلا نحن نخسر خسائر فادحة فالزراعة تحتاج إلي تكاليف حرث وعزيق وتقاوي ورمية وسماد وكسر للمحصول ومشال وشحن ومبيدات، بالإضافة إلي أن فائدة بنك التنمية في السلف تصل إلي 500 جنيه للفدان الواحد!. ويعرب المزارع عن أسفه لعدم قدرة المزارعين علي الإفلات من زراعة القصب لارتباطهم بعقود مع المصانع وغرقهم في الديون المستحقة عليهم، ويقول نحن نخسر والشركة تصرف لموظفيها أرباحا تصل إلي 44 شهرا كل عام، فمن ينصفنا وينقذنا قبل أن تنهار هذه الزراعة الاستراتيجية. وينتقل أنور السادات محمد حسين للحديث عن المنتجات التي تستخرج من محصول القصب ويقول إن الفدان ذو الإنتاجية المتوسطة التي تصل إلي 40 طنا ينتج 4 أطنان سكر و112 طن مصاص و2 طن مولاس، والعائد منها علي أي مصنع وبالورقة والقلم يصل إلي 7260 جنيها، ويستغيث السادات بالدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء قائلا أنقذنا يا دكتور قبل أن ندخل السجون، وطالب برفع سعر تسليم الطن إلي 500 جنيه. أما مصطفي عبدالعظيم أبوودينة من كبار مزارعي القصب فقد هدد بعدم توريد المحصول هذا الموسم في حالة عدم الاستجابة لمطالب المزارعين طبقا لما حدث مع مزارعي القطن والأرز والقمح، وقال إن موسم "العصير" سيبدأ يوم 5 يناير المقبل، وفي هذا الموسم والكلام لأبوودينة لن تكون هناك أزمة ولكن في الموسم القادم سينفجر الغضب وقد تتوقف المصانع تماما عن العمل. وحول سياسة إغراق السوق المحلية بالسكر المستورد قال إبراهيم البرنس من قرية بنبان "مزارع" إن ما حدث هو سياسة خاطئة بكل المقاييس، فالحكومة أرادت أن تسد الفجوة ما بين المنتج والمستهلك والتي تصل إلي 1.3 مليون طن فرفعت الرسوم الجمركية وسمحت للمستوردين بالاستيراد بكميات تفوق المطلوب، وبالتالي أصبح لدينا منتجان الأول محلي ويباع مثلا ب5 جنيهات ونصف الجنيه للكيلو، والثاني مستورد يباع ب4 جنيهات للكيلو، ومن الطبيعي إذن أن تتوقف المصانع عن التسليم بسبب تكدس المنتج في مخازن الشركة القابضة لصناعة السكر والمنتجات الغذائية، ويحذر المزارع من خطورة تعرض هذه الصناعة الاستراتيجية من محاولات البعض للسطو عليها وضربها في مقتل من أجل مصالح خاصة، ويطرح مقترحا علي الحكومة فرض رسوم إغراق علي السكر المستورد حتى تتمكن الصناعة الوطنية من القيام بدورها وإلا ستنفجر نيران الغضب في وجه الجميع. رابط دائم :