السكر سلعة استراتيجية ضرورية وصناعة مهمة أساسية لا غني عنها. وقد تعرضت السوق في الآونة الأخيرة للإغراق بالسكر المستورد بما يهدد الصناعة المحلية وتشريد ألاف العاملين والمزارعين حيث يعمل بمصانع السكر نحو عشرة ألاف عامل وموظف ونحو 90 ألف مزارع. وتنتج نحو مليون و800 ألف طن سكر سنوياً. إغراق السوق بالسكر المستورد يهدد بانهيار الصناعة المحلية وتراكم الإنتاج المحلي وركوده وهو ما يستلزم تدخلاً حاسماً وفورياً من الحكومة للإنقاذ وحماية الصناعة المحلية خصوصا مصانع بنجر السكر. "المساء" استطلعت آراء بعض العاملين بمصانع السكر في الوجهين البحري والقبلي وبعض المسئولين للوقوف علي حقيقة الموقف في تلك المشكلة الخطيرة في التحقيق التالي: يقول الكيميائي جمال عبدالناصر "مدير مصنع كوم أمبو": تتبع مصانع قصب السكر في الصعيد للحكومة بصفة عامة. ولا تعاني تراكماً في الإنتاج في المخازن نظراً لتعاقد وزارة التضامن الاجتماعي معها. وحصولها علي كامل إنتاج تلك المصانع وتوزيعه علي بطاقات التموين للمواطنين. أضاف: تدفع الحكومة سعر القصب للمزارعين وتحصل علي المحصول بطريقة سيادية ثم تحصل علي إنتاج السكر بانتظام من مصانع القصب. وتكمن مشكلة تكدس السكر في المخازن بمصانع البنجر بالوجه البحري مثل مصانع الدلتا والنوبارية والدقهلية وغيرها. وهي التي تعاني إغراق السوق بالسكر المستورد لأن وزارة التضامن من غير متعاقدة معها. لكن شركات قصب السكر تعاني بطريقة غير مباشرة تكدس السكر بمصانع البنجر لإسهامها في رأس مال هذه الشركات. بنسبة 56% في مصنع الدلتا مثلاً. أشار عبدالناصر إلي أن الإفراط في استيراد السكر دون جمارك سوف يؤدي لتخريب الصناعة الوطنية المصرية خصوصا أن دول الاتحاد الأوروبي تقوم بتوريد السكر المدعم لمصر بسعر منخفض مما يؤدي لانهيار تدريجي للصناعة الوطنية. وطالب بفرض جمارك علي المستورد حتي لا يؤدي لإغراق السوق المحلية. يقول المهندس عبدالستار النوبي "مدير مصانع سكر إدفو": يجب إعادة النظر في استيراد السكر من الخارج حتي لا يتم إغراق السوق وتكدس مصانع البنجر بالإنتاج وتوقفها في الفترة المقبلة. يناشد محمد عبدالشافي "مدير عام العلاقات العامة بشركة الدلتا للسكر د. محمد مرسي رئيس الجمهورية ود. هشام قنديل رئيس الوزراء التدخل الفوري والحاسم لإنقاذ شركات سكر البنجر بكفر الشيخ والدقهلية والفيوم والنوبارية التي تنتج مليونا و800 ألف طن سكر سنوياً. وتضم أكثر من 10 ألاف موظف وعامل و 90 ألف مزارع من شبح الانهيار والإغراق والافلاس بسبب السياسات الخاطئة وفتح الباب علي مصراعيه لاستيراد كميات كبيرة من السكر الخام من الخارج زيادة عن حاجة البلاد الحالية مما أدي لركود شديد وكساد كميات كبيرة بمخازن هذه المصانع مما يهدد بإغلاقها وتوقفها عن الإنتاج خصوصاً أن الموسم الجديد واستقبال إنتاج البنجر بهذه الشركات علي الأبواب في أول فبراير المقبل مما يزيد من حجم الكارثة لعدم وجود سعة تخزينية بسبب عدم تصريف المخزون الحالي من السكر. يقول المحاسب حمادة رشدي مرسي "عضو جبهة التغيير بمصنع سكر أبوقرقاص": تم إنشاء شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية عام 1868 وتضم 20 مصنعا علي مستوي الجمهورية ويعمل بها أكثر من 25 ألف موظف منها عمالة مؤقتة وموسمية كما تنتج المصانع 10 ملايين طن سكر والمساحة المزورعة 250 ألف فدان علي مستوي الجمهورية. أما مصنع السكر بأبوقرقاص فهو مقام علي مساحة 50 فداناً جنوبالمدينة ويعمل به نحو 1800 موظف "منها العمالة المؤقتة والموسمية" ويضم مصانع "سكر القصب والبنجر والتقطير والتكرير ومشروع ثاني أكسيد الكربون" والتي تعمل 10 أشهر متواصلة علي مدار العام معتمدة عليي 450 ألف طن من قصب السكر و 650 ألف طن بنجر ويقدر عدد المزارعين ب 35 ألف مزارع يوردون المنتج الخام للمصانع. أضاف: مصنع السكر بأبوقرقاص فريد من نوعه لأنه الوحيد الذي يورد له محصول البنجر وينتج منه السكر ورغم ذلك فإن الدولة تسمح بإغراق الأسواق بالمستورد ونحن نرفض ونقاوم بشدة استيراد السكر وسوف نقوم بتصعيد الأمور وتنظيم اعتصام مفتوح أمام قصر الأتحادية في حالة الاستمرار في الاستيراد لأننا سنشرد في الشوارع نحن وأسرنا بعد أن أفنينا أكثر من 40 عاماً في الخدمة. أوضح أن الشركة تقوم بتغطية احتياجات الدولة من السكر المدعم "التمويني" بجانب سد احتياجات السوق المحلية من المنتج بما يوازي 65% من إجمالي الانتاج المحلي من القصب والبنجر. ولهذا فإن الدولة تعتمد بشكل رئيسي ومباشر علي منتجات الشركة في أوقات الأزمات بأسعار مناسبة فمثلاً زجاجة السبيرتو تباع للجمهور بنحو 28 جنيها بينما تحصل عليها الدولة بأقل من سعرها الحر ب75% ورغم ذلك تسمح بالاستيراد لشركتين بدون رسوم جمركية علما بأن تكلفة طن السكر الفعلية بالمصنع نجو 4100 جنيه ويباع حاليا ب 3 آلاف جنيه مما أدي لهبوط أسعاره وتتكبد الدولة خسائر فادحة ويتكدس نحو 750 ألف طن بمخازن الشركة. وحذر مرسي من كارثة كبري وخسائر فادحة بسبب حلول فصل الشتاء وهطول الأمطار وتلف الإنتاج. يقول رجب محمد حسانين "عضو اللجنة النقابية بمصنع سكر أبوقرقاص" يتمتع السكر المصري بمميزات عديدة تجعله منافساً قوياً. فهو عالي الجودة. ويختلف عن سكر البنجر غامق اللون. وعن سكر التكرير من حيث الجودة ونسبة البياض وارتفاع نسبة التحلية به بخلاف السكر المستورد الذي يحتاج لمراحل معالجة من إذابة وإعادة تصنيع وتكرير. كشف حسانين عن أن هناك مديونية ضخمة علي وزارة التجارة والتموين تقدر ب مليار و700 مليون جنيه لحساب الشركة التكاملية لصناعة السكر بخلاف المشكلات التي تواجه الشركة مثل الإغراق. يقول خالد محمد "موظف بالشركة": معظم محافظات الصعيد تعتمد عليي الزراعة بالدرجة الأولي خاصة قصب السكر لأن المصنع يقوم بشراء المنتج بسعر عال من المزارعين الذين يتجاوز عددهم 35 ألفا. أما الشيخ حمادة فقد تعجب من الصمت الرهيب لمجلس المحاصيل السكرية الذي يتقاضي الملايين من المزارعين عن طريق جمعية منتجي القصب حيث يتم تحصيل 130 قرشا عن كل طن يتم توريده تحت بند حراسة طبقا للقرار الوزاري من الحقل حتي المصنع. يقول أحمد رمضان "عضو النقابة بمصنع السكر": إن المصنع يسهم في دعم منظمات المجتمع المدني بتقديم عينات لجمعيات أهلية وخيرية وهيئات حكومية. ورغم ذلك فلم ينهض أحد لمجابهة قرار الاستيراد. ** "المساء" عرضت المشكلة علي المسئولية فقال د. مصطفي كامل عيسي "محافظ المنيا" إنه أجري مشاورات من الحكومة للحفاظ علي الإنتاج المحلي في ظل الهجمة الشرسة لمحاولات إغراق السوق المحلي بالمنتج والملف أمام الرئيس! ومن جانبه أكد مصدر مسئول بالشركة القابضة الغذائية أن شركات السكر الوطنية ستواجه أزمة طاحنة خلال أيام مع بداية الموسم الجديد لتوريد قصب السكر. حيث تعاقدت الشركات علي كميات كبيرة مع المزارعين الذين يرفضون التوريد إلا بعد زيادة السعر ل450 مع عدم وجود سيولة والسحب علي المكشوف والذي وصل لملياري جنيه بسبب إغراق السوق بالسكر الأبيض المستورد وخصوصا الأوروبي الذي يبلغ لسعره 3700 جنيه للطن مقابل 4200 جنيه للطن من المحلي. الأمر الذي يهدد بتشريد أكثر من 100 ألف عامل في قطاع صناعة السكر بالإضافة للصناعات المغذية والمزارعين. كما حذر المصدر من وجود ما يقرب من 600 ألف طن راكدة في المخازن لفروق الأسعار بين المستورد والمحلي رغم وجود فجوة مقدارها مليون طن بين الإنتاج "3 ملايين طن" والاستهلاك "4 ملايين طن". وأن السكر المستورد يباع ب40% فقط من سعره الحقيقي. وطالب الحكومة بفرض رسم إغراق علي السكر المستورد والخام والسماح للشركات المصرية بالتصدير حتي يمكنها تصريف مخزونها وتفعيل نسبة ال11% جمارك علي المستورد. أضاف المسئول بالقابضة الغذائية أنه تم تجديد موعد للقاء رئيس الوزراء منذ شهر لكن تم تأجيله لأجل غير مسمي.