وقيامها بزيادة أسعار توريد طن قصب السكر من المزارعين للمصانع من 182 إلي 250 جنيها، ظهرت مشكلة أخري قد تعرقل خطط هذه الصناعة، بسبب انخفاض العائد المالي لمزارعي البنجر. أدي هذا إلي مطالبة الخبراء ومصنعي السكر بحل تلك المشكلة فورا،ً حيث اعتبروا أن صناعة السكر من البنجر هي مستقبل صناعة السكر في مصر. وطالب الكيميائي عبد الحميد سلامة رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر أن تقدم الدولة دعماً لشركة إنتاج السكر من البنجر بمبلغ 50 جنيهاً عن كل طن بنجر يتم توريده من المزارعين.. وهذا المبلغ كلف الدولة حوالي 225 مليون جنيه عام 2009.. وطالب عبد الحميد سلامة برفع سعر استلام طن البنجر من المزارعين بمقدار 100 جنيه. وطالب رئيس الشركة، وهي إحدي الشركات التي تمتلك فيها الحكومة حصة حاكمة، بحماية صناعة السكر في مصر "كونها هي المستقبل لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك". فيما أشار د. أحمد الركايبي رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية إلي أن شركات السكر مهدّدة بتكبد خسائر مع بداية العام الجاري نتيجة للأزمة المالية العالمية، موضحا أن أسعار مستلزمات الإنتاج زادت لترتفع تكلفة إنتاج قصب السكر والبنجر إلي 700 جنيه، مشيرا إلي أن قرار زيادة سعر توريد القمح إلي نحو 280 جنيها أدي إلي إحجام المزارعين عن زراعة البنجر، الأمر الذي أدي إلي قيام الحكومة بزيادة سعر توريد القصب إلي 250 جنيها للطن، أي بزيادة قدرها 70 جنيها في الطن. وقد بلغت الفجوة بين إنتاج واستهلاك السكر في مصر مليونا و22 ألف طن في عام 2008، وتم سدّها بالاستيراد من الخارج، فيما يجري التخطيط لإنشاء مصانع جديدة لإنتاج السكر من البنجر، من أجل مواجهة زيادة الطلب. وبحلول عام 2010 بدأت شركة الدقهلية للسكر في تشغيل خط إنتاجها الثاني بطاقة 120 ألف طن. وكذلك ستبدأ شركة النيل في تشغيل خط إنتاجها بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 125 ألف طن ليرتفع إجمالي الطاقة الإنتاجية لبنجر السكر من مليون و390 ألف طن إلي مليون 635 ألف طن في العام الجاري متضمنا ذلك مصنع تكرير السكر لشركة "صافولا" الذي بدأ تشغيله عام 2008. وتسيطر الدولة علي أغلب مصانع السكر في مصر لعدّة اعتبارات، أهمها أن عائده الاقتصادي جيد، إضافة لكون منتج السكر من المنتجات الاستراتيجية في البلاد. وقد أعلنت الهيئة العامة للتنمية الصناعية عن منح موافقات نهائية لثلاثة مصانع جديدة لإنتاج السكر كما أنها تدرس منح موافقات لخمسة مصانع أخري وهو ما جدد الأمل في أن تتمكن مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر وتتوقف عن استيراده من الخارج.. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصانع الجديدة 2.4 مليون طن سنوياً. "صوت البلد" ناقشت مع الخبراء إمكانية نجاح هذه المصانع الجديدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي فطرحوا تصوراتهم حول حجم إنتاجنا واستهلاكنا وعدد المصانع المطلوبة لتغطية احتياجات السوق المحلية. يقول د. مختار خطاب رئيس مجلس إدارة شركة النوبارية للسكر: إن تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر يتطلب إنشاء 7 مصانع لإنتاج السكر في الوقت الحالي حيث يتزايد حجم احتياجاتنا من السكر بشكل مستمر وبعد 10 سنوات سيتطلب الأمر إنشاء 12 مصنعا جديداً.. مشيراً إلي أن الطاقة الإنتاجية للمصنع تصل إلي 125-130 ألف طن وتبلغ الفجوة بين الإنتاج المحلي واحتياجات السوق حوالي 900 مليون طن سنويا.. ويلفت خطاب إلي أن المشكلة الأساسية ليست في إنشاء مصانع جديدة ولكن في توفير المواد الخام لهذه المصانع سواء من البنجر أو قصب السكر حيث إن المصانع الجديدة تحتاج ل 300.6 مليون طن من البنجر ويتم إنتاجها من 350 ألف فدان حيث إن متوسط إنتاجية الفدان يصل ل 18 طناً ونظراً لخضوع زراعة البنجر لدورة زراعية ثلاثية بحيث تتطلب مرور ثلاث سنوات علي زراعة البنجر علي نفس الأرض ويعني ذلك الحاجة لمليون فدان من الأراضي الصالحة لزراعة البنجر.. ويضيف خطاب أن المساحة الحالية المزروعة ببنجر السكر تصل لحوالي 250 ألف تنتج حوالي 630 ألف طن سكر وتستخرج من 4.400 مليون ألف طن بنجر.. ويشير إلي استحالة استيراد المواد الخام لصناعة السكر سواء قصباً أو بنجراً لأنها تتطلب العصر خلال 48 ساعة وإلا تصبح غير صالحة للتصنيع. ومن جهته يؤكد عادل شوقي صاحب أحد مصانع تعبئة السكر أهمية إنشاء مصانع جديدة للسكر لأنها ستساعد علي سد الفجوة الموجودة بالسوق ولكنها لن تحقق الاكتفاء الذاتي حيث إن انتاجية المصنع الواحد للسكر تصل ل 130 ألف طن وهناك فجوة بين الإنتاجية والاستهلاك تصل لمليون طن سنويا وهي في زيادة سنوية بنسبة 50 ألف طن لمواكبة ارتفاع حجم الطلب وزيادة السكان ويتم إنتاج حوالي 1.600 مليون طن سنويا بالسوق المحلية في حين يصل إجمالي الاستهلاك إلي 2.600 مليون طن. ويشدد شوقي علي أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر يحتاج لمنظومة شاملة تشمل تحديث وتطوير الصناعة وزيادة إنتاجية المواد الخام خاصة من البنجر عن طريق زيادة المساحات المنزرعة أو إدخال تقنيات وأساليب جديدة علي الزراعة واستخدام تقاو محسنة تساعد علي زيادة انتاجية الفدان ولكن من المستبعد زيادة المساحات المزروعة بقصب السكر وذلك لأسباب أمنية بالإضافة لعدم زراعته خارج مناطق الصعيد.. وأشار إلي أن إنتاجية قصب السكر يتم توجيهها لمصانع الصعيد وتورد لوزارة التضامن ويصل حجمها ل1.400 مليون طن من السكر. ويشير إلي أن الاكتفاء الذاتي من السكر سيخفف من حجم تأثر الأسعار المحلية بالعالمية خاصة مع ارتفاع الأسعار العالمية وحالة التذبذب التي أثرت في بورصة السكر بالعالم.. مضيفاً أن سعر طن السكر وصل إلي 3800 جنيه للطن المستورد 3.550 للطن محلياً. ويشير مسعود حامد المدير العام لشركة الدلتا للسكر إلي أن إنشاء ثلاثة مصانع لإنتاج السكر لن يحل المشكلة حيث إن إنتاجية المصنع تتراوح ما بين 125-130 ألف طن في حين أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تصل لمليون طن سنوياً أما تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر فيتطلب إنشاء أكثر من 5 مصانع جديدة حيث إن السوق المصرية من أعلي نسب الاستهلاك عالمياً للسكر ويصل استهلاك الفرد المصري ل35 كيلو سنوياً مقابل 17 كيلو للفرنسي لذلك فإن الاستهلاك المصري للسكر كبير وقابل للزيادة بشكل مستمر مع زيادة عدد السكان وأضاف أن الشركة حصلت علي الموافقات الرسمية والتراخيص اللازمة لإنشاء مصنع جديد للسكر ولكن يبقي البحث عن مكان إنشاء المصنع حيث تم اختيار منطقة بالشرقية ولكن لم توافق عليها الجهات المختصة وندرس إنشاء المصنع الجديد في محافظة كفرالشيخ بجوار المصنع القائم حالياً خاصة أن ذلك سيخفض تكلفة الإنتاج بنسبة 40% ونستعين بأسطول لنقل البنجر للمصنع بالإضافة للاستفادة من البنية الأساسية القائمة للمصنع الحالي بدلا من إنشائها الأول مثل الورش وسكن العمال وغيرها.. ويشير إلي أن تكلفة إنشاء المصنع الجديد تصل لمليار جنيه وفي حالة إنشائه بجوار المصنع القديم ستنخفض ل 500 مليون جنيه.. مشيراً إلي أن الشركة ستعتمد علي التمويل الذاتي للمشروع بنسبة 50% والنسبة الباقية ستكون بتمويل من البنوك وينتظر الحصول علي الموافقات النهائية واستكمال الدراسات اللازمة للمشروع لمخاطبة البنوك في هذا الشأن.. مؤكدًا أهمية التركيز علي توفير المواد الخام للمصانع والتوسع في زراعة البنجر لتلبية احتياجات المصانع الجديدة.