أحال مجمع البحوث الإسلامية وديوان المظالم بمشيخة الأزهر الشيخ هاشم إسلام إلي النيابة الإدارية للتحقيق معه فيما وصفوه بالخروج عن مقتضي واجبه الوظيفي باعتباره منتسبا للأزهر وإطلاقه فتاوي دون إصدارها بشكل رسمي معتمدا علي آرائه الشخصية.. فتوي جديدة تثير البلبلة من جديد بل وتصل إلي حد إحالة صاحبها للتحقيق ولكننا لسنا جهة تحقيق ولسنا أيضا بصدد الحديث عن تلك الفتوي أو غيرها من الفتاوي التي تنهال علينا يوميا من أسماء لامعة وأخري نسمع عنها لأول مرة ولا نعرف حتي مسماها الوظيفي التي قد تؤكد عدم أهليته لإطلاق فتوي دينية, بعضها قد يمر مرور الكرام بعد زوبعة قصيرة تمتد لعدة أيام وبعضها يتسم بالغرابة ويثير التساؤلات والأحاديث بل ويتطور الأمر إلي إثارة البلبلة والمشاحنات بين الناس لذا كان علينا أن نفتح المجال من جديد للحديث عن الفتاوي الدينية وعن الخلط الواضح بين بعض الآراء الشخصية والأمور والأحكام الدينية. إنها فوضي الفتاوي التي نعيشها الآن سواء دخلت الفتاوي مجال السياسة أو حتي تعلقت بعادات وممارسات اجتماعية وأسرية اعتدنا القيام بها طويلا لندخل دوامة الحلال والحرام التي تفرض علينا العديد من علامات الإستفهام.. حول السبب في تفاقم هذه الظاهرة وعن جهات إصدار الفتاوي الدينية في مصر و دور الأزهر تحديدا في الحد من تلك الظاهرة التي تضر بالدين. في البداية يقول الشيخ عبد الظاهر غزالة المدير السابق بالأزهر الشريف وعضو مجمع البحوث الإسلامية ان السبب في تفاقم هذه الظاهرة الخطيرة تراجع دور الأزهر الشريف ولجنة الفتوي بداخله الأمر الذي يضطر معه المواطنون لسماع الفتاوي من جهات غير رسمية وأشخاص ليس من حقهم إصدار فتوي دينية. أما عن واقعة فتوي قتل المتظاهرين يوضح غزالة أن الفتوي في أساسها لم تقصد معني القتل ولم تكن خاصة بأحداث24 أغسطس حيث أكد استماعه لما قاله صاحب الفتوي الذي كان يتحدث عن أنه في حالة حدوث أي اشتباكات قد تؤدي إلي عنف بين طرفين سيضطر احدهما للدفاع عن نفسه ضد الآخر وبالتالي كان حديثه عن طرفين متصارعين, ولكنه يري أن توقيت الحديث عنها لم يكن سليما بالمرة لأنها سبقت يوم استعدادات خاصة أدت إلي تفسير الفتوي بأكثر من طريقة أدت إلي هذه البلبلة. ويؤكد غزالة أن أي فتوي لابد وأن تكتب أولا بديباجة مجمع البحوث الإسلامية وبتصريح وختم لجنة الفتوي, ويري أن ما نعيشه الآن من عشوائية إصدار الفتاوي لا يليق بدولة الأزهر الشريف خاصة وأن الفتاوي الدينية من أكثر الأمور التي تثير المواطنين خاصة إذا كان الخلاف حولها كبيرا ليقع المواطن البسيط بين مطرقة الحلال وسندان الحرام. ويري أن تعدد الجهات الرسمية وغير الرسمية التي تطلق الفتاوي هي السبب في هذه الظاهرة بالإضافة إلي تأخر تفسير أسباب إطلاق الفتاوي, الأمر الذي حدث أخيرا في فتوي القرض الدولي التي احتار فيها الجميع وتناقلتها الجهات الرسمية وغير الرسمية وحتي بين المواطنين العاديين حول شرعية ذلك القرض ليأتي توضيح لجنة الفتوي بالأزهر بعد تأكيد بعض الأزهريين عدم شرعيته وتأكيد آخرين علي أن الضرورات تبيح المحظورات وآخرين أوضحوا أن أرباح القرض مجرد رسوم إدارية لا تدخل في دائرة الربا وبالتالي عاش الجميع في حيرة جديدة ما بين الحلال والحرام. ويقول غزالة إن الفتاوي يجب ألا تخرج إلا من الجهات المنوطة بذلك وهي مجمع البحوث الإسلامية والأزهر الشريف ودار الإفتاء وبالتالي لا يحق لأي شخص يرتدي عباءة الدين أن يخرج بفتوي ولابد من التفريق جيدا بين رأيه الشخصي واعتقاده وبين الفتوي التي تتعلق بمجموعة كبيرة لأن الشخص في النهاية قد يخطيء ويصيب ولكن ما يخرج من كتاب الله وسنة رسوله لن يشوبه أي خطأ. ويوافقه الرأي الدكتور منصور ساطور عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر الذي أكد أن الفتوي في أساسها الإخبار بالأحكام الشرعية خاصة فيما يطرأ علي الأمة من أمور جديدة تحتاج لرأي الشرع للإيضاح والتفسير وبالتالي لا يجوز التطاول علي ما لا يفهمه مشيرا إلي بعض الأشخاص الذين يطلقون الفتاوي بغير علم وبتحريف القول لذا فهو يري أن من كان عالما بأمور الدين وفي موقع يسمح له بفتوي غيره ممن يحتاجون فتواه أما إذا كان لا يعلم فعليه ألا يتطاول علي الدين ويقول ما لا يعلم. ويشدد ساطور علي التزام كل إنسان بحدوده في التعبير عن رأيه وألآ يتحدث إلا في تخصصه الذي يعلم عنه كل شيء ولا يتعدي علي تخصصات غيره خاصة إذا تعلق الرأي بأمور الدين وينتقد الدكتور عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الشريف سابقا نشر بعض الفتاوي إعلاميا مشيرا إلي أن ذلك هو السبب الأكبر في إثارة البلبلة بين الناس وقال أن فتوي مثل فتوي إرضاع الكبير كان ينبغي الا تخرج للنور وكان لابد من عرضها أولا علي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية ورئيس لجنة الفتوي بالأزهر لو أقرها تعلن وتنشر للجميع أما لو لم يقرها تدفن في مهدها علي حد قوله, ويقول الأطرش أنه ينبغي عدم خلط الآراء الشخصية بالفتاوي الدينية لأن الإنسان يخطيء ويصيب خاصة إذ لم يكن متخصصا في الفتوي.